"عين الصقر" الإمارتي تراقب الجميع

كيف أسس محمد بن زايد شبكات التجسس والمرتزقة وأنفق الأموال لإجهاض الربيع العربي

وصل الأمير إلى واشنطن ليشتري أسلحة.

محمد بن زايد البالغ من العمر وقتها 29 عاماً، كان يقود سلاح الجو الإماراتي الذي لا يكاد يذكر.

كان ذلك في عام 1991، بعد شهور قليلة من غزو الكويت، حين أراد الأمير الصغير شراء أكبر كمية ممكنة من السلاح لحماية مملكته النفطية الثرية – وتراوحت الأسلحة التي رغب في شرائها من صواريخ إلى مروحيات الأباتشي إلى طائرات إف 16 المقاتلة – لدرجة أن الكونغرس انتابه القلق من أن يؤدي ذلك إلى زعزعة المنطقة بأسرها.

لكن وزارة الدفاع الأمريكية وجدت في محمد بن زايد شريكاً واعداً.

كان الأمير محمد هو الذي أقنع والده بتحويل أربعة مليارات دولار إلى خزينة الولايات المتحدة للمساعدة في دفع تكاليف الحرب في العراق في عام 1991.

وأمام الكونغرس وقف ريتشارد إيه كلارك، مساعد وزير الخارجية آنذاك، ليطمئن النوّاب الأمريكيين بأن الأمير الصغير لن يتحول أبداً إلى رجل عدواني.

"ليست الإمارات العربية المتحدة الآن، ولن تكون أبداً، مصدر تهديد للاستقرار والسلام في المنطقة. يصعب جداً تصور حدوث ذلك. بل إن الإمارات العربية المتحدة قوة من أجل السلام."

بعد ثلاثين عاماً، بات الأمير محمد، ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات العربية المتحدة والبالغ من العمر ثمانية وخمسين عاماً، هو الزعيم الأقوى في العالم العربي، كما يرى كثيرون.

كما أنه واحد من بين أكثر الأصوات الأجنبية نفوذاً في واشنطن، حيث يحض الولايات المتحدة على تبني رؤيته في التعامل مع المنطقة، وهي رؤية تميل بشكل متزايد نحو العسكرة والقتال، حسب تقرير لصحيفة New York Times، التي ترى أن "الأمير محمد بن زايد تمكن من تنمية نفوذ الإمارات العربية المتحدة من خلال محاكاة الولايات المتحدة والاقتداء بنموذجها. ولكنه بات الآن صاحب أجندة حربية خاصة به، ويبدو أن الرئيس ترامب صار تبعاً له".

الإمارات تمتلك اليوم جيشا هو الأقوى في العالم العربي، فقد استفاد في تجهيزاته من عمله المشترك مع الولايات المتحدة في العمليات الحربية التي ينفذها فيما وراء حدود بلاده.

الإمارات تمتلك اليوم كتائب إلكترونية للتجسس على مواطنيها وخصومها وأصدقائها.

تملك جيشا من المرتزقة يحارب في عدة جبهات خارج حدودها.

وتتدخل بنفوذها وأموالها ضد ثورات الشعوب العربية وآمالها في حياة أفضل.

في هذا التقرير نستعرض أهداف أبو ظبي من كل هذا، والوسائل التي تمتلكها لتحقيق هذه الأهداف، وكيف أسس محمد بن زايد واحدة من أكبر شبكات التجسس التقليدي، ثم الإلكتروني في عصر الإنترنت، وكيف أسس إمبراطورية عسكرية بطريقة تأسيس شركة.

محمد بن زايد مع النواب الجمهوريين بوب كوركر، ميتش ماكنل، جون ماكين، والديمقراطييْن بين كاردين وجاك ريد

محمد بن زايد مع النواب الجمهوريين بوب كوركر، ميتش ماكنل، جون ماكين، والديمقراطييْن بين كاردين وجاك ريد

مع محمد بن سلمان وقوات عملية إعادة الأمل ضد الحوثيين في اليمن

مع محمد بن سلمان وقوات عملية إعادة الأمل ضد الحوثيين في اليمن

الأهداف: امبراطوريتنا "تتحمل عبء الأمن في محيطنا"

أمام ندوة لإحدى المؤسسات البحثية في لندن، في يوليو/تموز 2018، وقف وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية للإعلان عن الدور المرتقب الجديدة لبلاده في منطقة الشرق الأوسط، الدور الذي بدأت تضطلع به الإمارات قبل سنوات بالفعل.

"نحن مستعدون لتحمُّل المزيد من عبء الأمن في محيطنا. نعلم أنه لم يعد من الممكن مواصلة الاعتماد على الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة لقيادة مثل هذه العمليات العسكرية".

هكذا قدم المسؤول الإماراتي بطاقة اعتماد بلاده امبراطورية وليدة، تقوم بدور القوى الاستعمارية التقليدية بالمنطقة.

ولكن هل حقاً هناك إمبراطورية، وأين يمتد نفوذها؟

تنفي وسائل الإعلام الإماراتية أحياناً هذه الطموحات الإمبراطورية، بينما تؤكدها المصادر الغربية، بما فيها مسؤولون كبار بالجيش الأميركي، وصف أحدهم فيه الإمارات بأنها إسبرطة الصغيرة، الخاصة بالولايات المتحدة، مشيداً بقدرات طياريها في الحرب ضد داعش.

ولكن الجغرافيا أصدق أنباء من النفي الإعلامي، فعلى طوال خريطة الشرق الأوسط والقرن الإفريقي وحتى المغرب العربي، يظهر الوجود الإماراتي بأشكال مختلفة.

كما أن شبكات التجسس الإلكتروني التي تنطلق من أبو ظبي، تطارد المواطنين المعارضين على امتداد الكوكب، وتتلصص على الخصوم السياسيين، حتى لو كان جيرانا وأصدقاء في العلن.

منذ عقود والأمير حليف مهم من حلفاء الولايات المتحدة، يأتمر بأمرها وينهج نهجها، لكنه بدأ الآن يشق طريقه الخاص. فقواته الخاصة تنشط في اليمن وليبيا والصومال وشمال سيناء في مصر. وعمل على إحباط التحولات الديمقراطية في الشرق الأوسط وساعد في تنصيب مستبد يمكنه الاعتماد عليه في مصر وعزز من وضع صديقه وأوصله إلى رأس هرم السلطة في المملكة العربية السعودية.

تهيمن أبوظبي وحدها على ما يقرب من 6% من احتياطي النفط العالمي، الأمر الذي يجعلها هدفاً مغرياً لجارة أكبر منها مثل إيران. ففي عام 1971، عندما حصلت الإمارات العربية المتحدة على استقلالها من بريطانيا، قام شاه إيران بالاستيلاء على ثلاث جزر متنازع عليها في الخليج، هي طُنُب الكبرى والصغرى وأبو موسى.

هاجس الخوف من جانب دولة صغيرة ثرية ليس أمرا يدعو للدهشة، لكن ما فعلته الإمارات منذ التسعينيات حتى الآن يتجاوز حدود الخوف من جار قوي، إلى حدود بناء قوة تعبر الحدود والبحار، وتؤسس لنفوذ مالي وسياسي غير مسبوق لدولة عربية خليجية، منذ تأسيس واستقلال ممالك الخليج ودوله.

تنقل New York Times عن دبلوماسيين غربيين يعرفون الأمير محمد بن زايد، أنه مسكون لدرجة الهوس بعدوين، هما إيران وجماعة الإخوان المسلمين، ولقد سعى للتحرك بقوة ضدهما معاً، ونجح في تخطي معارضة الكونغرس للاستمرار في بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

إمبراطورية الجواسيس: أكبر الشبكات التقليدية في هذا العالم

لمعت الإمارات في عالم الجاسوسية الكلاسيكية، قبل أن تصبح سيدة التجسس الإلكتروني أيضا في الأعوام الأخيرة.

تبقى دبي من أكثر النقاط نشاطا في العالم فيما يتعلق بعمليات التجسس، لأنها محور النقل العالمي، ومركز المؤتمرات الراقية، ووجهة سياحية جذابة، بالإضافة إلى أنها نقطة التقاء العالم الإسلامي والإفريقي والجنوب آسيوي، خاصة الهندي والأفغاني. كما تمثل دبي مركزاً مالياً ومحطة لغسيل الأموال، بعد بيروت. وتجعل كل هذه الظروف من الإمارات «منطقة صيد» ملائمة للمخابرات.

في نهاية عام 2017 كتبت مجلة Foreign Policy تقريرا بعنوان "الإمارات تدفع لضباط سابقين في سي آي إيه لبناء امبراطورية تجسس في الخليج".

وقال أحد الموظفين السابقين للمجلة، إن المال كان رائعاً «لقد كان 1000 دولار في اليوم، ويمكنك العيش في فيلا، أو في فندق 5 نجوم في أبوظبي».

كان المشروع قد بدأ قبل ذلك بسنوات.

البداية: فتشوا عن إسرائيل

رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوتشافي مؤسس نظام المراقبة الشامل لصالح الإمارات

رجل الأعمال الإسرائيلي ماتي كوتشافي مؤسس نظام المراقبة الشامل لصالح الإمارات

صور من الأقمار الصناعية الإسرائيلية لمدينة مصياف بريف حماة في سوريا

صور من الأقمار الصناعية الإسرائيلية لمدينة مصياف بريف حماة في سوريا

لم تنجح جميع الطائرات التي تقلع وتهبط بشكل يومي من مطار بن غوريون في إثارة شهية الصحفيين مثلما نجحت طائرة ترفع علمًا سويسريًا، تطير في رحلة أسبوعية واحدة تقريبًا لوجهة واحدة هي الأردن، ومنها إلى أبو ظبي، ولا يتم تسجيل الرحلة في مطار الملكة علياء ولا في مطار أبوظبي.

وراء الرحلة الغامضة رجل أعمال إسرائيلي اسمه ماتي كوتشافي مؤسس شركة آسيا غلوبال تكنولوجي AGT.

ولد كوتشافي Mati Kochavi في حيفا ودرس التاريخ والفلسفة في جامعتها، وانتقل في التسعينات إلى نيويورك، وهناك صنع الرجل ثروته الأولى عبر الاستثمار في عالم العقارات.

في عام 2007 اختار رجل الأعمال الإسرائيلي أن يلقي بثقله بشكل رسمي في صناعة المراقبة الإلكترونية، وأسس شركة AGT في زيورخ بسويسرا.

تعمل الشركة اليوم في خمس قارات حول العالم، مع إجمالي عقود تبلغ قيمتها 8 مليارات دولار، لكن أحد أكبر عقودها على الإطلاق، وربما أول عقودها على الأرجح، كان عقدًا بقيمة 800 مليون دولار مع الإمارات، لتوفير نظام للمراقبة للبنى التحتية الأساسية وحقول النفط.

قبل توقيع العقد الكبير بعام واحد، استثمرت الإمارات 20 مليون دولار في عقد واحد للحصول على صور من مشروع الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية إيمدج سات image sat، الذي يمثل طفرة في صور الأقمار الصناعية التجسسية، بقدرة فائقة على التمييز بين أي جسمين لا يفصل بينهما مسافة أكثر من 70 سم على الأرض، بدقة غير مسبوقة. وكانت إسرائيل قد أطلقت القمر الصناعي بهدف التجسس على الأنشطة النووية الإيرانية، وكانت الإمارات ربما ترغب في الحصول على صور لأنشطة إيران على الجزر المتنازع عليها.

بين عامي 2007 و2015، أسست AGT أحد أنظمة المراقبة الأكثر تكاملًا في العالم، وهو نظام يحوي آلاف الكاميرات وأجهزة الاستشعار الممتدة على طول 620 ميلًا على كامل الحدود الإماراتية، بينما تصب المعلومات التي يقوم بجمعها في قاعدة بيانات تُدار من خلال إحدى أكبر شركاته في قلب إسرائيل، يرأس مجلس إدارتها رئيس سابق جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان".

نظام المراقبة الشامل الذي أسسه كوتشافي في الإمارات معروف باسم عين الصقر Falcon Eye، ويعتقد أنه تم تفعيله بشكل كامل منتصف العام الماضي، لإحكام الرقابة الصارمة والمخيفة على جميع أشكال الاتصالات في البلاد.

تستطيع أبو ظبي اليوم تحليل ملايين المنشورات التي تحوي فكرة أو كلمة معينة تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقياس مدى تأثيرها وتقديم تحليل طيفي لهذا التأثير، بل وإعادة هندسة الرأي العام حسب أهوائها.

لا تتوقف الإمارات عند مواطنيها ووافديها، بل تتعدى عمليات جمع المعلومات حدود الدولة لتنفذ مهام أخرى.

التجسس على المعارضين في الخارج

كشفت صحيفة Helsinkit Times الفنلندية أن شركة Dark Matter الإماراتية تعمل على الأراضي فنلندا عام 2014 على الأقل، عبر شركة فرعية. وكشف موظفون سابقون وحاليون بالشركة في فبراير/ شباط 2019 عن عمليات تجسس على الصحفيين والمعارضين ونشطاء حقوق الإنسان نيابة عن حكومة الإمارات العربية المتحدة.

يتم تنفيذ الجزء الأكبر من عمليات الشركة من مجمع سري يُعرف باسم "The Villa" في أبو ظبي ، حيث يقوم الموظفون بإعداد وتنسيق عمليات قرصنة الهاتف المحمول ، وهجمات للحصول على فدية ، وحملات التجسس على أشخاص يُعرفون أنهم معادون للأسرة الحاكمة في الإمارات. ولاحظت الصحيفة أن موقع شركة Dark Matter على شبكة الإنترنت يذكر مكاتب في دبي وأبو ظبي وكندا، دون ذكر أي وجود في فنلندا.

تنتج الشركة أيضًا أجهزة أمان بما في ذلك هاتف ذكي يُفترض أنه "مقاوم للاختراق" يسمى KATIM. من المعروف أن شركة Dark Matter تقرّبت من الشركات الناشئة في فنلندا عام 2016 لمناقشة فكرة إنتاج تكنولوجيا الهواتف الذكية. ومنذ ذلك الحين تم توظيف عدد من المهندسين الفنلنديين للعمل في الشركة.

الفيديو الترويجي لهاتف كاتم

التجسس على سلطنة عُمان

في 2011 أعلنت سلطنة عمان القبض على خلية تجسس هزت العلاقات بين البلدين، واعترفت بها أبو ظبي وهرولت إلى مسقط بوساطة من أمير الكويت لطي تلك الأزمة، وهو ما حدث آنذاك بالفعل، إلا أن 2015 شهد قضية تجسس إماراتية جديدة على عمان، وثبت تورط 5 إماراتيين وتمت إدانتهم أبريل/نيسان الجاري بالسجن 15 عاما.

وفي مارس 2019 غرد الصحفي العُماني المختار الهنائي من محكمة الجنايات بمسقط، والتي نظرت القضية.

تغريدة الصحفي العُماني مختار الهنائي

التجسس على قطاع غزة

في يوليو (تموز) 2014، اكتشفت المقاومة الفلسطينية تورط بعض الطواقم الطبية والإنسانية التي دخلت القطاع ضمن بعثة «الهلال الأحمر الإماراتي»، في عمليات تجسس لصالح إسرائيل، كان أحد أعضاء البعثة يعمل في جهاز أمني إماراتي، وقد اعترف بمحاولته التقصي عن مواقع إطلاق الصواريخ، واضطرت حماس لإطلاق سراحه لتجنب خلق أزمة مع الإمارات.

ورغم نفي الإمارات المستميت لهذا الدور، إلا أن تسريبات بريد للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، أكدت وجود لقاء جمع بين وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، قبل العدوان الأخير على غزة، وهو ما يثير الشكوك حول الدور الإماراتي في هذا العدوان.

التجسس على تركيا

في أبريل 2019 أوقفت السلطات التركية في إسطنبول مواطنين للاشتباه بتجسسهما لحساب استخبارات الإمارات وهي تحقق في احتمال علاقتهما بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، على ما أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية.

وقالت النيابة إن المشتبه بهما يحملان جوازي سفر فلسطينيّين، وكانا على اتصال مباشر ودائم مع القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، ووجهت النيابة إليهما تهمة الحصول على معلومات سرية خاصة بالدولة بغرض التجسس السياسي والعسكري.

والمعلومات المثبتة حتى الآن تؤكد وجود دور مشبوه لدولة الإمارات في تقديم الدعم لحليفتها السعودية من أجل التخلص من خاشقجي، وقالت وسائل إعلام تركية إن "ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد مول فريقاً كانت مهمته تنظيف ومسح الأدلة والدلائل المتعلقة بجريمة الاغتيال، بإشراف القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان".

أيضا أشار الإعلام التركي إلى دور المخابرات الإماراتية في الانقلاب الفاشل في تركيا منتصف يوليو/تموز 2016، وذكرت صحيفة يني شفق التركية أن الإمارات أنفقت 3 مليارات دولار للإطاحة بأردوغان والحكومة المنتخبة في يوليو/ تموز 2016.

التجسس على تونس

بحسب وثائق نشرها موقع أسرار عربية فان شبكة تجسس إماراتية بدأت العمل بتونس في أعقاب سقوط نظام المخلوع زين العابدين بن علي بفترة قصيرة، حيث تولى إدارتها الضابط في جهاز أمن الدولة الإماراتي برتبة عميد.

كان الهدف من الشبكة الإماراتية ضرب حركة النهضة التونسية في الانتخابات البلدية في أيار/ مايو 2018.

وقال الموقع إن الشبكة عملت خلال الفترة من 2013 على اختراق حزب نداء تونس الحاكم واختراق الدائرة المحيطة بالرئيس الباجي قايد السبسي، إضافة الى اختراق البرلمان، وشراء ولاءات وذمم رجال أمن ومسؤولين في الدولة، كما عملت على اختراق الأحزاب السياسية ومحاولة التأثير في عملها وخاصة حركة النهضة الاسلامية.

كما ذكرت تقارير أن الإمارات ضخت مبالغ مالية ضخمة في تونس من أجل التأثير في الأحزاب والانتخابات وشراء الذمم والولاءات، وبحسب رسالة بريد الكتروني مسربة فان مبلغاً مالياً ضخماً تم تحويله من الامارات الى تونس.

التجسس على ليبيا

في عام 2015، كشف شعبان هدية، القيادي في قوات فجر ليبيا، الموالية للمؤتمر الوطني العام في طرابلس، عن توقيف ضابط إماراتي بتهمة التجسس، حيث نقلت قنوات تلفزيونية محلية حينها عن مكتب النائب العام بطرابلس، أن الضابط كان في "مهمة استخباراتية داخل الأراضي الليبية".

ورغم أن الإماراتية تنصلت من الجاسوس في بيان رسمي، زاعمة أن الشخص المقبوض عليه مفصول من عمله بالشرطة الإماراتية منذ عام 2010 بسبب تورطه في قضية أخلاقية، إلا أن الرأي العام الليبي لم يقبل تلك الرواية، خاصة بعد أن ظهرت وثائق تفضح جاسوسا آخر في أعقاب الحديث عن الأول الذي ثبت تكريم السلطات الإماراتية له.

"الغراب الأسود" يراقب العالم الافتراضي

لوري ستراود

لوري ستراود

توكل كرمان

توكل كرمان

جيزيل خوري

جيزيل خوري

سعد الحريري

سعد الحريري

المعارض الإماراتي أحمد منصور

المعارض الإماراتي أحمد منصور

قطعت الإمارات في الأعوام الأخيرة شوطا كبيرا في تأسيس وإدارة واحدة من أكبر شبكات القرصنة والتجسس الإلكتروني في العالم، بخبرات إسرائيلية وأمريكية.

بدأ مشروع الغراب Raven التجسسي في العام 2009 بمساعدة أمريكين من متعاقدين عملوا في المخابرات الأمريكية، ومسؤولين في البيت الأبيض كانوا تحت إدارة جورج دبليو بوش. ونقلت الإمارات مشروع رافين إلى شركة أمن إلكتروني في أبو ظبي، هي دارك ماترDark Matter، حيث اضطرّت عدد من الأمريكيين بالمشروع إلى إنهاء مهمتهم بعد أن طُلب منهم مراقبة مواطنين أمريكيين باستخدام برنامج التجسس كارما Karma spyware.

يعتمد كارما جزئيا على ثغرة في برنامج iMessage الذي يستخدم في التراسل في أبل، سمحت بزرع برمجيات خبيثة حتى إذا لم يستخدم مالك الهاتف برنامج آي مسج.

لا يحتاج كارما سوى إلى توجيه رسالة نصية إلى الهدف.

مشروع الغراب

بعد أسبوعين من تركها منصبها في وكالة الأمن القومي الأمريكي، في عام 2014 ، بدأت لوري ستراود Lori Stroud عملها الجديد في المنطقة العربية، رفقة خبراء وعملاء استخبارات أمريكيين عديدين. كان هذا العمل، كما يوضح تقرير أعدته وكالة رويترز، يصب لصالح أعمال غير قانونية تقوم بها السلطات الإماراتية.

انضمت ستراود إلى مشروع الغراب Project Raven، والذي يتألف من فريق سري يضم أكثر من 12 عميلًا سابقًا في الاستخبارات الأمريكية، تم توظيفهم لمساعدة أبوظبي على المشاركة في التجسس ومراقبة حكومات ودول أخرى، ما في ذلك قطر، بالإضافة إلى نشطاء حقوقيين معارضين للعائلة الحاكمة. وتطور عملها كما توضح الوكالة لثلاث سنوات، حتى اكتشفت وغيرها من مواطنيها الذين شاركوا في هذا المشروع، أن عملهم يقطع الخط الأحمر، أي استهداف مواطنين أمريكيين ومراقبتهم.

وحسب الوكالة، فإن قصة هذا المشروع تكشف كيف استخدم عملاء سابقون في الحكومة الأمريكية أحدث أدوات التجسس الإلكتروني، لخدمة نظام استبدادي يستهدف معارضيه.

ضحايا الغراب الأسود

في نهاية يناير/ كانون ثاني 2019، انفردت وكالة رويترز بتقرير عنوانه: الإمارات استخدمت سلاحا إلكترونيا فائقا للتجسس على هواتف آيفون خصومها.

ونقلت عن خمسة ضباط سابقين ووثائق برمجية اطلعت عليها رويترز أن أداة التجسس سمحت للإمارات بمراقبة مئات الأهداف بدءا من عام 2016، ومنهم أمير قطر ومسؤول تركي رفيع المستوى والناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل، توكل كرمان.

بعدها بأسابيع عادت الوكالة لتكتب تقريرا حصريا آخر بعنوان "برنامج تجسس إماراتي استهدف رئيس شبكة الجزيرة والإعلامية جيزيل خوري، وهي مقدمة برنامج في تلفزيون (بي.بي.سي) العربي، ورئيس شبكة الجزيرة، وشخصيات إعلامية عربية بارزة أخرى.

وبحسب الرسائل المسربة، فإن الإماراتيين طلبوا أيضا اعتراض مكالمات رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، والمعارض الإماراتي أحمد منصور، أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان والذي تم اعتقاله فيما بعد.

في الحالتين استخدم عملاء الإمارات أداة تجسس متطورة تسمى كارما  Karma، في حملة تظهر كيف أن الأسلحة الإلكترونية فائقة الفاعلية بدأت تتسرب خارج القوى الكبرى وتصل إلى أيدي دول أصغر، حسب تعبير "رويترز".

وقالت New York Times إن مسؤولين في الإمارات طلبوا تسجيل مكالمات أمير قطر الهاتفية، بالإضافة إلى تسجيل مكالمات الأمير متعب بن عبد الله، قائد الحرس الوطني السعودي السابق، بحسب رسائل بريد إلكترونية مسربة قدمت أمس الخميس، في قضيتين ضد NSO الشركة المصنعة لبرامج المراقبة التي استعانت بها أبوظبي، وتتخذ من “إسرائيل” مقرا لها.

ويقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) الآن، بالتحقيق في ما إذا كان موظفو المشروع الإماراتي الأمريكيون قد سربوا تقنيات مراقبة أمريكية سرية بالفعل، وإذا كانوا قد استهدفوا شبكات الكمبيوتر الأمريكية بشكل غير قانوني.

نصائح سمو الأمير ولي العهد

يوجد لدى محمد بن زايد أسلوب غير عادي في إخبار الأمريكيين بمصالحه الخاصة ولكن يقدم ذلك لهم في ثوب نصيحة جيدة حول شؤون المنطقة.

وحين يتعلق الأمر بالنفوذ في واشنطن فإن محمد بن زايد في عالم قائم بذاته.

بن رودز Ben Rhodes

نائب مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس باراك أوباما

المرتزقة يأتون من أفضل الجيوش

مرتزقة كولومبيون يحاربون مع الإمارات في اليمن- المصدر buzzfeed

مرتزقة كولومبيون يحاربون مع الإمارات في اليمن- المصدر buzzfeed

بلهجةٍ أميركية مميزة، تحدَّث الرجل إلى الكاميرا وإبهاماه ممسكين بجانبي سترته الواقية من الرصاص قائلاً: «أنا الجنرال ستيفن توماجان. أنا القائد العام للقيادة المشتركة لسلاح الطيران في جيش دولة الإمارات العربية المتحدة».

لم يكن الرجل يكذب، فهذا الجنرال الأميركي يحتل هذه المكانة الرفيعة في الجيش الإماراتي.

وتوماجان ليس القائد الأجنبي الوحيد في القوات المسلحة الإماراتية؛ إذ يتولى الأسترالي مايك هندمارش قيادة قوات الحرس الرئاسي في الإمارات، التي تعتبر واحدةً من أفضل قوات النخبة المقاتلة في العالم العربي اليوم، وتنفذ عملياتٍ في اليمن، حسب موقع The Middle East Eye البريطاني.

توظف جميع الجيوش الخليجية العديد من الأجانب، لكن هناك نتيجة عسكرية مختلفة، وأكثر فاعلية في الإمارات، حسب  ديفيد روبرتس، الأستاذ المساعد بكلية كينغز كولدج في لندن والخبير في الشؤون الخليجية.

لدعم طموحاتها العسكرية، فرضت الإمارات الخدمة العسكرية الإلزامية لمدة عام على الرجال بين 18 و30 عاماً في 2014. ثم مدَّدت فترة هذه الخدمة العسكرية إلى 16 شهراً في 2018. لكن الأمير محمد استأجر شركة ترتبط بمؤسس مؤسس بلاكووتر، الشركة الأمنية الخاصة، إريك برينس، لتكوين قوة من المرتزقة من كولومبيا وجنوب أفريقيا وغيرها من البلدان.

بل إنه جند ضباطاً أمريكيين ليقوموا بإدارة جيشه كما وظف عملاء استخبارات سابقين ليؤسسوا له أجهزة المخابرات التابعة له. وخلال السنوات الأربع التي سبقت عام 2010 اقتنى من الأسلحة أكثر بكثير مما اقتنته كافة دول الخليج الأخرى مجتمعة، بما في ذلك 80 طائرة إف 16، و 30 مروحية هجومية من طراز أباتشي، و62 طائرة فرنسية من طراز ميراج.

وتلقَّى وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، قبل انضمامه إلى إدارة دونالد ترمب، الإذن من سلاح مشاة البحرية الأميركي، للعمل كمستشار عسكري للإمارات في عام 2015.

ولكن من أين تحصل الإمارات على هؤلاء المرتزقة؟

الجنود يأتون من دول أفقر، فقد أفادت تقارير بأن أبوظبي تجنِّد أبناء القبائل العربية في تشاد والنيجر، للزجِّ بهم في الحرب في اليمن.

ولكن المرتزقة الكولومبيين مفضلون بالنسبة للجيش الإماراتي، وفقاً لما كُشف في عدة تقارير، منها ما صرح به ضابطان سابقان وخبير أمني لوكالة فرانس برس عام 2015، بأن دولة الإمارات العربية المتحدة أرسلت سراً نحو 300 من المرتزقة الكولومبيين، للقتال نيابة عن جيشها في اليمن.

وقال ضابط سابق في الجيش الكولومبي لفرانس برس في بوغوتا: الجنود الكولومبيون معروفون بمهاراتهم القتالية، نظراً لأنهم تدربوا على قتال الميليشيات. الكولومبيون لديهم سنوات عديدة من الخبرة في خوض الحروب.

وغالباً ما تلجأ شركات الأمن الخاصة في العالم لتوظيف الجنود الكولومبيين في مناطق النزاع، ومن بينها العراق وأفغانستان والسودان.

وانضم الضابط إلى الشركة في العام 2004، وسط ما وصفه بالطفرة في تجنيد الكولومبيين للقتال في العراق، وعمل في أفغانستان والإمارات وقطر وجيبوتي. وأضاف أنه ابتداء من 2010 تقريباً، بدأت الإمارات في تجنيد الكولومبيين لتشكيل جيش خاص في قاعدة وسط الصحراء، تدعى مدينة زايد العسكرية.

ويحصل الكولومبيون من قادة القوات الخاصة أو قائدي المروحيات في شركة «بلاك ووتر» على مبلغ 3300 دولار شهرياً، أي أقل بخمس مرات من المبلغ الذي يتلقّاه المتعاقدون الأميركيون، ولكنه يعتبر ثروة بمعايير كولومبيا.

وأضاف الضابط أنه «لم يتم تجنيدهم لخوض مهمات قتالية، بل للقيام بمهام الأمن والحماية. ولذلك فإنهم لا يعتبرون مرتزقة». ولكن تحول بعضهم لمرتزقة عندما قرَّر نحو 300 منهم "التطوع" للمشاركة في القتال كمرتزقة في جنوبي اليمن، ونشروا في ميناء عدن، بحسب المصدر.

وجاء ذلك بعد مقتل 30 جندياً إماراتياً في اليمن، في هجوم صاروخي، الذي ألقيت مسؤوليته على المتمردين الحوثيين.

وقال المصدر إن الإمارات خطّطت في البداية لإرسال 800 كولومبي، إلا أن المجندين رفضوا ذلك، واشتكوا من أن القتال في اليمن يتجاوز شروط عقودهم الأصلية. وأضاف أن الإمارات حاولت إغراء هؤلاء المجندين من خلال اقتصار مناوباتهم على ثلاثة أشهر، وعرض مبلغ 120 دولاراً إضافية عن كل يوم قتال.

وإلى هنا وصل نفوذ الإمبراطورية عابرة القارات

درست أبوظبي الخرائط السوفيتية القديمة في المنطقة، واكتشفت ما يُسمى بالمناطق "الرمادية" البعيدة عن الصراعات المشتعلة، وبدأت تخطط للاستيلاء عليها.

وشرعتْ في الاستيلاءِ على الموانئ المُهمَلة منذ الحرب الباردة، خاصة في البحرِ الأحمر وغرب المحيطِ الهندي. أي في مفترق الطرق التجارية بين أوروبا وإفريقيا وآسيا. وقررت أن تملأ هذه المناطق الرمادية بالبوارج والموانئ والقواعد العسكرية.

في اليمن

وفي 2015 استولت قوات مدعومة من الإماراتِ على ميناءِ عدن.

وفي 2016، استولت على ميناءيْ المكلا والشحر.

في مضيق باب المندب

تطل جزيرة بريم، أو ميون، على السفن العابرة مثل حارس لا ينام، على أكثر مضائق العالم أهمية تجارية وعسكرية. استولت الإمارات على الجزيرة.

وأقامت أهم قواعدها في البحر الأحمر في ميون، التي تمسك بفوّهة مضيق باب المندب.

وعلى بعد 40 كيلومتراً شمال المضيق، سيطر الإماراتيون على بلدة ذُباب، ثم ميناء المُخا على الطريق إلى الحُدَيدة. وتم تهجير سكان المدينتين وتحويل بيوتهم إلى ثكنات.

مِفتاح البحار السبعة

إنها جزيرة سُقطرى اليمنية، مفتاح استراتيجيّ لمدخل المحيط الهندي. في أبريل/نيسان 2018 نشر الجيش الإماراتي مقاتليه ومعداته دون تنسيق مع حكومة اليمنِ، وسيطر على القاعدة العسكرية اليمنية في الجزيرة.

في إريتريا

وفي مدينة عصب، الواقعة في أقصى جنوب إريتريا، وقعت الإمارات في 2015 عقد استئجار الميناء والمطار، وأنشأت أول قاعدة عسكرية خارج حدودها لدعم عملياتها في اليمن.

في 2016 تولت الإمارات تطوير مطار أسمرة في إريتريا لاستقبالِ مروحيات الحرس الرئاسي الإماراتي العاملة فيها.

في أرضِ الصومال

وقّعت موانئ دبي العالمية عقداً بقيمة 444 مليون دولار لإدارة ميناء بربرة وتوسيعه ليصبح مركزاً إقليمياً للخدمات، وربما يصبح مطاراً عسكرياً لدعم عملياتها في اليمن.

في الصومال

حصلت الإمارات في صيف 2017 على حقّ استغلال ميناءِ براوة بمنطقة شبيلي السفلى في الصومالِ، ثم بوصاصو، الميناء الرئيسيّ في البلاد.

وفي جيبوتي

تتولّى الإمارات إدارة ميناء جيبوتي منذ 2005، وتستخدم المطار الرئيسيّ في عمليات عسكرية على اليمن.

لأن الأمير المثالي العصري يكره الديمقراطية

معظم الملوك والأمراء العرب أصحاب "كروش"، وبالهم طويل ومعتادون على إبقاء زوارهم في الانتظار، إلا محمد بن زايد: ملاحظة من صحيفة New York Times.

تخرج محمد بن زايد في الثامنة عشرة من عمره من برنامج تدريب الضباط البريطانيين في كلية ساندهيرست، ويحافظ على رشاقته وسلامة صحته، وكثيراً ما يتحاور مع زواره حول أفضل أجهزة التمارين الرياضية.

يعطي من وقته للمسؤولين الأمريكيين ذوي المناصب الدنيا ويستقبل كبار الضيوف بنفسه في المطار.

أصبحت جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسست كحركة إسلامية في مصر قبل ما يقرب من تسعين عاماً، تياراً عاماً في كثير من الأقطار العربية. إلا أن الأمير محمد يقول إن لديه من الأسباب الشخصية ما يجعله يخشى من هذه الجماعة.

كان والده قد عين عضواً بارزاً من الجماعة، هو عزالدين إبراهيم، ليكون معلماً للأمير محمد، ولكن يبدو أن محاولته تلقينه فكر الجماعة، أفضت إلى نتائج عكسية.

بحسب ما ورد في إحدى البرقيات السرية التي سربتها ويكيليكس، كان الأمير محمد قد قال لدبلوماسيين أمريكيين خلال زيارة قاموا بها له في عام 2007: "أنا عربي، وأنا مسلم، وأنا أُصلّي. وكنت في السبعينيات وفي مطلع الثمانينيات واحداً منهم (الإخوان). ولكني أعتقد أن هؤلاء الناس لديهم أجندة خاصة بهم".

يقلقه أن يقبل الناس في بلده على فكر الحركة الإسلامية وسياستها. وكان ذات مرة قد أخبر الدبلوماسيين الأمريكيين، بحسب ما جاء في برقية ويكيليكس المسربة، إن ثمانين بالمائة من الجنود الذي يخدمون في صفوف قواته يمكن أن يستجيبوا لنداء شيخ ما مقيم في مكة.

ولهذا السبب، كما يقول الدبلوماسيون، يكرر الأمير محمد أن العالم العربي ليس مستعداً بعد للديمقراطية، لأن الإسلاميين سيفوزون بأي انتخابات تجري.

ومما قاله في لقائه مع المسؤولين الأمريكيين في عام 2007: "سوف ترى نفس النتائج في أي بلد مسلم. فالشرق الأوسط ليس كاليفورنيا".

وبادر محمد بن زايد إلى سحق كل معارضة مهما كانت طفيفة، واعتقل خمسة من النشطاء الذي نظموا عريضة يطالبون فيها بإصلاحات ديمقراطية (وقع عليها 132 شخصاً) وأمر بإلقاء القبض على العشرات من الأشخاص للاشتباه بتعاطفهم مع جماعة الإخوان المسلمين.

نطارد الأشرار قبل أن يهاجمونا في عقر دارنا

بعد الانتفاضات العربية، رأى الأمير محمد أن الإمارات العربية المتحدة كانت الدولة الوحيدة من بين الدول العربية الاثنتين والعشرين التي كانت ماتزال واقفة على قدميها، بحكومة مستقرة، واقتصاد صالح، وجيش قوي وأيديولوجيا معتدلة.

تعتبر الإمارات العربية المتحدة جزءاً من منطقة بالغة الخطورة والتي تزداد خطورة يوماً بعد يوم – تعمها الفوضى وتنتشر فيها الحروب وينساب في أرجائها المتطرفون.

ولذا، فإن الحافز هنا هو الاعتقاد بأننا إذا لم نلاحق هؤلاء الأشخاص السيئين ونطاردهم فإنهم سيأتون إلينا في عقر دارنا.

عبد الخالق عبد الله
المحلل السياسي الإماراتي

كما لو كان موسوليني

يظن أنه ميكافيلي ولكنه يتصرف كما لو كان موسوليني

بروس ريديل Bruce Riedel
باحث في معهد بروكنغز ومسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية

ضد قيم العالم المتحضر

لقد أصبحت الإمارات العربية المتحدة لطخة في ضمير العالم – فالإمارات العربية المتحدة كما تدار شؤونها اليوم باتت تنتهك كل أعراف وقيم العالم المتحضر

رو خانا Ro Khanna
نائب الحزب الديمقراطي عن كاليفورنيا

وهو "مهندس" الثورات المضادة حتى الآن

في الشرق الأوسط، فقد فعل الأمير محمد أكثر من مجرد الكلام، كما يقول تقرير New York Times.

ففي مصر، ساند الانقلاب العسكري في عام 2013 والذي أطاح بالرئيس المنتخب الذي كان واحداً من زعماء جماعة الإخوان المسلمين.

وفي القرن الأفريقي، أرسل قوة إلى الصومال كانت مهمتها في البداية محاربة القرصنة ثم أوكلت إليها مهمة محاربة المتطرفين، ومضى قدماً ليقيم موانئ تجارية وقواعد بحرية حول خليج عدن.

وفي ليبيا، تحدى الأمير محمد المناشدات الأمريكية والحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة، وقام بتسليح قوات زعيم المليشيا خليفة حفتر. وشن الطيارون الإماراتيون غارات جوية على مدينة طرابلس، وفي نهاية المطاف أنشأ الإماراتيون قاعدة جوية لهم في شرق ليبيا.

وبحلول شهر مارس 2015، كان الأميران قد اتخذا قراراً بغزو اليمن معاً لاستنقاذها من فصيل موال لإيران استولى على مقاليد الأمور فيها. ثم في عام 2017، وبينما كان الأمير السعودي يعزز من قبضته على السلطة، قاما معاً بقطع كافة العلاقات التجارية والدبلوماسية مع قطر للضغط عليها وحملها على التخلي عن دعمها لجماعة الإخوان المسلمين.

يقول الدبلوماسيون الأمريكيون لصحيفة New York Times إنه بحلول نهاية عام 2015، كان الأمير محمد بن زايد يقترح أيضاً أن تلعب الإمارات والقيادة السعودية الجديدة دوراً مهماً في جلب الفلسطينيين وحملهم على القبول باتفاق سلام جديد، فيما بات يعرف بمقاربة "من الخارج إلى الداخل" نحو صفقة ما.

مازالت الحكومة المصرية عالة على مليارات الدولارات من المساعدات التي تأتيها من الإمارات العربية المتحدة ومن حلفائها الخليجيين، وعلى الرغم من المساعدة الإماراتية والضربات الجوية الإسرائيلية لم تتمكن القاهرة حتى الآن من القضاء على التمرد العسكري في شمال سيناء.

في ليبيا، فقد سقط خليفة حفتر في مستنقع دموي من الصراع الذي بات عاجزاً عن حسمه.

ونجم عن تدخل الأمير محمد في القرن الأفريقي إشعال لهيب التنافس على العبور والنفوذ بين خصومه من مثل تركيا وقطر. وفي الصومال، وعلى إثر مزاعم صدرت عن الحكومة المركزية الهشة بدفع رشاوي، انتقلت القوات الإماراتية إلى منطقة أرض الصومال شبه المستقلة.

وفي العام الماضي لجأت جيبوتي، التي شكت من الإهمال، إلى استبدال الإدارة الإماراتية لمينائها بإدارة صينية منافسة.

رغم كل هذا الفشل، تعاظم نفوذ ولي عهد الإمارات مع الزمن بقوة المال والسلاح.

لدى ولي العهد خط مفتوح مع الرئيس ترامب، الذي كثيراً ما يتبنى وجهة نظر الأمير تجاه قطر وليبيا والمملكة العربية السعودية، بل ويقدم رأيه على مشورة أي من المسؤولين في حكومته وفي دائرة كبار مستشاريه في الأمن القومي.

ويعتقد الكاتب البريطاني دافيد هيرست أن نجاح الحوثيين في إصابة أهداف في السعودية وقبالة ساحل الإمارات لم يسبب أضرارا مادية جسيمة للبلدين، لكنها وجهت رسالة قوية لمحمد بن زايد شخصيا. يضيف: إن الطرف الذي شن الهجمات أراد فيما يبدو أن يقول: "يمكن لاثنين أن يمارسا لعبة التصعيد، وستكون إمارتكم الصغيرة في مرمى النيران، وعلى خط جبهة الفوضى التي أوجدتموها بأنفسكم".

ونقلت New York Times عن بعض منتقدي الأمير أن صعوده يمثل دراسة جيدة في العواقب غير المقصودة. فالأمير الشاب الذي كان ذات يوم مجهولاً ولا يؤبه له، والذي تبنته واشنطن ليكون حليفاً طيعاً لها، بدأ الآن يضرم النيران في منطقة سريعة الاشتعال.

ونقلت الصحيفة عن تمارا كوفمان ويتس Tamara Cofman Wittes، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية والباحثة حالياً في معهد بروكنغز قولها: إننا ومن خلال تسليحنا للإمارات العربية المتحدة وتزويدها بكل هذه التقنيات للمراقبة والتجسس والكوماندوز والسلاح "فقد أوجدنا فرانكنشتاين صغيراً".