سيناريوهات يوم القيامة

إذا كنت لا تصدق أن أخطار التغير المناخي ستصل إليك إقرأ بداية هذا التقرير وإذا تأكدت من صحتها واصل القراءة لتعرف كيف سينتقم الكوكب من البشر

الأزمة أكثر دراماتيكية في الخليج حيث سجلت الحرارة 72 درجة في 2015.

وبعد عدة عقود سيصبح الحج مستحيلاً بالنسبة لمليوني مسلم يؤدونه كل عام.

زيادة الحرارة 6 درجات ستقتل نصف سكان العالم بالسخونة المباشرة.

وجفاف غير مسبوق يضرب أوروبا والعراق وسوريا وباقي الشرق الأوسط.

الحرارة تزيد من الحروب ومعدلات الجريمة والسباب على الشبكات الاجتماعية.

والأوبئة تنتشر بسبب الجراثيم المختبئة تحت جليد القطب الشمالي.

في البداية، ترسل الطبيعة إشارات تحذيرية، تتصاعد وتيرتها كلما كانت الآذان غير مصغية.

تتصاعد الوتيرة حتى تصل في النهاية إلى لحظة الحساب.

سيدخل شهر فبراير/شباط 2019 التاريخ، كأكبر إشارة حزينة لما سيحدث للكائنات الحية على الكوكب: اختفى القارض الصغير "برامبل كاي" من الوجود؛ ليصبح بذلك الأول بين الثدييات المتوقع انقراضها بسبب التغير المناخي.

حيوان برامبل كاي

حيوان برامبل كاي

حيوان برامبل كاي

والبقية في الطريق، فهذا الكوكب المسكين في سبيله إلى "الانقراض السادس".

الطبيعة الأم لا ترحم. ربما تتساهل، لكنها لن تنسى، وعندما يحين الوقت ستنتقم من كل مَن أساء لها، ليس لأنها شريرة، بل لأنها تستعيد حقوقها التي سلبها البشر. هذه هي القاعدة التي لا تتغير أبداً.

الأمر ليس به أي المبالغة، هذه القاعدة تنطبق بشكل شبه يومي على كل فرد من البشر. أحياناً تزداد الضغوط في العمل، ويضطر الشخص إلى السهر يومياً لساعات طويلة، يتناول الكثير من المنبِّهات التي تعينه على التركيز، وفجأة، تجد أن الجسم وصل لمرحلة انهيار جزئي.

تأتي لحظة معينة لا يستطيع فيها مواصلة هذا المجهود الزائد، فيطلب الجسم حقه عبر نوم عميق طويل، أو عبر مرض يصيبه ليجبره على الرقود بالسرير. جسدك لن يقبل أن تسطو على حقوقه، هو لا يسامح أبداً في هذا، مثله مثل الطبيعة في هيئتها الكبرى أو الصغرى.

«هل يرضى الكوكب بما يسببه البشر من كوارث؟»: ارتفاع حرارة الأرض وتدمير الغابات والصيد الجائر والتصحر وغيرها من أفعالهم المهلكة. يظن البعض أن الكوكب يجلس في مقاعد المشجعين عاجزاً لا يقدر على شيء، لكنه أبداً لن يقف مكتوف الأيدي.

هذه هي إشارات الرعب التحذيرية التي يرسلها منذ أفسد الإنسان الأرض بثورته الصناعية، وبالهواء الملوث، والعبث بقوانين الحياة الصارمة.

وهذا بعض ما سيحدث عندما ينتقم الكوكب، ويعيد الأمور إلى مربع البداية، ويضغط على الزر الرهيب: RESET.

الإشارات

1- الجليد الذي يذوب بهدوء

كان التحذير الأبرز هو التغير المناخي.

الأمر أسوأ مما تظن. إذا كانت مخاوفك بشأن الاحترار العالمي تهيمن عليها المخاوف من ارتفاع مستوى سطح البحر، وغرق بعض المدن هنا أو هناك، فأنت بالكاد تخدش سطح ما يمكن أن يكون مرعباً. ربما تظن أنك بعيد عن الكارثة، وأنها -إن وقعت- ستصيب أحفاد أحفادك، مما يجعلك مطمئناً.

لكنها ستكون كابوساً أقرب لما يصوره فيلم The Day After Tomorrow 2004.

ارتفاع مستوى المحيطات هو أمر سيئ بالتأكيد، لكنه في الواقع أسوأ من الخيال في نتائجه المدمرة. قد تظن أن الفرار من المناطق الساحلية سيجعلك بعيداً عن المشكلة. لكن للأسف هذا لن يكون كافياً.

في الواقع، في غياب تعديل كبير لكيفية حياة مليارات البشر، من المرجح أن تصبح أجزاء من الأرض غير صالحة للسكن، وأجزاء أخرى غير مضيافة على نحو مرعب، بمجرد نهاية هذا القرن.

حتى عندما ندرب أعيننا على تغير المناخ، فنحن غير قادرين على فهم نطاقه.

مياه الجليد تهدد مخزن البشرية

في فصل الشتاء الماضي، شهد القطب الشمالي سلسلة من الأيام أكثر دفئاً من المعتاد، وكانت التربة الصقيعية التي تغطي "قبو البذور" في منطقة سفالبارد النرويجية تذوب ببطء تحت سماء لا تعرف الشمس أصلاً.

قبو البذور Global Seed Vault بنك غذائي عالمي يلقب بـ "يوم القيامة" ، مصمم لضمان أن تنجح زراعتنا في النجاة من أي كارثة. هذا البنك غمرته نتائج التغيرات المناخية بعد أقل من عشر سنوات من إنشائه فقط. فقد أدى الذوبان غير المتوقع للجليد الدائم التجمد إلى تدفق بعض المياه إلى مدخل النفق المؤدي إلى القبو في أواخر عام 2016.

الصين تختنق

في عام 2013، أعاد ذوبان الجليد في القطب الشمالي تشكيل أنماط الطقس الآسيوية، وحرم الصين الصناعية من أنظمة التهوية الطبيعية التي كانت تعتمد عليها، والتي غطت الكثير من شمال البلاد في ضباب دخاني غير قابل للتنفس. في ذلك العام ، وفي 2015 كان الضباب الدخاني مسؤولاً عن وفاة 1.6 مليون مواطن في البلاد.

والخليج العربي في قبضة الفيضانات والأعاصير

يمكننا أن نصل إلى مستوى أعمق لكنه ملاحظ، كل هذه الأعاصير التي تضرب الأمريكتين والتي ازدادت حدتها بشكل واضح.

تلك الأعاصير التي ضربت اليمن وسلطنة عمان.

هذه الأجواء شديدة البرودة التي أصبحت تتكرر باستمرار في مناطق الشرق الأوسط.

تساقط الجليد على المملكة العربية السعودية، بالإضافة لفيضانات تضرب مناطق الخليج العربي.

كل هذه الأمور يلاحظها الإنسان العادي بوضوح، وأولئك الذين تزيد أعمارهم على الثلاثين يمكنهم تأكيد أن الطقس والفصول المناخية شهدت تغيراً واضحاً في السنوات العشر الأخيرة.

وما "سنوات عشر" في كوكب يقاس عمره بالمليارات إلا كلمح البصر!

2- خطر الانقراض الذي يتسارع

التحذير الخطير كان انقراض بعض الكائنات الحية.

في نهاية شهر فبراير/شباط 2019، أعلنت أستراليا رسمياً انقراض القارض الصغير "برامبل كاي"؛ ليصبح بذلك الأول من بين الأنواع الكثيرة من الثدييات المتوقع انقراضها بسبب التغير المناخي، بحسب ما نشرت صحيفة Financial Times البريطانية.

عاش فأر "برامبل كاي" على جزيرة صغيرة بالقرب من الحيد المرجاني العظيم في أستراليا، يبحث عن الطعام بين النباتات المتناثرة. في بادئ الأمر، لاحظ علماء حكومة ولاية كوينزلاند الأسترالية اختفاء قوارض عام 2016، وأوضحوا أن الخسارة الكبيرة في المواطن الطبيعية لهذه الحيوانات واختفاء الكثير من أجناس الحيوانات يرجع إلى ارتفاع مستوى البحر، وزيادة شدة الظواهر الجوية وتكرارها، ومن ضمن ذلك العواصف الشديدة.

وبحسب جون ووينارسكي، عالِم الأحياء بجامعة تشارلز دارون، الذي درس هذه القوارض: "كان من الممكن الحيلولة دون انقراضها بسهولة، إذ إن عدم استقرار هذه الفصيلة كان معروفاً". وأضاف: "من شبه المؤكد أن التغير المناخي سيؤدي إلى تسريع معدل انقراض الأنواع المختلفة".

على خُطى الديناصورات

وفي تقرير صادر عن باحثين بجامعة كونيتيكت عام 2015، توقع الباحثون أن 8% من أنواع الكائنات الحية ستنقرض بسبب التغير المناخي، وأن أكثر المناطق عُرضة للخطر هي: أستراليا، ونيوزيلندا، وأمريكا الجنوبية. ووُجِدَ أن الأنواع المتوطنة في نطاقٍ محدود من المواطن الطبيعية ستكون هي الأكثر تعرضاً للخطر؛ لأنها تكافح من أجل التغلب على تغيرات درجات الحرارة، وفيض مياه البحار، والأحداث المناخية القاسية.

ذوبان الجليد في القطب الشمالي

ذوبان الجليد في القطب الشمالي

الضباب يغطي بكين

الضباب يغطي بكين

الضباب يغطي بكين

سيول في اليمن

سيول في اليمن في أعقاب إعصار قوي

سيول في اليمن في أعقاب إعصار قوي

فأر برامبل كاي

فأر برامبل كاي المنقرض

فأر برامبل كاي المنقرض

الحيوانات المهددة بالانقراض

الحيوانات المهددة بالانقراض

المفصليات المهددة بالانقراض

المفصليات المهددة بالانقراض

الرخويات المهددة بالانقراض

الحيوانات المهددة بالانقراض

المفصليات المهددة بالانقراض

الرخويات المهددة بالانقراض

وفي دراسة منفصلة لـ17 ألف نوع من الطيور والمرجان والبرمائيات، أجراها الاتحاد الدولي لحفظ البيئة، تبين أن نسبة 6% إلى 9% من الطيور، و11% إلى 15% من البرمائيات، و6% إلى 9% من الشعاب المرجانية كانت شديدة التأثر بالتغير المناخي ومهدَّدة بالانقراض بالفعل.

يقول مارك أوربان، أستاذ علم الأحياء المشارك في جامعة كونيتيكت، إن «مصير القوارض ما هو إلا قصة تحذيرية، إذ من المرجح أن يختفي كثير من الفصائل في الجزر الأخرى، بسبب المد المتصاعد للتغير المناخي». وقال أوربان إن خسارة بعض الأنواع تعتمد على بعض العوامل؛ لكن العامل الأهم هو مقدار ما سيسمح به البشر من ارتفاع في درجات حرارة الأرض. وأضاف: «الأغرب هو أن خطر الانقراض لا يرتفع خطياً مع كل درجة إضافية في حرارة الأرض؛ وإنما يتسارع. وإذا تابعنا مسارنا الحالي، فقد نفقد واحداً من كل 6 أنواع».

3- الحشرات التي تموت من الحَرّ

في العقود القليلة القادمة قد ينقرض أكثر من 40% من فصائل الحشرات، على رأسها الفراشات، والنحل، وخنافس الرَّوث. والسبب الرئيسي هو خسارة الأراضي. تلك هي الخلاصة المفزعة لمراجعة جميع الدراسات الاستقصائية طويلة الأجل للحشرات التي نُشرت خلال السنوات الأربعين الماضية.

بحسب ما نُشر في موقع new scientist الأمريكي، جاء في الورقة البحثية التي نشرها فرانشيسكو سانشيز-بايو بجامعة سيدني في أستراليا، وكريس ويكهايس في الأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية في بكين: «تداعيات ذلك ستكون على النظام البيئي للكوكب كارثيةً على أقل تقديرٍ، حيث إن الحشرات تمثل قاعدة العديد من الأنظمة البيئية في الكوكب».

ووفقاً للدراسات، فإن السبب الأبرز لانخفاض أعداد الحشرات هو فقدانها مواطنها الطبيعية. ويأتي التلوث الناجم عن استخدام المبيدات والأسمدة في المزارع  وانبعاثات المصانع والمدن في المرتبة الثانية.

ويبدو أن التغير المناخي هو الآخر يلعب دوراً.

قد يكون لدى الحشرات في المناطق الاستوائية هامشٌ ضيقٌ من التكيف مع درجات الحرارة، وقد تعاني من انخفاضٍ في أعدادها نتيجةً للاحترار العالمي.

4- كائنات البحر التي يقتلها الإجهاد

كان الاحتفال باليوم العالمي للحياة البحرية في الرابع من مارس/آذار الحالي يوماً حزيناً لسكان بحار ومحيطات الأرض.

مخاطر التغير المناخي على البيئة البحرية. المصدر: World Wildlife Day

مخاطر التغير المناخي على البيئة البحرية. المصدر: World Wildlife Day

تغطي المحيطات 70% من مساحة الكرة الأرضية، وتحتوي على 75% من جميع أنواع الكائنات المعروفة.

ارتفاع حرارة المحيطات سيؤدي إلى تنشيط هجرة الكائنات البحرية، حيث ستوسع الأنواع الأكثر تحمّلاً للحرارة من نطاق وجودها شمالاً، وتنحسر الأنواع الأقل تحملاً للحرارة. وسيترتب على هذا التغير في ديناميات المحيطات أثر سلبي على الأنواع التي لا تكون قادرة على الهجرة وقد يؤدي إلى فنائها.

تمثل الحرارة الشديدة خطراً مميتاً مع ارتفاع درجة الحرارة خلال السنوات الخمس الماضية إلى مستويات هي الأدفأ في العصر الحديث، وفقاً لوكالة ناسا. فقد ماتت نصف الشعاب المرجانية في الحيد المرجاني العظيم منذ 2016، بسبب الإجهاد الحراري، وهي كارثة بيئية تهدد بيئات طبيعية لكثير من الأنواع، من ضمنها سمك المهرج والسلاحف البحرية.

5- الحوت الذي يواجه القتل

الحيتان واحدة من أكثر الكائنات ذكاءً على وجه الأرض؛ إذ تملك ما يعرفه الخبراء بأنَّه "ثقافة"، فهي تتعلم المعرفة بوصفها أفراداً وتتشاركها مع آخرين. حيتان العنبر تتكلم بلهجات محلية، وتبدو الحيتان القاتلة (الأوركا) كما لو كانت تحزن على ذريتها الميتة، وتقلد الأصوات الإنسانية.

استمع إلى أصوات حيتان الأوركا تقلد الإنسان. The Guardian

استمع إلى أصوات حيتان الأوركا تقلد الإنسان. The Guardian

لكن اعتزام اليابان الانسحاب من اللجنة الدولية لصيد الحيتان واستئناف الصيد التجاري للحيتان ينبغي أن يكون أمراً مروعاً لهذه الكائنات الذكية، حسب ما ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية.

وكانت اللجنة الدولية لصيد الحيتان قد حظرت الصيد التجاري للحيتان قبل ثلاثة عقود، لكنَّ اليابان استغلت وجود استثناء لصيد الحيتان لأغراض «بحثية»، بما تضمَّن قتلها لـ122 من الحيتان الحوامل الشتاء الماضي. وليس ثمة دليل على وجود هذه الأغراض «البحثية» المزعومة.

وقد قُتِل أكثر من 30 ألف حوت منذ الحظر، وقبل الحظر على الصيد التجاري للحيتان ساعدت اليابان وبعض الدول الأخرى التي تصطاد الحيتان على دفع بعض من أنواعها إلى حافة الانقراض. ففي العقود الثمانية التي سبقت حظر اللجنة الدولية لصيد الحيتان، تم قتل نحو 1.3 مليون حوت في المنطقة القطبية الجنوبية وحدها، بفعل الصيد التجاري.

ومع أن صيد الحيتان الزرقاء حُظِر في القطب الجنوبي منذ أكثر منذ نصف قرن، فإنَّ عددها لم يَعُد قط إلى سابق عهده: انخفضت أعدادها عالمياً من 220 ألف حوت إلى حوالي 3 آلاف فحسب.

النحل مهدد بالانقراض

النحل مهدد بالانقراض

النحل مهدد بالانقراض

أسماك تحت المحيط

الأسماك تحت المحيط تتعرض لمخاطر بيئية

الأسماك تحت المحيط تتعرض لمخاطر بيئية

صيد الحيتان يهددها بالانقراض

صيد الحيتان يهددها بالانقراض

صيد الحيتان يهددها بالانقراض

والتحذير الأخير..

عاصفة الكربون التي

ستهبّ من القطبين

وكان الكربون هو التحذير الأخير، والأكثر كابوسية.

الشيء المخيف حقاً بشأن تغير المناخ وما يفعله الإنسان بالكوكب، هو أن البشر سوف يفشلون في التحكم في الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

المخيف أكثر هو أنه في مرحلة ما، ستتسلم الأرض زمام المبادرة، وتبدأ في إضافة المزيد من الانبعاثات من تلقاء نفسها.

تؤكد دراسة جديدة هذا الخطر في إندونيسيا، التي تتمتع بظاهرة فريدة، نحو 70 مليار طن من الكربون تراكمت في أراضيها على مدى آلاف السنين. تشبه إندونيسيا كثيراً القطب الشمالي، حيث تم تخزين كميات أكبر من الكربون القديم في الأرض دائمة التجمد، والمعرضة للخطر.

وسواء في إندونيسيا أو القطب الشمالي، فإنه إذا خرج هذا الكربون من الأرض إلى الغلاف الجوي، فإن الاحترار العالمي سيزداد سوءاً. والمشكلة هنا أن الاحترار العالمي الحادث حالياً قد يزيد من احتمالات إطلاق هذه الكميات الهائلة من الكربون. هذا سيتسبب في موقف خطير للعالم كله.

الحرائق في مستنقعات إندونيسيا. المصدر: بي بي سي

الحرارة تفتح مخازن الكربون في التربة

في الدراسة الجديدة، ينظر فريق من الباحثين إلى مساهمة "مستنقعات الخُث" في آسيا الاستوائية - وهي منطقة تضم ماليزيا وبابوا غينيا الجديدة والعديد من الدول الصغيرة الأخرى لكن تهيمن عليها إندونيسيا وأكبر جزرها، بورنيو وسومطرة - في تفاقم مشاكل المناخ لدينا. الخُث أو البيتموس، نباتات متفحمة توجد بالمناطق معتدلة الحرارة، ويتكون الفحم ببطء من نباتات المستنقعات القصبية كالغاب والبوص.

بالنظر إلى أنه في العام الماضي في ظل ظروف الجفاف الناجمة عن ظاهرة النينيو، أطلقت الحرائق الإندونيسية أكثر من 1.5 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. هذا هو أكثر من الانبعاثات السنوية لليابان على سبيل المثال.

هذا الكربون المتراكم يأتي من تراكم كميات كبيرة من المواد العضوية (النباتات الميتة) على مدى سنوات طويلة.

ويجد البحث أنه على مدار هذا القرن، يمكن أن يستمر ذلك. العلاقة القوية غير الخطية الموجودة بين انبعاثات الحرائق والعجز المائي المتراكم تشير إلى وجود خطر كبير في المستقبل لخسارة الكربون المتراكم بهذه المستنقعات بسبب الحريق؛ نظرا لأن التوقعات المناخية المستقبلية تشير إلى زيادة مزدوجة في وتيرة ظاهرة النينيو.

وفي ظل سيناريو انبعاث عالمي كبير من الكربون من هذه المستنقعات أو من القطب الشمالي، سيؤدي المناخ الحار إلى زيادة حدة ظاهرة النينيو، التي بدورها سوف تتوافق مع المزيد من الحرائق الشديدة.

وتطلق الإعصار السام من القطب الشمالي

وحتى وقت قريب، لم تكن التربة المتجمدة بالقطب الشمالي تمثل مصدر قلق كبير لعلماء المناخ؛ لأنها، كما يوحي الاسم، كانت تربة ظلت مجمدة بشكل دائم. غير أن الأرض الجليدية في القطب الشمالي تحتوي على 1.8 تريليون طن من الكربون، أي أكثر من ضعفي ما هو معلق حالياً في الغلاف الجوي للأرض. عندما يذوب الجليد ويتم إطلاقه، قد يتبخر هذا الكربون في صور غاز الميثان، وهو ما يعادل 34 ضعفاً من قوة غطاء الاحتباس الحراري للغازات المسببة للاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون عند الحكم عليه في غضون فترة زمنية تبلغ قرناً واحداً. وعندما ننظر في الجدول الزمني لعقدين من الزمان، فهو أقوى 86 مرة.

بعبارة أخرى، لدينا، محصور في الأرض المتجمدة القطبية الشمالية، ضعف كمية الكربون التي تدمر الآن الغلاف الجوي للكوكب، وكلها من المقرر إطلاقها في تاريخ معين، في شكل غاز يضاعف قوة الاحترار 86 مرة.

والآن:

كيف سينتقم

الكوكب من البشر؟

بغضّ النظر عن مدى معرفتك بالتغيرات الحادثة الآن في كوكب الأرض، فأنت بالتأكيد لا تشعر بالقلق الكافي. على مدى العقود الماضية، أصبحت ثقافتنا مرتبطة بأفلام الزومبي ودمار الكوكب، وهي الثقافة التي ربما جعلت القلق الجماعي من التغير المناخي وما قد يسببه أمراً جانبياً.

ومع ذلك عندما يتعلق الأمر بالتفكير في مخاطر الاحتباس الحراري الحقيقي، فإننا نعاني من فشل مذهل في الخيال. أسباب ذلك كثيرة: اللغة الخجولة للاحتمالات العلمية، التي وصفها عالم المناخ جيمس هانسن ذات مرة بـ "التكتم العلمي" في ورقة بحثية تنتقد العلماء لتحرير ملاحظاتهم بطرق فشلت في إيصال مدى خطورة التهديد.

هذا الأمر انعكس على بعض القيادات السياسية والعامة على حد سواء، هم يعتقدون أن أي مشكلة يمكن حلها، وبالتالي هم لا يرون حتى الاحترار كمشكلة تستحق التصدي لها، وهو ما جعل العلماء أكثر حذراً في تقديم التحذيرات.

ترامب يعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية المناخ

ما يلي ليس سلسلة من التنبؤات بما سيحدث، إنها صورة لأفضل فهم لنا عن المكان الذي يتجه إليه الكوكب دون أن نشعر. من غير المرجح أن تتحقق جميع سيناريوهات الاحترار هذه بالكامل، وذلك إلى حد كبير؛ لأن الخراب على طول الطريق قد يغير الأمور. لكن هذه السيناريوهات، وليس المناخ الحالي الذي نشعر به، هي الأساس. في الواقع، هم جدولنا الزمني للكارثة القادمة.

درجتان من الاحترار بمثابة عتبة الكارثة

معظم الناس يتحدثون كما لو أن ولاية ميامي وبنغلاديش ودلتا مصر لا يزال لديها فرصة للبقاء.

معظم العلماء يفترضون أننا سنخسرها خلال هذا القرن، حتى لو توقفنا عن حرق الوقود الأحفوري في العقد المقبل بأكمله.

الآن درجتان هما هدفنا، في إطار اتفاقات المناخ في باريس، والخبراء يعطوننا فقط احتمالات ضئيلة لإمكانية التوقف عندها. أحدث الدراسات تتوقع أن نصل إلى أربع درجات من الاحترار مع بداية القرن القادم، إذا ما أبقينا على المسار الحالي. لكن هذا مجرد توقع متوسط.

يصل الحد الأعلى لمنحنى الاحتمال إلى 8 درجات، خصوصاً أن العلماء لا يزالون لا يعرفون كيف يتعاملون مع ذوبان الجليد، ولا يتناولون بشكل كامل تأثير تناقص الثلوج وعلاقته بنقص انعكاس أشعة الشمس وبالتالي اختزان مزيد من الطاقة الحرارية على سطح الأرض، ولم يدرسوا بعد تأثير تناقص الغطاء السحابي، أو موت الغابات والنباتات الأخرى التي تستخرج الكربون من الغلاف الجوي.

الانقراض الذي تعيشه هو السادس في تاريخ الأرض

يظهر تاريخ الكوكب أن درجة الحرارة يمكن أن تتغير بمقدار خمس درجات مئوية خلال ثلاثة عشر عاماً. في المرة الأخيرة التي كان فيها كوكب الأرض أكثر دفئاً بمقدار أربع درجات، يشير بيتر برانين في كتابه The Ends of the World، وهو الكتاب الذي سجل أحداث الانقراض الكبرى التي وقعت على كوكب الأرض، كانت المحيطات أعلى بعشرات الأمتار مما هي عليه الآن.

لقد مرت الأرض بخمسة انقراضات جماعية قبل "الانقراض الذي نعيشه الآن"، كل منها يكمل عملية مسح في السجل التطوري الذي كان يعمل كإعادة للحياة على كوكب الأرض.

ربما قرأت في كتبك المدرسية أن هذه الانقراضات كانت نتيجة للكويكبات. في الواقع، الكل ما عدا تلك التي قتلت الديناصورات كانت بسبب تغير المناخ الناتج عن الغازات الدفيئة. الأكثر شهرة كان قبل 252 مليون سنة. بدأ ذلك عندما رفع الكربون حرارة الكوكب بمقدار خمس درجات، وتسارع الأمر عندما أدى هذا الاحترار إلى إطلاق الميثان في القطب الشمالي، وانتهت الكارثة بموت 97% من مجمل الحياة على الأرض.

نحن نقوم حالياً بإضافة الكربون إلى الغلاف الجوي بمعدل أسرع بكثير؛ حسب معظم التقديرات، على الأقل عشر مرات أسرع. والمعدل يتسارع. هذا ما كان يفكر فيه ستيفن هوكينغ عندما قال إن هذه الأنواع تحتاج إلى استعمار كواكب أخرى في القرن القادم من أجل البقاء، وما دفع إيلون موسك إلى الكشف عن خططه لبناء مستعمرة المريخ خلال 40 إلى 100 سنة.

هؤلاء غير متخصصين، بالطبع، وربما يميلون إلى الذعر غير العقلاني. لكن العلماء الأكثر مصداقية في هذا المجال توصلوا إلى استنتاج "نهاية العالم": لا يوجد برنامج معقول للحد من الانبعاثات وحده يمكن أن يمنع الكارثة المناخية القادمة.

كوكب الأرض لن ينقلب علينا إلا ليعيد التوازن إلى الطبيعة، هو أشبه بالضغط على زر reset، حتى يمكنه حذف وإضافة وتغيير الأوضاع بما يتلاءم مع الطبيعة والقوانين البيئية المعتادة. هكذا ستبدو بعض أشكال هذه الكارثة.

إليكم سيناريوهات يوم القيامة كما تنبأت بها الإشارات السابقة، وكما يؤكدها العلماء.

أحداث نهاية العالم

1- الموت في فرن الاحتباس الحراري

البشر، مثل كل الثدييات، هم محركات حرارية. فكرة البقاء على قيد الحياة تعني الحاجة إلى التبريد باستمرار. لذلك، يجب أن تكون درجة الحرارة منخفضة بما فيه الكفاية لكي يعمل الهواء كنوع من مادة التبريد، يسحب الحرارة من الجلد حتى يستمر المحرك في الضخ والعمل.

عند أربع درجات زائدة من الاحترار، يصبح ذلك مستحيلاً بالنسبة لأجزاء كبيرة من جهات النطاق الاستوائي للكوكب، وخصوصاً المناطق المدارية، حيث تضيف الرطوبة عقبات إلى المشكلة. في غابات كوستاريكا، على سبيل المثال، ترتفع الرطوبة بشكل روتيني بنسبة 90%، وتكون حركة سريعة للإنسان عندما تكون الحرارة أكثر من 40 درجة مئوية، هي حركة قاتلة: في غضون ساعات قليلة، سيتم طهي جسم الإنسان حتى الموت من الداخل والخارج.

مشهد النهاية من فيلم knowing يوضح احتراق الأرض

نصف سكان العالم يختفون فجأة

عند حرارة أعلى بمقدار 6 أو 7 درجات، فإن أكثر من نصف سكان العالم سيموتون بسبب الحرارة المباشرة.

ومن شبه المؤكد أن الأمور لن تصل لهذا القدر من السخونة في هذا القرن.

في المناطق المدارية بشكل خاص، ستزداد نقاط الألم بسرعة أكبر حتى من زيادة سبع درجات. العامل الرئيسي هو شيء يسمى درجة الحرارة الرطبة، وهو مصطلح يشير إلى مساهمة الرطوبة في زيادة الإحساس بالحرارة.

منذ عام 1980، شهد الكوكب زيادة بمقدار 50 ضعفاً في عدد الأماكن التي تشهد حرارة خطيرة أو شديدة، مع زيادة أكبر في المستقبل. حتى لو كنا نلتزم بأهداف مؤتمر باريس، فإن مدن مثل كراتشي وكولكاتا ستصبح قريبة من أن تكون غير صالحة للسكن، حيث تواجه سنوياً موجات حرارية قاتلة مثل تلك التي شلتهم في عام 2015.

عند ارتفاع 4 درجات مئوية، موجة الحر الأوروبية القاتلة عام 2003، التي قتلت ما يصل إلى 2000 شخص في اليوم، ستكون صيفاً طبيعياً.

الإجهاد الحراري في البحرين ونيويورك

وفقاً لتقييم ركز فقط على الآثار داخل الولايات المتحدة من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، سيصبح العمل الصيفي من أي نوع مستحيلاً في وادي المسيسيبي السفلي. وكما قال جوزيف روم في كتابه "التغير المناخي: ما يحتاج الجميع إلى معرفته"، فإن الإجهاد الحراري في مدينة نيويورك قد يتجاوز مثيله في دولة البحرين حالياً، وهي واحدة من أكثر المناطق حرارة على كوكب الأرض.

في غضون ساعات قليلة، سيتم طهي جسم الإنسان

في غضون ساعات قليلة، سيتم طهي جسم الإنسان

في غضون ساعات قليلة، سيتم طهي جسم الإنسان

موجات الحر القاتلة تضرب أوروبا

موجات الحر القاتلة تضرب أوروبا

موجات الحر القاتلة تضرب أوروبا

يمكن أن يساعد التكييف، ولكنه لن يؤدي في النهاية إلا إلى إضافة المزيد من مشكلة الكربون. إضافة إلى ذلك، فإن مراكز التسوق المنتشرة بالخليج لا يمكن تبريدها عن بعد بمكيفات الهواء.

وبالفعل، ستكون الأزمة أكثر دراماتيكية عبر منطقة الشرق الأوسط والخليج، حيث سجل مؤشر الحرارة في عام 2015 درجات حرارة تصل إلى 72 درجة مئوية. بعد عدة عقود من الآن، سيصبح الحج مستحيلاً مادياً بالنسبة للمليوني مسلم الذين يقومون بالحج كل عام.

2- الموت جوعاً بسبب الجفاف

تختلف المناخات وتتنوع النباتات، لكن القاعدة الأساسية لمحاصيل الحبوب الأساسية التي تنمو في درجة الحرارة المثلى هي أن كل درجة من الاحترار تسبب انخفاض المحاصيل بنسبة 10%.

يعني أنه إذا كان الكوكب أكثر دفئاً بمقدار خمس درجات في نهاية القرن، فقد يكون لدينا ما يصل إلى 50% من الناس لا يجدون ما يكفي من الحبوب.

قد يكون الجفاف مشكلة أكبر من الحرارة؛ إذ تتحول بعض أكثر الأراضي الصالحة للزراعة في العالم بسرعة إلى الصحراء. ومن المعروف أن نسبة سقوط الأمطار يصعب تحديدها، لكن التنبؤات حول وقت لاحق من هذا القرن توضح بالإجماع: هناك جفاف غير مسبوق في كل مكان تقريباً بالعالم.

بحلول عام 2080، ومن دون تخفيضات هائلة في الانبعاثات، سيكون جنوب أوروبا في حالة جفاف شديد دائم. وينطبق الشيء نفسه في العراق وسوريا وكثير من بقية الشرق الأوسط. بعض الأجزاء الأكثر كثافة سكانية في أستراليا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية. ومناطق سلة الخبز في الصين.

وتذكر، نحن لا نعيش في عالم من دون جوع. معظم التقديرات تشير إلى أن عدد ناقصي التغذية يبلغ 800 مليون شخص على مستوى العالم. ربيع عام 2017 جلب بالفعل مجاعة لم يسبق لها مثيل إلى إفريقيا والشرق الأوسط.

3- الوباء يختبئ تحت الجليد

أي صخرة، في المكان الصحيح، هي سجل لتاريخ الكواكب، هي تمثل العصور من خلال ملايين السنين التي تترسب فيها عبر قوى الزمن الجيولوجي في طبقات متتالية. الجليد يعمل بهذه الطريقة أيضاً، كدليل مناخي، ولكنه أيضاً تاريخ متجمد، يمكن إعادة إحياء بعض منها عند إزالة التجميد.

هناك أمراض عالقة في جليد القطب الشمالي، وهي أمراض لم تنتشر في الهواء لملايين السنين، منها ما كان موجوداً قبل ظهور البشر. وهو ما يعني أن أجهزة المناعة لدينا لن يكون لديها أي فكرة عن كيفية المواجهة عندما تنبثق هذه الأوبئة من عصور ما قبل التاريخ.

يخزن القطب الشمالي أيضاً جراثيم مرعبة من الأزمنة الحديثة. في ألاسكا، اكتشف الباحثون بالفعل بقايا أنفلونزا عام 1918 التي أصابت ما يصل إلى 500 مليون وقتلت ما يصل إلى 100 مليون - حوالي 5% من سكان العالم وتقريباً ستة أضعاف من ماتوا في الحرب العالمية. وكما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية في مايو/أيار ، فإن العلماء يشكون في أن الجدري والطاعون محصوران في جليد سيبيريا أيضاً.

يقول الخبراء إن العديد من هذه الكائنات الحية لن تنجو فعلاً من ذوبان الجليد؛ لأنها تحتاج لظروف خاصة صعبة، مثل تلك الظروف الخاصة التي أعادوا خلالها إحياء البكتيريا البالغة من العمر 32000 سنة في عام 2005. ولكن في عام 2016، قُتل صبي وأُصيب 20 آخرون بجروح من الجمرة الخبيثة أُطلق سراحها عندما أزيلت التربة المتجمدة عن جثة مجمدة لحيوان الرنة الذي قتلته البكتيريا قبل 75 سنة على الأقل.

4- الهواء لا يمكن تنفُّسه

تحتاج رئاتنا إلى الأكسجين، لكن ذلك ليس سوى جزء صغير مما نتنفسه. يتنامى تركيز ثاني أكسيد الكربون: لقد تجاوز فقط 400 جزء في المليون، وتشير التقديرات المتطورة المستقاة من الاتجاهات الحالية إلى أنها ستصل إلى 1000 جزء في المليون بحلول عام 2100. وعند هذا التركيز، مقارنة بالهواء الذي نتنفسه الآن، ستنخفض القدرة المعرفية البشرية بنسبة 21%.

العراق وسوريا سيعيشان حالة جفاف تام

العراق وسوريا سيعيشان حالة جفاف تام

العراق وسوريا سيعيشان حالة جفاف تام

أمراض عالقة في جليد القطب الشمالي ستنتشر

أمراض عالقة في جليد القطب الشمالي ستنتشر

أمراض عالقة في جليد القطب الشمالي ستنتشر

والأشياء الأخرى في الهواء الحار تكون أكثر ترويعاً، زيادات صغيرة في التلوث قادرة على تقصير العمر بعشر سنوات. وكلما كان الكوكب أكثر دفئاً، ازدادت أشكال الأوزون، وبحلول منتصف القرن، من المرجح أن يعاني الأمريكيون من زيادة 70% للضباب الدخاني، حسبما توقع المركز القومي لأبحاث الغلاف الجوي.

بحلول عام 2090، سنصل إلى وجود مليارَي شخص على مستوى العالم يتنفسون هواء غير مطابق لمستوى "السلامة" طبقاً لمنظمة الصحة العالمية. وأظهرت أبحاث أن تعرض الأم الحامل للأوزون يزيد من خطر إصابة الطفل بالتوحد عشرة أضعاف.

بالفعل، يموت أكثر من 10 آلاف شخص كل يوم من الجسيمات الصغيرة المنبعثة من حرق الوقود الأحفوري. في كل عام، يموت 339 ألف شخص من الدخان الناتج عن الحرائق، ويعود ذلك جزئياً إلى أن تغير المناخ قد تسبب في امتداد موسم حرائق الغابات (في الولايات المتحدة، ارتفع بنسبة 78 يوماً منذ عام 1970).

5- حروب دائمة بسبب الحر

تمكَّن علماء من تحديد بعض العلاقات غير الواضحة بين درجة الحرارة والعنف: فكل نصف درجة من الاحترار، كما يقولون، سوف ترى المجتمعات فيه زيادة بنسبة 10 و20% من احتمالات نزاعات التسلح. في علم المناخ، لا شيء بسيط، لكن الحسابات مروعة: فالكوكب بحرارة أعلى خمس درجات سيشهد على الأقل زيادة بمقدار نصف عدد الحروب التي نعيشها اليوم.

هذا هو أحد الأسباب، كما أشار إليه كثير من علماء المناخ، من أن الجيش الأمريكي مهووس بتغير المناخ: إن غرق جميع القواعد البحرية الأمريكية عن طريق ارتفاع مستوى سطح البحر هو مشكلة بالقدر الكافي، ولكن كونه شُرطي العالم، فإن الأمر يصبح أصعب عندما يتضاعف معدل الجريمة. بالطبع، ليس فقط سوريا حيث ساهم المناخ في النزاع الحادث هناك.

يتكهن البعض بأن المستوى المرتفع من الصراع في الشرق الأوسط على مدى الجيل الماضي يعكس ضغوط ظاهرة الاحتباس الحراري، وهي فرضية أكثر قسوةً بالنظر إلى أن الاحترار بدأ يتسارع عندما انتزع العالم الصناعي ثم أحرق نفط المنطقة.

ما هي العلاقة بين المناخ والصراع؟ يأتي جزء منها إلى الزراعة والاقتصاد. الكثير له علاقة بالهجرة القسرية، التي وصلت بالفعل إلى مستوى قياسي، مع ما لا يقل عن 65 مليون نازح يجوبون كوكب الأرض في الوقت الحالي. ولكن هناك أيضاً حقيقة بسيطة تتمثل في التهيج الفردي. تزيد الحرارة من معدلات الجريمة، وزيادة السباب على وسائل الإعلام الاجتماعية.

6- تدهور اقتصادي بعد نفاد النفط

الشعار المغمور للنيوليبرالية العالمية، الذي ساد بين نهاية الحرب الباردة وبداية الركود العظيم، هو أن النمو الاقتصادي سينقذنا من أي شيء وكل شيء.

ولكن في أعقاب انهيار عام 2008، بدأ عدد متزايد من المؤرخين الذين يدرسون ما يسمونه "رأسمالية الوقود الأحفوري" يشيرون إلى أن التاريخ الكامل للنمو الاقتصادي السريع، الذي بدأ فجأة إلى حد ما في القرن الثامن عشر، لم يكن نتيجة للابتكار أو التجارة أو ديناميات الرأسمالية العالمية، ولكن ببساطة اكتشافنا للوقود الأحفوري وكل قوتها الخام.

قبل الوقود الأحفوري، لم يكن أي شخص يعيش أفضل من آبائه أو أجداده أو أسلافه منذ 500 عام. وبعد أن نحرق كل أنواع الوقود الأحفوري، يقترح العلماء، أننا ربما سنعود إلى اقتصاد عالمي "ثابت". وبطبيعة الحال، فإن ذلك الوقود الذي جرى حقنه بشكل سريع، له تكلفة مدمرة على المدى الطويل: تغير المناخ.

إن أكثر الأبحاث إثارة حول اقتصاديات ارتفاع الحرارة جاءت أبحاث العالم هسيانغ وزملائه، الذين يقدمون بعض التحليلات القاتمة الخاصة بهم: كل درجة مئوية من الاحترار، في المتوسط​​، ستكلف 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي. وتوقعاتهم المتوسطة هي خسارة 23% في نصيب الفرد من الدخل عالمياً بحلول نهاية هذا القرن نتيجة للتغيرات في الزراعة والجريمة والعواصف والطاقة والوفيات والعمل.

إن تتبع شكل منحنى الاحتمالية أشد خوفاً: فثمة فرصة بنسبة 12% بأن يخفض تغير المناخ الإنتاج العالمي بأكثر من 50% بحلول عام 2100، كما يقولون، ونسبة 51% من احتمال أن يخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 20% أو أكثر من ذلك، ما لم تنخفض الانبعاثات. وبالمقارنة، خفض الكساد الكبير الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 6%، في صدمة في ذلك الوقت ما.

من الصعب فهم حجم هذا الدمار الاقتصادي، ولكن يمكنك البدء بتخيل كيف سيكون شكل العالم اليوم، حيث يبلغ الاقتصاد نصف حجمه، والذي لن ينتج سوى نصف القيمة،  مما يولد نصف هذا المبلغ فقط ليقدم للعمال.

7- .. وأحزان التغير المناخي

أصبح من المؤكد أن للتغير المناخي تأثيراً على الصحة النفسية للإنسان، ومخاطر متعددة الأسباب. التأثير الأكثر وضوحاً هو الشعور القوي بالحزن لفقدان أنواع مهمة من الكائنات وعناصر النظام البيئي وتخريب الطبيعة.

ورغم الاهتمام العلمي المتزايد بالأثر النفسي للمشكلة المناخية، تبقى "الأحزان البيئية" منطقة بحثية قيد التساؤل والدراسة.

الحزن ظاهرة طبيعية ومشروعة في الاستجابة للخسائر البيئية، وقد يصبح أكثر شيوعا مع تفاقم التأثيرات المناخية السيئة.

هواء لا يمكن تنفسه

هواء لا يمكن تنفسه

هواء لا يمكن تنفسه

حرب ضروس ستندلع بسبب الحرارة

حرب ضروس ستندلع بسبب الحرارة

حرب ضروس ستندلع بسبب الحرارة

ثم ستنتشر الكآبة في العالم

ثم ستنتشر الكآبة في العالم

ثم ستنتشر الكآبة في العالم

نحن لم نتحدث عن كوارث أخرى مثل تسمّم المحيطات ونهاية الحياة البحرية التي كانت تساعد في استهلاك ثلث غاز ثاني أكسيد الكربون.

نحن لم نتحدث عن انهيار محتمل للسلاسل الغذائية بسبب انقراض بعض الكائنات.

لم نتحدث عن الكثير، لكن المهم هو أن ننتبه قبل فوات الأوان إلى كوكبنا، وأن نَحذَر غضبته التي قد لا تُبقي ولا تَذَر.