عندما خرجت الجولان من سوريا ولم تعُد

بتوقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مارس/آذار 2019، على مرسوم يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان السورية المحتلة منذ 1967، أصبحت الهضبة مهددة بالخروج من الخرائط العربية، لتضيف إلى مساحة إسرائيل وقوتها الاستراتيجية ونفوذها على أرض الواقع.

ترامب يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان / رويترز

ترامب يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان / رويترز

ترامب يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان / رويترز

هذا التقرير يستعرض وقائع ضياع الجولان، وتأثير ذلك على الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط.

الاحتلال أولاً.. ثم الضم

الدبابات الإسرائيلية تُلقي بالكلمة الأولى في مصير الجولان

اقتطعت إسرائيل نحو 70% من الجولان في حرب يونيو/حزيران 1967، وفي 1974 أعادت إسرائيل مساحة 60 كم مربعاً تضم مدينة القنيطرة، كانت قد احتلتها في حرب 1973، وعدّة قرى في إطار اتفاقية فك الاشتباك، إلا أن مدينة القنيطرة ما زالت مدمرة.

وبمرور الوقت، بنت إسرائيل العشرات من المستوطنات هناك، وبذلك وصل عدد السكان اليهود في المنطقة إلى نحو 26 ألف نسمة، متجاوزاً عدد السكان العرب الذي يبلغ الآن 22 ألفاً فقط.

حاولت سوريا تحرير الجولان في حرب 1973، لكنها خسرت المزيد من الأرض، التي استعادتها في إطار اتفاق «فض الاشتباك» عام 1974، والذي سمح بإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح بين الطرفين، تشرف عليها قوة من الأمم المتحدة قوامها نحو ألف رجل، بكلفة سنوية تبلغ نحو 60 مليون دولار.

ليست المحاولة الأولى لضم الجولان

حاولت إسرائيل ضم الهضبة في 1981، لكن الأمم المتحدة رفضت، ونفذ الأهالي عصياناً مدنياً ضد فرض الجنسية الإسرائيلية عليهم. وأحرقوا الهويات الإسرائيلية في ساحة مدينة مجدل شمس بالجولان.

في 14 ديسمبر/كانون الأول 1981 أصدرت إسرائيل قانوناً بضم هضبة الجولان إلى إسرائيل، وفرض الجنسية الإسرائيلية على سكان الجولان السوريين. جاء القانون بعد مواجهات عديدة بين الجولانيين والسلطات الإسرائيلية، وبعد مصادرة أجزاء من أراضيهم، وحرمانهم من مياه الري وتوجيهها إلى أراضي المستوطنين. بعد صدور القانون ألغت إسرائيل تراخيص المحلات والسيارات المملوكة لأشخاص رفضوا الهوية الإسرائيلية، ورفضت تسجيل المواليد أو عقود البيع والشراء، أو أي إجراءات رسمية لأهالي الجولان.

في 14 فبراير/شباط 1982، أي بعد شهرين من صدور القانون، جمع أهالي الجولان الهويات الإسرائيلية في كومة في الساحة التي تتوسط البلدة وأشعلوا فيها النيران.

قال أهالي الجولان في بيان لهم 13 فبراير/شباط 1982: «إخوتنا في الكفاح، يقع على عاتقكم اليوم الوقوف بجانبنا بكل ما لديكم من إمكانات، وليعلم الجميع أن الأمور قد وصلت إلى حالة لا تسمح لأحد بالوقوف متفرجاً أو محايداً».

لكنهم بالفعل كانوا يخاطبون شعوباً من المتفرجين والمحايدين، منذ الاحتلال في لهيب صيف 1967 إلى الضم مع النسمات الأولى لربيع 2019.

قبل الاحتلال: ساحات الغضب في الجولان

منذ استقلال سوريا عام 1946 لم تهدأ الهضبة.

من الجولان انطلقت المدافع عام 1953 لتمنع إسرائيل من تجفيف نهر الحولة وتحويل نهر الأردن. كانت سوريا تعلن أيضاً أنها في سبيلها لتحويل النهر في اتجاه أراضيها.

وشهدت الجولان معارك متتابعة في الخمسينيات والستينيات، انتهت بكارثة الاحتلال.

وكانت الجولان أرضَ المنفى للمعارضين، خاصة ضباط الجيش الذين لا يرضى عنهم حزب البعث، فأوسعهم هناك قتلاً وتسريحاً وتعذيباً.

بعد الاحتلال: منتجعات التزلج ومصانع النبيذ

عند احتلال الجولان في 1967 كان عدد السكان يقترب من 150 ألف نسمة تقريباً، أغلبيتهم من العرب.

معظم السكان كانوا مسلمين سُنّيين مع أقلية علوية وأُخرى درزية.

أيضاً كانت هناك جماعات لا بأس في عددها من الشركس والتركمان، وأعداد قليلة من الأرمن والأكراد، ونحو 9000 فلسطيني من لاجئي النكبة.

تمت إزالة 135 قرية و122 مزرعة، وتهجير كامل السكان في اتجاه سوريا، ولم يبقَ سوى نحو 7000 نسمة تحت الاحتلال، متجمعين في الطرف الشمالي الغربي من المنطقة.

أقامت إسرائيل 33 مستوطنة سرقت الأرض تدريجياً أمام عيون أصحابها، وقررت ضم الهضبة عام 1981، رُغم المعارضة الشاملة من العالم.

على تلال الجولان الخضراء بنى المستوطنون بساتين ومصانع خمور وفنادق صغيرة ومنتجعاً للتزلج، وحوّلوا المنطقة إلى مكان لقضاء العطلات في إسرائيل.

أهالي الجولان يتظاهرون ضد الاحتلال الإسرائيلي

أهالي الجولان يتظاهرون ضد الاحتلال الإسرائيلي / رويترز 2007

أهالي الجولان يتظاهرون ضد الاحتلال الإسرائيلي / رويترز 2007

مظاهرات جولانية للمطالبة للعودة إلى الحكم السوري / رويترز 2007

مظاهرات جولانية للمطالبة للعودة إلى الحكم السوري / رويترز 2007

سياحة إسرائيلية في الجولان

سياحة إسرائيلية في الجولان

سياحة إسرائيلية في الجولان

إسرائيل ونتنياهو وترامب..

الثلاثة يطبخونها

تشييع عنصر من حزب الله بعد مقتله في سوريا

تشييع عنصر من حزب الله بعد مقتله في سوريا / رويترز

تشييع عنصر من حزب الله بعد مقتله في سوريا / رويترز

حسن نصرالله يحي مناصريه أثناء لقاء عبر البث المباشر

حسن نصرالله يحي مناصريه أثناء لقاء عبر البث المباشر / رويترز 2019

حسن نصرالله يحي مناصريه أثناء لقاء عبر البث المباشر / رويترز 2019

بحيرة طبريا

بحيرة طبريا

بحيرة طبريا

معدات حفر إسرائيلية بحثا عن النفط في الجولان المحتل

معدات حفر إسرائيلية بحثا عن النفط في الجولان المحتل

معدات حفر إسرائيلية بحثا عن النفط في الجولان المحتل

الانتخابات بمثابة استفتاء على مدى أهلية نتنياهو في الاستمرار

الانتخابات بمثابة استفتاء على مدى أهلية نتنياهو في الاستمرار

الانتخابات بمثابة استفتاء على مدى أهلية نتنياهو في الاستمرار

في يونيو/حزيران 2017، قال نتنياهو إن الجولان «كانت وستكون» لإسرائيل إلى الأبد.

لكن الحقيقة أن مزاعم إسرائيل في الهضاب الخضراء هنا ليست تاريخية، بل آنية ومستقبلية.

ونتنياهو في احتياج شخصي لإنجاز من هذا النوع.

وترامب يواصل تصعيده لصالح معركته في الانتخابات الرئاسية 2020.

أسباب إسرائيلية: فتّش عن حزب الله وإيران

أظهر الإسرائيليون في وقت سابق استعدادا لبحث إعادة الجولان مقابل السلام مع سوريا، إلا أنهم قالوا في السنوات القليلة الماضية إن الحرب الأهلية في سوريا ووجود قوات إيرانية هناك تدعم دمشق، يظهران أنه ينبغي لإسرائيل الاحتفاظ بالهضبة الاستراتيجية.

بدأت إسرائيل تروّج لفكرة الاحتفاظ بالهضبة الاستراتيجية على أنه نوع من الدفاع عن النفس.

وعندما قررت إسرائيل الإعداد لضم الجولان عبر المرور بتوقيع ترامب، اعتبرت أنها ترتب لصفعة «قوية» لإيران، وليس لسوريا.

إيران تقترب من الجولان.. تقترب من إسرائيل

في 2017 اتهم بنيامين نتنياهو إيران باستخدام الحرب الأهلية السورية لـ «كسب موطئ قدمٍ لمحاربة إسرائيل» وسط مخاوف بشأن قواتٍ إيرانية متمركزة على طول الحدود مع مرتفعات الجولان المحتلة.

إيران لا تظهر في الفيلم السوري بشخصها مباشرة، هي تدعم بشار الأسد من خلال نشر الحرس الثوري الإيراني، وميليشيا الباسيج، وتمويل ميليشيات حليفة، من بينها حزب الله اللبناني.

وحزب الله يضع الجولان في مرمى الصواريخ

فاجأ الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، متابعيه باعتراف غير عادي في مايو/أيار 2018، حين أقر بالمسؤولية عن هجوم صاروخي من داخل سوريا على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، وقال إن هذا يمثّل «مرحلة جديدة تماماً» في الحرب السورية.

وهدَّد نصر الله بقصف «قلب» إسرائيل، حال تجاوزت الأخيرة الخطوط الحمراء بسوريا، «نحن أمام مرحلة جديدة في سوريا، وأهم ما حصل هو كسر الهيبة الإسرائيلية».

الهضبة العالية ذات ​الأهمية الاستراتيجية

إنه السبب القديم الجديد لإسرائيل وهي تخطط للاحتفاظ بالجولان.

تطل الهضبة على الجليل، وعلى بحيرة طبرية في الجانب الإسرائيلي، كما تتحكم بالطريق المؤدية إلى دمشق على الجانب السوري. مرتفعات الجولان تجاور أيضاً الأردن ولبنان.

وتمثل الجولان حاجزاً طبيعياً يحمي إسرائيل من أي توغل عسكري، خاصة بعد اقتراب «أصدقاء الأسد» من الشمال الإسرائيلي.

خزان المياه الذي تشرب منه إسرائيل

تقول الإحصائيات الإسرائيلية إن 21% من إنتاج إسرائيل من الكرمة (العنب) تأتي من الجولان، وكذلك 50% من إنتاج المياه المعدنية، و40% من لحوم البقر.

تحصل إسرائيل على ثلث مياه الشرب والزراعة والاستعمالات الأخرى من هضبة الجولان وجبل الشيخ، «أبو المياه العذبة في إسرائيل»، التي تعاني نقصاً مزمناً في المياه، وكذلك بالنسبة إلى سوريا، خصوصاً مع نهر بانياس الذي يغذي نهر الأردن. وكذلك نهر الحاصباني الذي ينبع في لبنان، ويمر في الجولان قبل أن يصب في نهر الأردن.

النفط تحت صخور التلال في الجولان

تباشر إسرائيل عمليات البحث التجريبي عن النفط والغاز الصخري في هضبة الجولان، عبر إحدى شركات جيني إينرجي Genie Energy التي تأسست عام 2011 في ولاية نيوجيرسي الأمريكية كشركة قابضة.

المجلس الاستشاري الاستراتيجي للشركة القابضة يضم نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، وصاحب الإمبراطورية الإعلامية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا روبرت مردوخ، ورئيس جهاز المخابرات الأمريكية الأسبق السابق جيمس وولسي James Woolsey Jr، وآخرين.

تم بالفعل اكتشاف النفط في البئر الاستكشافية الأولى التي حفرتها الشركة أواخر مايو/أيار 2015، أي بعد 4 أشهر من الحفر، لكن معدل الإنتاج الفعلي متواضع جداً، وبعيد عن تحقيق الاكتفاء الذاتي لإسرائيل.

نتنياهو يحتاج إلى هذا الإعلان الأمريكي

الموافقة الأمريكية على ضم الجولان جاءت قبل أيام من الانتخابات الإسرائيلية التشريعية الساخنة: 45 لائحة مسجلة ومئات المرشحين من أيديولوجيات متباينة يتنافسون على مقاعد البرلمان الإسرائيلي.

الانتخابات بمثابة استفتاء على مدى أهلية بنيامين نتنياهو لمواصلة العمل كرئيس للوزراء مع 4 قضايا فساد تنتظر البت فيها.

إحدى القضايا تحقق في تسلّم رئيس الوزراء للسيجار باهظ الثمن والشمبانيا والمجوهرات من أصحاب المليارات.

وتتعلق قضيتان بالجهود المبذولة لرشوة أكبر موقعين إخباريين لإسرائيل وهما «YNET» و«Walla!»، مقابل تغطية إيجابية في الفترة التي سبقت انتخابات 2015.

القضية الرابعة تخص دفعات غير مشروعة إلى سماسرة متورطين في صفقة كبيرة لشراء الغواصة الصاروخية والفرقاطات الصاروخية لصالح البحرية الإسرائيلية عبر شركة يملكها أحد أقاربه. ويحقق المدعي العام في مزاعم تضارب مصالح ضد نتنياهو تنطوي على شراء أسهم في الشركة.

وكان إعلان ضم الجولان هدية ترامب لنتنياهو قبل أيام من الانتخابات.

وترامب يسعى لتسجيل «رمية ثلاثية»

كان ترامب يخطط للإعلان ويفكر فقط في توقيت الكشف عنه.

يريد ترامب تجديد ولائه لكتلة انتخابية مهمة داعمة لإسرائيل.

يريد مساعدة أصدقائه في إسرائيل لتوجيه ما يصفونه بالـ «صفعة» لسياسات طهران في سوريا.

ويريد أن يبدأ الإحماء لحملته الانتخابية 2020 بضربة تظهره بصورة الرئيس القوي، غير المتوقع.

القانون الدولي لا يملك سوى الإدانة

رفض العالم محاولة إسرائيل السابقة ضم هضبة الجولان، والخطوة الجديدة بإجماع خبراء القانون هي انتهاك صارخ للمواثيق الدولية.

يعد هذا يا سيادة الرئيس انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرار مجلس الأمن رقم 242 (1967)، الذي يؤكد على رفض الاستيلاء على الأرض من خلال الحروب. ربما ترغب في التشاور مع محامين متخصصين بالقانون الدولي. العدالة والإنصاف هما مفتاح السلام في الشرق الأوسط.
محمد البرادعي

بعد الحرب العالمية الثانية، أعلنت قوى الحلفاء المنتصرين نهاية عصر الغزو العسكري من أجل الاستحواذ على الأراضي. ومنذ عام 1945، رفض الإجماع الدولي هذا الشكل من الاستحواذ على الأراضي تقريباً على جميع الأصعدة، حسبما جاء في ورقة تحليلية نشرها مركز Startfor الأمريكي المتخصص بالأخبار الاستخباراتية الجيوسياسية. من خلال ترسيخ قاعدة عدم قبول السيادة على الأراضي بالقوة العسكرية.

كان الحلفاء يأملون تجنُّب حربٍ عالمية ثالثة، عن طريق توجيه التوترات والمنافسات إلى المؤسسات الدولية وقواعد القانون، بدلاً من الدبابات والبنادق. ساعد هذا النهج على تقييد المنافسة السوفييتية - الأمريكية في نطاق معارك نفوذ بدلاً من السيطرة على الأراضي.

لكن العالم شهد الكثير من الانتهاكات للقاعدة الجديدة.

​​تركيا تدخل قبرص في عام 1974.

غزو إندونيسيا لتيمور الشرقية في عام 1976.

وغزو العراق للكويت في عام 1990.

وضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.

بقيت الولايات المتحدة، إلى جانب معظم القوى العظمى الأخرى، في كل هذه الحالات، ثابتةً على اعتقادها أنَّ مثل هذه التوسعات غير قانونية، وغير مبررة، ويتوجب التراجع عنها في أسرع وقت ممكن.

ثم انضمت لهؤلاء المنتهكين بقرارها الدبلوماسي الذي قضى بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.

والآن بإعلانها الموافقة على ضم الجولان.

على الصعيد العالمي، سيكون هذا تحولاً رئيسياً.

يفتح الموقف الأمريكي الباب أمام مطالبات دول أخرى مثل روسيا في القرم.

وقد تتجرأ بعض الدول على اتخاذ إجراءاتٍ عسكرية أكثر عدوانية؛ لأنَّها ستكون أقل خوفاً من مواجهة احتمالية تدخُّل الولايات المتحدة.

الجولان التي ضاعت في الحرب قد تعود بالقانون

متخصص مصري في القانون الدول قال لـ «عربي بوست» إن ترامب بتوقيعه لم يصدر أمراً تنفيذياً، بل إعلاناً Proclamation غير ملزم  حتى للجهات الرسمية الأمريكية، بينما صاغ قرار العقوبات ضد إيران في صورة أمر تنفيذي.

وما الذي يمكن لسوريا أن تفعله إذن؟

يجيب الخبير القانوني بأن الاحتجاج الرسمي قد يتيح لسوريا استكمال الطريق لاحقاً؛ لأن الصمت يعني التسليم بالأمر الواقع. والمثال على ذلك طابا المصرية. «حاربت مصر منذ احتلال سيناء حتى أكتوبر/تشرين الأول 1973 لتحريرها، لكنها استردتها عام 1988 بإعمال القانون الدولي، وبلا طلقة واحدة».

هل تسري القاعدة نفسها على الجولان، أم أن هذا العالم قد تغير كثيراً عما كان قبل سنوات؟

وبعد الضم..

ما الذي يتغير في هذا العالم؟

جاريد كوشنر / رويترز

جاريد كوشنر / رويترز

جاريد كوشنر / رويترز

وصفت «نيويورك تايمز» إعلان ترامب بالخطوة التي ستدعم نتنياهو، لكنها تمثل خطورة كبيرة على الأوضاع في الشرق الأوسط، تأكيداً لصعوبة تمرير تلك الخطوة، سواء من خلال انتزاع توافق دولي أو حتى ما يشبهه، وتحذيراً من مخاطر تقوية الرافضين لفكرة التطبيع مع إسرائيل في المنطقة.

إنها المرة الأولى منذ عام 1945 التي تُقر فيها الولايات المتحدة بشرعية السيادة على أرضٍ جرى الاستيلاء عليها بالقوة العسكرية، وهي خطوة ستكون لها آثارٌ كبيرة على النظام العالمي الحالي، هذه أبرزها.

تثبيت كل «حقائق إسرائيل على الأرض»

منح ترامب الجولان إلى إسرائيل، عقب نقله السفارة الأمريكية إلى القدس، «يخبرنا الكثير عمّا تذهب إليه خطة كوشنر للسلام؛ إذ من المرجح أن تعترف واشنطن بكل «حقائق إسرائيل على الأرض» في معظم المناطق المتنازع عليها. وسيعملون على استغلال ضعف السلطة الفلسطينية، وعندما ترفض قبول ما هو معروض ستنفض الإدارة الأمريكية يديها من الأمر، وتلقي باللوم على العناد الفلسطيني، وتبدأ رسمياً في الاعتراف بالمزاعم الإسرائيلية التي تتعلق بأجزاء من الضفة الغربية المحتلة».

هكذا غرّد بول داناهار، وهو رئيس سابق لمكتب هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» في الشرق الأوسط، مضيفاً أن «هناك استعجالاً تجاوَزَ حدود اللياقة بدرجة كبيرة من جانب المملكة العربية السعودية وإسرائيل، لإعادة تشكيل المنطقة وفق أهوائهما».

دخول عملية السلام في حالة موت سريري

قرار ترامب قد يغري قوًى أخرى بضم الأراضي، ويقوّض طرح خطة سلام أمريكية في الشرق الأوسط، ويدفع إسرائيل مجدداً إلى الصراع مع جيرانها العرب.

ويرى فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، أن «ما فعله ترامب دق مسماراً قاتلاً في نعش عملية السلام والمصالحة العربية - الإسرائيلية. هذه نقطة تحوّل أساسية. لم يعد هناك أي شيء لمناقشته بعد الآن».

نهاية حل الدولتين إلى الأبد

اعتبرت تغطيات صحفية في ألمانيا أن الاحتجاجات الغاضبة من تركيا وإيران وسوريا تعطي مؤشراً على تهديد بالمزيد من زعزعة استقرار المنطقة. «خطوة ترامب تأتي لصالح المتطرفين الإسلامويين، والأسوأ هو أن الموافقة على ضم الأرض يمكن أن تشجع اليمين الإسرائيلي، بتحويل حلمهم، بضم الضفة الغربية المكتظة بالسكان، إلى واقع. وقد يكون ذلك النهاية لفكرة حل الدولتين، وربما يتسبب في اندلاع حرب جديدة».

تشجيع «الرجال الأقوياء» على اغتصاب الأراضي

اعتراف ترامب بالاستيلاء على أراضي دولةٍ ما من جانب دولة أخرى قد يُصعِّب على الولايات المتحدة أن تتصدى «للرجال الأقوياء حين يستولون على أراضي دولٍ أخرى». هكذا غرّد حسين إبيش، وهو باحثٌ مقيم بمعهد دول الخليج العربي في واشنطن.

يضيف: «ستتلقى مفاهيم النظام الدولي والقانون الدولي ضربة كبيرة هنا. فالآن، ماذا سنقوله إذا تكرَّر ما فعله صدام حسين في الكويت؟

- نريدك أن تخرج.

- حسناً، على أي أساس؟».

عندما صعد يسوع إلى قمة جبل التجلّي.. تاريخ الجولان

رسائل تل العمارنة / أوشيف

رسائل تل العمارنة / أوشيف

رسائل تل العمارنة / أوشيف

جدارية لملحمة جلجامش / أرشيف

جدارية لملحمة جلجامش / أرشيف

جدارية لملحمة جلجامش / أرشيف

قلعة نمرود / أرشيف

قلعة نمرود / أرشيف

قلعة نمرود / أرشيف

قلعة الحصن / أرشيف

قلعة الحصن / أرشيف

قلعة الحصن / أرشيف

آثار خسفين / أرشيف

آثار خسفين / أرشيف

آثار خسفين / أرشيف

كلمة جولان آرامية بمعنى دائرة.

كان اسمها في العصور الكلاسيكية «جولانيتس»، وهي تعني باللغة اليونانية الأرض المغطاة بالعشب التي تتجول فيها القطعان للرعي.

أقدم نص مكتوب يشير إلى منطقة الجولان ورد في رسائل تل العمارنة، في إشارة إلى الصلح بين المصريين والحيثيين، حيث أصبحت سوريا الجنوبية، بما فيها الجولان، تحت حكم الفراعنة في مصر.

يا جبل الشيخ «يا قطر الندى»

اسمه القديم حرمون، وكان محط رحال الرحالة والمغامرين. تبقى قمته مكسوّة بالثلوج ما يقارب 10 أشهر في السنة، ما جعل العرب يشبهونه بالشيخ الأشيب. ورد اسمه في نشيد الإنشاد بالعهد القديم:

«هَلُمِّي مَعِي مِنْ لُبْنَانَ يَا عَرُوسُ، مَعِي مِنْ لُبْنَانَ! انْظُرِي مِنْ رَأْسِ أَمَانَةَ، مِنْ رَأْسِ شَنِيرَ وَحَرْمُونَ، مِنْ خُدُورِ الأُسُودِ، مِنْ جِبَالِ النُّمُورِ».
سفر نشيد الإنشاد 4: 8

وحرمون ذاته هو الجبل العالي جداً الذي كان يتردد إليه يسوع، الذي تذكر الأناجيل زياراته لبانياس قيصرية فيليبس قرب حرمون.

وهو جبل التجلي:

«وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ».
إنجيل متى 17: 1
«وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ».
إنجيل متى 17: 1

وفي رحلة جلجامش من العراق إلى الشام، يصل إلى دار الخلود. ثم بلغ جبلاً عظيماً، هو جبل ماشو.

هو الجبل الذي يحرس كل يوم شروق الشمس وغروبها.

الجبل الذي تبلغ أعاليه قبة السماء، بينما يهبط صدره نحو العالم الأسفل، كما يقول محمد خلاوي في كتابه «نشأة الحياة والإنسان».

وربما مر الملك النمرود على هذه الهضاب

تاريخ الجولان يبدأ منذ عصور ما قبل التاريخ، كما تؤكد الأدوات الحجرية والآثار في العدنانية، والقنيطرة، وبركة رام، وجبل كريم، وخان العيون.

هنا أهم 4 مواقع أثرية بالهضبة:

قلعة بانياس أو قلعة النمرود

على قمة جبل شاهق في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة بانياس.

قلعة الحصن

قرب مدينة فيق القديمة، 50 كم جنوب من القنيطرة، على تلة متطاولة وقد بناها الأنباط في القرن الأول قبل الميلاد.

آثار خسفين

عثر المنقّبون في منطقة الزوية على مجموعة من الأواني الزجاجية والأحجار البازلتية والفخارية المنحوتة، التي تعود إلى العهدين الروماني والبيزنطي.

الحمى

في جنوب الجولان، عند ملتقى الحدود مع فلسطين والأردن، توجد مجموعة من المدرجات والملاعب وأطلال الحمامات الرومانية.

أخيراً.. 3 أسئلة بعد ضمّ الجولان

هل تستطيع واشنطن تبرير موقفها من ضم الجولان للعرب؟

يقول مسؤولو البيت الأبيض إن القرارات بشأن القدس وهضبة الجولان «تقر حقيقة على الأرض، ويقولون إنها يجب أن تكون الأساس لأي مفاوضات سلام». وقال مبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، إنه من غير المعقول أن تسمح إسرائيل «بأن تسيطر على الجولان دولة سوريا أو أي من العناصر المارقة التي تعمل في المنطقة، بما في ذلك إيران»، على حد تعبيره.

وفي ظل تعامل الزعماء العرب مع أزمات في اليمن وسوريا وليبيا والجزائر والسودان وقطر، ومواجهتهم مع إيران «الشيعية» غير العربية، فإنهم أقل تركيزاً بشأن إسرائيل، كما يعتقد مقربون من ترامب.

وهل يستطيع العرب أن يقدموا أكثر من الأسف؟!

بعد الخطوات بشأن القدس وهضبة الجولان، قد تشعر إيران وحزب الله بقدر أكبر من القدرة على تأكيد أنهما الحليفان الثابتان الوحيدان للقضية الفلسطينية. وقد يعود ذلك بالنفع أيضاً على الرئيس السوري بشار الأسد من خلال مساعدته في تصويره لإسرائيل والولايات المتحدة كأعداء.

ويقول غالب دالاي، وهو زميل زائر بجامعة أوكسفورد وزميل في مركز بروكنغز الدوحة: «سيعطي هذا مزيداً من القوة لمحور المقاومة الإيراني بين إيران وحزب الله والأسد ضد إسرائيل والولايات المتحدة، حصل هذا المحور على انتصار رمزي قوي جداً وسيوفر هذا لهم اليد العليا».

وأضاف دالاي أن «الزعماء العرب لا يمكنهم أن يدعموا علناً قرارات ترامب بشأن القدس وهضبة الجولان؛ لأن ذلك يهدد شعبيتهم المنخفضة بالفعل».

وحتى القادة العرب الذين «يبغضون الديكتاتور السوري بشار الأسد ويمنحون الأولوية لموقف ترامب الشرس ضد إيران على حساب محنة الفلسطينيين لا يمكن اعتبارهم مؤيدين لتسليم الأراضي العربية لإسرائيل».

..وماذا يقول ترامب إذا

استولى صدام حسين جديد

على «كويت» جديدة

بالقوة العسكرية؟