طريق الاستقلال عن إيران

ما الذي تغير في العلاقة بين طهران وشركائها في الفصائل المسلحة الشيعية العراقية، من التبعية الكاملة إلى اللامركزية؟

بدأ يطفو على السطح وجه جديد للعلاقة بين إيران والفصائل المسلحة الشيعية في العراق، منذ قيام الولايات المتحدة باغتيالات بحق قادة في الحشد الشعبي وكتائب حزب الله العراقي، منذ يناير/كانون الثاني 2024، ليظهر شكل من استقلالية القرار في الرد عليها، دون تنسيق أو إعلام لطهران، بحسب ما أكدته مصادر "عربي بوست". 

توترات وخلافات أعقبت ذلك بين القيادة العليا في إيران وقادة الفصائل المسلحة الشيعية في العراق، فالأولى ترى أهمية عدم الرد والتصعيد مع الولايات المتحدة، والالتزام بسياسة "الصبر الاستراتيجي"، في حين يرى الفريق الآخر العراقي أهميةً للرد وعدم السكوت على الاغتيالات الأمريكية.

بدأت الكرة تتدحرج في الخلاف على هذه النقاط بين الجانبين، منذ اغتيال الولايات المتحدة القيادي البارز في وحدات الحشد الشعبي العراقي، والمسؤول عن وحدة إطلاق الطائرات بدون طيار بكتائب حزب الله العراقية، في أواخر يناير/كانون الثاني 2024، بعد أن قامت الأخيرة بقتل 3 جنود أمريكيين في هجوم بطائرة بدون طيار على موقع عسكري أمريكي في الأردن، ضمن هجماتها التي بدأتها رداً على الانحياز الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي في حربه المدمرة في قطاع غزة.

بدأ يطفو على السطح وجه جديد للعلاقة بين إيران والفصائل المسلحة الشيعية في العراق، منذ قيام الولايات المتحدة باغتيالات بحق قادة في الحشد الشعبي وكتائب حزب الله العراقي، منذ يناير/كانون الثاني 2024، ليظهر شكل من استقلالية القرار في الرد عليها، دون تنسيق أو إعلام لطهران، بحسب ما أكدته مصادر "عربي بوست". 

توترات وخلافات أعقبت ذلك بين القيادة العليا في إيران وقادة الفصائل المسلحة الشيعية في العراق، فالأولى ترى أهمية عدم الرد والتصعيد مع الولايات المتحدة، والالتزام بسياسة "الصبر الاستراتيجي"، في حين يرى الفريق الآخر العراقي أهميةً للرد وعدم السكوت على الاغتيالات الأمريكية.

بدأت الكرة تتدحرج في الخلاف على هذه النقاط بين الجانبين، منذ اغتيال الولايات المتحدة القيادي البارز في وحدات الحشد الشعبي العراقي، والمسؤول عن وحدة إطلاق الطائرات بدون طيار بكتائب حزب الله العراقية، في أواخر يناير/كانون الثاني 2024، بعد أن قامت الأخيرة بقتل 3 جنود أمريكيين في هجوم بطائرة بدون طيار على موقع عسكري أمريكي في الأردن، ضمن هجماتها التي بدأتها رداً على الانحياز الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي في حربه المدمرة في قطاع غزة.

سافر إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، على وجه السرعة حينها إلى بغداد، للاجتماع بقادة الفصائل العراقية لإقناعهم بضرورة عدم الرد على واشنطن، لكنه عاد بخيبة أمل إلى طهران، بعد رفضهم الانصياع للمطالب الإيرانية.

لكنه عاد مرة ثانية، وفي هذه المرة طالباً وساطة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لالتزام الفصائل العراقية بسياسة "الصبر الاستراتيجي" الإيرانية.

بعد عدة لقاءات بين قادة الفصائل والمسؤولين الإيرانيين والعراقيين، أعلنت كتائب حزب الله أنها سوف تعلّق عملياتها ضد القوات الأمريكية، من أجل "عدم إحراج الحكومة العراقية"، موصية مقاتليها بالدفاع السلبي مؤقتاً.

كما أنها ذكرت في البيان أن طهران لا علاقة لها بكيفية عملها ضد القوات الأمريكية، وأن قرار الكتائب بتعليق هجماتها ضد القوات الأمريكية ليس استجابة للضغط الإيراني، كاشفة أن "الإخوة في الجمهورية الإسلامية كثيراً ما يعترضون على الضغط والتصعيد ضد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق وسوريا".

مصادر عراقية وإيرانية قالت لـ"عربي بوست" إن قادة كتائب حزب الله كانوا غاضبين من الطلب الإيراني الذي جاء به قاآني بعد اغتيال الساعدي، والذي يحث فيه المرشد الأعلى الإيراني القادةَ العراقيين على ضرورة الالتزام بالصبر الاستراتيجي، وعدم الرد على الهجمات الأمريكية.

مسؤول عراقي رفيع المستوى ومقرّب من رئيس الوزراء العراقي، قال لـ"عربي بوست" إن "قاآني لم يستطع حينها إقناع الفصائل المسلحة بتعليق عملها ضد الأمريكيين، لكن السوداني فقط هو الذي أقنعهم، ووعدهم بالعمل على إخراج القوات الأمريكية من العراق، بالتفاوض مع واشنطن، ولذلك وافقوا على مضض".

هذا الحديث أكدته ثلاثة مصادر سياسية عراقية لـ"عربي بوست"، وقال واحد منهم، وهو سياسي شيعي بارز: "قاآني فشل حينها في إقناع الفصائل بتعليق هجماتها، وطلب مساعدة السوداني الذي نجح في إقناعهم بضرورة التريث، وعدم تحويل العراق إلى ساحة حرب".

في حين أكد مصدر حكومي ثالث أنه "لولا السوداني لكانت كتائب حزب الله حوّلت العراق إلى ساحة حرب"، وفق تعبيره.

"الصبر الاستراتيجي" 
سياسة إيرانية في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بما يتعلق بالهجمات ضد مصالحها والعناصر الموالية لها خارج إيران أو داخلها، بتأجيل الرد عليها حتى الوقت والمكان المناسبين.

الغضب الذي واجه به قادة الفصائل العراقية الطلب الإيراني بضرورة الالتزام بالصبر الاستراتيجي، واضطرار قاآني للاستعانة بمحمد السوداني لاحتواء غضبهم وإقناعهم بما يريد، يفتح الباب أمام سؤال مهم: 

ما مدى نفوذ طهران على الفصائل العراقية؟

لذلك يتقصى "عربي بوست" في هذا التقرير تطورات العلاقة بين إيران والفصائل المسلحة الشيعية في العراق، التي ينضم بعضها إلى محور المقاومة الذي تقوده في المنطقة، وما هي حدود النفوذ الإيراني عليها؟

كما أنها ذكرت في البيان أن طهران لا علاقة لها بكيفية عملها ضد القوات الأمريكية، وأن قرار الكتائب بتعليق هجماتها ضد القوات الأمريكية ليس استجابة للضغط الإيراني، كاشفة أن "الإخوة في الجمهورية الإسلامية كثيراً ما يعترضون على الضغط والتصعيد ضد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق وسوريا".

مصادر عراقية وإيرانية قالت لـ"عربي بوست" إن قادة كتائب حزب الله كانوا غاضبين من الطلب الإيراني الذي جاء به قاآني بعد اغتيال الساعدي، والذي يحث فيه المرشد الأعلى الإيراني القادةَ العراقيين على ضرورة الالتزام بالصبر الاستراتيجي، وعدم الرد على الهجمات الأمريكية.

مسؤول عراقي رفيع المستوى ومقرّب من رئيس الوزراء العراقي، قال لـ"عربي بوست" إن "قاآني لم يستطع حينها إقناع الفصائل المسلحة بتعليق عملها ضد الأمريكيين، لكن السوداني فقط هو الذي أقنعهم، ووعدهم بالعمل على إخراج القوات الأمريكية من العراق، بالتفاوض مع واشنطن، ولذلك وافقوا على مضض".

هذا الحديث أكدته ثلاثة مصادر سياسية عراقية لـ"عربي بوست"، وقال واحد منهم، وهو سياسي شيعي بارز: "قاآني فشل حينها في إقناع الفصائل بتعليق هجماتها، وطلب مساعدة السوداني الذي نجح في إقناعهم بضرورة التريث، وعدم تحويل العراق إلى ساحة حرب".

في حين أكد مصدر حكومي ثالث أنه "لولا السوداني لكانت كتائب حزب الله حوّلت العراق إلى ساحة حرب"، وفق تعبيره.

"الصبر الاستراتيجي" 
سياسة إيرانية في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بما يتعلق بالهجمات ضد مصالحها والعناصر الموالية لها خارج إيران أو داخلها، بتأجيل الرد عليها حتى الوقت والمكان المناسبين.

الغضب الذي واجه به قادة الفصائل العراقية الطلب الإيراني بضرورة الالتزام بالصبر الاستراتيجي، واضطرار قاآني للاستعانة بمحمد السوداني لاحتواء غضبهم وإقناعهم بما يريد، يفتح الباب أمام سؤال مهم: 

ما مدى نفوذ طهران على الفصائل العراقية؟

لذلك يتقصى "عربي بوست" في هذا التقرير تطورات العلاقة بين إيران والفصائل المسلحة الشيعية في العراق، التي ينضم بعضها إلى محور المقاومة الذي تقوده في المنطقة، وما هي حدود النفوذ الإيراني عليها؟

البداية:
تصنيف فصائل الحشد الشعبي وعلاقتها بإيران

قبل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وحتى بعده، قامت إيران ببناء شبكات اجتماعية وسياسية ومسلحة قوية، لكن منذ عام 2014 كانت وحدات الحشد الشعبي التي تأسست بعد دعوة رجل الدين الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، لمحاربة تنظيم الدولة، الذي استولى على مناطق واسعة في العراق في صيف 2014، أصبحت وحدات الحشد الشعبي هي القناة الأولى للنفوذ الإيراني في العراق. 

مع انضمام جزء من هذه الوحدات إلى محور المقاومة، والذهاب للقتال في سوريا لمساعدة رئيس النظام السوري بشار الأسد في مواجهة معارضيه، تمكنت إيران من اكتساب قوة إضافية لمحور المقاومة.

أولاً:
الجماعات المسلحة الأيديولوجية

تُعرف بعض الفصائل من وحدات الحشد الشعبي المدعومة من إيران نفسها في المقام الأول بأنها فصائل مسلحة مرتبطة بطهران أيديولوجيا، وتخضع لأوامر الولي الفقيه في إيران.

أبرز هذه الفصائل هي كتائب حزب الله العراقية، التي أسسها أبو مهدي المهندس، الذي اغتيل في الغارة الأمريكية بطائرة بدون طيار مع القائد السابق لفيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، في يناير/كانون الثاني 2020، بالقرب من مطار بغداد الدولي.

كتائب حزب الله هي أقوى الفصائل المسلحة الشيعية في الحشد الشعبي العراقي، التي ترى أن العمل في محور المقاومة "واجب ديني لنصرة المضطهدين في العالم" تحت الرعاية الإيرانية.

أما الفصيل الثاني فهو كتائب سيد الشهداء، التي انفصلت في السنوات العشر الماضية عن كتائب حزب الله العراقية، لأسباب غير واضحة.

لكن قيادياً في كتائب سيد الشهداء قال لـ"عربي بوست": "الانفصال لم يكن لاختلافات أيديولوجية، بالعكس، لكن جاء الانفصال لأسباب تنظيمية بحتة".

أوضح كذلك أن "كتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء هما الأقل احتمالاً لتحدي الأوامر الإيرانية من بين الفصائل العراقية، بسبب الروابط الأيديولوجية"، وكلاهما لم ينخرط في الحياة السياسية العراقية، ولا يوجد تمثيل برلماني لهما.

أولاً:
الجماعات المسلحة الأيديولوجية

تُعرف بعض الفصائل من وحدات الحشد الشعبي المدعومة من إيران نفسها في المقام الأول بأنها فصائل مسلحة مرتبطة بطهران أيديولوجيا، وتخضع لأوامر الولي الفقيه في إيران.

أبرز هذه الفصائل هي كتائب حزب الله العراقية، التي أسسها أبو مهدي المهندس، الذي اغتيل في الغارة الأمريكية بطائرة بدون طيار مع القائد السابق لفيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، في يناير/كانون الثاني 2020، بالقرب من مطار بغداد الدولي.

كتائب حزب الله هي أقوى الفصائل المسلحة الشيعية في الحشد الشعبي العراقي، التي ترى أن العمل في محور المقاومة "واجب ديني لنصرة المضطهدين في العالم" تحت الرعاية الإيرانية.

أما الفصيل الثاني فهو كتائب سيد الشهداء، التي انفصلت في السنوات العشر الماضية عن كتائب حزب الله العراقية، لأسباب غير واضحة.

لكن قيادياً في كتائب سيد الشهداء قال لـ"عربي بوست": "الانفصال لم يكن لاختلافات أيديولوجية، بالعكس، لكن جاء الانفصال لأسباب تنظيمية بحتة".

أوضح كذلك أن "كتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء هما الأقل احتمالاً لتحدي الأوامر الإيرانية من بين الفصائل العراقية، بسبب الروابط الأيديولوجية"، وكلاهما لم ينخرط في الحياة السياسية العراقية، ولا يوجد تمثيل برلماني لهما.

ثانياً:
الجماعات المسلحة السياسية

هي جماعات مسلحة سياسية مرتبطة بإيران، تأتي في المرتبة الأولى منها منظمة بدر، بقيادة هادي العامري. 

منظمة بدر تعد أيضاً أكثر فصيل مسلح مقرب من إيران تحول إلى السياسة بشكل كبير، مع الاحتفاظ بجناحها المسلح.

رئيسها هادي العامري تولى منصب وزير النقل في الفترة ما بين 2010 و2014، إلى جانب وجودها الكبير والممتد في وزارة الداخلية، بحسب سياسي شيعي عراقي، قال في حديثه لـ"عربي بوست": "وزارة الداخلية هي منظمة بدر، ومنظمة بدر هي وزارة الداخلية".

أضاف أن "منظمة بدر نجحت في التغلغل في أغلب مفاصل الدولة العراقية بعد الغزو الأمريكي، وهي أول فصيل مسلح مدعوم من إيران ينجح في المجال السياسي، ويبني لنفسه قاعدة جماهيرية كبيرة، بالرغم من تاريخها في الحرب العراقية الإيرانية".

لكن دخول الحياة السياسة جعل منظمة بدر أكثر استقلالية عن النفوذ الإيراني، فمن أجل أن تضمن منظمة بدر قاعدة جماهيرية لها كان لا بد أن تنأى بنفسها عن "التبعية الإيرانية" إلى حد ما، بحسب السياسي الشيعي العراقي ذاته.

الفصيل المسلح الثاني المقرب من طهران الذي انخرط في السياسة المحلية هو عصائب أهل الحق، بزعامة قيس الخزعلي.

كانت عصائب أهل الحق في الأساس جزءاً من جيش المهدي، التابع لرجل الدين الشيعي والسياسي البارز مقتدى الصدر، الذي لعب دوراً بارزاً في قتال القوات الأمريكية بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وانشقت عنه بسبب خلافات بين مقتدى الصدر وقيس الخزعلي.

هذا الانشقاق جاء برعاية ومباركة إيرانية أيضاً، إذ يقول قيادي سابق في جيش المهدي، ويتولى الآن منصباً مهماً في عصائب أهل الحق، لـ"عربي بوست": "عندما شعر الإيرانيون بأن مقتدى الصدر بدأ يخرج عن سيطرتهم في السنوات التي تلت الغزو الأمريكي، ورأوا بوادر لنيته بالابتعاد عن الوصاية الإيرانية، تدخلوا في الخلافات بينه وبين وقيس الخزعلي، الذي كان من أهم قادة جيش المهدي ونائباً للصدر، وساعدوه على الانشقاق وتأسيس العصائب، ودعمها بالمال والأسلحة".

لكن منذ عام 2014، بدأت عصائب أهل الحق في الاتجاه إلى السياسة أكثر، وزاد هذا الاتجاه بعد الانتصار العراقي على تنظيم الدولة، والاستقرار النسبي في العراق.

تعد الآن عصائب أهل الحق هي الداعم الأقوى للحكومة العراقية الحالية، وكذلك بدأ قيس الخزعلي الاتجاه أكثر إلى السياسة، والابتعاد قدر الإمكان عن فكرة المقاومة المسلحة.

في هذا الصدد، أوضح سياسي شيعي عراقي مقرب من الفصائل المسلحة العراقية وطهران، لـ"عربي بوست": "عصائب أهل الحق ابتعدت أكثر وأكثر عن طهران منذ 2017، وتحولت إلى القومية العراقية، من أجل أن تكسب ثقة الناخبين".

في الوقت ذاته، هناك نماذج داخل وحدات الحشد الشعبي العراقي، تتبع نهج عصائب أهل الحق ومنظمة بدر ذاته، سواء بعلاقتها بإيران أو انخراطها في السياسة المحلية، مثل سرايا عاشوراء، وهي فصيل مسلح شيعي تابع للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهو حزب سياسي تأسس في إيران، وكان يتخذ من طهران مقراً له لسنوات طويلة، ولا يزال قادته يتمتعون بعلاقات وثيقة بها.

اتخذ الحزب النهج القومي ذاته، والابتعاد عن طهران قليلاً، بعد انخراطه في السياسة وخوض الانتخابات البرلمانية، ومن ثم انشق عنه عمار الحكيم رجل الدين الشيعي، والسياسي البارز، ليؤسس "تيار الحكمة"، الذي حافظ على علاقات متوازنة بإيران، مع الميل إلى القومية العراقية أكثر.

ثانياً:
الجماعات المسلحة السياسية

هي جماعات مسلحة سياسية مرتبطة بإيران، تأتي في المرتبة الأولى منها منظمة بدر، بقيادة هادي العامري. 

منظمة بدر تعد أيضاً أكثر فصيل مسلح مقرب من إيران تحول إلى السياسة بشكل كبير، مع الاحتفاظ بجناحها المسلح.

رئيسها هادي العامري تولى منصب وزير النقل في الفترة ما بين 2010 و2014، إلى جانب وجودها الكبير والممتد في وزارة الداخلية، بحسب سياسي شيعي عراقي، قال في حديثه لـ"عربي بوست": "وزارة الداخلية هي منظمة بدر، ومنظمة بدر هي وزارة الداخلية".

أضاف أن "منظمة بدر نجحت في التغلغل في أغلب مفاصل الدولة العراقية بعد الغزو الأمريكي، وهي أول فصيل مسلح مدعوم من إيران ينجح في المجال السياسي، ويبني لنفسه قاعدة جماهيرية كبيرة، بالرغم من تاريخها في الحرب العراقية الإيرانية".

لكن دخول الحياة السياسة جعل منظمة بدر أكثر استقلالية عن النفوذ الإيراني، فمن أجل أن تضمن منظمة بدر قاعدة جماهيرية لها كان لا بد أن تنأى بنفسها عن "التبعية الإيرانية" إلى حد ما، بحسب السياسي الشيعي العراقي ذاته.

الفصيل المسلح الثاني المقرب من طهران الذي انخرط في السياسة المحلية هو عصائب أهل الحق، بزعامة قيس الخزعلي.

كانت عصائب أهل الحق في الأساس جزءاً من جيش المهدي، التابع لرجل الدين الشيعي والسياسي البارز مقتدى الصدر، الذي لعب دوراً بارزاً في قتال القوات الأمريكية بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وانشقت عنه بسبب خلافات بين مقتدى الصدر وقيس الخزعلي.

هذا الانشقاق جاء برعاية ومباركة إيرانية أيضاً، إذ يقول قيادي سابق في جيش المهدي، ويتولى الآن منصباً مهماً في عصائب أهل الحق، لـ"عربي بوست": "عندما شعر الإيرانيون بأن مقتدى الصدر بدأ يخرج عن سيطرتهم في السنوات التي تلت الغزو الأمريكي، ورأوا بوادر لنيته بالابتعاد عن الوصاية الإيرانية، تدخلوا في الخلافات بينه وبين وقيس الخزعلي، الذي كان من أهم قادة جيش المهدي ونائباً للصدر، وساعدوه على الانشقاق وتأسيس العصائب، ودعمها بالمال والأسلحة".

لكن منذ عام 2014، بدأت عصائب أهل الحق في الاتجاه إلى السياسة أكثر، وزاد هذا الاتجاه بعد الانتصار العراقي على تنظيم الدولة، والاستقرار النسبي في العراق.

تعد الآن عصائب أهل الحق هي الداعم الأقوى للحكومة العراقية الحالية، وكذلك بدأ قيس الخزعلي الاتجاه أكثر إلى السياسة، والابتعاد قدر الإمكان عن فكرة المقاومة المسلحة.

في هذا الصدد، أوضح سياسي شيعي عراقي مقرب من الفصائل المسلحة العراقية وطهران، لـ"عربي بوست": "عصائب أهل الحق ابتعدت أكثر وأكثر عن طهران منذ 2017، وتحولت إلى القومية العراقية، من أجل أن تكسب ثقة الناخبين".

في الوقت ذاته، هناك نماذج داخل وحدات الحشد الشعبي العراقي، تتبع نهج عصائب أهل الحق ومنظمة بدر ذاته، سواء بعلاقتها بإيران أو انخراطها في السياسة المحلية، مثل سرايا عاشوراء، وهي فصيل مسلح شيعي تابع للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهو حزب سياسي تأسس في إيران، وكان يتخذ من طهران مقراً له لسنوات طويلة، ولا يزال قادته يتمتعون بعلاقات وثيقة بها.

اتخذ الحزب النهج القومي ذاته، والابتعاد عن طهران قليلاً، بعد انخراطه في السياسة وخوض الانتخابات البرلمانية، ومن ثم انشق عنه عمار الحكيم رجل الدين الشيعي، والسياسي البارز، ليؤسس "تيار الحكمة"، الذي حافظ على علاقات متوازنة بإيران، مع الميل إلى القومية العراقية أكثر.

ثالثاً:
الجماعات المسلحة الأصغر

قبل تأسيس وحدات الحشد الشعبي العراقي بشكل رسمي في عام 2014، وانضمامها لاحقاً إلى القوات الأمنية العراقية، كانت هناك مجموعات مسلحة شيعية صغيرة متشددة، استخدمها رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي للتخلص من التمرد السني وتنظيم القاعدة في المناطق السنية في العراق، قبل ظهور تنظيم الدولة.

هذه الجماعات تأسست بدعم إيراني، هي: سرايا الخراساني، وحركة النجباء، وجند الإمام، وكان عناصرها من أبرز المقاتلين الذين أرسلتهم طهران إلى سوريا في الفترة ما بين 2012 و2013.

تدين هذه الفصائل الصغيرة بالولاء الكامل لإيران، ومرشدها الأعلى، لكنها لا تتمتع بأي دور سياسي في العراق أو قاعدة جماهيرية. 

يتهم أغلب مقاتلي هذه الجماعات بتاريخ طويل من أعمال النهب والقتل والعنف.

ثالثاً:
الجماعات المسلحة الأصغر

قبل تأسيس وحدات الحشد الشعبي العراقي بشكل رسمي في عام 2014، وانضمامها لاحقاً إلى القوات الأمنية العراقية، كانت هناك مجموعات مسلحة شيعية صغيرة متشددة، استخدمها رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي للتخلص من التمرد السني وتنظيم القاعدة في المناطق السنية في العراق، قبل ظهور تنظيم الدولة.

هذه الجماعات تأسست بدعم إيراني، هي: سرايا الخراساني، وحركة النجباء، وجند الإمام، وكان عناصرها من أبرز المقاتلين الذين أرسلتهم طهران إلى سوريا في الفترة ما بين 2012 و2013.

تدين هذه الفصائل الصغيرة بالولاء الكامل لإيران، ومرشدها الأعلى، لكنها لا تتمتع بأي دور سياسي في العراق أو قاعدة جماهيرية. 

يتهم أغلب مقاتلي هذه الجماعات بتاريخ طويل من أعمال النهب والقتل والعنف.

التأسيس والدعم الإيراني

بداية العلاقة بين إيران والفصائل المسلحة في العراق تعود إلى الثمانينيات، عندما قامت طهران بتدريب وتجهيز العراقيين الشيعة الفارين من صدام حسين، واكتسبوا حينها الخبرة في ساحات القتال والعمليات السرية.

كان على رأسهم أبو مهدي المهندس، الذي ساعد في تأسيس منظمة بدر، وهو أيضاً مؤسس كتائب حزب الله العراقية فيما بعد، وهادي العامري رئيس منظمة بدر في الوقت الحالي.

منظمة بدر

هذه المنظمة كانت في الأساس أول الفصائل المسلحة الشيعية في العراق التي تأسست بدعم من إيران، فمقاتلوها من الشيعة العراقيين الذين قاتلوا مع الجانب الإيراني في الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات.

عاش هادي العامري وكبار قادة منظمة بدر سنوات طويلة من المنفى في عهد صدام حسين في إيران، وتلقوا هناك تعليمهم الأكاديمي والتدريب العسكري.

في حديثه لـ"عربي بوست" يقول أحد المسؤولين الإيرانيين عن الملف العراقي في إيران: "منظمة بدر هي نواة الفصائل المسلحة الشيعية في العراق، وهي الفصيل الأول الذي تلقى دعماً إيرانياً سخياً، لدرجة أن المرشد السابق الخميني قال حينها إنه "في السنوات القادمة ستكون منظمة بدر معادلة مهمة في الحياة السياسية العراقية".

وبعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، حوّلت طهران دعمها من العراقيين المنفيين إلى الجماعات التي تحارب الاحتلال الأمريكي، وجمعت مجموعات صغيرة من العراقيين الشيعة لتدربهم في معسكرات الحرس الثوري في إيران، وإمدادهم بالأسلحة والمتفجرات لاستخدامها في الكمائن المرصودة للقوات الأمريكية.

كما أسهم حزب الله اللبناني وعناصره في تدريب الجماعات المسلحة الشيعية في العراق.

قيادي بارز في منظمة بدر كان قد تدرب حينها على يد عناصر حزب الله اللبناني يقول لـ"عربي بوست": "حزب الله اللبناني هو الذي ساعدنا كثيراً منذ عام 2003، فضباط الحرس الثوري الإيراني كان لهم دور مهم ومحوري في تنظيم الفصائل المسلحة العراقية، لكن التدريب الحقيقي على استخدام الأسلحة وزرع المتفجرات قدمه لنا حزب الله اللبناني بكل إخلاص".

التأسيس والدعم الإيراني

بداية العلاقة بين إيران والفصائل المسلحة في العراق تعود إلى الثمانينيات، عندما قامت طهران بتدريب وتجهيز العراقيين الشيعة الفارين من صدام حسين، واكتسبوا حينها الخبرة في ساحات القتال والعمليات السرية.

كان على رأسهم أبو مهدي المهندس، الذي ساعد في تأسيس منظمة بدر، وهو أيضاً مؤسس كتائب حزب الله العراقية فيما بعد، وهادي العامري رئيس منظمة بدر في الوقت الحالي.

منظمة بدر

هذه المنظمة كانت في الأساس أول الفصائل المسلحة الشيعية في العراق التي تأسست بدعم من إيران، فمقاتلوها من الشيعة العراقيين الذين قاتلوا مع الجانب الإيراني في الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات.

عاش هادي العامري وكبار قادة منظمة بدر سنوات طويلة من المنفى في عهد صدام حسين في إيران، وتلقوا هناك تعليمهم الأكاديمي والتدريب العسكري.

في حديثه لـ"عربي بوست" يقول أحد المسؤولين الإيرانيين عن الملف العراقي في إيران: "منظمة بدر هي نواة الفصائل المسلحة الشيعية في العراق، وهي الفصيل الأول الذي تلقى دعماً إيرانياً سخياً، لدرجة أن المرشد السابق الخميني قال حينها إنه "في السنوات القادمة ستكون منظمة بدر معادلة مهمة في الحياة السياسية العراقية".

وبعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، حوّلت طهران دعمها من العراقيين المنفيين إلى الجماعات التي تحارب الاحتلال الأمريكي، وجمعت مجموعات صغيرة من العراقيين الشيعة لتدربهم في معسكرات الحرس الثوري في إيران، وإمدادهم بالأسلحة والمتفجرات لاستخدامها في الكمائن المرصودة للقوات الأمريكية.

كما أسهم حزب الله اللبناني وعناصره في تدريب الجماعات المسلحة الشيعية في العراق.

قيادي بارز في منظمة بدر كان قد تدرب حينها على يد عناصر حزب الله اللبناني يقول لـ"عربي بوست": "حزب الله اللبناني هو الذي ساعدنا كثيراً منذ عام 2003، فضباط الحرس الثوري الإيراني كان لهم دور مهم ومحوري في تنظيم الفصائل المسلحة العراقية، لكن التدريب الحقيقي على استخدام الأسلحة وزرع المتفجرات قدمه لنا حزب الله اللبناني بكل إخلاص".

قبل ظهور داعش في العراق وتأسيس الحشد الشعبي لم تهتم طهران كثيراً بتدريب مقاتلي الحشد.

مجموعات خاصة من المقاتلين العراقيين دربهم الحرس الثوري الإيراني تدريباً احترافياً، بهدف توفير الدعم القتالي لوحدات الحشد الشعبي ضد تنظيم الدولة.

قرار أصدره رئيس الوزراء العراقي آنذاك حيدر العبادي بجعل وحدات الحشد الشعبي مؤسسة أمنية رسمية، والعمل كمؤسسة أمنية موازية للشرطة والقوات المسلحة التقليدية.

بعد سنوات من القتال الشرس ضد تنظيم الدولة، نجحت القوات العراقية ووحدات الحشد الشعبي في هزيمة التنظيم، ليبدأ قادة الحشد فصلاً جديداً في العلاقة مع إيران.

خاض تحالف الفتح الذي يضم أغلب الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران الانتخابات البرلمانية، معتمداً على شعبيته الكبيرة إلى تلت الانتصار على داعش، وفاز بعدد كبير من مقاعد البرلمان، وصل 45 مقعداً.

أصبحت الفصائل المسلحة المقربة من إيران تتنافس مع بعضها البعض للحصول على الأصوات الانتخابية والدعم الجماهيري.

وشهد العراق احتجاجات شعبية قوية في صيف 2018 وخريف 2019، خرج فيها المتظاهرون الغاضبون منددين بسوء الخدمات العامة والفساد المستشري والبطالة وانقطاع الكهرباء، والتنديد بالنفوذ الإيراني في العراق.

شعر حلفاء إيران في العراق بخطر فقدان شعبيتهم التي اكتسبوها من القتال ضد تنظيم الدولة، وخطر خسارة مكتسباتهم السياسية التي وصلوا إليها.

في هذا الصدد يقول السياسي الشيعي العراقي البارز، وهو أحد قادة الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم الآن في العراق، لـ"عربي بوست"، "لقد خافوا وقلقوا على وضعهم السياسي الجديد، خاصةً بعد أن اتهموا بالتورط في قتل المتظاهرين في عام 2019، بدعم إيراني"، لا سيما عصائب أهل الحق.

سياسي شيعي أكد لـ"عربي بوست": "حينها أدركت الفصائل العراقية أن الوصاية الإيرانية والانصياع للأوامر قد يقضي على شعبيتهم، وبدأوا في تغيير الاتجاه إلى القومية العراقية".

في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في عام 2021، لم يتمكن حلفاء إيران في الانتخابات من الحصول على عدد مقاعد مقارب حتى لما حصلوا عليه في عام 2018، فقد حصل تحالف الفتح الجناح السياسي للفصائل المسلحة على حوالي 28 مقعداً فقط.

الاستقلال المادي

بالإضافة إلى ذلك، لعب عامل الاستقلال المادي عن إيران دوراً كبيراً في ابتعاد الفصائل المسلحة العراقية عن طهران، فبعد أن كانت إيران هي المسؤولة مالياً عن هذه الفصائل، منح قانون دمج وحدات الحشد الشعبي ضمن القوات الأمنية الرسمية العراقية ميزانية ضخمة تزيد كل عام لشراء الأسلحة، ودفع رواتب المنتسبين لهذه الفصائل.

في آخر موازنة للعراق عام 2023، ارتفعت مخصصات وحدات الحشد الشعبي من 1.4 مليار دولار في موازنة عام 2018 إلى 2.6 مليار دولار في الموازنة الحالية.

في حين لم يقر العراق أي موازنة في عام 2020 و2021 و2022 بسبب الصراع السياسي على تشكيل الحكومة. 

وزاد عدد العاملين بوحدات الحشد الشعبي من 100 ألف عامل في 2018 إلى 170 شخصاً في 2022.

تحدث كذلك مسؤول عراقي فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"عربي بوست"، عن مصادر تمويلية غير مشروعة، من خلال "ممارسة أعمال تهريب النفط، والاستيلاء على الأراضي، وفرض الإتاوات على الطرق بين المحافظات التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة، لتحصيل الأموال".

ضرب المصدر مثالاً على ذلك بمصفاة النفط بيجي، التي قال إنها "سُرقت بالكامل من عصائب أهل الحق، وقامت كتائب الإمام علي وكتائب حزب الله بتهريب النفط من حقول النفط في مدينة الموصل بعد تحريرها من داعش".

الاستقلال المادي

بالإضافة إلى ذلك، لعب عامل الاستقلال المادي عن إيران دوراً كبيراً في ابتعاد الفصائل المسلحة العراقية عن طهران، فبعد أن كانت إيران هي المسؤولة مالياً عن هذه الفصائل، منح قانون دمج وحدات الحشد الشعبي ضمن القوات الأمنية الرسمية العراقية ميزانية ضخمة تزيد كل عام لشراء الأسلحة، ودفع رواتب المنتسبين لهذه الفصائل.

في آخر موازنة للعراق عام 2023، ارتفعت مخصصات وحدات الحشد الشعبي من 1.4 مليار دولار في موازنة عام 2018 إلى 2.6 مليار دولار في الموازنة الحالية.

في حين لم يقر العراق أي موازنة في عام 2020 و2021 و2022 بسبب الصراع السياسي على تشكيل الحكومة. 

وزاد عدد العاملين بوحدات الحشد الشعبي من 100 ألف عامل في 2018 إلى 170 شخصاً في 2022.

تحدث كذلك مسؤول عراقي فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"عربي بوست"، عن مصادر تمويلية غير مشروعة، من خلال "ممارسة أعمال تهريب النفط، والاستيلاء على الأراضي، وفرض الإتاوات على الطرق بين المحافظات التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة، لتحصيل الأموال".

ضرب المصدر مثالاً على ذلك بمصفاة النفط بيجي، التي قال إنها "سُرقت بالكامل من عصائب أهل الحق، وقامت كتائب الإمام علي وكتائب حزب الله بتهريب النفط من حقول النفط في مدينة الموصل بعد تحريرها من داعش".

موت قاسم سليماني

بنى قائد فيلق قدس الإيراني السابق، قاسم سليماني، شبكة محور المقاومة، لتحقيق مصالح إيران في المنطقة.

يقول مصدر من فيلق القدس الإيراني، عمل تحت قيادة قاسم سليماني لسنوات طويلة في العراق وسوريا لـ"عربي بوست": "سليماني كان الرجل الوحيد في إيران الذي استطاع تحويل الجماعات المسلحة العراقية من مجرد مقاتلين يحملون سلاح إلى فصائل قوية ذات قدرات استراتيجية وقدرات عسكرية".

بحسب المتحدث، كان سليماني سخياً في إمداد الفصائل العراقية بالأسلحة والمنظومات الدفاعية الحديثة التي تنتجها إيران، وتحسين قدراتها الهجومية، لكن بعد اغتيال واشنطن له تبدلت الأحوال، وشهدنا لأول مرة عصياناً من الفصائل المسلحة العراقية للأوامر الإيرانية.

أضاف أيضاً أن "مقتل سليماني تسبب في تحدٍّ كبير لمحور المقاومة، فقط كان له تأثير لا مثيل له على الفصائل المسلحة في العراق، والمحور بأكمله، ولم يتمكن قاآني من تعويض هذا الأمر".

بصفته مهندس "محور المقاومة"، عمل سليماني قائداً رئيسياً ومنسقاً سياسياً للجماعات المسلحة المدعومة من إيران في العراق، ومثّل موته تقويضاً للتماسك الاستراتيجي والأداء العملياتي لشبكة مبنية في الأساس على العلاقات الشخصية.

في العامين التاليين لموت سليماني لم يستطع قاآني السيطرة على الجماعات المسلحة العراقية، ولا حل الخلافات السياسية بين الفصائل السياسية، وكادت الأمور أن تنفجر في العراق بسبب الخلافات والصراعات بين الفصائل السياسية والمسلحة.

جعل الأمر علي شمخاني، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وحسين طائب وزير استخبارات الحرس الثوري السابق، ومحمود علوي وزير الاستخبارات الإيرانية، ومندوبين من حزب الله، يتدخلون لحل كل هذه الخلافات والمشاكل.

يقول مسؤول في فيلق القدس، الذي عمل تحت قيادة سليماني في العراق لسنوات عدة، لـ"عربي بوست": "ما كان هذا يحدث في حياة سليماني، الكل بدأ التمرد بعد موته من أجل السيطرة والزعامة، ومن أجل الخروج من العباءة الإيرانية".

موت قاسم سليماني

بنى قائد فيلق قدس الإيراني السابق، قاسم سليماني، شبكة محور المقاومة، لتحقيق مصالح إيران في المنطقة.

يقول مصدر من فيلق القدس الإيراني، عمل تحت قيادة قاسم سليماني لسنوات طويلة في العراق وسوريا لـ"عربي بوست": "سليماني كان الرجل الوحيد في إيران الذي استطاع تحويل الجماعات المسلحة العراقية من مجرد مقاتلين يحملون سلاح إلى فصائل قوية ذات قدرات استراتيجية وقدرات عسكرية".

بحسب المتحدث، كان سليماني سخياً في إمداد الفصائل العراقية بالأسلحة والمنظومات الدفاعية الحديثة التي تنتجها إيران، وتحسين قدراتها الهجومية، لكن بعد اغتيال واشنطن له تبدلت الأحوال، وشهدنا لأول مرة عصياناً من الفصائل المسلحة العراقية للأوامر الإيرانية.

أضاف أيضاً أن "مقتل سليماني تسبب في تحدٍّ كبير لمحور المقاومة، فقط كان له تأثير لا مثيل له على الفصائل المسلحة في العراق، والمحور بأكمله، ولم يتمكن قاآني من تعويض هذا الأمر".

بصفته مهندس "محور المقاومة"، عمل سليماني قائداً رئيسياً ومنسقاً سياسياً للجماعات المسلحة المدعومة من إيران في العراق، ومثّل موته تقويضاً للتماسك الاستراتيجي والأداء العملياتي لشبكة مبنية في الأساس على العلاقات الشخصية.

في العامين التاليين لموت سليماني لم يستطع قاآني السيطرة على الجماعات المسلحة العراقية، ولا حل الخلافات السياسية بين الفصائل السياسية، وكادت الأمور أن تنفجر في العراق بسبب الخلافات والصراعات بين الفصائل السياسية والمسلحة.

جعل الأمر علي شمخاني، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وحسين طائب وزير استخبارات الحرس الثوري السابق، ومحمود علوي وزير الاستخبارات الإيرانية، ومندوبين من حزب الله، يتدخلون لحل كل هذه الخلافات والمشاكل.

يقول مسؤول في فيلق القدس، الذي عمل تحت قيادة سليماني في العراق لسنوات عدة، لـ"عربي بوست": "ما كان هذا يحدث في حياة سليماني، الكل بدأ التمرد بعد موته من أجل السيطرة والزعامة، ومن أجل الخروج من العباءة الإيرانية".

التحول إلى اللامركزية بعيداً عن إيران

على مر التاريخ ظهرت المجموعات المكونة لمحور المقاومة، رداً على المصاعب التي تواجهها المجموعات السكانية الشيعية المختلفة، مثل: الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1982، وقمع صدام حسين للسكان الشيعة العراقيين، وصعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق عام 2014.

من هنا تدخلت إيران، ولعبت دوراً كبيراً في تغذية المقاومة المحلية القائمة على الأيديولوجية الشيعية المشتركة.

لكن في العقود الأخيرة، طرأ تحسن كبير في المواقف السياسية للسكان الشيعة، خاصةً مع سقوط حكم حزب البعث في العراق، والنجاح في هزيمة تنظيم الدولة، وتحرير حزب الله لجنوب لبنان عام 2005، وتمكين الفصائل العراقية وحزب الله من السيطرة على السياسة المحلية.

بات بعض حلفاء إيران يرون ضرورة للتخلص من السيطرة الإيرانية، كما فعلت عصائب أهل الحق ومنظمة بدر في العراق، اللتان رسمتا مسارهما الخاص في السياسة، كما أصبح حزب الله في لبنان أكثر استقلالية في نهجه السياسي واستقلاله العسكري، بحسب ما يراه محللون.

وصل تآكل السلطة المركزية لإيران في محور المقاومة إلى سوريا أيضاً، بحسب مصادر إيرانية مطلعة لـ"عربي بوست"، التي أوضحت أن حزب الله اللبناني كان له دور أكبر من طهران في سوريا في السنوات الأخيرة، وفي اليمن رفض الحوثيون الاستماع إلى المطالب الإيرانية، في يناير/كانون الثاني 2022، بشن هجوم حوثي ضد الإمارات، في الوقت الذي كانت فيه إيران تسعى إلى تحسين علاقاتها مع أبوظبي.

التحول إلى اللامركزية بعيداً عن إيران

على مر التاريخ ظهرت المجموعات المكونة لمحور المقاومة، رداً على المصاعب التي تواجهها المجموعات السكانية الشيعية المختلفة، مثل: الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1982، وقمع صدام حسين للسكان الشيعة العراقيين، وصعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق عام 2014.

من هنا تدخلت إيران، ولعبت دوراً كبيراً في تغذية المقاومة المحلية القائمة على الأيديولوجية الشيعية المشتركة.

لكن في العقود الأخيرة، طرأ تحسن كبير في المواقف السياسية للسكان الشيعة، خاصةً مع سقوط حكم حزب البعث في العراق، والنجاح في هزيمة تنظيم الدولة، وتحرير حزب الله لجنوب لبنان عام 2005، وتمكين الفصائل العراقية وحزب الله من السيطرة على السياسة المحلية.

بات بعض حلفاء إيران يرون ضرورة للتخلص من السيطرة الإيرانية، كما فعلت عصائب أهل الحق ومنظمة بدر في العراق، اللتان رسمتا مسارهما الخاص في السياسة، كما أصبح حزب الله في لبنان أكثر استقلالية في نهجه السياسي واستقلاله العسكري، بحسب ما يراه محللون.

وصل تآكل السلطة المركزية لإيران في محور المقاومة إلى سوريا أيضاً، بحسب مصادر إيرانية مطلعة لـ"عربي بوست"، التي أوضحت أن حزب الله اللبناني كان له دور أكبر من طهران في سوريا في السنوات الأخيرة، وفي اليمن رفض الحوثيون الاستماع إلى المطالب الإيرانية، في يناير/كانون الثاني 2022، بشن هجوم حوثي ضد الإمارات، في الوقت الذي كانت فيه إيران تسعى إلى تحسين علاقاتها مع أبوظبي.

تراجع الاعتماد على طهران

تحول محور المقاومة للعمل بشكل لامركزي بعيداً عن إيران، جعل المحور أكثر تشاركية بين أعضائه، بدلاً من الاعتماد الكامل على الدعم الإيراني، لتزيد في السنوات الأخيرة المساعدة المتبادلة بين شركاء إيران في المحور، ويلعب فيها حزب الله اللبناني دوراً كبيراً في هذا التحول.

ساعد حزب الله اللبناني في التوسط بين الفصائل الشيعية العراقية وحل الخلافات بينهما، كما أنه ساعد في حل الجمود السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية في العراق عام 2021. 

وقالت المصادر الإيرانية لـ"عربي بوست"، إن حزب الله ساعد في المفاوضات بين الحوثيين والإمارات والسعودية في الأعوام السابقة.

كما أن حزب الله والفصائل الشيعية العراقية المقربة من إيران، عملوا على نشر قوات تدخل سريع في سوريا، وتوفير التدريب لباقي أعضاء المحور، بعيداً عن إيران. 

إذ قام حزب الله اللبناني بتدريب الحوثيين على الطائرات بدون طيار المتفجرة، والتخطيط لتكنيكات الحرب غير المتكافئة، بحسب المصادر.

وذهب أعضاء المحور إلى العمل على الاكتفاء الذاتي من الأسلحة، للابتعاد عن الدعم الإيراني، كما قامت الفصائل العراقية المسلحة بتصنيع الطائرات بدون طيار والصواريخ المحلية الصنع، وتطوير عدد من الصناعات العسكرية بالتعاون مع حزب الله اللبناني.

هذه المساعدة المتبادلة بين مجموعات محور المقاومة تعمل على تعميق الالتزام المتبادل بين الأعضاء، مع تقليل الاعتماد بشكل كبير على إيران، للحصول على الدعم التشغيلي والمادي، وتنويع الموارد المتاحة لأعضاء المحور، للنجاة بأنفسهم، في الوقت الذي تمر به إيران بأزمات اقتصادية، لا تمكنها من تلبية الاحتياجات المادية لأعضاء المحور.