نظام آيل للسقوط

كيف كشفت ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين هشاشة المنظمات الدولية؟

عربي بوست

"أكتب لطفل لم يولد بعد.. أكتب لفكرة أو حلم بات يرهب السجان دون قصد أو علم، وقبل أن يتحقق.. أكتب لأي طفل كان أو طفلة.. أكتب لابني الذي لم يأتِ الى الحياة بعد.. أكتب لميلاد المستقبل، فهكذا نريد أن نسميه/نسميها، وهكذا أريد للمستقبل أن يعرفنا..  عزيزي ميلاد، أتحسبني يا عزيزي قد جننت؟ أكتب لمخلوق لم يولد بعد؟

أيهما الجنون؛ دولة نووية تحارب طفلاً لم يولد بعد فتحسبه خطراً أمنياً، ويغدو حاضراً في تقاريرها الاستخبارية ومرافعاتها القضائية، أم أن أحلم بطفل؟

أيهما الجنون؛ أن أكتب رسالة لحلم أم أن يصبح الحلم ملفاً في المخابرات؟ أنت يا عزيزي تملك الآن ملفاً أمنياً في أرشيف الشاباك الإسرائيلي. فما رأيك؟ هل أكف عن حلمي؟ سأظل أحلم رغم مرارة الواقع، وسأبحث عن معنى للحياة رغم ما فقدته منها، هم ينبشون قبور الأجداد بحثاً عن أصالة موهومة، ونحن نبحث عن مستقبل أفضل للأحفاد، لا شك آتٍ.

سلام ميلاد.. سلام عزيزي".

كانت هذه رسالة الأسير وليد دقة بعد مرور ربع قرن على أسره (منذ 25 مارس 1986)، ولا يزال يخوض نضالاً لتحديد عدد سنوات محكوميته وللسماح له بإلإنجاب من زوجته، فيما ترفض السلطات الإسرائيلية السماح له بالإنجاب لـ"اعتبارات أمنية".

لنبدأ بقصة حدثت في قرية تقع بالقرب من القدس، حيث كان يعيش رجل فلسطيني يدعى ناصر عبد ربه مع زوجته فاطمة، لم تكن الحياة عادية على الإطلاق، فهذه القرية تقع في فلسطين المحتلة وليست وسط جبال الألب، إذ تحاوط القرية الحواجز الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، فيمنع أصحاب الأرض المقيمين من أن يغادروا أو يرجعوا إلى القرية دون تصاريح. 

وفي يوم بارد من عام 2001، تحديداً يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول، شعرت السيدة فاطمة بألم المخاض على الرغم من أن حملها لم يكن قد تجاوز السبعة أشهر، فهمّ على الفور زوجها ناصر بأخذ سيارة صديقة التي ينقل بها الدجاج لإنقاذ زوجته التي كانت تنزف في أقرب مشفى.

وعند وصول السيارة للمعبر الأمني، نظر جنود الاحتلال إلى التصاريح ومن ثم قالوا لزوجين إن هذه الوثائق لا تكفي، ويحتاجون أوراقاً إضافية، ولم تأخذهم الرحمة حتى لأن يفكروا للحظة في تلك المرأة التي تنزف أمامهم من أجل أن تأتي بطفل جديد ربما يكون لها كحياة جديدة في عالم سلبها كل شيء، حتى الأرض التي تنزف عليها، لم تأخذ الشفقة ولو لثوانٍ أي من الجنود لتنظر بعطف، بل نعتوها "بالسمينة" وانهالوا على زوجها بأخمص الرشاش.

رغم ذلك حاول ناصر أن يهدئهم لكن بلا فائدة، فأخذ زوجته وعاد للبيت، ثم حاولوا العودة مرة أخرى في سيارة تاكسي على أمل أن يكون الجنود قد هدأوا فيسمحون لهما بالدخول لإنجاب طفلهما قبل فوات الأوان، لكنهم رفضوا وأخذوا يتضاحكون ويقلدون صوت السيدة فاطمة وهي تتألم. فكانت هذه اللحظة التي ولد فيها ابنهما الذي منحاه اسم سلطان داخل التاكسي، ذلك الطفل الفلسطيني الذي لم يمهله هذا العالم أكثر من 7 ساعات ليرى المزيد من ظلمه.

توفي سلطان بين يدي أمه بسبب البرد، بعد أن انتظر أبواه طويلاً بعد محاولات عديدة من المعالجات الطبية التي خضعا لها ليأتيا بطفل ربما يكون لهما حياة في عالم نزع منهما كل أشكال الحياة.

لم يكن سلطان ذو السبع ساعات، أول طفل فلسطيني يقتله الاحتلال بتلك السرعة، فقد سجل المعهد الفلسطيني للسياسات الصحية في مسح له طوال سنتين وفاة أكثر من 70 طفلاً عند نقاط التفتيش والحواجز الأمنية للاحتلال الإسرائيلي!

منذ احتلال فلسطين، بدأ مسلسل لا يتوقف من الهمجية يحاصر الفلسطينيين جراء سياسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت الشعب الفلسطيني بكل مقدراته ومكوناته وتفاصيله اليومية، من خلال جملة من الممارسات التعسفية، من قتل، وجرح، واعتقال، وتشريد وإبعاد، وإقامة جبرية، ومصادرة أراضٍ واستيطان، وجدران، وحواجز، وبوابات، واقتحامات، وحظر تجول، وحصار؛ وغيرها من ممارسات ربما لا نقدّر وحشيتها.

لم يكن الطفل الفلسطيني بمعزل عن هذه الإجراءات الوحشية التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي؛ بل كان في مقدمة ضحاياها؛ رغم الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية التي تنص على حقوق الأطفال؛ وفي مقدمتها "اتفاقية حقوق الطفل"، التي تنادي بحق الطفل بالحياة والحرية والعيش بمستوى ملائم، والرعاية الصحية، والتعليم، والترفيه، واللعب، والأمن النفسي، والسلام.

لا تأبه إسرائيل على الإطلاق للمجتمع الدولي وقوانينه، وهذا ليس في أثناء ممارسته العسكرية فقط، بل دائماً، فمن دون الدخول في ملفات عديدة من الانتهاكات تتسع لها مجلدات، فعلى سبيل المثال: ملف استهداف الأطفال الفلسطينيين، أقرّ الكنيست عام 2015 الإسرائيلي مشروع قانون يسمح بمحاكمة وسجن من هو أقل من 14 عاماً من الأطفال الفلسطينيين الذين يخضعون لقانون الأحداث الإسرائيلي المدني كأطفال القدس، وينص القانون على أن المحكمة تستطيع أن تحاكم أطفالاً ممن بلغوا سن 12 عاماً؛ لكن عقوبة السجن الفعلية تبدأ بعد بلوغهم سن 14 عاماً؛ بحيث يصبح سن المسؤولية الجنائية هو 12 عاماً. ويمكن اعتقال طفل والتحقيق معه، وبعد إدانته يرسل إلى إصلاحية مغلقة، ويبقى فيها إلى أن يبلغ 14 عاماً.

واليوم عندما أدرك أهل غزة المحاصرة أن العالم قد نسيهم ولا يأبه أحد بسحقهم هم وأطفالهم من قبل الاحتلال، اصطف أبناؤها تحت راية المقاومة الفلسطينية بعتاد قليل ليدافعوا عما بقي من شعبهم ضد الإبادة الممنهجة بحقهم منذ أكثر من 70 عاماً، لكن العالم لا يأبه ولا منظماته العاجزة قادرة على مساندة الفلسطينيين بتقديم أقل المساعدات للمدنيين داخل غزة. فقد قرر الاحتلال نيابة عن العالم أجمع أن الفلسطينيين داخل غزة "حيوانات بشرية" لا يستحقون حتى دخول الماء النظيف لهم، وبكل عنجهية ووحشية صرحوا للعالم على لسان وزيرهم للأمن القومي "إيتمار بن غفير" أنه بدلاً دخول من المساعدات ستهبط المتفجرات على الفلسطينيين في غزة. وقد كان بالفعل، وبدأت ماكينة الاحتلال الإسرائيلية باستهداف المدنيين كسياسة عقاب جماعي، فبدأت أعداد الشهداء في الارتفاع يوماً تلو الأخر، وأخذت في التسارع لدرجة أن معدل قتل إسرائيل للأطفال الفلسطينين وصل إلى 120 طفلاً يومياً، ورغم أن كل هذه الوحشية على مرأى من الجميع، وعلى الهواء مباشرة، وبدعم كامل من الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية، لم يستطع المجتمع الدولي بمؤسساته ومحاكمة وقوانينه الدولية أن يوقف الاحتلال عن فتكه بالمدنيين في غزة إلى يومنا هذا.

لنبدأ بقصة حدثت في قرية تقع بالقرب من القدس، حيث كان يعيش رجل فلسطيني يدعى ناصر عبد ربه مع زوجته فاطمة، لم تكن الحياة عادية على الإطلاق، فهذه القرية تقع في فلسطين المحتلة وليست وسط جبال الألب، إذ تحاوط القرية الحواجز الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، فيمنع أصحاب الأرض المقيمين من أن يغادروا أو يرجعوا إلى القرية دون تصاريح. 

وفي يوم بارد من عام 2001، تحديداً يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول، شعرت السيدة فاطمة بألم المخاض على الرغم من أن حملها لم يكن قد تجاوز السبعة أشهر، فهمّ على الفور زوجها ناصر بأخذ سيارة صديقة التي ينقل بها الدجاج لإنقاذ زوجته التي كانت تنزف في أقرب مشفى.

وعند وصول السيارة للمعبر الأمني، نظر جنود الاحتلال إلى التصاريح ومن ثم قالوا لزوجين إن هذه الوثائق لا تكفي، ويحتاجون أوراقاً إضافية، ولم تأخذهم الرحمة حتى لأن يفكروا للحظة في تلك المرأة التي تنزف أمامهم من أجل أن تأتي بطفل جديد ربما يكون لها كحياة جديدة في عالم سلبها كل شيء، حتى الأرض التي تنزف عليها، لم تأخذ الشفقة ولو لثوانٍ أي من الجنود لتنظر بعطف، بل نعتوها "بالسمينة" وانهالوا على زوجها بأخمص الرشاش.

رغم ذلك حاول ناصر أن يهدئهم لكن بلا فائدة، فأخذ زوجته وعاد للبيت، ثم حاولوا العودة مرة أخرى في سيارة تاكسي على أمل أن يكون الجنود قد هدأوا فيسمحون لهما بالدخول لإنجاب طفلهما قبل فوات الأوان، لكنهم رفضوا وأخذوا يتضاحكون ويقلدون صوت السيدة فاطمة وهي تتألم. فكانت هذه اللحظة التي ولد فيها ابنهما الذي منحاه اسم سلطان داخل التاكسي، ذلك الطفل الفلسطيني الذي لم يمهله هذا العالم أكثر من 7 ساعات ليرى المزيد من ظلمه.

توفي سلطان بين يدي أمه بسبب البرد، بعد أن انتظر أبواه طويلاً بعد محاولات عديدة من المعالجات الطبية التي خضعا لها ليأتيا بطفل ربما يكون لهما حياة في عالم نزع منهما كل أشكال الحياة.

لم يكن سلطان ذو السبع ساعات، أول طفل فلسطيني يقتله الاحتلال بتلك السرعة، فقد سجل المعهد الفلسطيني للسياسات الصحية في مسح له طوال سنتين وفاة أكثر من 70 طفلاً عند نقاط التفتيش والحواجز الأمنية للاحتلال الإسرائيلي!

منذ احتلال فلسطين، بدأ مسلسل لا يتوقف من الهمجية يحاصر الفلسطينيين جراء سياسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي استهدفت الشعب الفلسطيني بكل مقدراته ومكوناته وتفاصيله اليومية، من خلال جملة من الممارسات التعسفية، من قتل، وجرح، واعتقال، وتشريد وإبعاد، وإقامة جبرية، ومصادرة أراضٍ واستيطان، وجدران، وحواجز، وبوابات، واقتحامات، وحظر تجول، وحصار؛ وغيرها من ممارسات ربما لا نقدّر وحشيتها.

لم يكن الطفل الفلسطيني بمعزل عن هذه الإجراءات الوحشية التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي؛ بل كان في مقدمة ضحاياها؛ رغم الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق والقوانين الدولية التي تنص على حقوق الأطفال؛ وفي مقدمتها "اتفاقية حقوق الطفل"، التي تنادي بحق الطفل بالحياة والحرية والعيش بمستوى ملائم، والرعاية الصحية، والتعليم، والترفيه، واللعب، والأمن النفسي، والسلام.

لا تأبه إسرائيل على الإطلاق للمجتمع الدولي وقوانينه، وهذا ليس في أثناء ممارسته العسكرية فقط، بل دائماً، فمن دون الدخول في ملفات عديدة من الانتهاكات تتسع لها مجلدات، فعلى سبيل المثال: ملف استهداف الأطفال الفلسطينيين، أقرّ الكنيست عام 2015 الإسرائيلي مشروع قانون يسمح بمحاكمة وسجن من هو أقل من 14 عاماً من الأطفال الفلسطينيين الذين يخضعون لقانون الأحداث الإسرائيلي المدني كأطفال القدس، وينص القانون على أن المحكمة تستطيع أن تحاكم أطفالاً ممن بلغوا سن 12 عاماً؛ لكن عقوبة السجن الفعلية تبدأ بعد بلوغهم سن 14 عاماً؛ بحيث يصبح سن المسؤولية الجنائية هو 12 عاماً. ويمكن اعتقال طفل والتحقيق معه، وبعد إدانته يرسل إلى إصلاحية مغلقة، ويبقى فيها إلى أن يبلغ 14 عاماً.

واليوم عندما أدرك أهل غزة المحاصرة أن العالم قد نسيهم ولا يأبه أحد بسحقهم هم وأطفالهم من قبل الاحتلال، اصطف أبناؤها تحت راية المقاومة الفلسطينية بعتاد قليل ليدافعوا عما بقي من شعبهم ضد الإبادة الممنهجة بحقهم منذ أكثر من 70 عاماً، لكن العالم لا يأبه ولا منظماته العاجزة قادرة على مساندة الفلسطينيين بتقديم أقل المساعدات للمدنيين داخل غزة. فقد قرر الاحتلال نيابة عن العالم أجمع أن الفلسطينيين داخل غزة "حيوانات بشرية" لا يستحقون حتى دخول الماء النظيف لهم، وبكل عنجهية ووحشية صرحوا للعالم على لسان وزيرهم للأمن القومي "إيتمار بن غفير" أنه بدلاً دخول من المساعدات ستهبط المتفجرات على الفلسطينيين في غزة. وقد كان بالفعل، وبدأت ماكينة الاحتلال الإسرائيلية باستهداف المدنيين كسياسة عقاب جماعي، فبدأت أعداد الشهداء في الارتفاع يوماً تلو الأخر، وأخذت في التسارع لدرجة أن معدل قتل إسرائيل للأطفال الفلسطينين وصل إلى 120 طفلاً يومياً، ورغم أن كل هذه الوحشية على مرأى من الجميع، وعلى الهواء مباشرة، وبدعم كامل من الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية، لم يستطع المجتمع الدولي بمؤسساته ومحاكمة وقوانينه الدولية أن يوقف الاحتلال عن فتكه بالمدنيين في غزة إلى يومنا هذا.

حرب غزة ومسمار جديد في نعش المنظومة الدولية

خلال العقود الثمانية الماضية بقي مصير القضية الفلسطينية مرتبطاً بالمنظومة الدولية التي تمثل انعكاساً لموازين القوى، وفي الوقت ذاته تجسيداً لتناقضاتها. طيلة العقود الماضية لم تنجح المنظومة الدولية بجميع مؤسساتها بما فيها الأمم المتحدة في إيجاد حل للقضية الفلسطينية. لكنها استطاعت "إدارة الصراع" من خلال مؤسساتها الإنسانية وبرامج التنمية، وعلى رأسها وكالة الأونروا، بينما تقف عاجزة عن فعل أي إجراءات حقيقية تعمل على حفظ حقوق الفلسطينيين. 

فلطالما تجاهلت المنظومة الدولية حقوق الإنسان عند التعامل مع ما يكابده الفلسطينيون من معاناة ومشقة على مدى عقود. فوفقاً لمنظمة العفو الدولية تفرض إسرائيل نظاماً من القمع والهيمنة ضد الفلسطينيين في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها: في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك ضد اللاجئين الفلسطينيين، من أجل مصلحة اليهود الإسرائيليين. ويرقى هذا النظام إلى مستوى الفصل العنصري، الذي يحظره القانون الدولي. 

رغم ذلك، ترفض الحكومات التي تتحمل مسؤولية ولديها من القوة والنفوذ ما يتيح لها التحرك بشكل ما، اتخاذ أية إجراءات مجدية لمحاسبة إسرائيل، بل تختار بدلاً من ذلك أن تتستر وراء عمليات سلام وتطبيع مع أنظمة شمولية متداعية على حساب مبادئ حقوق الإنسان والمساءلة. وللأسف، لا توجد بوادر لإيجاد حل عادل في الوقت الراهن، إنما ثمة تدهور في حالة حقوق الإنسان بالنسبة للفلسطينيين. 

يقول الأكاديمي الفلسطيني عبد الستار قاسم: "المجتمع الدولي تعبير عن صناعة وهم لدى الشعوب، وخلق انطباع بأن هناك قيماً عالمية تقوم على أساس المبادئ الإنسانية واحترام حقوق الإنسان".

حرب غزة ومسمار جديد في نعش المنظومة الدولية

خلال العقود الثمانية الماضية بقي مصير القضية الفلسطينية مرتبطاً بالمنظومة الدولية التي تمثل انعكاساً لموازين القوى، وفي الوقت ذاته تجسيداً لتناقضاتها. طيلة العقود الماضية لم تنجح المنظومة الدولية بجميع مؤسساتها بما فيها الأمم المتحدة في إيجاد حل للقضية الفلسطينية. لكنها استطاعت "إدارة الصراع" من خلال مؤسساتها الإنسانية وبرامج التنمية، وعلى رأسها وكالة الأونروا، بينما تقف عاجزة عن فعل أي إجراءات حقيقية تعمل على حفظ حقوق الفلسطينيين. 

فلطالما تجاهلت المنظومة الدولية حقوق الإنسان عند التعامل مع ما يكابده الفلسطينيون من معاناة ومشقة على مدى عقود. فوفقاً لمنظمة العفو الدولية تفرض إسرائيل نظاماً من القمع والهيمنة ضد الفلسطينيين في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها: في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك ضد اللاجئين الفلسطينيين، من أجل مصلحة اليهود الإسرائيليين. ويرقى هذا النظام إلى مستوى الفصل العنصري، الذي يحظره القانون الدولي. 

رغم ذلك، ترفض الحكومات التي تتحمل مسؤولية ولديها من القوة والنفوذ ما يتيح لها التحرك بشكل ما، اتخاذ أية إجراءات مجدية لمحاسبة إسرائيل، بل تختار بدلاً من ذلك أن تتستر وراء عمليات سلام وتطبيع مع أنظمة شمولية متداعية على حساب مبادئ حقوق الإنسان والمساءلة. وللأسف، لا توجد بوادر لإيجاد حل عادل في الوقت الراهن، إنما ثمة تدهور في حالة حقوق الإنسان بالنسبة للفلسطينيين. 

يقول الأكاديمي الفلسطيني عبد الستار قاسم: "المجتمع الدولي تعبير عن صناعة وهم لدى الشعوب، وخلق انطباع بأن هناك قيماً عالمية تقوم على أساس المبادئ الإنسانية واحترام حقوق الإنسان".

إسرائيل تهدد أمن العالم

تواصل إسرائيل القيام بعمليات إجرامية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد اتسمت هذه العمليات بطابع إبادة ومجازر متواصلة. ورغم مرور نحو 4 أشهر، فإن الأمم المتحدة مازالت تقف متفرجة ولم تتخذ موقفاً واضحاً تجاه هذه الإبادة في غزة، ولم تفرض أية عقوبات تكون قادرة على وقف هذا العنف الإرهابي الذي يطول الأبرياء في غزة.

الموت يتسارع كل ساعة ويخطف حياة آلاف الأطفال والنساء، بينما يظل عجز الأمم المتحدة عن اتخاذ إجراءات فعّالة لمنع هذه الجرائم الجماعية. يظهر هذا التقاعس في تحقيق أهداف الأمم المتحدة، مثل "منع الحروب وتهديدات السلام" وإعادة إرساء "السلام" المأمول، مدى هشاشة العالم الذي نعيش فيه اليوم، ما يزيد الناس إيماناً بعدم جدوى تلك المؤسسات الدولية والأنماط النظامية التي تتظاهر وتدعي أنها تدير العالم بشكل هو الأفضل منذ قرون. إذ يشهد الجميع اليوم عجزاً كاملاً للأمم المتحدة عن فرض أية إجراءات حازمة لوقف العنف وحماية حياة الآلاف من الأبرياء في غزة.

يدرك الشعب الفلسطيني منذ زمن مضى خواء المؤسسات الدولية التي لا تصدر غير خطابات، في أحسن الظروف، تدين وتشجب الاحتلال وبطشه الدائم، لكن يكمن الخطر اليوم في أن باقي العالم بات يدرك هو الآخر، أن الأمم المتحدة غير قادرة على أن تتحمل مسؤولياتها بشكل كافٍ، فما يحدث في غزة الآن، على مرأى من الجميع، وعلى الهواء مباشرة، بدعم كامل من الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية، ما قد يدفع العالم بجميع مكوناته إلى اتخاذ شتى الوسائل لتحقيق أهدافه. وهذا الوضع قد يؤدي إلى تداولات سلبية في عدة مناطق جغرافية حول العالم، ما يزيد من فشل النظام الدولي في التصدي لأزمات الحروب والإبادة.

يرتبط الوضع الحالي في غزة بتداعيات أخرى في مختلف مناطق العالم، خاصة في أفريقيا، حيث تظهر نتائج عدم وجود قوة رادعة لمنع التطهير العرقي وعدم قدرة الأمم المتحدة على التصدي للأزمات الإنسانية بفعالية. بالإضافة إلى ذلك، تزيد هذه الأحداث من خطر تفاقم الوضع في مناطق النزاع النشطة والمجمدة، ومع استغلال الفجوات داخل النظام الدولي في تلك المناطق سيزداد بطش الدول الكبرى وأذرعها للفتك بالمدنيين في كل بقاع الأرض، ما يزيد من حالة التباعد بين الأفراد والمؤسسات على جميع المستويات.

إن وحشية الاحتلال الإسرائيلي ليست بالأمر الجديد، ولكن حجم وحشيته هذه المرة لا يشبه أي شيء في الماضي، ليس فقط حجم الدمار في غزة، والقوة التدميرية للقنابل التي ألقيت، وعدد الضحايا المدنيين، ولكن أيضاً خطابات الاحتلال، وخاصة رئيس الوزراء نتنياهو، تختلف بشكل كبير عن خطابات وتعابير الماضي، إذ تذخر بالهستيريا والدموية الصريحة.

فمنذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، استخدم نتنياهو خطاباً "دينياً" أكثر من أي وقت مضى في حياته السياسية. وهو يشير باستمرار إلى الكتاب المقدس، سواء في خطبه لرفع الروح المعنوية في قواته، أم في خطابه العام، أم في الرد على الأسئلة التي يوجهها.

ورغم أن نتنياهو معروف أنه غير "متدين" في حياته الخاصة ومساره السياسي، إلا أنه يكاد يكون غير قادر على الكلام دون الرجوع إلى تلك الأقاويل الدينية، ما يعكس شكل الحرب الهستيرية والعنصرية التي تقف أمامها الأمم المتحدة متفرجة، بينما يدعمها الغرب باسم "التحضر".

ربما لا تغفل المؤسسات الدولية والحكومات الغربية أن حياة نتنياهو السياسية تنتهي، لكن ما تغفله أن العالم سوف يذكر دائماً عجزها الدولي أمام المجازر، إذ سوف يُذكر مؤسسياً دائماً أنه ظل صامتاً إزاء الإبادة الجماعية والمجازر التي يرتكبها الاحتلال في غزة والأراضي الفلسطينية. 

إن غياب فاعلية المؤسسات الدولية بهذا الشكل سيؤدي إلى تفاقم مشاكل الأمن العالمي في المستقبل. كما ستزداد صعوبة مكافحة التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل جداً أن تكتسب الفوضى المزيد من الأرض في النظام الدولي. ولذلك فإن تداعيات الصمت إزاء المجازر والإبادة الجماعية في غزة، ربما تنعكس على العديد من أزمات مماثلة في بلدان عدة حول العالم.

فوفقاً للأكاديمي بلال سلايمة، الباحث في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية بجنيف؛ فإن حرب غزة تدق مسماراً جديداً في نعش المنظومة الدولية، إذ يرى أن الحرب على غزة لم تكشف فقط تعطيل المنظومة الدولية من خلال إعاقة عمل مجلس الأمن، الذي يمثل الأداة الرئيسية لإدارة الصراعات الدولية والجهة الموكل إليها تحقيق الأمن والسلام الدوليين، بل أظهرت أيضاً العجز الفاضح لهذه المؤسسات، وضربت صميم المنظومة القيمية القائمة على القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، من خلال ازدواجية المعايير الدولية.

فقد بدا السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أكثرَ من عاجزٍ وهو يناشد "باسم الإنسانية" مجلسَ الأمن لإصدار قرار بوقف إطلاق النار، وهو ما كرره وكيله للشؤون الإنسانية مارتن غريفث بلا جدوى ولا آذان مصغية. فيما لم يجد موظفو مكاتب الأمم المتحدة في جنيف، العاجزة عن حماية حتى موظفيها، أكثر من أن يحنوا رؤوسهم أمام شمعة تم إشعالها تخليداً لذكرى 101 موظف في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قُتلوا في الهجوم الإسرائيلي على غزة. 

بالتأكيد حرب غزة الأخيرة ليست الفشل الأول لهذه المنظومة، فقد فشلت سابقاً في إيقاف الحرب الأهلية في رواندا، وعجزت عن حماية المدنيين من المجزرة في سربرنيتسا، لكن أثر الحرب في غزة هذه المرة كان أعمق من الأزمات السابقة التي عاشها المجتمع الدولي، لكونها جاءت عقب أزمة أوكرانيا، والتي استخدمت فيها الدول الغربية كل ادعاءات القوانين الدولية، وعلى رأسها عدم قبول احتلال أراضي دولة أخرى بالقوة، وكل ادعاءات الأعراف الدولية، وعلى رأسها حقوق الإنسان في وجه روسيا وعدوانها على أوكرانيا. 

الفترة الزمنية القصيرة بين بداية الحرب الأوكرانية التي ما زالت مستمرة، والحرب في غزة التي بدأت قبل شهر ونصف الشهر من الآن، جعلت التفاعل مع ازدواجية المعايير الدولية أكبر، وضاعفت من أثر حرب غزة على شرعية المنظومة الدولية. كما أن ذلك وضع بعض الدول وسياساتها الخارجية تحت المجهر، كما هي الحالة في ألمانيا، والتي تدعي أنها تتبع سياسة خارجية نسوية تحت قيادة وزيرة الخارجية "بايربوك" الممثلة عن حزب الخضر. ففي الوقت الذي تدعي فيه ألمانيا انتصارها لحقوق الإنسان في أوكرانيا، فإنها تدعم وبشكل أعمى سياسات إسرائيل اللاإنسانية في التطهير العرقي للفلسطينيين في قطاع غزة.

إسرائيل تهدد أمن العالم

تواصل إسرائيل القيام بعمليات إجرامية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقد اتسمت هذه العمليات بطابع إبادة ومجازر متواصلة. ورغم مرور نحو 4 أشهر، فإن الأمم المتحدة مازالت تقف متفرجة ولم تتخذ موقفاً واضحاً تجاه هذه الإبادة في غزة، ولم تفرض أية عقوبات تكون قادرة على وقف هذا العنف الإرهابي الذي يطول الأبرياء في غزة.

الموت يتسارع كل ساعة ويخطف حياة آلاف الأطفال والنساء، بينما يظل عجز الأمم المتحدة عن اتخاذ إجراءات فعّالة لمنع هذه الجرائم الجماعية. يظهر هذا التقاعس في تحقيق أهداف الأمم المتحدة، مثل "منع الحروب وتهديدات السلام" وإعادة إرساء "السلام" المأمول، مدى هشاشة العالم الذي نعيش فيه اليوم، ما يزيد الناس إيماناً بعدم جدوى تلك المؤسسات الدولية والأنماط النظامية التي تتظاهر وتدعي أنها تدير العالم بشكل هو الأفضل منذ قرون. إذ يشهد الجميع اليوم عجزاً كاملاً للأمم المتحدة عن فرض أية إجراءات حازمة لوقف العنف وحماية حياة الآلاف من الأبرياء في غزة.

يدرك الشعب الفلسطيني منذ زمن مضى خواء المؤسسات الدولية التي لا تصدر غير خطابات، في أحسن الظروف، تدين وتشجب الاحتلال وبطشه الدائم، لكن يكمن الخطر اليوم في أن باقي العالم بات يدرك هو الآخر، أن الأمم المتحدة غير قادرة على أن تتحمل مسؤولياتها بشكل كافٍ، فما يحدث في غزة الآن، على مرأى من الجميع، وعلى الهواء مباشرة، بدعم كامل من الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية، ما قد يدفع العالم بجميع مكوناته إلى اتخاذ شتى الوسائل لتحقيق أهدافه. وهذا الوضع قد يؤدي إلى تداولات سلبية في عدة مناطق جغرافية حول العالم، ما يزيد من فشل النظام الدولي في التصدي لأزمات الحروب والإبادة.

يرتبط الوضع الحالي في غزة بتداعيات أخرى في مختلف مناطق العالم، خاصة في أفريقيا، حيث تظهر نتائج عدم وجود قوة رادعة لمنع التطهير العرقي وعدم قدرة الأمم المتحدة على التصدي للأزمات الإنسانية بفعالية. بالإضافة إلى ذلك، تزيد هذه الأحداث من خطر تفاقم الوضع في مناطق النزاع النشطة والمجمدة، ومع استغلال الفجوات داخل النظام الدولي في تلك المناطق سيزداد بطش الدول الكبرى وأذرعها للفتك بالمدنيين في كل بقاع الأرض، ما يزيد من حالة التباعد بين الأفراد والمؤسسات على جميع المستويات.

إن وحشية الاحتلال الإسرائيلي ليست بالأمر الجديد، ولكن حجم وحشيته هذه المرة لا يشبه أي شيء في الماضي، ليس فقط حجم الدمار في غزة، والقوة التدميرية للقنابل التي ألقيت، وعدد الضحايا المدنيين، ولكن أيضاً خطابات الاحتلال، وخاصة رئيس الوزراء نتنياهو، تختلف بشكل كبير عن خطابات وتعابير الماضي، إذ تذخر بالهستيريا والدموية الصريحة.

فمنذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، استخدم نتنياهو خطاباً "دينياً" أكثر من أي وقت مضى في حياته السياسية. وهو يشير باستمرار إلى الكتاب المقدس، سواء في خطبه لرفع الروح المعنوية في قواته، أم في خطابه العام، أم في الرد على الأسئلة التي يوجهها.

ورغم أن نتنياهو معروف أنه غير "متدين" في حياته الخاصة ومساره السياسي، إلا أنه يكاد يكون غير قادر على الكلام دون الرجوع إلى تلك الأقاويل الدينية، ما يعكس شكل الحرب الهستيرية والعنصرية التي تقف أمامها الأمم المتحدة متفرجة، بينما يدعمها الغرب باسم "التحضر".

ربما لا تغفل المؤسسات الدولية والحكومات الغربية أن حياة نتنياهو السياسية تنتهي، لكن ما تغفله أن العالم سوف يذكر دائماً عجزها الدولي أمام المجازر، إذ سوف يُذكر مؤسسياً دائماً أنه ظل صامتاً إزاء الإبادة الجماعية والمجازر التي يرتكبها الاحتلال في غزة والأراضي الفلسطينية. 

إن غياب فاعلية المؤسسات الدولية بهذا الشكل سيؤدي إلى تفاقم مشاكل الأمن العالمي في المستقبل. كما ستزداد صعوبة مكافحة التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل جداً أن تكتسب الفوضى المزيد من الأرض في النظام الدولي. ولذلك فإن تداعيات الصمت إزاء المجازر والإبادة الجماعية في غزة، ربما تنعكس على العديد من أزمات مماثلة في بلدان عدة حول العالم.

فوفقاً للأكاديمي بلال سلايمة، الباحث في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية بجنيف؛ فإن حرب غزة تدق مسماراً جديداً في نعش المنظومة الدولية، إذ يرى أن الحرب على غزة لم تكشف فقط تعطيل المنظومة الدولية من خلال إعاقة عمل مجلس الأمن، الذي يمثل الأداة الرئيسية لإدارة الصراعات الدولية والجهة الموكل إليها تحقيق الأمن والسلام الدوليين، بل أظهرت أيضاً العجز الفاضح لهذه المؤسسات، وضربت صميم المنظومة القيمية القائمة على القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، من خلال ازدواجية المعايير الدولية.

فقد بدا السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أكثرَ من عاجزٍ وهو يناشد "باسم الإنسانية" مجلسَ الأمن لإصدار قرار بوقف إطلاق النار، وهو ما كرره وكيله للشؤون الإنسانية مارتن غريفث بلا جدوى ولا آذان مصغية. فيما لم يجد موظفو مكاتب الأمم المتحدة في جنيف، العاجزة عن حماية حتى موظفيها، أكثر من أن يحنوا رؤوسهم أمام شمعة تم إشعالها تخليداً لذكرى 101 موظف في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قُتلوا في الهجوم الإسرائيلي على غزة. 

بالتأكيد حرب غزة الأخيرة ليست الفشل الأول لهذه المنظومة، فقد فشلت سابقاً في إيقاف الحرب الأهلية في رواندا، وعجزت عن حماية المدنيين من المجزرة في سربرنيتسا، لكن أثر الحرب في غزة هذه المرة كان أعمق من الأزمات السابقة التي عاشها المجتمع الدولي، لكونها جاءت عقب أزمة أوكرانيا، والتي استخدمت فيها الدول الغربية كل ادعاءات القوانين الدولية، وعلى رأسها عدم قبول احتلال أراضي دولة أخرى بالقوة، وكل ادعاءات الأعراف الدولية، وعلى رأسها حقوق الإنسان في وجه روسيا وعدوانها على أوكرانيا. 

الفترة الزمنية القصيرة بين بداية الحرب الأوكرانية التي ما زالت مستمرة، والحرب في غزة التي بدأت قبل شهر ونصف الشهر من الآن، جعلت التفاعل مع ازدواجية المعايير الدولية أكبر، وضاعفت من أثر حرب غزة على شرعية المنظومة الدولية. كما أن ذلك وضع بعض الدول وسياساتها الخارجية تحت المجهر، كما هي الحالة في ألمانيا، والتي تدعي أنها تتبع سياسة خارجية نسوية تحت قيادة وزيرة الخارجية "بايربوك" الممثلة عن حزب الخضر. ففي الوقت الذي تدعي فيه ألمانيا انتصارها لحقوق الإنسان في أوكرانيا، فإنها تدعم وبشكل أعمى سياسات إسرائيل اللاإنسانية في التطهير العرقي للفلسطينيين في قطاع غزة.

إسرائيل تهدد النظام والسلام العالمي

الولايات المتحدة وأغلب الدول الغربية بدعمهم لإسرائيل اليوم، يهدمون المنظومة الدولية المهترئة بالأساس من خلال منع المؤسسات الدولية بالوفاء بمسؤوليتها الأكثر أهمية، وهي حماية السلام والأمن الدوليين. إذ يداوم الأعضاء الغربيون الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وخاصة الولايات المتحدة، استخدام حق النقض ضد جميع المقترحات المناهضة لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي، فوفقاً للأرقام الرسمية فقد تم استخدام قرار حق النقض "الفيتو" 260 مرة منذ تأسيس مجلس الأمن الدولي، وكان نصيب الولايات المتحدة منها 114 مرة، من بينها 80 مرة استخدمت هذا الحق لمنع إدانة حليفتها إسرائيل، و34 مرة ضد قوانين تساند حق الشعب الفلسطيني.

الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية التي طالما تغنت بدعمها للنظام الدولي الذي أنشأته على قيم احترام القانون. والتي طالما اتهمت الدول الغربية الصين وروسيا وبقية دول العالم بعدم احترام هذه المبادئ، بل والسعي لتقويض المنظومة الدولية وانتهاك أعرافها، فيما يتصدون هم للدفاع عن حقوق الإنسان والقيم الأخلاقية، تمنع اليوم الأمم المتحدة من اتخاذ أي قرار لتحسين النظام العالمي. لذلك، بالنسبة لأولئك الذين يريدون رؤية ذلك، فإن إسرائيل لا تزال واحدة من أهم الثقوب السوداء في النظام الدولي المشلول الحالي.

إسرائيل تهدد النظام والسلام العالمي

الولايات المتحدة وأغلب الدول الغربية بدعمهم لإسرائيل اليوم، يهدمون المنظومة الدولية المهترئة بالأساس من خلال منع المؤسسات الدولية بالوفاء بمسؤوليتها الأكثر أهمية، وهي حماية السلام والأمن الدوليين. إذ يداوم الأعضاء الغربيون الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وخاصة الولايات المتحدة، استخدام حق النقض ضد جميع المقترحات المناهضة لإسرائيل في مجلس الأمن الدولي، فوفقاً للأرقام الرسمية فقد تم استخدام قرار حق النقض "الفيتو" 260 مرة منذ تأسيس مجلس الأمن الدولي، وكان نصيب الولايات المتحدة منها 114 مرة، من بينها 80 مرة استخدمت هذا الحق لمنع إدانة حليفتها إسرائيل، و34 مرة ضد قوانين تساند حق الشعب الفلسطيني.

الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية التي طالما تغنت بدعمها للنظام الدولي الذي أنشأته على قيم احترام القانون. والتي طالما اتهمت الدول الغربية الصين وروسيا وبقية دول العالم بعدم احترام هذه المبادئ، بل والسعي لتقويض المنظومة الدولية وانتهاك أعرافها، فيما يتصدون هم للدفاع عن حقوق الإنسان والقيم الأخلاقية، تمنع اليوم الأمم المتحدة من اتخاذ أي قرار لتحسين النظام العالمي. لذلك، بالنسبة لأولئك الذين يريدون رؤية ذلك، فإن إسرائيل لا تزال واحدة من أهم الثقوب السوداء في النظام الدولي المشلول الحالي.

إسرائيل ضد العالم

منذ نشأتها شكلت إسرائيل تهديداً للنظام الدولي والسلام والأمن العالميين،  ومن المستحيل قبول هذه الحالة كنتيجة عادية وطبيعية في المجتمع وتطوره الطبيعي. إذ قامت إسرائيل على الأراضي الفلسطينية (قوانين الأمم المتحدة)، وبعض أجزاء الأراضي العربية التابعة للبنان وسوريا، كتحدٍّ سافر للنظام والقوانين الدولية.

لم تقف إسرائيل عند تلك الاختراقات، بل قامت بتوسيع أراضيها من جانب واحد ضد الدول المجاورة بعد 4 حروب كبرى خاضتها مع الدول العربية. وظلت تنتهج سياسات عدوانية تجاه جميع دول المنطقة، بما في ذلك الشعب الفلسطيني الأعزل.

تكمن الخطورة في اعتبار إسرائيل دائماً واحدة من أكبر الاستثناءات في النظام العالمي، فهي ليست دولة قومية ولا تلتزم بالأعراف والقواعد الدولية. على سبيل المثال، من ناحية، ليست لديها حدود إقليمية محددة. وبعبارة أخرى، على عكس جميع الدول القومية الأخرى في العالم، فإن حدود إسرائيل غير معروفة إلى الآن. ومن ناحية أخرى، إسرائيل ليست دولة لمواطنيها فقط. بل على العكس من ذلك، فهي دولة كل اليهود أينما كانوا يعيشون. وهذا ما ينتهك شرطين أساسيين للدولة القومية: الحدود المعروفة والمواطنة.

علاوة على ذلك، وعلى الرغم من امتلاكها لرؤوس حربية نووية، لا تعترف بذلك، بل إنها تسعى بكل الطرق لمنع أي دولة أخرى في المنطقة، مثل إيران، بتطوير أسلحة نووية، يعتبر مقتل "محسن فخري زاده" أكبر عالم نووي إيراني في طهران يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني، مؤشراً آخر على الأزمة المنهجية والأنشطة غير القانونية لإسرائيل وداعميها من المنظومة الدولية، حيث ألقى العديد من المسؤولين الإيرانيين باللوم على إسرائيل في الوقت الذي زعم فيه بعض المراقبين تورط الولايات المتحدة وإسرائيل معاً، مشيرين إلى سجلات الدولتين السابقة في القيام بالاغتيالات.

وقد هدد المسؤولون الإسرائيليون باستخدام الأسلحة النووية ضد الدول العربية (مصر) خلال حرب يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، واليوم هدد مسؤولون إسرائيليون باستخدام الأسلحة النووية ضد الشعب الفلسطيني والخصوم الإقليميين إذا ما خضعوا لإرادة البلطجة السياسية التي تتبعها إسرائيل.

إن إسرائيل تدعو جميع اليهود في جميع أنحاء العالم إلى احتلال الأراضي التابعة للفلسطينيين كمثال غير نمطي للاستعمار الاستيطاني من خلال استخدام العنف المستمر والترهيب والإرهاب. وأجبرت آلاف الفلسطينيين على مغادرة بلدانهم، وبالتالي يشكلون إحدى أكبر مناطق الشتات في العالم، بينما تمارس كل السياسات العنصرية ضد الشعب الفلسطيني. 

ما يجري اليوم من إسرائيل بدعم الولايات المتحدة الأمريكية ما هو إلا بلطجة سياسية لفرض ممارسات دولية تضرب بعرض الحائط مرتكزات الشرعية الدولية السابقة، وفرض شرعية جديدة تعكس وتعبر عن الموازين الجديدة للقوى المتسمة بالهيمنة الأمريكية المتجهة نحو تسخير المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة وسياسات ومصالح الدول بما يخدم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.

إسرائيل ضد العالم

منذ نشأتها شكلت إسرائيل تهديداً للنظام الدولي والسلام والأمن العالميين،  ومن المستحيل قبول هذه الحالة كنتيجة عادية وطبيعية في المجتمع وتطوره الطبيعي. إذ قامت إسرائيل على الأراضي الفلسطينية (قوانين الأمم المتحدة)، وبعض أجزاء الأراضي العربية التابعة للبنان وسوريا، كتحدٍّ سافر للنظام والقوانين الدولية.

لم تقف إسرائيل عند تلك الاختراقات، بل قامت بتوسيع أراضيها من جانب واحد ضد الدول المجاورة بعد 4 حروب كبرى خاضتها مع الدول العربية. وظلت تنتهج سياسات عدوانية تجاه جميع دول المنطقة، بما في ذلك الشعب الفلسطيني الأعزل.

تكمن الخطورة في اعتبار إسرائيل دائماً واحدة من أكبر الاستثناءات في النظام العالمي، فهي ليست دولة قومية ولا تلتزم بالأعراف والقواعد الدولية. على سبيل المثال، من ناحية، ليست لديها حدود إقليمية محددة. وبعبارة أخرى، على عكس جميع الدول القومية الأخرى في العالم، فإن حدود إسرائيل غير معروفة إلى الآن. ومن ناحية أخرى، إسرائيل ليست دولة لمواطنيها فقط. بل على العكس من ذلك، فهي دولة كل اليهود أينما كانوا يعيشون. وهذا ما ينتهك شرطين أساسيين للدولة القومية: الحدود المعروفة والمواطنة.

علاوة على ذلك، وعلى الرغم من امتلاكها لرؤوس حربية نووية، لا تعترف بذلك، بل إنها تسعى بكل الطرق لمنع أي دولة أخرى في المنطقة، مثل إيران، بتطوير أسلحة نووية، يعتبر مقتل "محسن فخري زاده" أكبر عالم نووي إيراني في طهران يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني، مؤشراً آخر على الأزمة المنهجية والأنشطة غير القانونية لإسرائيل وداعميها من المنظومة الدولية، حيث ألقى العديد من المسؤولين الإيرانيين باللوم على إسرائيل في الوقت الذي زعم فيه بعض المراقبين تورط الولايات المتحدة وإسرائيل معاً، مشيرين إلى سجلات الدولتين السابقة في القيام بالاغتيالات.

وقد هدد المسؤولون الإسرائيليون باستخدام الأسلحة النووية ضد الدول العربية (مصر) خلال حرب يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، واليوم هدد مسؤولون إسرائيليون باستخدام الأسلحة النووية ضد الشعب الفلسطيني والخصوم الإقليميين إذا ما خضعوا لإرادة البلطجة السياسية التي تتبعها إسرائيل.

إن إسرائيل تدعو جميع اليهود في جميع أنحاء العالم إلى احتلال الأراضي التابعة للفلسطينيين كمثال غير نمطي للاستعمار الاستيطاني من خلال استخدام العنف المستمر والترهيب والإرهاب. وأجبرت آلاف الفلسطينيين على مغادرة بلدانهم، وبالتالي يشكلون إحدى أكبر مناطق الشتات في العالم، بينما تمارس كل السياسات العنصرية ضد الشعب الفلسطيني. 

ما يجري اليوم من إسرائيل بدعم الولايات المتحدة الأمريكية ما هو إلا بلطجة سياسية لفرض ممارسات دولية تضرب بعرض الحائط مرتكزات الشرعية الدولية السابقة، وفرض شرعية جديدة تعكس وتعبر عن الموازين الجديدة للقوى المتسمة بالهيمنة الأمريكية المتجهة نحو تسخير المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة وسياسات ومصالح الدول بما يخدم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.