تسونامي ماليٌّ يضرب العالم في 2020

في المرة القادمة سيكون الأمر مختلفاً.
لا أحد يعلم متى سيحدث التراجع الاقتصادي العالمي القادم، ولكن على عكس الأزمات الماضية، لا يمكننا الادعاء بأننا لم نشعر بالخطر المقبل.

التحذيرات كثيرة.

وكل الإشارات تؤكد أن الأزمة وشيكة. 

رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي Mario Draghi، قال إن الشكوك الكثيرة التي هددت منذ فترة طويلة الانتعاش الاقتصادي العالمي، بدأت تتبلور في شكل تباطؤ كبير.

ومع ذلك، لا تزال الحكومات في حالة سكون.

أوروبا مشلولة بسبب الجمود المؤسسي والشعور بالضيق السياسي، وإحجام ألمانيا عن الاعتراف بحدة مشاكلها الاقتصادية.

بريطانيا سجينة إصرارها على أن كل شيء سيكون على ما يرام مع خروجها من الاتحاد الأوروبي، قاسياً أو ناعماً. 

وفي الولايات المتحدة، ينكر الرئيس دونالد ترامب قبول أن التباطؤ الحالي له علاقة بتهديداته بالحرب التجارية.

والآمال في التعاون الاقتصادي الدولي تلاشت.

 في الأزمة المقبلة، تبدو الحكومات الغربية عازمة على القتال من تلقاء نفسها ومن أجل نفسها. 

الأفكار كثيرة حول ما يجب القيام به للحد من عواقب التراجع الكبير.

قدمت بعض المنظمات، مثل صندوق النقد الدولي، النصيحة لكل دولة على حدة بشأن الطريقة الحكيمة للعمل، والتي تم تجاهلها في الغالب. 

قبل بضعة أشهر، تطرقت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى فكرة خطة تحفيز مالي دولية منسقة، لاستخدامها عند الضرورة؛ قوبل الاقتراح بصمت من جانب الحكومات في جميع أنحاء العالم.

في هذا التقرير نستعرض مؤشرات الأزمة الاقتصادية الوشيكة، وأسبابها، ونتائجها المتوقعة على العالم، وعلى اقتصاد الدول العربية.

هل اقتربت الأزمة؟
نعم.. انظروا إلى شريط الأخبار

في عناوين الأخبار للعام الأخير تبدو مؤشرات الأزمة الوشيكة واضحة، وهنا بعض الأمثلة:

تحليل أعدته شركة الأبحاث ريد فين Redfin يشير إلى أن الانسحاب المفاجئ للأثرياء من سوق العقارات يمكن أن يتسرب تدريجياً إلى باقي الاقتصاد ويخلق مزيداً من العبء على النمو.

سوق العقارات الفاخرة في الوقت الراهن يشهد أسوأ أداء منذ الأزمة المالية العالمية 2008، مع تسجيل الأسواق مرتفعة السعر الانخفاض الفصلي السادس على التوالي. وذكرت  تقارير أن مبيعات المنازل المسعرة عند مستوى 1.5 مليون دولار أو أكثر سجلت تراجعاً بنحو 5% في الولايات المتحدة خلال الربع الثاني من العام الحالي.

أثرياء العالم يخفضون إنفاقهم على كل شيء بداية من المنازل وحتى المجوهرات، لتزداد المخاوف بشأن الركود الاقتصادي التدريجي الذي قد يبدأ من قمة الهرم الاجتماعي.

انخفض ناتج التصنيع في الصين هذا العام بنسبة 4.8%، أي إلى أقل معدلاته منذ 17 عاماً.

تراجع الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2% في الربع الثاني من العام الجاري، وهو الحال ذاته في بريطانيا.

البنك الألماني (Deutsche Bank) أعلن في شهر يوليو/تموز الماضي عن تسريح 18 ألف موظف في مختلف فروعه حول العالم.

العديد من السلاسل التجارية الأمريكية الفارهة والعادية منها أغلقت فروعها.

شركة السيارات اليابانية العملاقة نيسان استغنت عن 12500 وظيفة في جميع أنحاء العالم.

شركة فورد أعلنت في يونيو/حزيران أنها ستخفض بمقدار 12 ألف عامل في أوروبا قبل نهاية 2020.

سعي محموم من البنوك المركزية لشراء الذهب، وهو مؤشر على قلق هذه البنوك من المستقبل، فالأوراق النقدية المطبوعة في السوق أكبر بكثير من القيمة الحقيقية لها، ومع استمرار طباعة العملة، وتكدس البضائع (الإنتاج أكبر من طلب السوق) وارتفاع أسعار الأسهم دون ارتفاع موازٍ في الإنتاج أو البيع وأرباح الشركات، كل هذا يعني أننا مقبلون على فقاعة مالية نووية.

توقع جاريد برنشتاين، المستشار الاقتصادي لنائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، أن تكون بداية الفقعة النووية مع بدء معدلات البطالة في الارتفاع. «مع انحسار تأثير الحزم المالية المحفزة، انخفض معدل نمو الاقتصاد من 3% إلى 2%، ومع التصعيد في الحرب التجارية، سيصل النمو إلى 1% في 2020، ولو حدث ذلك، سترتفع البطالة ونكون كمن أحرز هدفاً في مرماه». 

يواجه الاقتصاد الصيني نمواً قد يكون الأبطأ منذ حوالي 3 عقود، في ظل حرب تجارية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تخطط لفرض ضرائب جديدة على الواردات الصينية بنهاية 2019.

أخيراً.. خفض صندوق النقد الدولي في يوليو/تموز الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي هذا العام إلى 3.2٪، وهو أضعف معدل توسع منذ عام 2009، بينما خفض توقعاته لعام 2020 إلى 3.5٪.

ما تعريف الأزمة المالية العالمية، ولماذا تتكرر؟

الأزمة المالية هي اضطراب فجائي يطرأ على التوازن الاقتصادي في دولة ما أو عدة دول، نتيجة اختلال التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.

قد تكون أزمة محلية يقتصر أثرها على بلد أو دولة معينة، أو عامة شاملة لعدة دول أو العالم بأسرهِ.

ويستعمل الاقتصاديون الغربيون اصطلاح الدورة Cycle بدلاً من كلمة الأزمة، بينما يلاحظ أن هناك فرقاً بين التعبيرين، فالأزمة تدل على الاختلال أو الاضطراب في حين أن الدورة Cycle تدل على الانتظام في التعاقب الذي تخضع له الظواهر الطبيعية.
أي أن تكرارها جزء من ظاهرة الأزمة.

ويفسر الكثير من الاقتصاديين الأزمة المالية بالعوامل النقدية، وبصورة خاصة سوء استعمال الائتمان عن طريق التوسع فيه، بحيث يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة، فيقل التداول النقدي، ويعجز المنتجون عن تصريف سلعهم، وهذا يؤدي إلى انخفاض في الأسعار.

انخفاض السعر يؤدي إلى زيادة الطلب من جديد، فتنتعش الأسعار نسبياً، ويزيد الإنتاج ويقبل الأفراد على الاقتراض، وهكذا تبدأ الدورة من جديد بالمغالاة في الاقتراض، وإساءة استخدام نظام الائتمان.
المصدر: ويكيبيديا

وضع يعاني فيه اقتصاد بلد من ركود مفاجئ ناتج عن أزمة مالية. من المرجح أن يعاني الاقتصاد الذي يواجه أزمة اقتصادية من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وتجفيف السيولة وارتفاع أو انخفاض الأسعار بسبب التضخم أو الانكماش. 

يمكن أن تتخذ الأزمة الاقتصادية شكل ركود أو كساد. 

وتسمى أيضاً الأزمة الاقتصادية الحقيقية

ما هي أسباب الأزمة المالية؟

هناك عوامل كثيرة تؤدي بالضرورة إلى الأزمة، هنا أبرزها:

يمكن أن يتصاعد الصراع أكثر من عدة طرق. يمكن أن ترفع إدارة ترامب التعريفة الجمركية على الواردات الصينية.

يمكن أن يؤدي منع الشركات الصينية، على غرار ما حدث مع Huawei، من استخدام المكونات الأمريكية، إلى خلق بديل دائم للمنتجات الأمريكية. وسيكون أمام الصين عدة خيارات للانتقام من الولايات المتحدة، مثل إغلاق السوق أمام الشركات متعددة الجنسيات الأمريكية مثل Apple.

في ظل هذا السيناريو، ستكون الصدمة التي تتعرض لها الأسواق في جميع أنحاء العالم كافية لمواجهة أزمة عالمية. الصدمة  تؤثر على ثقة الشركات والمستهلكين والمستثمرين وتزيد من تباطؤ النمو العالمي، وكل هذا من شأنه أن يدفع العالم إلى الركود. 

وبالنظر إلى حجم الديون الخاصة والعامة، فإن أزمة مالية أخرى ستتبع ذلك الركود على الأرجح.

"هناك عامل مشترك بين الأزمات المالية الضخمة التي عاشها العالم سابقاً وما يحدث اليوم، وهو الزيادة الكبيرة في حجم القروض، مقارنة مع إجمالي الناتج المحلي وتحديداً القروض الخاصة".

هكذا يتحدث ريتشارد فاغ مؤسس مركز أبحاث غابرييل إنفستمنت، وهو يشير إلى أن مستويات الديون الخاصة عالمياً، بلغت 186 تريليون دولار في الربع الأول من عام 2019. 

كما أن الدين العام العالمي بلغ مستوى قياسياً، حيث أصبح أكثر من 250  تريليون دولار منذ مطلع العام.

سياسات التحفيز المالي التي تدفع حالياً معدل النمو السنوي للولايات المتحدة إلى ما يتجاوز 2% من إمكاناتها غير مستدامة. بحلول عام 2020، سوف يتوقف الإنفاق التحفيزي، ما يخفض النمو من 3 إلى أقل بقليل من 2%.

في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008، أعادت الرأسمالية تنظيم صفوفها، حيث ضخَّت الدول مبالغ طائلة من الأموال في النظام من أجل حفظ استقراره، وإنعاش قطاعات الاقتصاد الأكثر  تأثراً بالأزمة، تحت اسم "الإنفاق التحفيزي". وتمكنت حكومات أوروبا والولايات المتحدة من تفادي الانهيار الشامل بعد أن تدخلت لإنقاذ بنوكها الكبرى. وأعقب ذلك برنامج التحفيز الذي دشَّنته إدارة أوباما بقيمة 787 مليار دولار، والذي يقول بعض الاقتصاديين إنه رفع الناتج المحلي الإجمالي بين 2.1 و3.8%.

المناوشات التجارية بين إدارة ترامب والصين، وأوروبا، والمكسيك، وكندا، وغيرها ستتصاعد بالتأكيد، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو وارتفاع التضخم.

هذه الخلافات هي مجرد استعراض لما هو أعمق: الاستئثار بالريادة العالمية لتكنولوجيا المستقبل. 

سياسات الولايات المتحدة الأخرى تتسبب في إضافة ركود تضخمي شديد، مما يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر. تقوم الإدارة بتقييد عمليات نقل التكنولوجيا والاستثمار إلى الداخل أو إلى الخارج.

ظهر مصطلح الركود التضخمي في السبعينيات من القرن الماضي في أعقاب ارتفاع أسعار النفط العالمية بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة تكاليف السلع بشكل كبير وارتفاع معدلات البطالة والذي تسبب في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير.

يأتي ذلك كرد فعل على الحمائية الأمريكية. 

على الصين إبطاء نموها للتعامل مع الطاقة المفرطة والرافعة المالية المفرطة؛ وإلا سيتم تشغيل الهبوط الصعب. 

وسوف تستمر الأسواق الناشئة الهشة بالفعل في الشعور بالقلق من الحمائية وتشديد الظروف النقدية في الولايات المتحدة.

السبب الأول تباطؤ النمو في دول الاتحاد الأوروبي هو تشديد السياسة النقدية والاحتكاكات التجارية.

وقد تؤدي السياسات الشعبوية، في بلدان مثل إيطاليا، إلى دينامية غير مستقرة للديون داخل منطقة اليورو. في ظل هذه الظروف يمكن أن يدفع التباطؤ العالمي الآخر إيطاليا ودولاً أخرى إلى الخروج من منطقة اليورو تماماً.

احتمال أن تؤدي الاضطرابات في هونغ كونغ إلى بداية انهيار اقتصادي، إذا ما انتشرت في عمق الصين، فذلك يحمل مخاطر هروب رأس المال والأعمال. وقال: "في الوقت نفسه، هناك دول في آسيا لا تمانع حماية كل من الأعمال والبنوك الغربية على أراضيها".

وإذا اندلعت توترات في منطقة الخليج، أو تم شنّ حرب ضد إيران، فمن المتوقع أن ترتفع أسعار النفط إلى أكثر من 150 دولاراً للبرميل، وهذا قد يُدخل العالم في دورة كساد كبيرة، ما سيؤدي بالدول النفطية في الشرق الأوسط إلى حالة تراجع وتضخم اقتصادي كبيرين.

كيف يحدث التسونامي؟ الركود ثم الأزمة المالية

في ظل هذه الظروف، قد تؤدي صدمة شديدة بالقدر الكافي إلى ركود عالمي.

هكذا كتب الاقتصادي الأمريكي الشهير نورييل روبيني Nouriel Roubini، تحت عنوان «تنامي مخاطر الركود والأزمة في 2020».

الكاتب الاقتصادي نورييل روبيني

الكاتب الاقتصادي نورييل روبيني

يضيف: حتى لو استجابت البنوك المركزية بسرعة سيأتي الركود. ففي الفترة 2007-2009، استجاب بنك الاحتياطي الفيدرالي وغيره من البنوك المركزية بقوة للصدمات التي أشعلت شرارة الأزمة المالية العالمية، لكنها لم تتمكن من تجنب «الركود العظيم». 

وفي رأي روبيني، هناك سببان لعجز الإنفاق التحفيزي هذه المرة من إنقاذ الاقتصاد على غرار ما حدث في 2008:

أغلب الاقتصادات المتقدمة تعاني اليوم من عجز أعلى وديون عامة أكبر مقارنة بفترة ما قبل الأزمة المالية، ما يترك حيزاً ضئيلاً للإنفاق التحفيزي.

عمليات إنقاذ القطاع المالي لا يمكن التسامح معها في البلدان، حيث تنشط الحركات الشعبوية وحيث الحكومات شبه معسرة.

إذاً ما الذي سيحدث بالضبط؟

يجيب روبيني: في ظل هذا السيناريو، ستكون الصدمة التي تتعرض لها الأسواق في مختلف أنحاء العالم كافية لإحداث أزمة عالمية، بصرف النظر عن كل ما قد تفعله البنوك المركزية الكبرى. 

ومع تسبب التوترات الحالية بالفعل في التأثير على ثقة الشركات والمستهلكين والمستثمرين وإبطاء النمو العالمي، فإن المزيد من التصعيد كفيل بدفع العالم إلى الركود. 

ونظراً لحجم الديون الخاصة والعامة، فمن المرجح أن يترتب على الركود اندلاع أزمة مالية أخرى.

يعرفه بعض الخبراء بأنه مرور الناتج القومي لبلد بحالة تراجع لمدة ستة أشهر متتالية، أما المكتب القومي الأمريكي للأبحاث الاقتصادية فيعرف الركود بأنه «تراجع كبير في معظم الأنشطة الاقتصادية، وهذا ينعكس بشكل طبيعي على الناتج القومي والدخل الفعلي للأفراد والبطالة والإنتاج الصناعي ومبيعات الجملة والتجزئة».

فلو أسقطنا هذه التعريفات على حياتنا اليومية سنجد أن ذلك ينعكس في جمل تتردد مثل: «السوق نائم»، «لا أحد يبيع ولا يشتري»، «المحلات فارغة من زبائنها»، «الأسعار ترتفع بشكل جنوني لا يتناسب مع نسب الزيادة في الدخل إن حدثت».

والجملة الأخيرة تحديداً تعني بمصطلحات الاقتصاد «زيادة التضخم».

كتب رجل الأعمال الأردني طلال أبوغزالة توقعاته بشأن الأزمة العالمية المقبلة، في كتيب بعنوان «الأزمة المالية العالمية 2020 والحرب العالمية الثالثة». 

أنا أتوقع أن يجلب عام 2020 معه أزمة اقتصادية وسياسية عالمية لا نظير لها. بعبارة أخرى، ليست السياسات الاقتصادية غير المنسقة للاقتصادات المتقدمة هي ما تسهم في هذه الأزمة فقط، بل إن القرارات السياسية الخاطئة والسياسات غير الرشيدة ستمهد الطريق لحدوث أزمة اقتصادية كبرى. لهذا السبب أعتقد أن الأزمة الجديدة ستكون طويلة بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا بشكل خاص، وتستغرق سنوات لحلها والتغلب عليها.

ستكون الاقتصادات الناشئة مثل الصين أكثر قدرة على التكيف مع الأزمة. من الممكن أن تتعامل الصين بشكل أفضل مع أي أزمة من هذا النوع؛ نظراً لأن الدولة تمتلك النظام المصرفي وتسيطر عليه. وستنمو البرازيل وروسيا والهند والصين وكوريا بمعدل ثابت خلال السنوات العشر القادمة.

خلال 10 سنوات، ستصبح بعض الدول الإفريقية أكثر تطوراً؛ لأن استثمارات الصين في الثروات الثمينة تحت أرض إفريقيا، هو موضوع يحظى باهتمام شديد.

اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ستستمر في النمو.

نحن ننظر إلى أزمة اقتصادية عالمية تؤدي إلى التضخم والكساد معاً، أو الكساد التضخمي stagflation.

ستؤدي الأزمة والصراع الناشئ إلى حرب عالمية ثالثة بين الولايات المتحدة والصين، وستضطر القوتان العظميان للجلوس على طاولة واحدة وإنهاء الحرب.

الحروب تنتهي باتفاقات، ولذا سينشأ نظام عالمي جديد يحكمه العملاقان G2 محل المجموعة العشرين G20 والنظام الحالي.

ستكون المنطقة العربية، والتي تعد الأكثر تأثراً وتضرراً بالحروب والدمار، وفي نفس الوقت هي مصدر رئيسي للثروة في العالم، نقطة انطلاق عملية الإعمار وتوفير التمويل اللازم للبناء. وسيؤدي هذا إلى نهضة عربية من شأنها أن تبشر بخطة عالمية تقود الانتعاش الاقتصادي العالمي تشبه خطة مارشال ولكن على مستوى العالم.

الاقتصاد العربي في امتحان الأزمة المقبلة

لا توجد أرقام رسمية أو موثقة تحدد بدقة حجم استثمارات العرب في الخارج، خاصة في الدول التي تتركز فيها ومنها أوروبا والولايات المتحدة، والمتوافر من بيانات مؤسسات عربية مثل صندوق النقد العربي يشير إلى أن هذه الاستثمارات تتراوح قيمتها بين 800 و2400 مليار دولار.

لكن الرقم أكبر من ذلك بكثير، خاصة أن ما تملكه أربعة صناديق سيادية خليجية مملوكة لحكومات السعودية والإمارات والكويت يتجاوز 2000 مليار دولار مستثمرة في البنوك والأسواق الغربية.

هذه الأموال باتت مهددة في ظل توقعات قوية بحدوث أزمة مالية تعصف بالاقتصاديات الكبرى وتكبد الحكومات الغربية خسائر بمليارات الدولارات وتؤدي إلى إفلاس بنوك ومؤسسات مالية كبرى، كما حدث مع بنك ليمان برازر الاستثماري الأمريكي العملاق إبان أزمة 2008. كما أن التهديد يأتي من تراجع العوائد على هذه الاستثمارات بسبب سياسات خفض الفائدة على الودائع والسندات.

وحسب المدير العام للمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، مروان سلامة لـ«العربي الجديد»، فإنه "في حال حدوث أزمة عالمية جديدة، ستتأثر الاقتصادات الخليجية بها، نظراً لارتباط هذه الأسواق بالسوقين الأمريكي والصيني ارتباطاً وثيقاً، بالإضافة الى أن الصناديق السيادية الخليجية التي تستثمر ثروات هذه الدول وفوائضها المالية من النفط خلال السنوات السابقة، في أسواق الأسهم العالمية، والسندات الأمريكية، وهو ما يؤكد تأثر هذه الاستثمارات وتعرضها لمخاطر كبيرة حال حدوث الركود الاقتصادي».

جدول: أكثر الدول العربية هشاشة أمام الصدمات المالية الخارجية
كلما ارتفع مستوى المخاطرة في الخانة الأخيرة من الجدول، كانت مخاطر تفاقم الوضع أعلى 

المصدر:Trading Economics

المصدر:Trading Economics