7 رسائل من غزة

إلى عالم ينهار

كيف ينظر المحاصرون بفلسطين إلى الخارج؟
وما هي مطالبهم؟ 

أضحت غزة مكاناً يختزل العالم بأكمله، مكاناً تُتجاوز فيه كل الأفعال والمشاعر الإنسانية المتناقضة. 

تطلّ مدينة غزة أثناء الحرب من خلال هذه الرسائل، أحياناً عابسة، وشاحبة. تظهر كامرأة، وأحياناً كرجل. تظهر كمأساة، ومنازل وحيوات لم تعد موجودة. تظهر كصخب هيبستري، كأرض قاسية لا تحمي شعبها بالجبال والمرتفعات، وأحياناً حنونه ببحرها وسهولة أرضها، أو كعشق يتلبد القلب. لكن في كل الأحوال لا تظهر غزة وحدها، فهي تأتي في هذه الرسائل بصحبة أناس آخرين، يدور بينهم وبين العالم حوار متلعثم. يمكن سماعه واضحاً من صراخ الألم تارة، ويتطلب إرهاف السمع تارة أخرى.

أي رسالة هنا هي مغامرة حقيقية، ولا يمكن ضمان وصولها، إذ إن أشياء كثيرة قد تحدث في الطريق. وحتى لو تسلمّها المرسل إليه وفض مغاليقها، فإن ذلك لا يعني وصولها. فالرسالة هي إيماءة في اتجاه آخر، ومحاولة لبدء كلام مؤجل. قد يبدأ هذا الحوار عند تسلّم الرسالة، وقد لا يتحقق ذلك. وقد يبدأ في لحظة تالية بين أطراف ليس بينهم المرسل أو المرسل إليه.

فهل يمكن أن تصل هذه الرسائل إذاً؟ ليست اللغة هي العقبة الممكنة في طريق وصولها، بل حصار ودول ومصالح وشركات وفلسفات ورؤى بشر آخرين ظنوا أنهم يملكون الحق ليحاصروا ويبدو شعباً يريد الحياة.

في محاولة لتوثيق ونقل الواقع الإنساني والمشاعر العميقة لأهل غزة تحت الحصار، نقدم لكم تجميعة رسائل مستقاة من قلب الأحداث. هذه الرسائل، التي تم تجميعها بعد التواصل المباشر مع بعض سكان غزة الصامدين في وجه الحرب وقسوتها، تعبر عن مشاعر خام وصادقة، بعيدة كل البعد عن الزيف أو التجميل. من خلال استطلاع رأيهم، سعينا إلى فهم تغيرات في نظرتهم تجاه العالم، بما في ذلك الأنظمة العربية، قبل وبعد النزاع. الأسئلة التي طرحناها كانت على النحو التالي:

1- كيف تغيرت نظرة أهل غزة تجاه العالم والأنظمة العربية قبل وبعد الحرب؟

2- في تجسيد غزة ككيان يمكن التحاور معه، ماذا كان سيُقال لها؟ وهل يُنظر إليها على أنها امرأة أو رجل؟

3- ما هي الرسائل التي يرغبون في إرسالها إلى العالم إذا أتيحت لهم الفرصة للتحدث إليه كشخص؟

4- لو أن الشعب العربي شخص واحد، ما هي الرسائل التي يودون توجيهها إليه؟

في رحاب هذا التقرير، نبحر نحو غزة، لتخفيف معاناتها، ولو بكلمات، تخترق جدران الصمت التي تحيط بالعالم. هنا، نترك لأهلها مساحة حرة، تسمو فوق القيود، ليرسموا بكلماتهم لوحات تنبض بآلامهم ورؤاهم لغدٍ قد يزهر على أرضهم.

في هذه السطور، ننسج من الكلمات ما يحاكي حقيقة مشاعر أهل غزة، مجردةً من كل زينة أو زخرفة، لتظهر للعيان صورة الحرب في مشاعرهم، بوجهها الحقيقي العاري، بلا تجميل أو تزييف، معبرة عن جراح غائرة و أمنيات معلقة بين السماء والأرض.

أضحت غزة مكاناً يختزل العالم بأكمله، مكاناً تُتجاوز فيه كل الأفعال والمشاعر الإنسانية المتناقضة. 

تطلّ مدينة غزة أثناء الحرب من خلال هذه الرسائل، أحياناً عابسة، وشاحبة. تظهر كامرأة، وأحياناً كرجل. تظهر كمأساة، ومنازل وحيوات لم تعد موجودة. تظهر كصخب هيبستري، كأرض قاسية لا تحمي شعبها بالجبال والمرتفعات، وأحياناً حنونه ببحرها وسهولة أرضها، أو كعشق يتلبد القلب. لكن في كل الأحوال لا تظهر غزة وحدها، فهي تأتي في هذه الرسائل بصحبة أناس آخرين، يدور بينهم وبين العالم حوار متلعثم. يمكن سماعه واضحاً من صراخ الألم تارة، ويتطلب إرهاف السمع تارة أخرى.

أي رسالة هنا هي مغامرة حقيقية، ولا يمكن ضمان وصولها، إذ إن أشياء كثيرة قد تحدث في الطريق. وحتى لو تسلمّها المرسل إليه وفض مغاليقها، فإن ذلك لا يعني وصولها. فالرسالة هي إيماءة في اتجاه آخر، ومحاولة لبدء كلام مؤجل. قد يبدأ هذا الحوار عند تسلّم الرسالة، وقد لا يتحقق ذلك. وقد يبدأ في لحظة تالية بين أطراف ليس بينهم المرسل أو المرسل إليه.

فهل يمكن أن تصل هذه الرسائل إذاً؟ ليست اللغة هي العقبة الممكنة في طريق وصولها، بل حصار ودول ومصالح وشركات وفلسفات ورؤى بشر آخرين ظنوا أنهم يملكون الحق ليحاصروا ويبدو شعباً يريد الحياة.

في محاولة لتوثيق ونقل الواقع الإنساني والمشاعر العميقة لأهل غزة تحت الحصار، نقدم لكم تجميعة رسائل مستقاة من قلب الأحداث. هذه الرسائل، التي تم تجميعها بعد التواصل المباشر مع بعض سكان غزة الصامدين في وجه الحرب وقسوتها، تعبر عن مشاعر خام وصادقة، بعيدة كل البعد عن الزيف أو التجميل. من خلال استطلاع رأيهم، سعينا إلى فهم تغيرات في نظرتهم تجاه العالم، بما في ذلك الأنظمة العربية، قبل وبعد النزاع. الأسئلة التي طرحناها كانت على النحو التالي:

1- كيف تغيرت نظرة أهل غزة تجاه العالم والأنظمة العربية قبل وبعد الحرب؟

2- في تجسيد غزة ككيان يمكن التحاور معه، ماذا كان سيُقال لها؟ وهل يُنظر إليها على أنها امرأة أو رجل؟

3- ما هي الرسائل التي يرغبون في إرسالها إلى العالم إذا أتيحت لهم الفرصة للتحدث إليه كشخص؟

4- لو أن الشعب العربي شخص واحد، ما هي الرسائل التي يودون توجيهها إليه؟

في رحاب هذا التقرير، نبحر نحو غزة، لتخفيف معاناتها، ولو بكلمات، تخترق جدران الصمت التي تحيط بالعالم. هنا، نترك لأهلها مساحة حرة، تسمو فوق القيود، ليرسموا بكلماتهم لوحات تنبض بآلامهم ورؤاهم لغدٍ قد يزهر على أرضهم.

في هذه السطور، ننسج من الكلمات ما يحاكي حقيقة مشاعر أهل غزة، مجردةً من كل زينة أو زخرفة، لتظهر للعيان صورة الحرب في مشاعرهم، بوجهها الحقيقي العاري، بلا تجميل أو تزييف، معبرة عن جراح غائرة و أمنيات معلقة بين السماء والأرض.

 الرسالة الأولى:

لا يمكن أخذ هذا العالم على محمل الجد

أمام واقع شديد الظلمة، وجد أهل غزة في اللامبالاة ملاذاً، مدركين أن العالم لا ينتفض لمساعدتهم أو حتى إنقاذ أطفالهم، فهو يقف إما داعماً لظلمهم أو عاجزاً عن مناصرتهم، لذلك لم يعد العالم بدوله بمؤسساته مصدراً لأي توقعات أو أماني. ففي غزة، تحت وقع القصف والدمار، تبدو الحياة كقصيدة حزينة، يتجدد ألمها مع كل فجر يطل، وتزداد كلماتها وجعاً مع كل روح ترحل، تاركة وراءها قصصاً من الألم والفقد، تحكي عن حقبة من التاريخ، حيث فقدت الإنسانية معناها في زوايا غزة البائسة. إذ تستمر همجية الاحتلال بلا هوادة في حصد أرواح أطفال غزة ونسائها وشيوخها، دون أن تفرض المحاكم أو المنظمات الدولية أو الدول قرارات تجبر الاحتلال على وقف المجزرة، حتى إنه في الساعات التي تلت صدور القرار المبدئي لمحكمة العدل الدولية، الذي أمر بضرورة قيام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ 6 تدابير وقائية لمنع خطر حدوث إبادة جماعية، بالإضافة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع قتل الفلسطينيين أو خلق ظروف معيشية قاسية مصممة لتدميرهم جزئياً أو كلياً، كان قد لقي أكثر من 300 مدني في غزة حتفهم بالفعل تحت وابل من قنابل الاحتلال التي لم تأبه لأي قرار، وتوالت سقوط الأرواح بسرعة مفجعة، كأنما لم يكن هناك حكم صادر ولا محكمة في الأساس.

 الرسالة الأولى:

لا يمكن أخذ هذا العالم على محمل الجد

أمام واقع شديد الظلمة، وجد أهل غزة في اللامبالاة ملاذاً، مدركين أن العالم لا ينتفض لمساعدتهم أو حتى إنقاذ أطفالهم، فهو يقف إما داعماً لظلمهم أو عاجزاً عن مناصرتهم، لذلك لم يعد العالم بدوله بمؤسساته مصدراً لأي توقعات أو أماني. ففي غزة، تحت وقع القصف والدمار، تبدو الحياة كقصيدة حزينة، يتجدد ألمها مع كل فجر يطل، وتزداد كلماتها وجعاً مع كل روح ترحل، تاركة وراءها قصصاً من الألم والفقد، تحكي عن حقبة من التاريخ، حيث فقدت الإنسانية معناها في زوايا غزة البائسة. إذ تستمر همجية الاحتلال بلا هوادة في حصد أرواح أطفال غزة ونسائها وشيوخها، دون أن تفرض المحاكم أو المنظمات الدولية أو الدول قرارات تجبر الاحتلال على وقف المجزرة، حتى إنه في الساعات التي تلت صدور القرار المبدئي لمحكمة العدل الدولية، الذي أمر بضرورة قيام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ 6 تدابير وقائية لمنع خطر حدوث إبادة جماعية، بالإضافة إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع قتل الفلسطينيين أو خلق ظروف معيشية قاسية مصممة لتدميرهم جزئياً أو كلياً، كان قد لقي أكثر من 300 مدني في غزة حتفهم بالفعل تحت وابل من قنابل الاحتلال التي لم تأبه لأي قرار، وتوالت سقوط الأرواح بسرعة مفجعة، كأنما لم يكن هناك حكم صادر ولا محكمة في الأساس.

 الرسالة الثانية:

بين غبار الحرب وصمت العالم

لم تتجاهل إسرائيل وحدها محكمة العدل الدولية، فبعد وقت قصير من الحكم، أقدمت مجموعة من الدول الغربية على خطوات عجيبة،  فبينما وكأنها تراجعت خطوة للخلف اندفعت خطوتين للأمام نحو الانتقام من الفلسطينيين ومن الأمم المتحدة التي تحاول أن تساعدهم، من خلال قرار مفاجئ بتجميد الأموال المخصصة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بناءً على اتهامات موجهة لاثني عشر من موظفيها بالتورط في عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول. هذه الخطوة، التي تم تنفيذها أثناء دعوى مرفوعة ضد الاحتلال بارتكابه إبادة جماعية، تثير التساؤلات حول دوافعها الحقيقية ودوافع أغلب الدول الغربية في وقف الحرب أو الاكتراث بحياة الفلسطينيين، خاصة عند النظر إلى الدور الحيوي الذي تلعبه "أونروا" في التخفيف من معاناة يومية لسكان غزة، إذ توظف أكثر من 13 ألف شخص. يطرح توقيت القرار تساؤلات حول ما إذا كان يهدف إلى صرف الانتباه عن أحكام محكمة العدل الدولية، أو يمثل رسالة مبطنة تعبر عن تحدي الغرب للأمم المتحدة في مواجهة دفاعها عن الفلسطينيين أو محاولة إنقاذهم بأي قرار.

في المقابل، لم تواجه إسرائيل رد فعل إعلامياً مماثلاً لذلك الذي استهدف "أونروا"، بل على العكس، وقّعت نفس الدول الغربية مجموعة من اتفاقيات التعاون الثنائية والمتعددة الأطراف مع إسرائيل، بما في ذلك اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. فقط أيرلندا، الدولة التي تحمل تاريخاً طويلاً من الصراع ضد الاستعمار البريطاني، قد خرجت عن هذا النسق، متخذةً موقفاً مستقلاً، وداعيةً الحكومات الأوروبية الأخرى لإعادة النظر في هذه الاتفاقيات دون أن تجد طلباتها آذاناً مصغية.

 الرسالة الثانية:

بين غبار الحرب وصمت العالم

لم تتجاهل إسرائيل وحدها محكمة العدل الدولية، فبعد وقت قصير من الحكم، أقدمت مجموعة من الدول الغربية على خطوات عجيبة،  فبينما وكأنها تراجعت خطوة للخلف اندفعت خطوتين للأمام نحو الانتقام من الفلسطينيين ومن الأمم المتحدة التي تحاول أن تساعدهم، من خلال قرار مفاجئ بتجميد الأموال المخصصة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بناءً على اتهامات موجهة لاثني عشر من موظفيها بالتورط في عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول. هذه الخطوة، التي تم تنفيذها أثناء دعوى مرفوعة ضد الاحتلال بارتكابه إبادة جماعية، تثير التساؤلات حول دوافعها الحقيقية ودوافع أغلب الدول الغربية في وقف الحرب أو الاكتراث بحياة الفلسطينيين، خاصة عند النظر إلى الدور الحيوي الذي تلعبه "أونروا" في التخفيف من معاناة يومية لسكان غزة، إذ توظف أكثر من 13 ألف شخص. يطرح توقيت القرار تساؤلات حول ما إذا كان يهدف إلى صرف الانتباه عن أحكام محكمة العدل الدولية، أو يمثل رسالة مبطنة تعبر عن تحدي الغرب للأمم المتحدة في مواجهة دفاعها عن الفلسطينيين أو محاولة إنقاذهم بأي قرار.

في المقابل، لم تواجه إسرائيل رد فعل إعلامياً مماثلاً لذلك الذي استهدف "أونروا"، بل على العكس، وقّعت نفس الدول الغربية مجموعة من اتفاقيات التعاون الثنائية والمتعددة الأطراف مع إسرائيل، بما في ذلك اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. فقط أيرلندا، الدولة التي تحمل تاريخاً طويلاً من الصراع ضد الاستعمار البريطاني، قد خرجت عن هذا النسق، متخذةً موقفاً مستقلاً، وداعيةً الحكومات الأوروبية الأخرى لإعادة النظر في هذه الاتفاقيات دون أن تجد طلباتها آذاناً مصغية.

 الرسالة الثالثة:

سطران منِّي إلى العالم

دعمت العديد من الحكومات الغربية إسرائيل علناً منذ بداية الحرب، بل قدمت لها الدعم السياسي والعسكري، فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تعهّدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بتقديم أسلحة ومساعدات لـ"إسرائيل" قيمتها 14.3 مليار دولار (بحاجة لموافقة الكونغرس)، إلى جانب المساعدات السنوية التقليدية بقيمة 3.4 مليار دولار.

 الرسالة الثالثة:

سطران منِّي إلى العالم

دعمت العديد من الحكومات الغربية إسرائيل علناً منذ بداية الحرب، بل قدمت لها الدعم السياسي والعسكري، فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تعهّدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بتقديم أسلحة ومساعدات لـ"إسرائيل" قيمتها 14.3 مليار دولار (بحاجة لموافقة الكونغرس)، إلى جانب المساعدات السنوية التقليدية بقيمة 3.4 مليار دولار.

 الرسالة الرابعة:

رسالة منِّي لكي لا تفقدوا إنسانيتكم!

استندت الإدارة الأمريكية مؤخراً على "بند الطوارئ" في قانون مراقبة تصدير الأسلحة، فقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) يوم 9 ديسمبر/كانون الأول 2023 أن إدارة الرئيس جو بايدن استخدمت صلاحيات للطوارئ للسماح ببيع نحو 14 ألفاً من قذائف الدبابات وغيرها لـ"إسرائيل" دون مراجعة الكونغرس. وجاء ذلك القرار مباشرة بعد استخدام واشنطن حق النقض بمجلس الأمن الدولي ضد قرار يطالب "إسرائيل" بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة. وللعلم، وفقاً للأرقام الرسمية فقد تم استخدام قرار حق النقض "الفيتو" 260 مرة منذ تأسيس مجلس الأمن الدولي. كان نصيب الولايات المتحدة منها 114 مرة، من بينها 80 مرة استخدمت هذا الحق لمنع إدانة حليفتها إسرائيل، و34 مرة ضد قوانين تساند حق الشعب الفلسطيني.

 الرسالة الرابعة:

رسالة منِّي لكي لا تفقدوا إنسانيتكم!

استندت الإدارة الأمريكية مؤخراً على "بند الطوارئ" في قانون مراقبة تصدير الأسلحة، فقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) يوم 9 ديسمبر/كانون الأول 2023 أن إدارة الرئيس جو بايدن استخدمت صلاحيات للطوارئ للسماح ببيع نحو 14 ألفاً من قذائف الدبابات وغيرها لـ"إسرائيل" دون مراجعة الكونغرس. وجاء ذلك القرار مباشرة بعد استخدام واشنطن حق النقض بمجلس الأمن الدولي ضد قرار يطالب "إسرائيل" بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة. وللعلم، وفقاً للأرقام الرسمية فقد تم استخدام قرار حق النقض "الفيتو" 260 مرة منذ تأسيس مجلس الأمن الدولي. كان نصيب الولايات المتحدة منها 114 مرة، من بينها 80 مرة استخدمت هذا الحق لمنع إدانة حليفتها إسرائيل، و34 مرة ضد قوانين تساند حق الشعب الفلسطيني.

 الرسالة الخامسة:

لا تصدقوا من يحدثكم عن الحرب

إن العالم اليوم، لا يستمر في تجاهل غزة، بل يحاول سحقها، بكل ما فيها من إنسانية، فحتى محاولات أهلها للفرار من الموت عن طريق النضال والمقاومة، يصر على أن يسميها إرهاباً، فبعد أن أخذت إسرائيل مباركة الغرب بإبادة ذلك المكان الذي قالت عنه الأمم المتحدة إنه غير صالح للحياة، تواصل قصفها العنيف على قطاع غزة بمباركة الجميع، فألمانيا التي يزخر تاريخها بدم الأبرياء، لا تترك فرصها هي الأخرى لتعلن دعمها المطلق لإسرائيل فيما تسميه "حربها على الإرهاب"، مهما كانت الفاتورة الإنسانيَّة الباهظة التي سيدفعها الفلسطنينون الذين يتجرّعون الألم في غزَّة؛ جرَّاء حصار شديد منقطع النّظير منذ عقد ويزيد، وقنابل ومتفجرات تسقط يومياً مصنوعة بأعلى دقة للتدمير الشامل.

فمنذ بدء العدوان على غزة، ارتفعت مبيعات الأسلحة الألمانية لإسرائيل إلى 10 أضعاف الصادرات في العام نفسه، وبلغت قيمتها بعد الحرب 323 مليون دولار.

وذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية في تقرير لها أن الحكومة تدرس تسليم قذائف مدفعية لإسرائيل لدعمها في العدوان المستمر على قطاع غزة، وذكر التقرير أن السلطات تدرس خيار إرسال ذخائر من مخزونات الجيش الألماني من أجل سرعة الاستجابة للطلب الإسرائيلي، لأن قطاع تصنيع الأسلحة لديها لا يمكنه تسليم الذخائر دقيقة التوجيه المنشودة على الفور.

وبينما تحاول إدارة بايدن أن تدّعي الإنسانية في إلقاء مساعدات من الجو لا تسمن ولا تغني من جوع، تزود "إسرائيل" بمجموعة كبيرة ومتنوعة من الأسلحة والذخيرة المدمرة لكي تستطيع قوات الاحتلال سحق كل أشكال الحياة في غزة، فبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، فإن الحرب الإسرائيلية على غزة كلفت الاحتلال حتى منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول، نحو 18 مليار دولار أمريكي، مضيفة أن 230 طائرة شحن و20 سفينة نقل أمريكية وصلت إلى "إسرائيل" حاملة أسلحة وذخائر مختلفة منذ بداية الحرب على غزة.

 الرسالة الخامسة:

لا تصدقوا من يحدثكم عن الحرب

إن العالم اليوم، لا يستمر في تجاهل غزة، بل يحاول سحقها، بكل ما فيها من إنسانية، فحتى محاولات أهلها للفرار من الموت عن طريق النضال والمقاومة، يصر على أن يسميها إرهاباً، فبعد أن أخذت إسرائيل مباركة الغرب بإبادة ذلك المكان الذي قالت عنه الأمم المتحدة إنه غير صالح للحياة، تواصل قصفها العنيف على قطاع غزة بمباركة الجميع، فألمانيا التي يزخر تاريخها بدم الأبرياء، لا تترك فرصها هي الأخرى لتعلن دعمها المطلق لإسرائيل فيما تسميه "حربها على الإرهاب"، مهما كانت الفاتورة الإنسانيَّة الباهظة التي سيدفعها الفلسطنينون الذين يتجرّعون الألم في غزَّة؛ جرَّاء حصار شديد منقطع النّظير منذ عقد ويزيد، وقنابل ومتفجرات تسقط يومياً مصنوعة بأعلى دقة للتدمير الشامل.

فمنذ بدء العدوان على غزة، ارتفعت مبيعات الأسلحة الألمانية لإسرائيل إلى 10 أضعاف الصادرات في العام نفسه، وبلغت قيمتها بعد الحرب 323 مليون دولار.

وذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية في تقرير لها أن الحكومة تدرس تسليم قذائف مدفعية لإسرائيل لدعمها في العدوان المستمر على قطاع غزة، وذكر التقرير أن السلطات تدرس خيار إرسال ذخائر من مخزونات الجيش الألماني من أجل سرعة الاستجابة للطلب الإسرائيلي، لأن قطاع تصنيع الأسلحة لديها لا يمكنه تسليم الذخائر دقيقة التوجيه المنشودة على الفور.

وبينما تحاول إدارة بايدن أن تدّعي الإنسانية في إلقاء مساعدات من الجو لا تسمن ولا تغني من جوع، تزود "إسرائيل" بمجموعة كبيرة ومتنوعة من الأسلحة والذخيرة المدمرة لكي تستطيع قوات الاحتلال سحق كل أشكال الحياة في غزة، فبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، فإن الحرب الإسرائيلية على غزة كلفت الاحتلال حتى منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول، نحو 18 مليار دولار أمريكي، مضيفة أن 230 طائرة شحن و20 سفينة نقل أمريكية وصلت إلى "إسرائيل" حاملة أسلحة وذخائر مختلفة منذ بداية الحرب على غزة.

 الرسالة السادسة:

لِمَ الخضوع؟

من يدري كم عدد الفلسطينيين الذين قد يفقدون حياتهم بحلول وقت نشر هذا المقال؟ وكم عدد الضحايا الذين لن يتمكن المسعفون من نقلهم إلى المستشفيات أو المشرحة بسبب نقص الوقود والكهرباء؟ بينما، يظل من الصعب تجنب سؤال العالم عن عدم توقف الغارات الجوية الإسرائيلية عن استهداف منازل الأبرياء والأطفال على الطرقات. رغم أن الإجابة يعرفها الجميع فهذا هو المعتاد، هذا هو الجحيم اليومي الذي يعصف بالفلسطينيين، فقد تخلى العالم عنهم منذ زمن، ولم يُترَك لهم شيء إلا النضال منفردين من أجل البقاء.

لكن حتى النضال والحق في المقاومة، يستكثره العالم على الفلسطينيين، وليس العالم فحسب بل أقرب الدول لهم، فرغم أن غزة اعتادت تخاذل أشقائها العرب، لكن أشد المتشائمين لم يتوقع أن يصل التخاذل والصمت إلى حد التأييد لإبادة الفلسطينيين، فبينما تعج المدن الأوروبية بمظاهرات لبعض الشعوب التي ترفض تواطؤ حكوماتها في حرب الإبادة، وتضغط عليهم لكي يتراجعوا عن موقفهم؛ لا تسمح الأنظمة العربية بوجود مظاهرات اليوم في الشوارع من أجل دعم غزة، بل تمنع بعض الأنظمة رفع علم فلسطين في مدرجات الملاعب.

ومع استمرار الحصار المفروض على غزة من العالم، أصبح الجوع حقيقة ملموسة مُرة يعيشها الفلسطينيون الذين أنهكتهم 5 أشهر من الحرب، وبحسب الأمم المتحدة فإن المجاعة أصبحت حقيقة، "ولم يعد من الممكن تفاديها" في قطاع غزة حيث يعيش حوالي 2.2 مليون شخص. 

وقد أكدت إحدى المنظمات غير الحكومية التابعة لليونيسف أن "90% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 23 شهراً والنساء الحوامل يواجهون نقصاً حاداً في المواد الغذائية. بينما تندد المنظمات الإنسانية بالتعطيل الإسرائيلي لدخول المساعدات الإنسانية، ما جعل جان رافائيل بواتو المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط في منظمة "العمل ضد الجوع" يقول إنه "لم يبق شيء يأكله الفلسطينيون" في شمال غزة.

 الرسالة السادسة:

لِمَ الخضوع؟

من يدري كم عدد الفلسطينيين الذين قد يفقدون حياتهم بحلول وقت نشر هذا المقال؟ وكم عدد الضحايا الذين لن يتمكن المسعفون من نقلهم إلى المستشفيات أو المشرحة بسبب نقص الوقود والكهرباء؟ بينما، يظل من الصعب تجنب سؤال العالم عن عدم توقف الغارات الجوية الإسرائيلية عن استهداف منازل الأبرياء والأطفال على الطرقات. رغم أن الإجابة يعرفها الجميع فهذا هو المعتاد، هذا هو الجحيم اليومي الذي يعصف بالفلسطينيين، فقد تخلى العالم عنهم منذ زمن، ولم يُترَك لهم شيء إلا النضال منفردين من أجل البقاء.

لكن حتى النضال والحق في المقاومة، يستكثره العالم على الفلسطينيين، وليس العالم فحسب بل أقرب الدول لهم، فرغم أن غزة اعتادت تخاذل أشقائها العرب، لكن أشد المتشائمين لم يتوقع أن يصل التخاذل والصمت إلى حد التأييد لإبادة الفلسطينيين، فبينما تعج المدن الأوروبية بمظاهرات لبعض الشعوب التي ترفض تواطؤ حكوماتها في حرب الإبادة، وتضغط عليهم لكي يتراجعوا عن موقفهم؛ لا تسمح الأنظمة العربية بوجود مظاهرات اليوم في الشوارع من أجل دعم غزة، بل تمنع بعض الأنظمة رفع علم فلسطين في مدرجات الملاعب.

ومع استمرار الحصار المفروض على غزة من العالم، أصبح الجوع حقيقة ملموسة مُرة يعيشها الفلسطينيون الذين أنهكتهم 5 أشهر من الحرب، وبحسب الأمم المتحدة فإن المجاعة أصبحت حقيقة، "ولم يعد من الممكن تفاديها" في قطاع غزة حيث يعيش حوالي 2.2 مليون شخص. 

وقد أكدت إحدى المنظمات غير الحكومية التابعة لليونيسف أن "90% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 23 شهراً والنساء الحوامل يواجهون نقصاً حاداً في المواد الغذائية. بينما تندد المنظمات الإنسانية بالتعطيل الإسرائيلي لدخول المساعدات الإنسانية، ما جعل جان رافائيل بواتو المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط في منظمة "العمل ضد الجوع" يقول إنه "لم يبق شيء يأكله الفلسطينيون" في شمال غزة.

 الرسالة السابعة:

إلى ابني المقاوم

أمام المأساة في غزة تقف الدول العربية صامتة، ومتماهية مع عملية القتل الممنهج للفلسطينيين في غزة، فخلال الستة أشهر الماضية، ومع استمرار حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، والتي تسببت في استشهاد عشرات الآلاف حتى الآن، يقف النظام المصري حائلاً بين أهل غزة والمساعدات الإنسانية، فرغم أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصر على أن المعبر مفتوح، إلا أنه لا يذكر أن وراء المعبر، يقف شخص وحيد تتقاطع عنده خطوط الأعمال والسلطة والعلاقات الدولية. ذلك الشخص هو "إبراهيم العرجاني" الذي تحوّل، خلال أقل من عقد، من طريد سابق للعدالة إلى رجل أعمال قوي، يتحكم بمصير مئات الآلاف من العالقين في غزة تحت القصف.

وقد أجبر إغلاق السلطات المصرية لمعبر رفح الحدودي سكاناً من غزة إلى اللجوء للموقع الأشهر حول العالم لجمع التبرعات "GoFundMe"، وذلك لتقديم طلبات مساعدة لتأمين مبالغ ضخمة من أجل دفعها كـ"فدية" أو "رشاوى" لمسؤولين مصريين، كما يسميها البعض، مقابل السماح بعبور عائلات من غزة لمصر، وتذكر إحدى العائلات في طلبها أنها مضطرة إلى دفع ما بين 10 إلى 11 ألف دولار مقابل كل شخص من أجل دخول مصر، فيما تُشير عائلة أخرى إلى أنها تحتاج إلى 90 ألف دولار من أجل الحصول على تصاريح لإجلاء جميع أفرادها من غزة إلى مصر، وتؤكد عائلة ثالثة أنها بحاجة إلى 75 ألف دولار ثمن إخراج أفرادها من القطاع. وتؤكد طلبات أخرى حصول عملية ابتزاز من قبل مسؤولين بالجانب المصري من الحدود مع غزة، من أجل السماح بدخول الأراضي المصرية.

وسط هذا الزخم من المآسي أصبح الفلسطينيون فريسة، ليس فقط للطائرات الإسرائيلية، ولكن أيضاً لتجار الحروب و"المنسقين" الذين يتقاضون آلاف الدولارات مقابل إضافة أسماء إلى قوائم الراغبين في العبور عبر معبر رفح، يجدون أنفسهم تحت رحمة شخص واحد. كما أشار تحقيق نشره موقع مدى مصر، "إبراهيم العرجاني"، الذي كان فيما مضى مطلوباً للعدالة وهو الآن رجل الأعمال القوي، يتخذ القرارات الحاسمة بشأن من يُسمح له بالدخول إلى مصر أو ما يُسمح بإدخاله من مساعدات إلى القطاع.

أما عن باقي الدول العربية، فحدِّث ولا حرج، فلم تتخذ أي موقف يذكر ولم تستخدم أي أوراق ضغط مثل إيقاف أو تقليل واردات النفط، حتى إن بعضها أدان المقاومة بداية الحرب، بالإضافة لذلك، تساهم بعضها في توفير حل لأزمة إسرائيل المرتبطة بالأمن الغذائي الزراعي، مثل الأردن التي تصاعد معدل تصديرها من الخضراوات والفواكه لإسرائيل بمعدل الضعف من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى فبراير/شباط 2024، على الرغم من حملات المقاطعة والاحتجاجات ضد الحرب على غزة.

هذا بالإضافة إلى الجسر البري العربي الذي يمد الاحتلال بالغذاء بينما يحاول جنوده إبادة باقي الأحياء في غزة. عبر هذا الجسر، تنساب المواد الغذائية الطازجة مثل الخضراوات والفواكه، بالإضافة إلى المواد الأولية كالنفط والمعادن، وكذلك المنتجات الصناعية بما في ذلك الأجهزة الإلكترونية، والمعدات، والسيارات، من الإمارات، والسعودية، والبحرين، ومصر، والأردن، إلى إسرائيل.

ولكي يكتمل المشهد الأكثر عبثية، شوهد جندي من جيش الاحتلال الإسرائيلي على معبر مصري، وهو يوجه شاحنة مساعدات للعودة، وسط زغاريد من إسرائيليات تعبيراً عن فرحهن بحرمان المحاصرين في غزة من المساعدات. هذا المشهد يأتي بدعم من "حركة الأمر 9"، وهي حركة متطرفة تسعى لمنع وصول الإغاثة إلى غزة، وتتعاون مع مواقف وزراء الاحتلال الإسرائيليين المتطرفين، مع تزايد أعداد المشاركين فيها، الذين يشكلون حواجز بشرية عند المعابر لتحقيق هدفهم.

و"حركة الأمر 9" و"مسيرة الأمهات"، وكلتاهما تنشط بشكل مشترك للإسهام في زيادة معاناة سكان غزة، تحظيان بدعم مالي كبير من إسرائيليين يسعون لاستمرار الحصار. تبرعات جمعتها هذه الحركات تعكس حجم الدعم الذي يلقاه هذا النشاط اللاإنساني والهمجي.

محاولات منع المساعدات لم تتوقف عند الحواجز البشرية، بل شملت أيضاً إعاقة الإغاثة عبر الموانئ والمعابر، مع دعوات من متطرفين لتشديد القبضة على غزة. هذا السلوك يكشف عن مستوى التطرف والعداء والخذلان الذي يواجهه سكان غزة من العالم، حيث يُستخدم الحصار ومنع المساعدات كأدوات للضغط والعقاب الجماعي لشعب أعزل، في تحدٍّ صارخ للقوانين والأعراف الدولية والإنسانية.

 الرسالة السابعة:

إلى ابني المقاوم

أمام المأساة في غزة تقف الدول العربية صامتة، ومتماهية مع عملية القتل الممنهج للفلسطينيين في غزة، فخلال الستة أشهر الماضية، ومع استمرار حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، والتي تسببت في استشهاد عشرات الآلاف حتى الآن، يقف النظام المصري حائلاً بين أهل غزة والمساعدات الإنسانية، فرغم أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصر على أن المعبر مفتوح، إلا أنه لا يذكر أن وراء المعبر، يقف شخص وحيد تتقاطع عنده خطوط الأعمال والسلطة والعلاقات الدولية. ذلك الشخص هو "إبراهيم العرجاني" الذي تحوّل، خلال أقل من عقد، من طريد سابق للعدالة إلى رجل أعمال قوي، يتحكم بمصير مئات الآلاف من العالقين في غزة تحت القصف.

وقد أجبر إغلاق السلطات المصرية لمعبر رفح الحدودي سكاناً من غزة إلى اللجوء للموقع الأشهر حول العالم لجمع التبرعات "GoFundMe"، وذلك لتقديم طلبات مساعدة لتأمين مبالغ ضخمة من أجل دفعها كـ"فدية" أو "رشاوى" لمسؤولين مصريين، كما يسميها البعض، مقابل السماح بعبور عائلات من غزة لمصر، وتذكر إحدى العائلات في طلبها أنها مضطرة إلى دفع ما بين 10 إلى 11 ألف دولار مقابل كل شخص من أجل دخول مصر، فيما تُشير عائلة أخرى إلى أنها تحتاج إلى 90 ألف دولار من أجل الحصول على تصاريح لإجلاء جميع أفرادها من غزة إلى مصر، وتؤكد عائلة ثالثة أنها بحاجة إلى 75 ألف دولار ثمن إخراج أفرادها من القطاع. وتؤكد طلبات أخرى حصول عملية ابتزاز من قبل مسؤولين بالجانب المصري من الحدود مع غزة، من أجل السماح بدخول الأراضي المصرية.

وسط هذا الزخم من المآسي أصبح الفلسطينيون فريسة، ليس فقط للطائرات الإسرائيلية، ولكن أيضاً لتجار الحروب و"المنسقين" الذين يتقاضون آلاف الدولارات مقابل إضافة أسماء إلى قوائم الراغبين في العبور عبر معبر رفح، يجدون أنفسهم تحت رحمة شخص واحد. كما أشار تحقيق نشره موقع مدى مصر، "إبراهيم العرجاني"، الذي كان فيما مضى مطلوباً للعدالة وهو الآن رجل الأعمال القوي، يتخذ القرارات الحاسمة بشأن من يُسمح له بالدخول إلى مصر أو ما يُسمح بإدخاله من مساعدات إلى القطاع.

أما عن باقي الدول العربية، فحدِّث ولا حرج، فلم تتخذ أي موقف يذكر ولم تستخدم أي أوراق ضغط مثل إيقاف أو تقليل واردات النفط، حتى إن بعضها أدان المقاومة بداية الحرب، بالإضافة لذلك، تساهم بعضها في توفير حل لأزمة إسرائيل المرتبطة بالأمن الغذائي الزراعي، مثل الأردن التي تصاعد معدل تصديرها من الخضراوات والفواكه لإسرائيل بمعدل الضعف من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى فبراير/شباط 2024، على الرغم من حملات المقاطعة والاحتجاجات ضد الحرب على غزة.

هذا بالإضافة إلى الجسر البري العربي الذي يمد الاحتلال بالغذاء بينما يحاول جنوده إبادة باقي الأحياء في غزة. عبر هذا الجسر، تنساب المواد الغذائية الطازجة مثل الخضراوات والفواكه، بالإضافة إلى المواد الأولية كالنفط والمعادن، وكذلك المنتجات الصناعية بما في ذلك الأجهزة الإلكترونية، والمعدات، والسيارات، من الإمارات، والسعودية، والبحرين، ومصر، والأردن، إلى إسرائيل.

ولكي يكتمل المشهد الأكثر عبثية، شوهد جندي من جيش الاحتلال الإسرائيلي على معبر مصري، وهو يوجه شاحنة مساعدات للعودة، وسط زغاريد من إسرائيليات تعبيراً عن فرحهن بحرمان المحاصرين في غزة من المساعدات. هذا المشهد يأتي بدعم من "حركة الأمر 9"، وهي حركة متطرفة تسعى لمنع وصول الإغاثة إلى غزة، وتتعاون مع مواقف وزراء الاحتلال الإسرائيليين المتطرفين، مع تزايد أعداد المشاركين فيها، الذين يشكلون حواجز بشرية عند المعابر لتحقيق هدفهم.

و"حركة الأمر 9" و"مسيرة الأمهات"، وكلتاهما تنشط بشكل مشترك للإسهام في زيادة معاناة سكان غزة، تحظيان بدعم مالي كبير من إسرائيليين يسعون لاستمرار الحصار. تبرعات جمعتها هذه الحركات تعكس حجم الدعم الذي يلقاه هذا النشاط اللاإنساني والهمجي.

محاولات منع المساعدات لم تتوقف عند الحواجز البشرية، بل شملت أيضاً إعاقة الإغاثة عبر الموانئ والمعابر، مع دعوات من متطرفين لتشديد القبضة على غزة. هذا السلوك يكشف عن مستوى التطرف والعداء والخذلان الذي يواجهه سكان غزة من العالم، حيث يُستخدم الحصار ومنع المساعدات كأدوات للضغط والعقاب الجماعي لشعب أعزل، في تحدٍّ صارخ للقوانين والأعراف الدولية والإنسانية.

خاتمة..

غزة التي لا يكتفي العالم بنسيانها

من بعيد ومن وراء الشاشات، تطل غزة كساحة حرب خالية إلا من الخراب، حيث تتصاعد أعمدة دخان المتفجرات، وتُرسم آثار دبابات على رمال الطرق. لكن ربما ما يغيب عن أذهاننا، أن وراء كل هذه الفوضى وعنف العدو، تكمن آلاف القصص غير المروية، من أصوات مخنوقة بالدخان وبرد الشتاء. قصص حياة بعضها بدأ وانتهى فجأة، وأحلام كانت على وشك الولادة قبل أن تسحقها قسوة الحرب.

فكروا معنا في غزة، كم طفلاً كان يحلم بالتفوق في امتحانه، يأمل في أن يبرز ويحقق أحلامه؟ كم مهندساً، ممرضاً، طبيباً، عالماً، كاتباً، أو فناناً كان يحلم بأن يصير شيئاً عظيماً أو عادياً؟ كم أسرة كانت ستُبنى، كم قصة حب كانت ستنجح وأخرى ستفشل؟ وكم قصصاً كانت ستسافر متخطية الحدود لتعود لتبني بيتاً كبيراً يسع قصصاً أكثر؟ يدُفن كل ذلك اليوم، بينما نتابع، تباد حيوات بالمعنى الحرفي لا المجازي، لا بسبب كارثة طبيعية، بل بيد بشر يدعون الحضارة، ويساندهم الكثير من أنظمتنا العربية قبل الغربية.

قد يدرك القارئ أن هناك خيطاً مشتركاً يربط بين الرسائل القادمة من غزة، وهو شعور عميق باللامبالاة وفقدان الأمل، ليس فقط في الأنظمة العربية، بل أيضاً في العالم بأسره بجميع مؤسساته وكياناته الدولية. هذا اليأس يستمد جذوره من الاستمرارية المروعة لعدوان ظالم، لكيان محتل لم يشهد التاريخ الحديث مثيلاً له، حيث سقط أكثر من 30 ألف شهيد، منهم 13,430 طفلاً و8,900 امرأة، في حرب إبادة جماعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. حرب تشنها قوة الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزل، مخالفةً كل القوانين الدولية، ومستفزةً لضمير الإنسانية، وداعيةً المجتمع الدولي للتحرك لوقفها، لكن يبدو ألا حياة لمن تنادي!

هذا الشعور بالخذلان الذي يتجلى من خلال هذه الرسائل لا ينبع من الهزيمة أو اليأس، بل من وعي عميق بواقع عالم اليوم، حيث فشلت المنظومة الدولية، بما في ذلك مجلس الأمن، في أداء دورها الأساسي في إدارة الصراعات وضمان الأمن والسلام الدوليين. الحرب على غزة لم تكشف فقط عن هذا العجز، بل أيضاً عن الازدواجية في المعايير الدولية والتواطؤ الصريح للغرب وتماهي الدول العربية معه.

إن هذه اللامبالاة من أهل غزة إزاء جدوى الأنظمة العربية، والنظام العالمي والقوانين والدولية، لا تأتي إلا عن يقين عن عجز هذا العالم بالالتزام بأبسط المعايير الإنسانية. وللحقيقة، إن فشل المنظومة الدولية ليس بجديد، فقد شاهدناه في الحرب الأهلية برواندا ومجزرة سربرنيتسا في البوسنة، لكن الحرب في غزة كشفت عن عمق الأزمة بشكل غير مسبوق، خاصةً في ضوء الأزمة الأوكرانية التي شهدت استخدام الغرب لكل الادعاءات المتعلقة بالقوانين والأعراف الدولية ضد روسيا، في تناقض صارخ مع ما يحدث في غزة.

وراء كل هذا الخراب والأحلام المشتتة، أصبحت غزة مرآة لقبح العالم، إذ تكمن مأساة البشرية بكل تفاصيلها الدقيقة في بقعة جغرافية صغيرة محاصرة. وللتذكير، فإن كل تلك الحيوات في غزة ليست مجرد أرقام تُضاف إلى سجلات التاريخ أو تُطوى كصفحات في كتاب، بل هي قصص تستحق الحياة، تستحق أن تُروى وتُسمع، فلكل منها الحق في أن يترك بصمة، يُشكل جزءاً من نسيج الوجود الإنساني الذي يتداعى أمام أعين الجميع.