الفقر يبتلع أبناء الطبقة المتوسطة

البيانات الرسمية تقول إن واحداً من كل
3 مصريين في قبضة الفقر والبطالة وسوء التغذية.. والاستقرار الاجتماعي معرّض للخطر

من منزله في منطقة بشتيل بالجيزة إلى أول محطة ميكروباص بالشارع الرئيسي، يستغرق محمد صفوت نصف ساعة يومياً سيراً على الأقدام، بدلاً من ركوب التوك توك كما كان يفعل دائماً.

لم يعد صفوت، 46 عاماً، عامل نظافة بإحدى الصحف الخاصة بالمهندسين، يملك ميزانية التوك توك، كما حذف الكثير من البنود التي اعتاد إنفاقها قبل 2016.

راتبه من الجريدة كان 500 جنيه قبل تعويم الجنيه، هي في نظره أكثر من مرتبه الحالي الذي تضاعف. "قبل التعويم كنت أخصص 100 جنيه أسبوعياً لزيارة السوبر ماركت، أشتري الجبن والزبادى واللبن. كنت أخصص 100 جنيه شهرياً للفاكهة. حالياً لا أملك أكثر من 50 جنيهاً لزيارة السوبر ماركت كل أسبوع" .

يطير الراتب الضئيل في زيادات فواتير الكهرباء والغاز والمواصلات. 
بعد قرار التعويم تغيرت ميزانية أسرة صفوت.

"أنا أحمل الألف جنيه من الصراف لزوجتي رأساً، ندفع أولاً الالتزامات الشهرية من إيجار وفواتير الكهرباء والغاز والمياه، ثم تصبح قضية الشهر بطوله تدبير أكل للأطفال" . 
متوسط فاتورة الكهرباء كان 50 جنيهاً، الآن تصل إلى 130 جنيهاً.
سعر أنبوبة الغاز كان 20 جنيهاً، وصلت إلى 70 رسمياً. 

"بطاقتي التموينية لثلاثة أفراد فقط، وباقي أولادي الثلاثة كل شهر أطلب إضافتهم ولا أستطيع". حصة عم صفوت وزوجته وبنته الكبيرة 3 كيلو سكر و3 كيلو أرز و3 زجاجات زيت، و 5 أرغفة للفرد يومياً. 

بند آخر يسبب صداعاً في ميزانية أسرة صفوت وهو الدروس الخصوصية. كان يدفع لبناته الثلاث في الابتدائية والإعدادية 100 جنيه. يتنهد: الآن وصلت إلى 600 جنيه في الشهر. 
العجز في ميزانية أسرة صفوت دفعه للبحث عن عمل آخر: "بعد ساعات العمل في الجريدة أعمل ستيوارد في كافيه في المهندسين بمرتب 1000 جنيه في الشهر" .
"ستيوارد" كلمة يطلقها المصريون على عامل النظافة في المحال السياحية.

يخرج محمد صفوت كل يوم من بيته في السادسة صباحاً ولا يعود قبل الواحدة بعد منتصف الليل، ليصنع معجزة البقاء على قيد الحياة مع أسرته، بمضاعفة دخله من عمله الأصلي.
تتكون أسرته من 6 أفراد. 
ودخله بعد العناء المضاعف أصبح 2000 جنيه.
لكن ارتفاع أسعار السلع الغذائية غيّر حياة الأسرة.
يأكلون جبناً أقل، سعر كيلو الجبن كان 10 جنيهات وصل إلى 45. 
حذفوا بند اللحوم نهائياً، "سعر لحم الجمال كان 50 جنيهاً للكيلو، الآن وصل إلى 130 جنيهاً". 
وينتصرون على الجوع بأكل الكثير من الخبز، "ممكن آكل 5 أرغفة في الوجبة حتى أشعر بالشبع". 

عرف صفوت أسواق الدرجة الثالثة في إمبابة لشراء الجبن والمعلبات بأسعار رخيصة، "هي سلع مدة الصلاحية أوشكت على الانتهاء، لكن أسعارها أرخص، مثلاً الجبن أشتريها بـ7 جنيهات". 
لا تأكل الأسرة طعاماً مطهوّاً كل يوم، "أسعار الخضار واللحوم ما نقدرش عليها" .
رغم كل تلك الحيل لا تستطيع أسرة صفوت "تلفيق" ميزانية المنزل الشهرية. "تقريباً من يوم 20 في الشهر لا يتبقى مليم في البيت" . 

بعد أن ينفد دخل صفوت، يتصل بزوجته قبل مغادرة العمل ليسألها عما تحتاجه، ويحاول تدبيره من البقشيش. "يعني أحاول أعمل خدمات للصحفيين، مشاوير، طلبات. أحياناً أي زبون في الكافيه يعطيني بعض البقشيش. ربنا كريم في الآخر". 

يضحك صفوت ساخراً عندما يسمع أن الفقير هو من ينفق يومياً أقل من 25 جنيهاً ويقول: "أي مواصلة أكتر من 4 جنيه، والرغيف أصبح بجنيه كامل بدلاً من ربع جنيه". 
يكرر: ربنا كريم.

محمد صفوت واحد من ملايين المصريين الذين ابتلعهم الفقر في السنوات الأخيرة.

شهادة من سيدة تشكو الغلاء

شهادة من سيدة تشكو الغلاء

الرئيس السيسي: الأسعار عايزين تسيطروا عليها؟ الحاجة اللي تغلى ما تشتروهاش

الرئيس السيسي: الأسعار عايزين تسيطروا عليها؟ الحاجة اللي تغلى ما تشتروهاش

قبل نهاية 2018 أعلن البنك الدولي خبراً سعيداً لكل العالم: انخفض من يعيشون في فقر مدقع في العالم بنسبة 10% في عام 2015، وأطلق الفقر سراح 68 مليون نسمة. أعداد الذين يعيشون في فقر مدقع تنخفض في جميع أنحاء الدنيا.. 

إلا في أم الدنيا.

تضاربت الأرقام حول معدلات الفقر بمصر في الأعوام الأخيرة، حتى حسمتها الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة نهاية يوليو/تموز 2019.

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قال إن نسبة الفقر في بحث الدخل والإنفاق بلغت 32.5٪ في 2017 - 2018، بزيادة 4.7%‏، مقارنة ببحث 2015.


الساعة السكانية التي تحتل أعلى مبنى جهاز التعبئة والإحصاء، وصفحته على الإنترنت أعلنت بعد صدور التقرير بأيام أن عدد سكان مصر قد بلغ الـ100 مليون نسمة.
أي أن نحو 35 مليون مصري قد أصبحوا في قوائم الفقراء رسمياً.

في الوقت نفسه كانت صحيفة الأهرام تؤكد ارتفاع معدل النمو ليحقق أفضل معدل نمو اقتصادي، منذ 11 عاماً، بنسبة 5.6%، وانخفاض البطالة لتسجل 8.1% خلال الربع الثالث من العام المالي 2018/2019.

أضاف تقرير البنك الدولي في خبره السعيد أن حوالي نصف بلدان العالم لديها حالياً معدلات فقر أقل من نسبة 3%، رغم أن العالم لا يمضي على المسار الصحيح للوصول بنسبة الفقراء في العالم إلى 3% بحلول عام 2030.

لكن نسبة الفقر في مصر ترتفع الآن عكس الاتجاه العالمي، فكيف تهبط إلى 3% بحلول عام 2030؟

من شوية بشتري حاجة من الجمعية الاستهلاكية اللي في ش شامبليون, وبحاسب وواحد جنبي خمسيني كدة بيحاسب برضه, دخلت ست كبيرة...

تم النشر بواسطة ‏‎Sameh Heneen Soliman‎‏ في الثلاثاء، ٣٠ يوليو ٢٠١٩

في هذا التقرير صورة من قريب لمصيدة الفقر التي تبتلع كل عام ملايين جديدة في مصر، وتأثيرها على حياة المصريين، واحتمالات المستقبل.

كم يبلغ عدد الفقراء حقاً في مصر؟

في نهاية أبريل/نيسان 2019 أصدر البنك الدول تقريراً أشعل الجدل والقلق على الشبكات الاجتماعية.

طبقاً لتقرير البنك الدولي، هناك 60% من سكان مصر إما فقراء أو عرضة له، كما أن عدم المساواة آخذ في الازدياد. واقترب معدل الفقر الوطني من 30% عام 2015، ارتفاعاً من 24.3% عام 2010 كما ورد في إطار الشراكة. وهناك تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر، إذ تتراوح من 7% في محافظة بورسعيد إلى 66% في بعض محافظات الصعيد. علاوة على ذلك، أثرت الإصلاحات الاقتصادية على الطبقة الوسطى، التي تواجه ارتفاع بعض تكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات.

لخص المصريون التقرير بأن 60% من أبناء البلد فقراء، وتجاهلوا باقي الجملة: أو عرضة للفقر.
ورغم الإحصائية الرسمية الأخيرة عن تجاوز نسبة الفقراء 32% من السكان، فإن الجدل مستمر.

الصحفي الاقتصادي إبراهيم نوّار اعتبر إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء "مخجلة"، لأنها تجيء على عكس كل ما تبشر به الحكومة من نتائج السياسات التي "تصب في مصلحة الفقراء وغير القادرين" . الإحصاءات الصادرة عن جهاز الإحصاءات الرئيسي في البلاد تدين سياسات الحكومة، وتصيب مصداقيتها في مقتل.

يضيف: خط الفقر القومي لعام 2017 /2018 الذي حدده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يبلغ 25 جنيهاً للفرد يومياً، شاملاً حساب تحويلات الدخل غير النقدية مثل المدفوعات عن طريق الجمعيات الخيرية والدعم السلعي ضمن الدخل الكلي للأفراد.

 أما خط "الفقر المدقع" العالمي طبقاً للبنك الدولي، فإنه يبلغ 1.9 دولار يومياً للفرد، أي ما يعادل 34 جنيهاً تقريباً، بافتراض أن متوسط لسعر الدولار يبلغ 18 جنيهاً في عام الإحصاء.

إذا طبقنا المعيار العالمي فإن خط الفقر القومي يجب أن يرتفع عما قرره جهاز الإحصاء بنسبة 36.8% وبالتالي فإن نسبة الفقراء يجب أن تزيد عما أعلنه الجهاز.

البنك الدولي يقرر أيضاً أن خط الفقر للدول النامية منخفضة الدخل، وهي الشريحة التي تقع فيها مصر، يبلغ 3.2 دولار يوميا للفرد، أي ما يعادل 57.6 جنيه وهو ما يزيد عن ضعف قيمة خط الفقر القومي الذي حدده الجهاز. 

هذا يعني، طبقاً لتحليل نوّار، أن معدل الفقر في مصر يمكن أن يزيد عن ضعف النسبة التي قدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
نعود إذاً إلى أن نسبة 60% ربما تكون الأقرب لواقع الحال في مصر.

ولو كان ثلث السكان فقط هم الفقراء فعلاً؟


تجاهل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حقائق الإنفاق والاستهلاك في السوق المحلية.
وتجاهل قيمة خط الفقر العالمي.
وتجاهل خط الفقر لمجموعة الدول النامية التي تنتمي إليها مصر.

لكن أرقامه لو كانت دقيقة تدق جرس الإنذار بشدة، لأنها تعني ارتفاع نسبة الفقراء من 27.8% عام 2015 إلى 32.5%عام 2017.
أي أن 4.6 مليون شخص تقريباً دخلوا إلى متاهة الفقر في عامين.

ويعني أيضاً أن عدد الفقراء في عام 2017 قد ارتفع إلى ثلاثة أمثال ما كان عليه عام 2000، إذ بلغ حوالي 32 مليوناً مقارنة بحوالي 11.5 مليون شخص. أي أنه لا يمكن إلقاء اللوم على الحكومة الحالية وحدها، ولا على الحكومات التي تولت إدارة البلاد بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، لأن اتساع نسبة الفقر في مصر هي ظاهرة مستمرة منذ عام 2000 وحتى الآن، كما يضيف إبراهيم نوّار.

ويرى الباحث الاقتصادي المعروف د. إبراهيم العيسوى أن 32.5% نسبة فقر أقل كثيراً من الحقيقة، فهي مبنية على خط فقر 24.5 جنيه في اليوم، يفترض أن يفي بالاحتياجات الأساسية للفرد.

غير أن 24.5 جنيه لا تشتري سوى 8 سندويتشات فول أو طعمية إذا كانت تكفي لثلاث وجبات، فمن أين يدبر الفرد حاجاته من الملبس والمسكن والكهرباء والمياه والمواصلات والتعليم والعلاج وغير ذلك من ضروريات الحياة؟ 
النسبة الحقيقية للفقراء قد لا تقل عن 60% من السكان.

اللي ظروفه صعبة يشتغل كتير ولا ينام عشان يغير حياته

اللي ظروفه صعبة يشتغل كتير ولا ينام عشان يغير حياته

لماذا لا يقل عدد الفقراء مع ارتفاع معدلات النمو؟ 
معدلات النمو لا تعكس الفروق بين طبقات المجتمع المختلفة.

على الرغم من ارتفاع متوسط دخل الفرد السنوي في مصر من 1300 دولار عام 2000 إلى 3400 دولار في 2015 إلا أن معدل الفقر ارتفع من 16.7% إلى 27.8% خلال نفس الفترة.

ومن ثم لابد أن يكون معدل النمو مدفوعاً بقطاعات إنتاجية وتصديرية خالقة لفرص العمل وأن يكون مصحوباً بسياسات ضريبية وتوزيعية عادلة، بحسب رأي المركز المصري للدراسات الاقتصادية.

الطبقات محدودة الدخل تواجه معدلات تضخم أعلى من تلك التي تواجهها الفئات متوسطة ومرتفعة الدخل.
الأغنياء أكثر قدرة على الادخار للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة، مما يقلل من أثر التضخم عليها على عكس الفئات محدودة الدخل.

بينما تعتبر الأجور هي الدخل الرئيسي للشرائح محدودة الدخل. 
وفي 2013/2014 كانت الأجور تمثل 25% من الموازنة.
تراجعت إلى 5% في موازنة العام الحالي.

بينما ارتفع فيه التضخم من 8% إلى 32% خلال نفس الفترة، قبل أن ينخفض إلى 17% في يناير/كانون الثاني 2018.

أي أن الأجور الحقيقية وبالتالي مستوى معيشة العاملين بالدولة في تراجع، وهو ما يهدد فئات عريضة من المجتمع، إذ إن قضية الأجور ترتبط بـ 5.5 مليون موظف بالقطاع الحكومي فقط، أي حوالي 25 مليون مواطن عند احتساب معدل الإعالة.

إحصائية 2017

إحصائية 2017

الفقراء أصبحوا يأكلون أقل

زادت نسبة المصريين الذين يعانون من نقص الأمن الغذائي من حوالي 14% إلى 17% من السكان، أي نحو 13.7 مليون مصري.
انضم 15.2% إلى شريحة الفقراء.
زادت نسبة الفقر في الحضر من 11% عام 2009 إلى أكثر من 15% عام 2011.
تضم القاهرة الكبرى وحدها حوالي 3.5 مليون فقير من فاقدي الأمن الغذائي.

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية معدلات الفقر وسوء التغذية في مصر

كل الطرق كانت تؤدي إلى المزيد من الفقر

فشل السياسات الاقتصادية

أوضحت الأمم المتحدة أن فشل استراتيجيات التنمية في تحقيق أهدافها وعدم تحقق الإصلاحات الاقتصادية من أهم أسباب الفقر. ويرى المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن برنامج الإصلاح الاقتصادي، أسفر عن نتائج إيجابية على مستوى المؤشرات الاقتصادية الكلية إلا أن مجرد ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي ليس ضمانة لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية.

وترى دراسة لمركز دراسات الوحدة العربية، أن الإدارة السيئة للاقتصاد المصري أهدرت مليارات الدولارات على مشاريع غير منتجة وغير مدروسة، مما أدى لزيادة أعباء الديون.

لم يتغير شيء ... أيام حكم مبارك خرج علينا أحد كتاب لجنة السياسات ليقول: الشعب المصري غني فهناك 35 مليون خط تليفون يملكها...

تم النشر بواسطة ‏عمار على حسن‏ في الخميس، ١ أغسطس ٢٠١٩

انتشار الأمية

تقول بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء‏ إن أكثر من 61% من الفقراء يعيشون في أسرٍ عائلُها أُميٌّ، بالمقارنة بـ 1 بالمئة فقط من الأسر الفقيرة حصل عائلها على التعليم الجامعي.

فالأغلبية العظمى من فقراء الحضر والريف إما نالوا قدراً ضئيلاً من التعليم وإمّا لم يتعلموا إطلاقاً. ويكون ذلك أكثر وضوحاً بين الإناث عن الذكور، حيث تصل نسبة الأمية بين النساء المعيلات 85,3% مقابل 48% للرجال المعيلين لأسر.

طبيعة بعض الأنشطة الاقتصادية

تُعتبر الأجور هي المصدر الرئيس للدخل بالنسبة إلى الفقراء، وتصل نسبتها إلى 42,9% من إجمالي الدخل‏.

ويتركز الفقر في قطاع الزراعة ويعيش أكثر من 80% من السكان الذين يعانون الفقر المدقع في المناطق الريفية. وبصورة عامة، يبلغ معدل الفقر في قطاع الزراعة أكثر من الثلث (34.6%)، وهو معدل يزيد على معدلات الفقر في القطاعات الأخرى.

انتشار الفساد والمحسوبية

الفساد لا يعني فقط السرقة، بل له أوجه كثيرة، مثل تفضيل أصحاب الشركات الموالين للحكومات، وانتشار الوسطاء لعقود العمل بطريقة غير قانونية، هذا يمنع المنافسة الشريفة ويعطي الأفضلية للطبقة الحاكمة بالتوسع والثراء والنفوذ، وتأثيره مباشر على هروب المستثمرين والأموال.

سطوة الأجهزة الأمنية

تصنف الباحثة عبير مجاهد، مدرسة الاقتصاد بجامعة الأزهر إساءة استخدام السلطة من الجهاز الأمني وفرض الإتاوة والرشوة على المواطنين كأحد أوجه الفساد، ووصفة أصيلة للنُظُم المستبدة. "الفساد يستشري في قطاعات الدولة، والمواطن يمكنه التهرب برشوة الموظف أو تهديده، هذا أمر شائع اجتماعياً ولا تناقشه الأجهزة الرقابية لأنه واسع الانتشار
ووصل إلى حد الظاهرة منذ أيام مبارك، وزاد في الفترة الحالية التي بدأت في 2013".

غياب العدالة الاجتماعية

لغياب العدالة وجهان: في توزيع الدخول وتحصيل الضرائب.

الضريبة التي يدفعها الفقراء والكادحون كبيرة لا تتناسب مع حجم الضرائب التي يدفعها أصحاب الدخول المتوسطة والعالية، وهذه الجزئية بالذات تمثل معضلة في نظام الاقتصادي، وحاولت الحكومة علاجها سنة 2014 بضريبة البورصة والضريبة التصاعدية، لكنها فوجئت بانتفاضة الأثرياء وتهديدهم بغلق البورصة.. فاستجابت لهم فوراً، وألغت الفكرة.

ويعانون من سوء التغذية والسمنة

تشير التقديرات إلى أن %17 من المصريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وأن سوء التغذية منتشر على نطاق واسع مع ارتفاع معدلات السمنة، ولا سيما بين النساء. 
ومن ثم، فإن تحقيق النمو الزراعي المستدام أمر حيوي وضروري لتحسين سبل المعيشة والأمن الغذائي والتغذية وقدرة سكان الريف على الصمود.

تقرير منظمة الأغذية والزراعة "فاو" 2015

المغفور لها الطبقة الوسطى المصرية

منذ أكثر من 10 سنوات، كتب  د. جلال أمين أن "الطبقة الوسطى فى مصر حين قامت ثورة 23 يوليو كانت صغيرة الحجم ولكنها كانت متميزة، ووطنية، ومؤثرة. كانت واثقة بنفسها ومعتزة بكرامتها، وعالية الآمال لنفسها ولوطنها، وتنتج إنتاجاً ثقافياً باهراً.. 

أضاف: لكنها الآن طبقة مهانة، ومحبطة، فلا عجب أنها أيضاً قليلة الحماس لقضايا الوطن.. وضعيفة الإنتاجية فى الاقتصاد والثقافة ولم يكن حالها كذلك دائماً.

الرئيس يضحك من سخرية فيسبوك، "توفيت إلى رحمة الله المغفور لها الطبقة المتوسطة بعد.. صراع مرير مع البلد"

الرئيس يضحك من سخرية فيسبوك، "توفيت إلى رحمة الله المغفور لها الطبقة المتوسطة بعد.. صراع مرير مع البلد"

وفي عام 1991 طرح د. جلال أمين تقديراً نسبياً للطبقة المتوسطة في مصر، بأنها تمثل نحو 45% من السكان، وقال إنها شهدت زيادة كبيرة في حجمها، وأصبحت 6 مرات أكثر من حجمها في بداية الخمسينيات، وعزا ذلك إلى "صعود أعداد غفيرة من أبناء الطبقات الدنيا"، وليس فقط مجرد سقوط أعداد كبيرة من الطبقة العليا بفعل سياسات يوليو 1952. أما فى حقبة السادات وما تلاها ، فإن الوضع انعكس تماماً، بفعل تخلي الدولة عن التزامها بتوفير التعليم المجاني والتوظيف الحكومي، ثم سياسة الانفتاح الاقتصادي. وكانت أبرز المؤشرات على ذلك ازدياد معدلات البطالة بين خريجي الجامعات وانخفاض الأجور الحقيقية وأزمة الإسكان.

ثم شهدت مصر أكبر تراجع للطبقة المتوسطة على مستوى العالم منذ بداية الألفية وحتى العام الماضي، بحسب بيانات بنك كريدي سويس، وأصبحت معرضة لمزيد من التدمير نتيجة الإجراءات التقشفية التي تتبناها الحكومات في إطار برنامج "الإصلاح الاقتصادي" مقابل القروض الدولية.

ويُعرف بنك كريدي سويس الطبقة المتوسطة بأنها الطبقة التي تمتلك من الأصول ما يجعلها صامدة أمام التغيرات الاقتصادية، وهي مُعرضة بشكل أقل لخطر الفقر، وفي الحالة المصرية فإن أعضاء نادي الطبقة المتوسطة هم الذين تتراوح ثرواتهم بين 14.5 ألف دولار و145 ألف دولار، وفقاً لأسعار الدولار في 2015 (أقل من 8 جنيهات).

الطبقة الوسطى هي مصدر الازدهار الاقتصادي، فهي توفر قاعدة مستقرة من المستهلكين الذين يدفعون عجلة الإنتاج، التي بالتالي تحقق ريادة الأعمال وتشجع الابتكارات والاستثمارات طويلة الأجل: طبقة وسطى أكثر حيوية تعني نمواً اقتصادياً طويل الأجل، فهي قادرة على قيادة النمو الاقتصادي.

المستقبل: وحش البطالة يتحالف مع الفقر

دخل الطبقات الوسطى المصرية يبقى موجهاً أغلبه لأساسيات مثل الطعام والشراب والرعاية الصحية وخدمات النقل، والتدخين بدلاً من بنود مثل التعليم والثقافة. 

كلها مؤشرات شديدة السوء على انحدار المجتمع، وعلى أجيال طالعة بدون الحد الأدنى من المعرفة والثقافة، ولا تملك رفاهية المشاركة في إصلاح المجال العام، غير زيادة نسب الجريمة والقابلية للانجراف للعنف والإرهاب.

لكي يتضمن التقرير المقبل نتائج وأرقاماً أفضل، يتعين توجيه جهود الاستثمار والتنمية الاقتصادية، لكي تحمي وتزيد من عدد المنتمين للطبقة الوسطى، بدلاً من العدد الرهيب في المشاريع العقارية والمدن الجديدة التي لا يستفيد منها غير عدد محدود للغاية من المصريين.

من صفحة الموقف المصري على فيسبوك



مصر وطن الحب والموسيقى واللامساواة

على الشاطئ المزدحم، الإنجليزية هي اللغة الأم.
لغة الموسيقى ولغة الحب ولغة التعارف ولغة العراكات الصغيرة.
تسمعها بين الأطفال وبين الشباب بعضهم البعض أو بين الأهل والأبناء، قد تتخللها بعض الكلمات العربية العامية بلكنة معينة. 
فإذا علمنا أن أقل من 10٪ من الأسر المصرية ترسل أبناءها إلى مدارس خاصة، ومن 1 إلى 3٪ من الأسر ترسل أبناءها إلى مدارس دولية..
فكن على يقين أن من يدخل من البوابة من جيل الأبناء هم بالضرورة من ضمن هؤلاء.
تصف مصر بأن بياناتها حول الثروة ضعيفة، بحسب أكثر من جهة دارسة للثروات حول العالم.
ومع ذلك، تقع مصر في مصاف الدول ذات مستوى مرتفع من اللامساواة، حيث تحوز شريحة الـ10٪ الأغنى على 91٪ من إجمالي الثروات في المجتمع.
ويحوز الـ1٪ الأعلى دخلاً على 19% من إجمالي الدخول.

سلمى حسين  باحثة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية وصحفية متخصصة في الاقتصاد

في تقرير نادر صدر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 2018، تبدو صورة المستقبل قاتمة.

مصر ستتأثر بزيادة هيكلية متنامية في العمالة، هكذا يبدأ التقرير.

العمالة الزائدة ستتميز بمستويات تعليمية عالية، ويؤدي هذا لمستويات غير مسبوقة من البطالة.

سوف ترتفع نسبة الفقر.
بل إن الاستقرار الاجتماعي سيتعرض للخطر.

يضيف التقرير: الهجرة في هذه الحالة ستكون ضرورية وليست خياراً.

طالب التقرير بخلق فرص عمل جديدة بنسبة 2% سنوياً لمواجهة وحش البطالة، وتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي يقترب من نحو 5%.