مصر في مرمى التطبيع الخليجي

علاقات إسرائيل الرسمية والمباشرة مع الخليج تسلب القاهرة دورها الإقليمي وتهدد مستقبل السياحة في سيناء وإيرادات قناة السويس

الخسائر المصرية بدأت قبل التطبيع.

التحول الإسرائيلي الأمريكي شرقاً في اتجاه الخليج منذ السنوات الأخيرة للرئيس مبارك، كان يعني أن مصر فقدت عرش العروبة، ولم تعد مركزاً إقليمياً.

لكن الخسائر بعد التطبيع الخليجي ستكون مختلفة.

هذا التطبيع يحمل وعداً ببناء علاقات دافئة ونشطة بسرعة مع أكثر الدول ديناميكية في الخليج العربي، على عكس السلام "المُقيّد والبارد" مع مصر والأردن.

مشروعات لشبكات نقل، وتفعيل خط أنابيب لنقل النفط من إيلات إلى عسقلان على شاطئ المتوسط، بما قد يحرم القناة من نصف إيراداتها التي تحصل عليها من عبور ناقلات الخام.

كان من الممكن لمصر أن تعرقل هذه المشاريع، لولا تخلِّيها عن جزيرتَي تيران وصنافير للسعودية، وهما تتحكمان في مدخل خليج العقبة الذي ينتهي بمدينتي العقبة في الأردن وإيلات في إسرائيل.

الوصول إلى النقطة "الدافئة والنشطة" في علاقات الإمارات، والخليج عموماً، بإسرائيل يمر باتفاقيات اقتصادية وسياسية ضخمة، ويعني خسائر مصرية على أكثر من صعيد.

يعني خسارة الكثير من "الوزن" السياسي الإقليمي.

ويعني فقدان أوراق فلسطينية مهمة، قد تضع القضية كلها في مهب النسيان.

كما قد يعني مستقبلاً خسائرَ مالية في حال تراجع إيرادات القناة، أو ظهور مشروعات سياحية عملاقة باستثمارات خليجية إسرائيلية، تنافس جزيرة سيناء.

قبل الحديث عن آثار التطبيع الخليجي على مصر، نستعرض في السطور التالية ما يعنيه الاتفاق عربياً وفلسطينياً، في الملفات التي تتماس مع مصالح ودور مصر. 

التطبيع مع "أصدقاء" الفلسطينيين
يقتل قضيتهم

لا يشرح نتنياهو استراتيجيته بشكل كامل في كتاباته أو خطاباته، إلا أنه عمل خلال العقد الماضي على صقلها بشأن القضية الفلسطينية لتتحول إلى صيغة سياسية واقعية بسيطة. 

استراتيجية تتلخص في ما يلي: بما أنه يتعذّر حالياً تحقيق تسوية قائمة على "إنهاء النزاع وإنهاء المطالبات" مع الفلسطينيين وفق شروطه الخاصة، فعليه بالتالي انتزاع حق النقض الفلسطيني القائم منذ مدة طويلة على العلاقات الإسرائيلية مع بقية بلدان العالم، وخاصة الدول العربية.

أي استبعاد الدوائر المعروفة بتأييدها للحق الفلسطيني، حتى تصبح القضية في العراء 

وفقاً لهذه العقيدة، كلما نجحت إسرائيل في إقامة نُظم صحية للتعاون مع قوى إقليمية ودولية رائدة، زاد الضغط على القادة الفلسطينيين لمراجعة سياساتهم الحالية.

نهاية المبادرة العربية

بالنسبة لإسرائيل، يعتبر التطبيع مع الإمارات انطلاقة عظيمة لأنها تبدد الإجماع على مبادرة السلام العربية التي قدمتها السعودية عام 2002، وتبنتها بالإجماع جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. 

كانت المبادرة تمهّد لتطبيع كامل للعلاقات مع إسرائيل، ولكن بشرط إبرام اتفاقية سلام على أساس دولتين مع الفلسطينيين أولاً. 

باقي العرب قادمون على درب التعاون الاقتصادي

إسرائيل تستهدف تحقيق استثمار خطوة المعاهدات العربية الإسرائيلية المقترحة، لطرح رؤية جاهزة ومعدة سلفاً من خلال دراسات للجدوى في ما يعرف بـ"السلام الاقتصادي"، وفي إطار مسارين: الأول يشمل الدول التي وقّعت معها معاهدات سلام، والدول التي تتجه إلى المُضي وفقاً للمسار نفسه، والثاني النطاقات الإقليمية الممتدة، التي تشمل دولاً مختارة في الدرجة الأولى، على أن يليها العراق وسوريا في درجة لاحقة، والمنطقة المغاربية والمغرب تحديداً بدرجة لاحقة.

الاحتفاء الإسرائيلي باتفاقات التطبيع الجديدة مع الدول الخليجية سيتبعه على الأرجح مساعٍ نشطة لإقامة شراكات اقتصادية ومالية وأمنية قوية مع هذه الدول -لاسيما مع أبوظبي- تفتح لها آفاقاً جديدة في المنطقة وتساعد تل أبيب على توسيع نفوذها السياسي والاقتصادي والأمني في المنطقة.

وكل العرب على طرق إسرائيل السريعة للسلام

في إسرائيل تعكف وزارة المال والبنية الأساسية منذ البدء في مسار التطبيع الخليجي على وضع مخطط مالي وإنشائي متكامل لبناء شبكة الطريق السريع الإقليمي، بحيث تسمح بوصول بري آمِن وبسيط التكلفة للدول العربية على البحر المتوسط.

وأقرّت الحكومة الإسرائيلية رسمياً مشروعا يصل بين أوروبا والمنطقة، يمر بالحدود الأردنية وجنين شمالي الضفة، لإيجاد خط تجاري واستثماري من البحر المتوسط وصولاً إلى الداخل العربي، ورصدت 4,5 مليون دولار لوضع مخطط هندسي للمشروع.

عندما ينتهي المشروع، تصبح إسرائيل الجسر البري المباشر الذي يربط بين أوروبا ودول المنطقة.

يتعامل المشروع مع الممرات البحرية في البحر المتوسط أو المنطقة ليصبح ترجمةً لمشروعات السلام الإقليمي التي سبق أن طرحتها إسرائيل.

هناك عدة دول معنية بالمشروع، أهمها الولايات المتحدة ودول الخليج والأردن والسلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي، مما يعني أن المشروع ليس مقتصراً على دول محددة فقط في الإقليم.

أخيراً تعالج صفقة التطبيع مع الإمارات، ودول خليجية أخرى لاحقاً، معضلة فشل التطبيع الإسرائيلي في مصر والأردن.

تحاول إسرائيل الآن تجاوز عقبات الانفتاح على الأسواق العالمية نتيجة لجائحة كورونا، وتخطّي فشلها في استثمار السوقين المصري والأردني نظراً للرفض الشعبي الواسع للتطبيع.

هل يعني هذا أن صفقات التطبيع الجديدة لا تعرِّض المصالح الاقتصادية والسياسية المصرية للضرر؟

هذا ما تشرحه السطور التالية..

https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/9/23/تحقيق-الإمارات-تعاقدت-مع-مؤسسات

https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/9/23/تحقيق-الإمارات-تعاقدت-مع-مؤسسات

ما تخسره مصر بعد التطبيع الخليجي

الاتفاق بين إسرائيل والإمارات بالنسبة لمصر هو تقارب بين طرفين يرتبطان بعلاقات رسمية وتعاون معها، فهل يجب أن تقلق القاهرة؟

القلق الأول كان من السرعة الصاروخية التي يتم بها توقيع اتفاقات في مجالات متعددة، تستغرق المفاوضات بشأنها عادة وقتاً طويلاً في الظروف العادية.

خلال شهر تقريباً وقّعت أبرز البنوك الإماراتية اتفاقيات تعاون مع نظيراتها في إسرائيل.

الاتصالات بين البلدين تم فتحها في اليوم التالي مباشرة للإعلان.

واستعدت الفنادق الإماراتية لاستقبال الزائرين الإسرائيليين بوجبات حلال طبقاً للديانة اليهودية، وتم بالفعل افتتاح مطعم يقدم الوجبات اليهودية الحلال.

وانهمرت الأخبار عن مذكرات التفاهم بين البلدين المتشوقين للتطبيع، أهمها مذكرات تفاهم بين شركة موانئ دبي العالمية وجمارك دبي، مع شركة دوفارتاور الإسرائيلية.

اتفاقيات تؤكد أن الترتيب للتطبيع بين الجانبين والتعاون بينهما يرجع إلى نحو عقد من الزمان، وهو ما يشير إلى أن كل ما يعلن عنه الآن ليس خططاً مستقبلية وليدة اللحظة، بل خطوات مدروسة سلفاً، وخروج القصة للعلن يتزامن مع بداية تنفيذها على الأرض.

وسائل الإعلام المصرية الخاضعة تماماً لتوجيهات السلطة السياسية أبدت بعض القلق من الخطوة الإماراتية.

لم يحتفل الإعلام المصري كثيراً بالتطبيع، كما اعتاد مع وقائع إماراتية أخرى، مثل مقاطعة قطر.

فما الذي تخشاه مصر من اتفاقيات التطبيع الخليجي اقتصادياً وسياسياً؟

اقتصادياً: قناة السويس تستعد لضربة
"إيلات - عسقلان"

"الأطراف ستعزز وتطور التعاون في المشاريع بمجال الطاقة، بما في ذلك أنظمة النقل الإقليمية بهدف زيادة أمن الطاقة".

هذه العبارة وردت في اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، وترجمتها على أرض الواقع بإنشاء ممر بري لنقل النفط والغاز من دول الخليج إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، بعيداً عن مضيق هرمز وباب المندب، وبالتالي لا يمر من قناة السويس.

تل أبيب ستعرض على أبوظبي المشاركة في بناء ممر بري يربط بين إسرائيل ودول الخليج، ليكون حلقة وصل لنقل نفط وغاز الخليج إلى دول أوروبا وأمريكا الشمالية.

إسرائيل بصدد الطلب من الإمارات إقناع السعودية أن تسمح بمد أنبوب إيلات-عسقلان إلى مصفاة ينبع، براً أو بحراً، لنقل النفط...

تم النشر بواسطة ‏نايل الشافعي‏ في الخميس، ١٧ سبتمبر ٢٠٢٠

الذريعة التي تستخدمها إسرائيل لتسويق المشروع هي أنّ المضائق التي يَمُر عبرها النّفط الخليجي، مِثل هرمز وبحر العرب وباب المندب وقناة السويس، لم تَعُد آمِنَةً بسبب التّهديد الإيراني وخطَر الحوثيين على المِلاحة في باب المندب، علاوةً على تقصير المِسافة وتقليل التّكاليف.

تنفيذ الخطة الإسرائيلية تسمى طرق للسلام الإقليمي، يعني شق ممر بري عبارة عن خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز من الخليج إلى إسرائيل عبر السعودية والأردن، ومن ثم تصديره إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.

السعودية قد تكون لها محطة ضمن الممر، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية علنية بينها وبين إسرائيل.

ونقل النفط والغاز الطبيعي سيتم عبر الأنابيب من دول الخليج إلى مدينة إيلات على خليج العقبة.

ثم برّاً إلى ميناء عسقلان على البحر الأبيض.

ومن هناك بحراً إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.

المشروع يهدف إلى تقليل وقت نقل النفط والغاز الطبيعي ونواتج التقطير من السعودية ودول الخليج إلى الغرب.

كما سيوفر سداد رسوم عبور السفن في قناة السويس المصرية.

تأثير المشروع على قناة السويس

تمثل ناقلات النفط أكثر من 27% من إجمالي السفن بأنواعها، وذلك بحسب إحصائيات العام الجاري، مقابل 21% العام الماضي.

هذه الأرقام تعني أن ناقلات النفط هي الشريحة الأكبر من حيث نوعية السفن التي تمر في القناة.

وأن الجزء الأكبر من دخل القناة يأتي من عبور النفط، والخدمات المرتبطة به.

وبالتالي فإن الممر البري من الخليج لإسرائيل سيحرم القناة من ذلك الدخل، الذي يمثل المورد الأكبر للدخل من العملات الأجنبية في ظل توقف السياحة تقريباً بفعل الوباء، وتراجع تحويلات المغتربين.

خط الأنابيب، الذي يربط ميناء إيلات، جنوب فلسطين المحتلة، بمحطة ناقلات في عسقلان على ساحل البحر الأبيض المتوسط، يمكن أن يقضي على حصة كبيرة من شحنات النفط التي تتدفق الآن عبر قناة السويس القريبة.

بعدما كسر الإماراتيون الجليد، أصبحت فرص صفقات الطاقة العربية الإسرائيلية واسعة ومربحة، بدءاً من الاستثمار الخليجي في خط الأنابيب الإسرائيلي نفسه، وصولاً إلى تكييفه لنقل الغاز الطبيعي، أو توصيله بخطوط الأنابيب عبر السعودية والشرق الأوسط الأوسع.

رئيس هيئة القناة يتوقع خسارة نصف أعداد ناقلات النفط

اعتبر رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع أن إنشاء خط أنابيب النفط "إيلات-عسقلان" الإسرائيلي إلى الخليج يهدد الأمن القومي المصري وقناة السويس.

رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع

رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع

وحذر ربيع من العواقب المحتملة لمد خط أنابيب "إيلات-عسقلان" الإسرائيلي إلى الخليج، بغرض تصدير النفط منه إلى أوربا، وتأثيره على الأمن القومي المصري، وعائدات قناة السويس.

وبحسب ربيع، فإن قناة السويس تستحوذ على 66% من إجمالي كميات الخام المحتمل عبورها من قناة السويس والبالغة نحو 107 ملايين طن، مقارنة بـ55 مليون طن محتملة عبر خط "إيلات-عسقلان"، بمعنى أن الخط سيستحوذ على 51% من كميات النفط التي تعبر قناة السويس حاليا.

ورغم ذلك قلل ربيع من تأثير الخط الجديد على قناة السويس قائلاً: إن أي نقل يتضمن طريقاً للسكك الحديدية سيكون تأثيره محدود مقارنة بحاويات النقل البحري عبر قناة السويس، التي يمكنها نقل كميات ضخمة بتكلفة أقل.

في انتظار تنفيذ المشروع، تدرس هيئة القناة خطة تسويقية وتسعيرية جديدة، كما تعمل الهيئة الاقتصادية للقناة على تطوير صناعات جاذبة للسفن، لإيجاد حلول إذا زاد تأثير الخط الإماراتي-الإسرائيلي المزمع عن الحد التنافسي.

مخازن النفط السعودي قد تختفي من العين السخنة

بدأت السعودية في الشهور الأولى من 2020 في إرسال كميات كبيرة من النفط الخام لتخزينها في المستودعات بمصر، استعداداً لبدء زيادة الصادرات السعودية من النفط إلى أوروبا، بعد انخفاض أسعار الخام.

هذا يعني أن السعودية كانت تستعد لتصدير نفطها عبر مصر، وذلك ما ستفقده القاهرة بسبب المخطط الإسرائيلي لتفعيل أنابيب إيلات-عسقلان.

وحسب تقارير صحفية صدَّرت السعودية نحو 1.3 مليون برميل يومياً إلى مصر في شهر مارس/آذار 2020، وهو أعلى مستوى في ثلاث سنوات على الأقل، للتخزين المسبق للخام لإعادة التصدير إلى أوروبا.

ويجري تنزيل هذه الكميات من النفط الخام في ميناء العين السخنة، قبل أن تُضخ عبر خط أنابيب إلى ميناء سيدي كرير المصري على ساحل البحر المتوسط، لنقلها بحراً إلى أوروبا، كجزء من خطة المملكة العربية السعودية لزيادة صادراتها من النفط الخام إلى أقصى مدى ممكن، مع تخفيض الأسعار نتيجة تراجع الطلب على الخام بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا.

السياحة من الإمارات إلى المسجد الأقصى

لا تبدو المنافسة في صالح مصر أمام الإمارات، عندما يتعلق الأمر بالقدرة المالية والتكنولوجية.

ولن تكون هناك مقارنة بين تطبيع السادات 1979 وتطبيع محمد بن زايد 2020.

سيؤدي التعاون العلمي والتبادل السياحي والتعاون الأكاديمي بين الإمارات وإسرائيل إلى خفوت إضافي في نفوذ مصر، وإلى تسريع وتيرة مبادرات مثيلة للتطبيع، بحسب تقرير لمعهد واشنطن للدراسات.

وقد يكون كابوساً بالنسبة للقاهرة أن يتم قريباً ترتيب زيارات إلى المسجد الأقصى في القدس عن طريق أبوظبي، ما يضيف رونقاً إلى سمعة الإمارات، كما يقول التقرير، لم تتمكن منه مصر بسبب المقاومة الشعبية للتطبيع.

والسياحة من إسرائيل إلى دبي لا تهدد شرم الشيخ

لا تتخوف مصر من أن يضر الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي بالعلاقات الاقتصادية المحدودة مع إسرائيل. 

مثلاً لن تتأثر صفقات الغاز الإسرائيلية المصرية، المبنية على منطق القرب الجغرافي وخطوط الأنابيب الحالية.

وقد لا تتخوف من تفكير الإسرائيليين في الاستفادة من الرحلات الجوية المباشرة إلى دبي وأبوظبي؛ لأن هذه المدن الضخمة باهظة الأسعار لا تمثل تهديداً كبيراً لمنتجعات سيناء.

لكن غياب التاريخ الحربي والتوافق الاقتصادي الأكبر بينهما، سيسمح للإمارات بتطوير علاقة أعمق بكثير مما تمكنت مصر من تحقيقه في الأربعين عاماً الماضية. 

والمؤكد في كل الحالات أن مصر سوف تخسر التنافسية الإقليمية لشبه جزيرة سيناء، في حالة ظهور مشروعات ترفيه عملاقة مثل نيوم، أو مقاصد أخرى سيلقيها قطار التطبيع السريع المنطلق من الإمارات.

https://www.alaraby.co.uk/هكذا-تسدّ-صفقة-الإمارات-وإسرائيل-الأبواب-أمام-قناة-السويس

https://www.alaraby.co.uk/هكذا-تسدّ-صفقة-الإمارات-وإسرائيل-الأبواب-أمام-قناة-السويس

https://www.alaraby.co.uk/هكذا-تسدّ-صفقة-الإمارات-وإسرائيل-الأبواب-أمام-قناة-السويس

https://en.wikipedia.org/wiki/Oil_tanker

https://www.alaraby.co.uk/هكذا-تسدّ-صفقة-الإمارات-وإسرائيل-الأبواب-أمام-قناة-السويس

https://en.wikipedia.org/wiki/Oil_tanker

سياسياً: مصر لم تعد قائدة العرب

معظم المراقبين اعتبروا التطبيع مع دول خليجية في بدايتها الإمارات، خصماً من رصيد مصر السياسي، ونفوذها الإقليمي.

المحلل السياسي لصحيفة هآرتس الإسرائيلية تسفي بار إيل كتب أن "هناك ما يدعو للقلق بالنسبة إلى مصر من الاتفاق الإسرائيلي- الإماراتي، إذ تمسك مصر بملفات هامة للغاية بشكل حصري تعطيها ثقلاً ووزناً دولياً، وتخشى أن تسحب منها".

مصر تعد أهم دولة فيما يتعلق بالصراع بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.

وتعد وسيطاً في العلاقات بين إسرائيل ودول عربية مختلفة.

ويرصد الكاتب الإسرائيلي أن وساطات القاهرة بين إسرائيل والعرب "زادت خلال فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو ما دفع تل أبيب إلى تقديم مساعدات عسكرية لمصر".

من شأن السلام بين الإمارات وإسرائيل أن ينقل مركز الثقل من القاهرة إلى الخليج، وأن يسهم في تقليص نفوذ مصر وأهميتها، بخاصة في حال انضمام دول خليجية أخرى إلى قطار التطبيع.

القاهرة تعرف هذا، ولا تخفي مخاوفها.

في رد الفعل على التطبيع الإماراتي، رحبت مصر الرسمية، وتحفظ الإعلام "الرسمي" بصورة ملحوظة.

وبالتزامن مع خفوت الاحتفاء الإعلامي المصري بالتطبيع الإماراتي، برزت آراء لكُتاب مقربين من النظام -بل معروف عن بعضهم الترويج للتطبيع- تنتقد الخطوة، وذلك في مقالات بصحف حكومية.

وأبدى رئيس تحرير صحيفة الأخبار الحكومية الأسبق جلال دويدار في صحيفة "أخبار اليوم"، من أن الاتفاق لا يضمن الحقوق الفلسطينية، وتساءل: هل يمكن اعتبار القرار الإماراتي الذي أعلنه ترامب، في شبه احتفالية بالبيت الأبيض، جزءاً من صفقة القرن التي يروّج لها؟

ربما كان وراء ذلك الخشية من أن يسحب التطبيع الإماراتي البساط من تحت أقدام القاهرة، التي طالما قدّمت أوراق اعتمادها لدى الغرب وإسرائيل باعتبارها جسراً وسيطاً رئيسياً مع العرب، والورقة العربية الأولى في القضية الفلسطينية.

رجل الأعمال الإسرائيلي نمرود نوفيك قال إن "أحد مكونات ثقل مصر في العالم العربي أنها حلقة الوصل بين إسرائيل والعالم العربي، لكن مركز الثقل قد ينتقل من مصر إلى الخليج، ما يجعل مصر تخسر رصيداً آخر".

التطبيع يسهم في إنهاء ثوابت مصر في التعامل مع فتح وحماس

كان الخبر مفاجئاً للكثيرين.

صباح 21 سبتمبر/أيلول 2020، وصل وفد من حركة فتح وآخر من حركة حماس إلى مدينة إسطنبول في تركيا، لإجراء أول محادثات مباشرة منذ عام 2017 بهدف إنهاء الخلاف المستمر منذ 15 عاماً، والاتفاق على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني خلال ستة أشهر.

نعم، في تركيا.

وبدون أطراف أخرى عربية أو غير عربية.

وبعيداً عن القاهرة التي كانت "تهيمن" على هذا الملف منذ سنوات طويلة.

بالنسبة لمراقبين فلسطينيين، فإن لقاء إسطنبول "كان رسالة احتجاج، على مصر والجامعة العربية، ومحور ما يعرف بالاعتدال العربي"، كما قال قال المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور مخيمر أبوسعدة.

أبوسعدة يضيف أن القاهرة "لا شك هيمنت على ملف المصالحة، منذ عام 2005 عبر اتفاق الفصائل الشهير، وعلى مدى 15 عاماً، كانت القاهرة تدير ملف الانقسام ولا تعالجه".

والحقيقة أن التطبيع الإماراتي مع إسرائيل كان سبباً مباشراً للقرار الفلسطيني بالتحول عن القاهرة، ضمن أسباب أخرى.

التطبيع كان رصاصة الرحمة على علاقات رام الله وأبوظبي، التي كانت شبه مجمّدة.

السلطة وصفت التطبيع بالخيانة للقدس والأقصى، وقال صائب عريقات، القيادي في السلطة، إن الاتفاق "دمر مبادرة السلام العربية وحقوق الفلسطينيين مجاناً". 

عريقات أكد، أخيراً، أن "الإمارات قطعت علاقتها معنا منذ 2014"، وهو لا يقصد القطع الرسمي للعلاقات، لأن هناك بعثة فلسطينية في أبوظبي، وسفيراً استدعاه محمود عباس فور الإعلان عن الاتفاق الإمارات الإسرائيلي.

وعلاقة السلطة بالقاهرة ليست في أفضل حالاتها منذ سنوات.

أما علاقة غزة بالقاهرة فهي مشوبة دائماً بعلامات الاستفهام.

وبحسب تقارير فإن مصر غاضبة من حماس وفتح على السواء، بسبب اختيار تركيا وإخراج القاهرة من عملية المصالحة، وهو ما عبّر عنه جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" بالقول: "لأول مرة في تاريخنا، قرارنا أصبح في أيدينا وخارج دائرة النفوذ والتأثير والمحاصصة والوصاية ورعاية أي طرف إقليمي".

صحفي مصري متابع للملف الفلسطيني -رفض كشف هويته- قال لـ"عربي بوست" إن مصر سعت لعقد لقاءات إسطنبول بين فتح وحماس لديها، لكن الأمر لم يحظَ بموافقتهما؛ وذلك ربما خشية من احتجاز القاهرة لإسماعيل هنية، وعدم السماح له باستكمال جولته الخارجية".

وقال حسام الدجني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة لـ"عربي بوست" إن "حوارات إسطنبول جاءت في ظل ما تستشعره فتح وحماس من مخاطر محدقة بالمشروع الوطني الفلسطيني بسبب المحاور الإقليمية والدولية التي تتشكل في المنطقة عقب جولات التطبيع، وتجلت أخيراً في الدعوات الإقليمية والأمريكية لفرض قيادة بديلة عليهم".

وقال الكاتب الصحفي الفلسطيني لـ"عربي بوست" في التقرير نفسه إن "هناك استقطاباً داخل السلطة الفلسطينية لوقف زيادة نفوذ الأتراك بين الفلسطينيين، خشية منح حماس تأثيراً إضافياً، لكن هرولة الخليج باتجاه إسرائيل منح التيار الداعم للنفوذ التركي في السلطة الفلسطينية قوةً وتأثيراً".

هكذا دفعت مصر من نفوذها ودورها العتيد ثمناً باهظاً لهذه الهرولة الخليجية نحو إسرائيل.