كشف المستور

كيف اكتشف الغرب حقيقة الاحتلال الإسرائيلي  بعد 75 عاماً من الترويج للمظلومية

عربي بوست

بعد عقود من التنكر في صورة "واحة الديمقراطية" المحاطة بالوحوش، وجدت إسرائيل نفسها في قفص الاتهام ككيان استعماري يرتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، فكيف حدث هذا الانقلاب في الصورة العامة والسمعة الدولية؟

اغتصبت الأرض وشردت شعبها وعاثت فسادا في المنطقة، لكنها ظلت طويلا "واحة الديمقراطية" في الشرق الأوسط، في نظر داعميها الغربيين. فعلى مدى 75 عاما، ظلت تحظى بالتعاطف والدعم غير المشروط من الغرب، شعوبا وحكومات.

إنها إسرائيل. الكيان الذي عاش طويلا في جلباب الأساطير، فماذا حدث؟ انتشار منصات التواصل الاجتماعي ساعد بلا شك في كشف الحقائق وإسقاط الأقنعة الزائفة. لكن القصة لها فصول متتابعة وأسباب متعددة، فهل حانت ساعة الحساب؟

دولة متهمة "رسميا"
بإرتكاب "إبادة جماعية"

عندما رفعت جنوب أفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لم تكن المرة الأولى التي تجد فيها دولة الاحتلال نفسها في قفص الاتهام أمام "محكمة العالم"، إذ كانت المحكمة نفسها قد أصدرت حكما غير ملزم عام 2004 بعدم قانونية الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة.

لكن شتان الفارق بين الظروف المحيطة بقضية الجدار وتلك التي أحاطت ولا تزال بدعوى الإبادة الجماعية، التي رفعتها جنوب أفريقيا أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2023، بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بفاصل زمني يبلغ العقدين من الزمان.

ففي قضية الجدار لم تكلف إسرائيل نفسها عناء الدفاع عما تفعله وتركت المهمة لداعميها في الغرب، بقيادة الولايات المتحدة. أما في دعوى الإبادة الجماعية، فقد هبت دولة الاحتلال للدفاع عن نفسها وأرسلت فريقا قانونيا تولى المهمة وفشل فيها فشلا ذريعا، بعد أن أصدرت المحكمة، الجمعة 26 يناير/ كانون الثاني، قرارها في الشق العاجل من دعوى جنوب أفريقيا.

أصدرت المحكمة قرارها بالموافقة على 9 إجراءات عاجلة طالبت جنوب أفريقيا باتخاذها ضد إسرائيل، وهو ما يمثل إدانة واضحة للدولة التي ظلت محصنة على مدى عقود طويلة، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية.

الآن باتت إسرائيل دولة متهمة رسميا بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، وعليها أن تسعى لإقناع "محكمة العالم" ببرائتها من هذا الاتهام، فما الذي تغير في المشهد، من دولة كانت تحظى بدعم مطلق من الغرب والمؤسسات الأممية التي يسيطر عليها، إلى دولة "مارقة" تقف في قفص الاتهام عالميا؟

فهيئة محكمة العدل الدولية ترأسها قاضية أمريكية وتضم 14 قاضيا غيرها، وافقوا جميعا، باستثناء تلك القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي، على قبول اتهام إسرائيل رسميا بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة من حيث المبدأ، رغم أن صدور الحكم النهائي في هذا الاتهام قد يستغرق سنوات.

وقالت القاضية الأمريكية جوان دونوغو في كلمتها خلال جلسة إصدار القرار: "نؤكد ولايتنا القضائية للبت في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل"، وأضافت أن "محكمة العدل الدولية رفضت طلب إسرائيل بسحب دعوى جنوب أفريقيا ضدها".

كما أكدت دونوغو أن المحكمة تتمتع بصلاحية الحكم بإجراءات احترازية في قضية "الإبادة الجماعية" المرفوعة ضد إسرائيل، وقالت: "يجب على إسرائيل أن تتخذ التدابير في حدود سلطتها لمنع ومعاقبة التحريض العلني على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين"، وتابعت: "يجب على إسرائيل أن تتخذ تدابير فورية وفعالة لتمكينها من توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في غزة".

هذا الانقلاب في موقف وصورة ووضع إسرائيل على المستوى الدولي يفرض سؤالا رئيسيا: ماذا حدث خلال العقدين الماضيين؟

كلمة السر هنا تتمثل في عنصرين رئيسسين: الأول هو جيل الألفية وجيل زد والثاني هو منصات التواصل الاجتماعي، وكلاهما مرتبطان ارتباطا عضويا.

دولة متهمة "رسميا"
بإرتكاب "إبادة جماعية"

عندما رفعت جنوب أفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لم تكن المرة الأولى التي تجد فيها دولة الاحتلال نفسها في قفص الاتهام أمام "محكمة العالم"، إذ كانت المحكمة نفسها قد أصدرت حكما غير ملزم عام 2004 بعدم قانونية الجدار العازل الذي أقامته إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة.

لكن شتان الفارق بين الظروف المحيطة بقضية الجدار وتلك التي أحاطت ولا تزال بدعوى الإبادة الجماعية، التي رفعتها جنوب أفريقيا أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2023، بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بفاصل زمني يبلغ العقدين من الزمان.

ففي قضية الجدار لم تكلف إسرائيل نفسها عناء الدفاع عما تفعله وتركت المهمة لداعميها في الغرب، بقيادة الولايات المتحدة. أما في دعوى الإبادة الجماعية، فقد هبت دولة الاحتلال للدفاع عن نفسها وأرسلت فريقا قانونيا تولى المهمة وفشل فيها فشلا ذريعا، بعد أن أصدرت المحكمة، الجمعة 26 يناير/ كانون الثاني، قرارها في الشق العاجل من دعوى جنوب أفريقيا.

أصدرت المحكمة قرارها بالموافقة على 9 إجراءات عاجلة طالبت جنوب أفريقيا باتخاذها ضد إسرائيل، وهو ما يمثل إدانة واضحة للدولة التي ظلت محصنة على مدى عقود طويلة، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية.

الآن باتت إسرائيل دولة متهمة رسميا بارتكاب "إبادة جماعية" في قطاع غزة، وعليها أن تسعى لإقناع "محكمة العالم" ببرائتها من هذا الاتهام، فما الذي تغير في المشهد، من دولة كانت تحظى بدعم مطلق من الغرب والمؤسسات الأممية التي يسيطر عليها، إلى دولة "مارقة" تقف في قفص الاتهام عالميا؟

فهيئة محكمة العدل الدولية ترأسها قاضية أمريكية وتضم 14 قاضيا غيرها، وافقوا جميعا، باستثناء تلك القاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندي، على قبول اتهام إسرائيل رسميا بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة من حيث المبدأ، رغم أن صدور الحكم النهائي في هذا الاتهام قد يستغرق سنوات.

وقالت القاضية الأمريكية جوان دونوغو في كلمتها خلال جلسة إصدار القرار: "نؤكد ولايتنا القضائية للبت في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل"، وأضافت أن "محكمة العدل الدولية رفضت طلب إسرائيل بسحب دعوى جنوب أفريقيا ضدها".

كما أكدت دونوغو أن المحكمة تتمتع بصلاحية الحكم بإجراءات احترازية في قضية "الإبادة الجماعية" المرفوعة ضد إسرائيل، وقالت: "يجب على إسرائيل أن تتخذ التدابير في حدود سلطتها لمنع ومعاقبة التحريض العلني على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين"، وتابعت: "يجب على إسرائيل أن تتخذ تدابير فورية وفعالة لتمكينها من توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في غزة".

هذا الانقلاب في موقف وصورة ووضع إسرائيل على المستوى الدولي يفرض سؤالا رئيسيا: ماذا حدث خلال العقدين الماضيين؟

كلمة السر هنا تتمثل في عنصرين رئيسسين: الأول هو جيل الألفية وجيل زد والثاني هو منصات التواصل الاجتماعي، وكلاهما مرتبطان ارتباطا عضويا.

إسرائيل في أعين جيل الألفية
وجيل Z

في تحليل عنوانه "فجوة الأجيال في الآراء من إسرائيل"، رصد معهد بروكينجز في واشنطن كيف أظهرت استطلاعات الرأي بين الأمريكيين وجود فجوة لافتة مرتبطة بالفئات العمرية في الآراء بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، والمستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

لكن هذه الفجوة، التي تظهر ميلا لتأييد إسرائيل بين الفئات العمرية الأكبر مقابل نظرة سلبية تماما يجاهها بين جيلي الألفية وجيل زد (مواليد أواخر القرن الماضي وبدايات القرن الحادي والعشرين)، كانت موجودة بالفعل منذ ما قبل الحرب الحالية، لكنها تعمقت بشكل واضح خلالها.

ففي استطلاع رأي أجراه مركز "بو" لاستطلاعات الرأي العام، عام 2022، ظهر أن 55% من الأمريكيين يدعمون إسرائيل مقابل 41% يحملون آراء سلبية تجاهها. لكن تفاصيل الاستطلاع توضح وجود اختلافات عمرية لافتة. فمن بين الفئة العمرية 18-29 عاما، كان 41% فقط يرون إسرائيل بصورة إيجابية، و69% من الفئة العمرية 65 عاما وأكثر يعتنقون الرأي نفسه. كما ظهر أن 71% من الجمهوريين يدعمون إسرائيل مقابل 44% فقط من الديمقراطيين.

وفي مارس/ آذار 2023، وجد استطلاع لمعهد غالوب أن 49% من الناخبين الديمقراطيين يتعاطفون مع الفلسطينيين مقابل 38% فقط يؤيدون إسرائيل.

لكن الفجوة بين الأجيال فيما يتعلق بالآراء الخاصة بإسرائيل والفلسطينيين واضحة في جميع الاستطلاعات التي أجريت خلال الأعوام الثلاثة الماضية. فجيل الألفية (مواليد الفترة من 1980 إلى 2000)، يميلون إلى الفلسطينيين أكثر من إسرائيل بنسبة 2%، أما مواليد الفترة من 1946 حتى 1964، فهم يؤيدون إسرائيل بنسبة تزيد عن 46%.

استطلاعات الرأي العديدة، التي أجرتها وتجريها معاهد ومؤسسات متخصصة، تؤكد بشكل لا لبس فيه على أن صورة إسرائيل قد تغيرت بشكل لافت في أعين الغرب عموما، وفي أعين الأجيال الشابة خصوصا. ونشر مركز القدس للشؤون العامة نتيجة استطلاع تظهر أن أكثر من 69% من المستطلع آرائهم لا يصدقون المزاعم الإسرائيلية بشأن تعرض الأسيرات في قطاع غزة لاعتداءات جنسية، وأجري ذلك الاستطلاع أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2023 بين الناخبين الأمريكيين، في مؤشر على فقدان المصداقية بصورة لافتة تجاه ما تدعيه إسرائيل.

"حرب غزة هي أول حرب حقيقية يعيشها جيل زد"، تحت هذا العنوان نشرت صحيفةوول ستريت جورنال تقريرا يفسر، ولو جزئيا، كيف تغيرت نظرة ذلك الجيل في الغرب إلى الصراع في فلسطين. فذلك الجيل يعتبر أن الحرب ومآسيها أمر عارض بينما السلام هو أصل الأمور، ومن ثم لابد، من وجهة نظر جيل زد، لابد من حل الصراع في فلسطين بصورة جذرية، أي أن يحصل الفلسطينيون على حقهم الطبيعي في إقامة دولتهم المستقلة وأن تعاقب دولة الاحتلال على جرائمها بحقهم.

إسرائيل في أعين جيل الألفية
وجيل Z

في تحليل عنوانه "فجوة الأجيال في الآراء من إسرائيل"، رصد معهد بروكينجز في واشنطن كيف أظهرت استطلاعات الرأي بين الأمريكيين وجود فجوة لافتة مرتبطة بالفئات العمرية في الآراء بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، والمستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

لكن هذه الفجوة، التي تظهر ميلا لتأييد إسرائيل بين الفئات العمرية الأكبر مقابل نظرة سلبية تماما يجاهها بين جيلي الألفية وجيل زد (مواليد أواخر القرن الماضي وبدايات القرن الحادي والعشرين)، كانت موجودة بالفعل منذ ما قبل الحرب الحالية، لكنها تعمقت بشكل واضح خلالها.

ففي استطلاع رأي أجراه مركز "بو" لاستطلاعات الرأي العام، عام 2022، ظهر أن 55% من الأمريكيين يدعمون إسرائيل مقابل 41% يحملون آراء سلبية تجاهها. لكن تفاصيل الاستطلاع توضح وجود اختلافات عمرية لافتة. فمن بين الفئة العمرية 18-29 عاما، كان 41% فقط يرون إسرائيل بصورة إيجابية، و69% من الفئة العمرية 65 عاما وأكثر يعتنقون الرأي نفسه. كما ظهر أن 71% من الجمهوريين يدعمون إسرائيل مقابل 44% فقط من الديمقراطيين.

وفي مارس/ آذار 2023، وجد استطلاع لمعهد غالوب أن 49% من الناخبين الديمقراطيين يتعاطفون مع الفلسطينيين مقابل 38% فقط يؤيدون إسرائيل.

لكن الفجوة بين الأجيال فيما يتعلق بالآراء الخاصة بإسرائيل والفلسطينيين واضحة في جميع الاستطلاعات التي أجريت خلال الأعوام الثلاثة الماضية. فجيل الألفية (مواليد الفترة من 1980 إلى 2000)، يميلون إلى الفلسطينيين أكثر من إسرائيل بنسبة 2%، أما مواليد الفترة من 1946 حتى 1964، فهم يؤيدون إسرائيل بنسبة تزيد عن 46%.

استطلاعات الرأي العديدة، التي أجرتها وتجريها معاهد ومؤسسات متخصصة، تؤكد بشكل لا لبس فيه على أن صورة إسرائيل قد تغيرت بشكل لافت في أعين الغرب عموما، وفي أعين الأجيال الشابة خصوصا. ونشر مركز القدس للشؤون العامة نتيجة استطلاع تظهر أن أكثر من 69% من المستطلع آرائهم لا يصدقون المزاعم الإسرائيلية بشأن تعرض الأسيرات في قطاع غزة لاعتداءات جنسية، وأجري ذلك الاستطلاع أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2023 بين الناخبين الأمريكيين، في مؤشر على فقدان المصداقية بصورة لافتة تجاه ما تدعيه إسرائيل.

"حرب غزة هي أول حرب حقيقية يعيشها جيل زد"، تحت هذا العنوان نشرت صحيفةوول ستريت جورنال تقريرا يفسر، ولو جزئيا، كيف تغيرت نظرة ذلك الجيل في الغرب إلى الصراع في فلسطين. فذلك الجيل يعتبر أن الحرب ومآسيها أمر عارض بينما السلام هو أصل الأمور، ومن ثم لابد، من وجهة نظر جيل زد، لابد من حل الصراع في فلسطين بصورة جذرية، أي أن يحصل الفلسطينيون على حقهم الطبيعي في إقامة دولتهم المستقلة وأن تعاقب دولة الاحتلال على جرائمها بحقهم.

حرب الرواية على منصات التواصل

"لماذا يدعم جيل زد فلسطين ويعادي إسرائيل لهذه الدرجة؟"، تحت هذا العنوان، رصد مقال نشره موقع The Hill التابع للكونغرس الأمريكي بعضا من أسباب التحول الكبير في صورة إسرائيل في أعين الأجيال الشابة في أمريكا والغرب عموما.

ورصد المقال وجود أكثر من 31 مليار منشور تحت هاشتاغ #freepalestine مقابل أقل من 590 مليونا تحت هاشتاغ #standwithisrael، تعبيرا عن التضامن مع الفلسطينيين ورفض الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما يجسد انقلابا في حرب الرواية.

ويسبب هذا الانقلاب إزعاجا كبيرا لبعض المشرعين الأمريكيين، وهم يسعون إلى حظر منصة تيك توك بشكل كامل. لكن هذا الاتجاه الذي تعكسه المنصة يعكس توجهات قائمة بالفعل منذ سنوات، ويرجع ذلك إلى عدد من المتغيرات أبرزها على الإطلاق الانتشار السريع والواسع لمنصات التواصل الاجتماعي واعتماد أجيال الألفية وجيل زد على تلك المنصات بشكل كامل في تشكيل الوعي والآراء تجاه العالم وقضاياه.

ورغم الانحياز من جانب عملاق منصات التواصل الاجتماعي، فيسبوك، للرواية الإسرائيلية، باعتراف مجلس المشرفين التابع لفيسبوك نفسه خلال عام 2021، إلا أن تأثير ذلك الانحياز قد دفع كثير من الأجيال الشابة إلى التوجه نحو منصات أخرى، أبرزها تيك توك وغيره خلال السنوات القليلة الماضية.

ومع سحب منصات التواصل الاجتماعي البساط من تحت أقدام وسائل الإعلام التقليدية، وجدت إسرائيل نفسها عارية بصورة كبيرة من أدوات الحماية التقليدية التي لازمتها منذ إعلان تأسيسها على أراضي فلسطين عام 1948. فوسائل الإعلام التقليدية في الغرب كانت دائما تروج لإسرائيل على أنها دولة ديمقراطية في محيط عدائي ومتوحش، في انعكاس متطابق مع ما يروجه زعماء الغرب، في أمريكا وأوروبا، لتبرير الانحياز والدعم لكيان محتل ومغتصب لأرض شرد أهلها وهجرهم ويمارس بحقهم أبشع أنواع القمع والاضطهاد.

خسارة إسرائيل أمام المقاومة الفلسطينية في المعركة الرقمية بات واضحا حتى لإسرائيل نفسها، فقامت حكومة الاحتلال بإجراء أول عملية شراء في تاريخها لمنظومة تقنية يمكنها تنفيذ حملات تأثير جماعية عبر الإنترنت، وذلك بحسب بحسب تقرير لصحيفةHaaretz.

حرب الرواية على منصات التواصل

"لماذا يدعم جيل زد فلسطين ويعادي إسرائيل لهذه الدرجة؟"، تحت هذا العنوان، رصد مقال نشره موقع The Hill التابع للكونغرس الأمريكي بعضا من أسباب التحول الكبير في صورة إسرائيل في أعين الأجيال الشابة في أمريكا والغرب عموما.

ورصد المقال وجود أكثر من 31 مليار منشور تحت هاشتاغ #freepalestine مقابل أقل من 590 مليونا تحت هاشتاغ #standwithisrael، تعبيرا عن التضامن مع الفلسطينيين ورفض الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما يجسد انقلابا في حرب الرواية.

ويسبب هذا الانقلاب إزعاجا كبيرا لبعض المشرعين الأمريكيين، وهم يسعون إلى حظر منصة تيك توك بشكل كامل. لكن هذا الاتجاه الذي تعكسه المنصة يعكس توجهات قائمة بالفعل منذ سنوات، ويرجع ذلك إلى عدد من المتغيرات أبرزها على الإطلاق الانتشار السريع والواسع لمنصات التواصل الاجتماعي واعتماد أجيال الألفية وجيل زد على تلك المنصات بشكل كامل في تشكيل الوعي والآراء تجاه العالم وقضاياه.

ورغم الانحياز من جانب عملاق منصات التواصل الاجتماعي، فيسبوك، للرواية الإسرائيلية، باعتراف مجلس المشرفين التابع لفيسبوك نفسه خلال عام 2021، إلا أن تأثير ذلك الانحياز قد دفع كثير من الأجيال الشابة إلى التوجه نحو منصات أخرى، أبرزها تيك توك وغيره خلال السنوات القليلة الماضية.

ومع سحب منصات التواصل الاجتماعي البساط من تحت أقدام وسائل الإعلام التقليدية، وجدت إسرائيل نفسها عارية بصورة كبيرة من أدوات الحماية التقليدية التي لازمتها منذ إعلان تأسيسها على أراضي فلسطين عام 1948. فوسائل الإعلام التقليدية في الغرب كانت دائما تروج لإسرائيل على أنها دولة ديمقراطية في محيط عدائي ومتوحش، في انعكاس متطابق مع ما يروجه زعماء الغرب، في أمريكا وأوروبا، لتبرير الانحياز والدعم لكيان محتل ومغتصب لأرض شرد أهلها وهجرهم ويمارس بحقهم أبشع أنواع القمع والاضطهاد.

خسارة إسرائيل أمام المقاومة الفلسطينية في المعركة الرقمية بات واضحا حتى لإسرائيل نفسها، فقامت حكومة الاحتلال بإجراء أول عملية شراء في تاريخها لمنظومة تقنية يمكنها تنفيذ حملات تأثير جماعية عبر الإنترنت، وذلك بحسب بحسب تقرير لصحيفةHaaretz.

تغيير المواقف الرسمية..
دول غربية تدين إسرائيل

من الناحية الرسمية، حدث أيضا بعض التغيير في مواقف بعض الدول الغربية، مثل فرنسا، التي تعكس مواقف رئيسها إيمانويل ماكرون خلال الحرب الإسرائيلية على غزة هذا التغيير بصورة لافتة. ففي أعقاب "طوفان الأقصى" يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، اتخذ ماكرون موقفا متطابقا مع موقف الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، مرددا الروايات المضللة بشأن ما حدث في ذلك اليوم.

فطوفان الأقصى هو الاسم الذي أطلقته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على العملية العسكرية الشاملة، التي بدأت فجر ذلك اليوم، رداً على "الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني". ففي تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي في فلسطين، شنَّت "حماس" اجتياحاً فلسطينياً لمستوطنات الغلاف المحاذية لقطاع غزة المحاصَر، حيث اقتحم مقاتلون من كتائب عز الدين القسام البلدات المتاخمة للقطاع، في ظل غطاء جوي من آلاف الصواريخ التي أُطلقت من غزة باتجاه تل أبيب والقدس ومدن الجنوب.

ووسط حالة الذعر والصدمة التي انتابت الإسرائيليين، وانتشار مقاطع فيديو وصور لدبابات ومدرعات تابعة لجيش الاحتلال، إما محروقة أو تحت سيطرة المقاومين الفلسطينيين، وأسر العشرات من جنود جيش الاحتلال والمستوطنين، وسيطرة فلسطينية كاملة على مستوطنات، أعلنت دولة الاحتلال أنها "في حالة حرب"، للمرة الأولى منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.

لكن قادة إسرائيل صوروا ما حدث على أنه هجوم وحشي استهدف "المدنيين" ورددوا روايات مرعبة تزعم قطع رؤوس الرضع وحرقهم، وسارع ماكرون وغيره من داعمي إسرائيل، وأبرزهم بطبيعة الحال الرئيس الأمريكي جو بايدن، لترديد تلك المزاعم، التي ثبت أنها مجرد أكاذيب وافتراءات لا أساس لها من الصحة. كما اتضح أن الجثث المحروقة لمستوطنين في غلاف غزة تسببت فيها صواريخ إسرائيلية وليس هجوم المقاومة الفلسطينية.

لكن الرئيس الفرنسي أجبر على تغيير موقفه بعد أسابيع من العدوان الإسرائيلي المنفلت على قطاع غزة، خصوصا وأن فرنسا توجد بها أكبر جالية مسلمة وأكبر جالية يهودية أيضا، وهو ما بات يهدد استقرارها الاجتماعي ذاته. فالموقف الشعبي لم يكن متناغماً مع الموقف الرسمي لماكرون وحكومته، بل جاء مناقضاً له، حيث أجبرت الحكومة على منح التصاريح للتظاهرات الداعمة للفلسطينيين، والتي شهدت مشاركات ضخمة لم يكن بإمكان ماكرون تجاهلها.

فجأة خرج ماكرون عن المسار الأمريكي الداعم بشكل مطلق لإسرائيل، وطالب علانية "بوقف فوري لإطلاق النار"، حيث قال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية: "وقف إطلاق النار هو الحل الوحيد؛ لأنه من المستحيل أن نفسر أننا نريد محاربة الإرهاب من خلال قتل الأبرياء. هؤلاء الرضع والسيدات والعجائز يتم قصفهم وقتلهم. لا يوجد سبب يبرر هذا ولا شرعية، لذلك نحن نحث إسرائيل على التوقف".

ما الذي حدث؟ ولماذا استيقظ ماكرون فجأة بهذه الحدة؟ فالأطفال والنساء والعجائز يقصفون بالقنابل والصواريخ والقذائف بأنواعها منذ اليوم الأول للعدوان. إجابة هذه التساؤلات تبدو كأنها مقسمة إلى عدة أسباب: الأول يتعلق بماكرون وسعيه لأن تلعب فرنسا دور القوة العظمى في أي صراع، والثاني يتعلق بالموقف الداخلي، أما الثالث فيتعلق بشخص ماكرون نفسه، وذلك بحسب تحليل لمجلة فورين بوليسي الأمريكية عنوانه "ماكرون ينفصل عن الغرب بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس"، وهو التوصيف الغربي لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر.

وترى المجلة أنه بجانب القلق من الكارثة الإنسانية في غزة والرغبة في لعب دور أكبر على الساحة الدولية، لدى ماكرون أسباب قوية كي ينادي بوقف العدوان الإسرائيلي بسرعة، ويكمن ذلك في تنامي الإسلاموفوبيا والعداء للسامية على الأراضي الفرنسية، وهو ما يهدد بانفجار الموقف داخلياً، إذ تنعكس تداعيات العدوان الإسرائيلي بشكل مباشر على المجتمع الفرنسي.

الأهم هنا هو أن فرنسا ليست الدولة الوحيدة في الغرب. فبلجيكا سعت بقوة وبشكل رسمي إلى دفع الاتحاد الأوروبي لاختاذ موقف يتسق مع المبادئ والإنسانية ولا يختبئ وراء المراوغات السياسية فيما يتعلق بجرائم إسرائيل في غزة. ورغم فشل بلجيكا، ومعها إسبانيا ودول أخرى، في استصدار قرار من الاتحاد الأوروبي يدين إسرائيل، إلا أن الحكومة البلجيكية أدانت رسميا "العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".

رئيس الوزراء الإسباني،بيدرو سانشيز، أعلن أيضا بشكل رسمي إدانة بلاده لما ترتكبه إسرائيل من "قتل عشوائي" للفلسطينيين في قطاع غزة، مطالبا بوقف الحرب والتحقيق في جرائم جيش الاحتلال.

تغيير المواقف الرسمية..
دول غربية تدين إسرائيل

من الناحية الرسمية، حدث أيضا بعض التغيير في مواقف بعض الدول الغربية، مثل فرنسا، التي تعكس مواقف رئيسها إيمانويل ماكرون خلال الحرب الإسرائيلية على غزة هذا التغيير بصورة لافتة. ففي أعقاب "طوفان الأقصى" يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، اتخذ ماكرون موقفا متطابقا مع موقف الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، مرددا الروايات المضللة بشأن ما حدث في ذلك اليوم.

فطوفان الأقصى هو الاسم الذي أطلقته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على العملية العسكرية الشاملة، التي بدأت فجر ذلك اليوم، رداً على "الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني". ففي تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي في فلسطين، شنَّت "حماس" اجتياحاً فلسطينياً لمستوطنات الغلاف المحاذية لقطاع غزة المحاصَر، حيث اقتحم مقاتلون من كتائب عز الدين القسام البلدات المتاخمة للقطاع، في ظل غطاء جوي من آلاف الصواريخ التي أُطلقت من غزة باتجاه تل أبيب والقدس ومدن الجنوب.

ووسط حالة الذعر والصدمة التي انتابت الإسرائيليين، وانتشار مقاطع فيديو وصور لدبابات ومدرعات تابعة لجيش الاحتلال، إما محروقة أو تحت سيطرة المقاومين الفلسطينيين، وأسر العشرات من جنود جيش الاحتلال والمستوطنين، وسيطرة فلسطينية كاملة على مستوطنات، أعلنت دولة الاحتلال أنها "في حالة حرب"، للمرة الأولى منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.

لكن قادة إسرائيل صوروا ما حدث على أنه هجوم وحشي استهدف "المدنيين" ورددوا روايات مرعبة تزعم قطع رؤوس الرضع وحرقهم، وسارع ماكرون وغيره من داعمي إسرائيل، وأبرزهم بطبيعة الحال الرئيس الأمريكي جو بايدن، لترديد تلك المزاعم، التي ثبت أنها مجرد أكاذيب وافتراءات لا أساس لها من الصحة. كما اتضح أن الجثث المحروقة لمستوطنين في غلاف غزة تسببت فيها صواريخ إسرائيلية وليس هجوم المقاومة الفلسطينية.

لكن الرئيس الفرنسي أجبر على تغيير موقفه بعد أسابيع من العدوان الإسرائيلي المنفلت على قطاع غزة، خصوصا وأن فرنسا توجد بها أكبر جالية مسلمة وأكبر جالية يهودية أيضا، وهو ما بات يهدد استقرارها الاجتماعي ذاته. فالموقف الشعبي لم يكن متناغماً مع الموقف الرسمي لماكرون وحكومته، بل جاء مناقضاً له، حيث أجبرت الحكومة على منح التصاريح للتظاهرات الداعمة للفلسطينيين، والتي شهدت مشاركات ضخمة لم يكن بإمكان ماكرون تجاهلها.

فجأة خرج ماكرون عن المسار الأمريكي الداعم بشكل مطلق لإسرائيل، وطالب علانية "بوقف فوري لإطلاق النار"، حيث قال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية: "وقف إطلاق النار هو الحل الوحيد؛ لأنه من المستحيل أن نفسر أننا نريد محاربة الإرهاب من خلال قتل الأبرياء. هؤلاء الرضع والسيدات والعجائز يتم قصفهم وقتلهم. لا يوجد سبب يبرر هذا ولا شرعية، لذلك نحن نحث إسرائيل على التوقف".

ما الذي حدث؟ ولماذا استيقظ ماكرون فجأة بهذه الحدة؟ فالأطفال والنساء والعجائز يقصفون بالقنابل والصواريخ والقذائف بأنواعها منذ اليوم الأول للعدوان. إجابة هذه التساؤلات تبدو كأنها مقسمة إلى عدة أسباب: الأول يتعلق بماكرون وسعيه لأن تلعب فرنسا دور القوة العظمى في أي صراع، والثاني يتعلق بالموقف الداخلي، أما الثالث فيتعلق بشخص ماكرون نفسه، وذلك بحسب تحليل لمجلة فورين بوليسي الأمريكية عنوانه "ماكرون ينفصل عن الغرب بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس"، وهو التوصيف الغربي لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر.

وترى المجلة أنه بجانب القلق من الكارثة الإنسانية في غزة والرغبة في لعب دور أكبر على الساحة الدولية، لدى ماكرون أسباب قوية كي ينادي بوقف العدوان الإسرائيلي بسرعة، ويكمن ذلك في تنامي الإسلاموفوبيا والعداء للسامية على الأراضي الفرنسية، وهو ما يهدد بانفجار الموقف داخلياً، إذ تنعكس تداعيات العدوان الإسرائيلي بشكل مباشر على المجتمع الفرنسي.

الأهم هنا هو أن فرنسا ليست الدولة الوحيدة في الغرب. فبلجيكا سعت بقوة وبشكل رسمي إلى دفع الاتحاد الأوروبي لاختاذ موقف يتسق مع المبادئ والإنسانية ولا يختبئ وراء المراوغات السياسية فيما يتعلق بجرائم إسرائيل في غزة. ورغم فشل بلجيكا، ومعها إسبانيا ودول أخرى، في استصدار قرار من الاتحاد الأوروبي يدين إسرائيل، إلا أن الحكومة البلجيكية أدانت رسميا "العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".

رئيس الوزراء الإسباني،بيدرو سانشيز، أعلن أيضا بشكل رسمي إدانة بلاده لما ترتكبه إسرائيل من "قتل عشوائي" للفلسطينيين في قطاع غزة، مطالبا بوقف الحرب والتحقيق في جرائم جيش الاحتلال.

أمريكا.. الانقسام سيد الموقف

إذا كان الموقف الرسمي في فرنسا من حرب إسرائيل على غزة قد بدأ يتغير بالفعل، فالموقف في واشنطن يشهد إرهاصات يراها كثيرون أكثر خطورة على إسرائيل على المدى المتوسط والبعيد. صحيح أن دعم إدارة بايدن المادي والمعنوي لإسرائيل فاق كل الحدود هذه المرة، إلا أن الانقسامات العميقة داخل الولايات المتحدة على جميع المستويات باتت ظاهرة من المستحيل تجاهلها.

فالدعم لفلسطين مقابل انتقاد إسرائيل بات حاضرا في الجامعات والمدارس الأمريكية وتحول إلى ظاهرة تستوقف أغلب الباحثين والمحللين. كما أصبحت التظاهرات الداعمة لفلسطين والمطالبة بالوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حدثا شبه يومي في غالبية الولايات الأمريكية، وأمام البيت الأبيض أيضا.

ورغم انحياز الإعلام الأمريكي التقليدي لإسرائيل ومزاعمها، إلا أن وجود منصات التواصل الاجتماعي وانتشارها واعتماد الأجيال الشابة عليها كمصادر أكثر مصداقية لما يجري على الأرض، أجبر تلك المؤسسات الإعلامية التقليدية على مراجعة بعضا من سياساتها وإفساح ولو هامش ضئيل لتغطية الجانب الفلسطيني من القصة.

شبكة CNN مثلا نشرت بعض التحقيقات الاستقصائية بشأن روايات جيش الاحتلال، وبخاصة مزاعم عدم استهداف المدنيين في قطاع غزة، وأقرت في تلك التحقيقات بكذب روايات الجيش الإسرائيلي. فلا أحد يصدق ما يردده قادة الاحتلال من أكاذيب، ولا مكان آمناً في القطاع، والرد على أكاذيب جيش الاحتلال جاء من شبكة CNN الأمريكية، التي نشرت تحقيقاً استقصائياً قامت به، عنوانه "صدقوا أوامر الإخلاء.. ضربة جوية إسرائيلية قتلتهم في اليوم التالي"، رصد كيف أن بعض الفلسطينيين في شمال غزة، الذين صدقوا أوامر الإخلاء التي صدرت عن الجيش الإسرائيلي، ظنوا أنهم سيكونون آمنين.

"بعض الإسرائيليين الذين نفذوا أوامر الإخلاء وهربوا من بيوتهم في شمال غزة، باحثين عن الأمن والسلامة، تعرّضوا للمصير ذاته الذي هربوا منه: قتلتهم ضربات جوية إسرائيلية في منطقة الإخلاء"، هذا ما خلصت إليه الشبكة الأمريكية، التي تعمل، شأنها شأن باقي المؤسسات الإعلامية الغربية، على الترويج للرواية الإسرائيلية طوال الوقت، والواضح هنا أن وجود شهود كثر على الكذب المفضوح أجبر الجميع هذه المرة على الإقرار بالحقيقة.

وعندما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية صوراً لرجال فلسطينيين معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي ومجردين من ملابسهم، وزعم موقع واللا العبري أنهم "استسلموا" لكتيبة من جيش الاحتلال، بحسب تقرير لصحيفة تليغراف البريطانية. وتفاخرت وسائل الإعلام العبرية بتلك المشاهد، زاعمة أن "هؤلاء ينتمون لفصائل المقاومة" في غزة، أجرت شبكة CNN تحقيقا نسف المزاعم الإسرائيلية وكشف أن الرجال والشباب الذين تعرضوا لهذه المعاملة غير الإنسانية ليسوا إلا مدنيين لا علاقة لهم بأي من فصائل المقاومة الفلسطينية.

ولنتخيل هنا عالما بدون وسائل التواصل الاجتماعي ويسيطر عليه الإعلام التقليدي، كما كان الحال على مدى عقود منذ زرع إسرائيل في أرض فلسطين، كيف كان يمكن للحقيقة أن تجد طريقها إلى أبصار وآذان مئات الملايين من مواطني الغرب الذين تربوا على الأساطير الإسرائيلية؟!

أمريكا.. الانقسام سيد الموقف

إذا كان الموقف الرسمي في فرنسا من حرب إسرائيل على غزة قد بدأ يتغير بالفعل، فالموقف في واشنطن يشهد إرهاصات يراها كثيرون أكثر خطورة على إسرائيل على المدى المتوسط والبعيد. صحيح أن دعم إدارة بايدن المادي والمعنوي لإسرائيل فاق كل الحدود هذه المرة، إلا أن الانقسامات العميقة داخل الولايات المتحدة على جميع المستويات باتت ظاهرة من المستحيل تجاهلها.

فالدعم لفلسطين مقابل انتقاد إسرائيل بات حاضرا في الجامعات والمدارس الأمريكية وتحول إلى ظاهرة تستوقف أغلب الباحثين والمحللين. كما أصبحت التظاهرات الداعمة لفلسطين والمطالبة بالوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حدثا شبه يومي في غالبية الولايات الأمريكية، وأمام البيت الأبيض أيضا.

ورغم انحياز الإعلام الأمريكي التقليدي لإسرائيل ومزاعمها، إلا أن وجود منصات التواصل الاجتماعي وانتشارها واعتماد الأجيال الشابة عليها كمصادر أكثر مصداقية لما يجري على الأرض، أجبر تلك المؤسسات الإعلامية التقليدية على مراجعة بعضا من سياساتها وإفساح ولو هامش ضئيل لتغطية الجانب الفلسطيني من القصة.

شبكة CNN مثلا نشرت بعض التحقيقات الاستقصائية بشأن روايات جيش الاحتلال، وبخاصة مزاعم عدم استهداف المدنيين في قطاع غزة، وأقرت في تلك التحقيقات بكذب روايات الجيش الإسرائيلي. فلا أحد يصدق ما يردده قادة الاحتلال من أكاذيب، ولا مكان آمناً في القطاع، والرد على أكاذيب جيش الاحتلال جاء من شبكة CNN الأمريكية، التي نشرت تحقيقاً استقصائياً قامت به، عنوانه "صدقوا أوامر الإخلاء.. ضربة جوية إسرائيلية قتلتهم في اليوم التالي"، رصد كيف أن بعض الفلسطينيين في شمال غزة، الذين صدقوا أوامر الإخلاء التي صدرت عن الجيش الإسرائيلي، ظنوا أنهم سيكونون آمنين.

"بعض الإسرائيليين الذين نفذوا أوامر الإخلاء وهربوا من بيوتهم في شمال غزة، باحثين عن الأمن والسلامة، تعرّضوا للمصير ذاته الذي هربوا منه: قتلتهم ضربات جوية إسرائيلية في منطقة الإخلاء"، هذا ما خلصت إليه الشبكة الأمريكية، التي تعمل، شأنها شأن باقي المؤسسات الإعلامية الغربية، على الترويج للرواية الإسرائيلية طوال الوقت، والواضح هنا أن وجود شهود كثر على الكذب المفضوح أجبر الجميع هذه المرة على الإقرار بالحقيقة.

وعندما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية صوراً لرجال فلسطينيين معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي ومجردين من ملابسهم، وزعم موقع واللا العبري أنهم "استسلموا" لكتيبة من جيش الاحتلال، بحسب تقرير لصحيفة تليغراف البريطانية. وتفاخرت وسائل الإعلام العبرية بتلك المشاهد، زاعمة أن "هؤلاء ينتمون لفصائل المقاومة" في غزة، أجرت شبكة CNN تحقيقا نسف المزاعم الإسرائيلية وكشف أن الرجال والشباب الذين تعرضوا لهذه المعاملة غير الإنسانية ليسوا إلا مدنيين لا علاقة لهم بأي من فصائل المقاومة الفلسطينية.

ولنتخيل هنا عالما بدون وسائل التواصل الاجتماعي ويسيطر عليه الإعلام التقليدي، كما كان الحال على مدى عقود منذ زرع إسرائيل في أرض فلسطين، كيف كان يمكن للحقيقة أن تجد طريقها إلى أبصار وآذان مئات الملايين من مواطني الغرب الذين تربوا على الأساطير الإسرائيلية؟!

إسرائيل.. سقوط ورقة التوت

رصد التحول في الموقف الغربي من إسرائيل والسقوط المتوالي لأوراق التوت التي كانت تستر ذلك الكيان على المسرح الدولي يظهر أن تلك العملية كانت قد بدأت منذ سنوات، وليس منذ الحرب الإسرائيلية الجارية على القطاع.

هذا التغير في صورة إسرائيل عالميا يرجع، في جانب كبير منه، إلى الاضطرابات التي اكتنفت المشهد السياسي الداخلي في دولة الاحتلال خلال السنوات الأخيرة، والتي توجتها تولي الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو المسؤولية منذ أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2022.

فهذه الحكومة تسببت في تحطيم الأسطورة الأطول عمرا في تاريخ إسرائيل، وهي أسطورة "واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط"، التي ظلت العنوان الأبرز لصورة ذلك الكيان منذ بداية تأسيسه عام 1948. تلك الأسطورة كانت نتيجة لرغبة متبادلة واتفاق ضمني بين زعماء إسرائيل من جهة والغرب من جهة أخرى، في الترويج عالمياً لأسطورة أن إسرائيل دولة ديمقراطية مدنية حديثة، على عكس الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة التي يعجّ بها الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن سن "قانون العودة" منذ عام 1950 يقوّض أحد أهم أعمدة الديمقراطية، وهي المساواة، فهذا القانون حدّد منذ البداية إطاراً تتميز داخله مجموعة عرقية بعينها عن باقي سكان الدولة، إلا أن تسويق ذلك في إطار المظلومية والشتات والهولوكست وغيرها من المبررات التي لا علاقة للفلسطينيين ولا للعرب بها من الأساس، مكن الادعاء بأن إسرائيل دولة ديمقراطية من أن يستمر ويجد آذاناً مصغية في الغرب على مدى عقود.

وظلت مؤسسات غربية متخصصة في ترتيب الدول حول العالم، فيما يُعرف بمؤشر الديمقراطية، تضع دولة الاحتلال في مراتب متقدمة للغاية، إذ جاءت إسرائيل، في أحد مؤشرات الديمقراطية التي تصدر عن وحدة الاستخبارات بالإيكونوميست، في المرتبة الثالثة والعشرين عالمياً، متقدمة على دول مثل إيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة، بعد أن منحتها الوحدة 7.97 درجة من إجمالي 10!

صدر ذلك التقرير عن عام 2021 وفي أعقاب تقرير منظمة العفو الدولية، الذي حكم بأن إسرائيل تطبّق نظام "الفصل العنصري" ضد الفلسطينيين، مَن هم تحت الاحتلال، وحتى مَن يحملون الهوية الإسرائيلية من عرب فلسطين 1948.

لكن حكومة "السوابق"، التي تضم وزيرا مدانا بالاحتيال وآخر متهم بالرشوة وخيانة الأمانة، ورئيس الوزراء يسعى لتحصين نفسه ضد دخول السجن، عن طريق فرض قانون يحميه مدى الحياة، وصفها توماس فريدمان (الكاتب الأمريكي اليهودي)، غربيا بأنها "الحكومة الأكثر تطرفا" في تاريخ الدولة العبرية ومن ثم بدأ تسليط الضوء على أجندتها الهادفة إلى ابتلاع ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية وتهجير أهالي القدس والضفة الغربية.

فتلك الحكومة لها جدول أعمال معلن وغير سري، وهو جدول أعمال متسق مع الكثير من تطلعات وطموحات شركاء هذا الائتلاف الحكومي الأيديولوجية، وبصفة خاصة الأحزاب الحريدية وتحالف الصهيونية الدينية والأحزاب الممثلة للمستوطنات غير الشرعية، وجميعها تسعى إلى ترسيخ مبدأ "يهودية الدولة"، على حساب أصحاب الأرض من الفلسطينيين، وذلك في جميع أراضي فلسطين التاريخية.

وقبل أن تكمل تلك الحكومة شهرها الأول أزعجت قراراتها وقمعها المستمر للفلسطينيين البيتَ الأبيض نفسه، ونشرت صحيفة The New York Times  تقريراً يرصد كيف أن حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة تزيد من خطر التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل تصاعُد اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، ووضع الحكومة الاستيطان في طليعة ملفاتها.

تسبَّب الاعتداء المتكرر على المسجد الأقصى، وسياسة التهجير والقمع في الضفة الغربية المحتلة، وإطلاق يد جنود وشرطة الاحتلال والمستوطنين في التنكيل بالفلسطينيين في  اقتراب الأمور من حافة الانفجار حرفياً، وارتفعت فرص اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد الاحتلال، فسارعت إدارة جو بايدن بإرسال وزير خارجيته أنتوني بلينكن إلى المنطقة لاحتواء الموقف، وهو ما فشل فيه دون أن تحرك إدارة بايدن ساكنا.

لكن عندما سعت تلك الحكومة إلى فرض قوانين الإصلاح القضائي، التي وصفتها المعارضة الإسرائيلية بأنه "انقلاب قضائي"، اندلعت احتجاجات حاشدة نالت تغطية واسعة في الإعلام الغربي، وتسببت في سقوط ورقة التوت الأخيرة عن "ديمقراطية إسرائيل الزائفة"، وهو ما ساهم في تشويه صورة الاحتلال عالميا في الأوساط الغربية، على المستوى الرسمي والشعبي.

إسرائيل.. سقوط ورقة التوت

رصد التحول في الموقف الغربي من إسرائيل والسقوط المتوالي لأوراق التوت التي كانت تستر ذلك الكيان على المسرح الدولي يظهر أن تلك العملية كانت قد بدأت منذ سنوات، وليس منذ الحرب الإسرائيلية الجارية على القطاع.

هذا التغير في صورة إسرائيل عالميا يرجع، في جانب كبير منه، إلى الاضطرابات التي اكتنفت المشهد السياسي الداخلي في دولة الاحتلال خلال السنوات الأخيرة، والتي توجتها تولي الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو المسؤولية منذ أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2022.

فهذه الحكومة تسببت في تحطيم الأسطورة الأطول عمرا في تاريخ إسرائيل، وهي أسطورة "واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط"، التي ظلت العنوان الأبرز لصورة ذلك الكيان منذ بداية تأسيسه عام 1948. تلك الأسطورة كانت نتيجة لرغبة متبادلة واتفاق ضمني بين زعماء إسرائيل من جهة والغرب من جهة أخرى، في الترويج عالمياً لأسطورة أن إسرائيل دولة ديمقراطية مدنية حديثة، على عكس الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة التي يعجّ بها الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن سن "قانون العودة" منذ عام 1950 يقوّض أحد أهم أعمدة الديمقراطية، وهي المساواة، فهذا القانون حدّد منذ البداية إطاراً تتميز داخله مجموعة عرقية بعينها عن باقي سكان الدولة، إلا أن تسويق ذلك في إطار المظلومية والشتات والهولوكست وغيرها من المبررات التي لا علاقة للفلسطينيين ولا للعرب بها من الأساس، مكن الادعاء بأن إسرائيل دولة ديمقراطية من أن يستمر ويجد آذاناً مصغية في الغرب على مدى عقود.

وظلت مؤسسات غربية متخصصة في ترتيب الدول حول العالم، فيما يُعرف بمؤشر الديمقراطية، تضع دولة الاحتلال في مراتب متقدمة للغاية، إذ جاءت إسرائيل، في أحد مؤشرات الديمقراطية التي تصدر عن وحدة الاستخبارات بالإيكونوميست، في المرتبة الثالثة والعشرين عالمياً، متقدمة على دول مثل إيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة، بعد أن منحتها الوحدة 7.97 درجة من إجمالي 10!

صدر ذلك التقرير عن عام 2021 وفي أعقاب تقرير منظمة العفو الدولية، الذي حكم بأن إسرائيل تطبّق نظام "الفصل العنصري" ضد الفلسطينيين، مَن هم تحت الاحتلال، وحتى مَن يحملون الهوية الإسرائيلية من عرب فلسطين 1948.

لكن حكومة "السوابق"، التي تضم وزيرا مدانا بالاحتيال وآخر متهم بالرشوة وخيانة الأمانة، ورئيس الوزراء يسعى لتحصين نفسه ضد دخول السجن، عن طريق فرض قانون يحميه مدى الحياة، وصفها توماس فريدمان (الكاتب الأمريكي اليهودي)، غربيا بأنها "الحكومة الأكثر تطرفا" في تاريخ الدولة العبرية ومن ثم بدأ تسليط الضوء على أجندتها الهادفة إلى ابتلاع ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية وتهجير أهالي القدس والضفة الغربية.

فتلك الحكومة لها جدول أعمال معلن وغير سري، وهو جدول أعمال متسق مع الكثير من تطلعات وطموحات شركاء هذا الائتلاف الحكومي الأيديولوجية، وبصفة خاصة الأحزاب الحريدية وتحالف الصهيونية الدينية والأحزاب الممثلة للمستوطنات غير الشرعية، وجميعها تسعى إلى ترسيخ مبدأ "يهودية الدولة"، على حساب أصحاب الأرض من الفلسطينيين، وذلك في جميع أراضي فلسطين التاريخية.

وقبل أن تكمل تلك الحكومة شهرها الأول أزعجت قراراتها وقمعها المستمر للفلسطينيين البيتَ الأبيض نفسه، ونشرت صحيفة The New York Times  تقريراً يرصد كيف أن حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة تزيد من خطر التصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل تصاعُد اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، ووضع الحكومة الاستيطان في طليعة ملفاتها.

تسبَّب الاعتداء المتكرر على المسجد الأقصى، وسياسة التهجير والقمع في الضفة الغربية المحتلة، وإطلاق يد جنود وشرطة الاحتلال والمستوطنين في التنكيل بالفلسطينيين في  اقتراب الأمور من حافة الانفجار حرفياً، وارتفعت فرص اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة ضد الاحتلال، فسارعت إدارة جو بايدن بإرسال وزير خارجيته أنتوني بلينكن إلى المنطقة لاحتواء الموقف، وهو ما فشل فيه دون أن تحرك إدارة بايدن ساكنا.

لكن عندما سعت تلك الحكومة إلى فرض قوانين الإصلاح القضائي، التي وصفتها المعارضة الإسرائيلية بأنه "انقلاب قضائي"، اندلعت احتجاجات حاشدة نالت تغطية واسعة في الإعلام الغربي، وتسببت في سقوط ورقة التوت الأخيرة عن "ديمقراطية إسرائيل الزائفة"، وهو ما ساهم في تشويه صورة الاحتلال عالميا في الأوساط الغربية، على المستوى الرسمي والشعبي.

إسرائيل.. دولة "سيئة السمعة"

منذ الإعلان عن تأسيس إسرائيل على أرض فلسطين عام 1948، لم تحترم دولة الاحتلال القانون أو القرارات الدولية يوما، بداية من قرار تقسيم إلى دولة لليهود وأخرى لأصحاب الأرض، وذلك بسبب الدعم المطلق من جانب القوى الغربية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة.

لكن التغير الواضح في صورة إسرائيل وسمعتها على المستوى العالمي، وبصفة خاصة منذ تولت حكومة الأحزاب الدينية وغلاة المتطرفين وزعماء المستوطنين برئاسة نتنياهو المسؤولية، وجدت دولة الاحتلال نفسها في موقف لم تعتده من قبل طوال تاريخها، الذي دخل عقده الثامن.

فالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية نالت دعما عالميا غير مسبوق، وأعلنت سلوفينيا – العضو في الاتحاد الأوروبي – أنها تعتزم الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وتعتزم سلوفينيا تقديم موقفها إلى المحكمة في 23 فبراير/ شباط: "سلوفينيا قررت المشاركة بفعالية في الإجراءات وعرض مواقفها بشأن هذه القضية أمام محكمة العدل الدولية".

وللمرة الأولى انضمت دولة الاحتلال إلى عصبة سيئة السمعة من الدول المستبدة التي تتمتع بتاريخ طويل من سجن الصحفيين، وذلك بعد اعتقالها لمراسلين فلسطينيين دون محاكمة منذ بدء الحرب على قطاع غزة، بحسب تقرير أصدرته لجنة حماية الصحفيين الخميس 18 يناير/ كانون الثاني.

انقلب السحر على الساحر وأصبحت إسرائيل في خانة "الدول المارقة"، وهي وإن كانت كذلك منذ البداية، إلا أنها بدأت تفقد الدعم والتأييد في الغرب، فهل حان وقت الحساب؟ هذا هو السؤال الذي ينتظر الفلسطينيون إجابته بفارغ الصبر!

خلاصة الأمر هنا هي أنه على مدى سبعة عقود ونصف، ظلت إسرائيل ترفع شعارات المظلومية وتلعب دور الضحية ويصدقها الغرب، بدافع من الشعور بالذنب ربما، أو ربما لدوافع أخرى تتعلق بطبيعته الاستعمارية، لكن استفزازات الاحتلال المستمرة واستهانته بجميع القوانين والأعراف الدولية والإنسانية أدى إلى سقوط أوراق التوت ورقة تلو الأخرى، فأصبح الاحتلال عاريا أمام أجيال شابة تشكل وعيها في عالم التواصل الاجتماعي وليس في عالم وسائل الإعلام التقليدية برسائلها السياسية التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية.

إسرائيل.. دولة "سيئة السمعة"

منذ الإعلان عن تأسيس إسرائيل على أرض فلسطين عام 1948، لم تحترم دولة الاحتلال القانون أو القرارات الدولية يوما، بداية من قرار تقسيم إلى دولة لليهود وأخرى لأصحاب الأرض، وذلك بسبب الدعم المطلق من جانب القوى الغربية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة.

لكن التغير الواضح في صورة إسرائيل وسمعتها على المستوى العالمي، وبصفة خاصة منذ تولت حكومة الأحزاب الدينية وغلاة المتطرفين وزعماء المستوطنين برئاسة نتنياهو المسؤولية، وجدت دولة الاحتلال نفسها في موقف لم تعتده من قبل طوال تاريخها، الذي دخل عقده الثامن.

فالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية نالت دعما عالميا غير مسبوق، وأعلنت سلوفينيا – العضو في الاتحاد الأوروبي – أنها تعتزم الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وتعتزم سلوفينيا تقديم موقفها إلى المحكمة في 23 فبراير/ شباط: "سلوفينيا قررت المشاركة بفعالية في الإجراءات وعرض مواقفها بشأن هذه القضية أمام محكمة العدل الدولية".

وللمرة الأولى انضمت دولة الاحتلال إلى عصبة سيئة السمعة من الدول المستبدة التي تتمتع بتاريخ طويل من سجن الصحفيين، وذلك بعد اعتقالها لمراسلين فلسطينيين دون محاكمة منذ بدء الحرب على قطاع غزة، بحسب تقرير أصدرته لجنة حماية الصحفيين الخميس 18 يناير/ كانون الثاني.

انقلب السحر على الساحر وأصبحت إسرائيل في خانة "الدول المارقة"، وهي وإن كانت كذلك منذ البداية، إلا أنها بدأت تفقد الدعم والتأييد في الغرب، فهل حان وقت الحساب؟ هذا هو السؤال الذي ينتظر الفلسطينيون إجابته بفارغ الصبر!

خلاصة الأمر هنا هي أنه على مدى سبعة عقود ونصف، ظلت إسرائيل ترفع شعارات المظلومية وتلعب دور الضحية ويصدقها الغرب، بدافع من الشعور بالذنب ربما، أو ربما لدوافع أخرى تتعلق بطبيعته الاستعمارية، لكن استفزازات الاحتلال المستمرة واستهانته بجميع القوانين والأعراف الدولية والإنسانية أدى إلى سقوط أوراق التوت ورقة تلو الأخرى، فأصبح الاحتلال عاريا أمام أجيال شابة تشكل وعيها في عالم التواصل الاجتماعي وليس في عالم وسائل الإعلام التقليدية برسائلها السياسية التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية.