كل صباح يذهب شخص من كل عشرة إلى هذا الموقع ليرقص ويغني وينشر البهجة والدعاية التجارية والسياسية.

نعم، هنا ينشط أكثر من 800 مليون حساب على تيك توك، أي عُشر سكان العالم، البالغين 7.8 مليار نسمة.

الحسابات المسجلة تفوق 2 مليار شخص، لكن الغالبية تأتي لتتفرج، وتبتسم، وتقتل الوقت.

تيك توك، الذي يزحف نحو صدارة قائمة مواقع التواصل بسرعة منذ 2017، أصبح ظاهرة تقنية، ولغزاً إنسانياً.

هو واحد من أكثر التطبيقات عشوائية في هذا العالم.

لكنه يساوي ثروة طائلة، قدرتها وكالة رويترز صيف 2020 بنحو 50 مليار دولار.

هو الموقع المفضّل للملايين في سن الخطر، المراهقة والطفولة.

وهو الملاذ للجيل Z، المولود في السنوات العشر الأخيرة من القرن الماضي، وما بعدها.

تحاربه الولايات المتحدة باعتباره "جاسوساً صينياً متنكراً"، وتحظره دول مثل الهند وباكستان، ويحاربه فيسبوك بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، منذ فشل في شرائه.

يبدأ من الرقص والمواقف الطريفة، وينتهي إلى التأثير السياسي، والتحريض على تعاطي الأدوية القاتلة.

والآن، يخطو مثل وحش ضخم إلى ساحة التجارة الإلكترونية، كيف لا وهو يقترب من مكانة أمازون الأيقونية، واثق الخطوة يمشي ملكاً.

في هذا التقرير نستعرض شروق وسطوع شمس تيك توك على كوكب الأرض، وتأثيراته على مستخدميه، وطرق التعامل معه تقنياً.. وإنسانياً.

في "ماونتن فيو" بدأت الفكرة الكبيرة

رجل أعمال صيني وراء الفكرة التي تهز العالم الآن.

تشانغ يي مين، المولود في 1983، مولع بالتفكير للمستقبل. لاحظ في عام 2011 أنَّ العديد من المستخدمين بدأوا يهجرون الكمبيوتر ويتوجهون إلى الهواتف الذكية، فقرر إنشاء منصات تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومنفصلة عن محرك البحث الصيني Baidu

المستثمرون شككوا في فاعلية الفكرة: كيف لمهندس البرمجيات المحلي أن ينجح في سوق فشلت فيه "جوجل"، أو يتفوق على البوابات الإلكترونية الإخبارية التي تدعمها شركات كبرى؟

وبدأ تشانغ في تطوير تطبيق يتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو قصيرة لمزامنة الشفاه والكوميديا والموهبة، وذلك بهدف إشراك الجمهور الشاب. 

يقول تشانغ: "لقد حوّلنا انتباهنا إلى الفيديو، ثم أدركنا كم من الصعب على المستخدمين العاديين صنع الفيديوهات، وكنا نُفكّر في كيفية حل الأمر". تَمثَّلت الفكرة في مساعدة الأشخاص العاديين على التعبير عن أنفسهم، عبر تيسير مزيد من الوصول إلى التكنولوجيا.

عقب إطلاقه بعدة أشهر، استحوذ تشانغ على تطبيق مزامنة الشفاه مع المقاطع الصوتية ميوزكلي Musical.ly، مقابل مليار دولار أمريكي. كان التطبيق يمتلك سابقاً قاعدة معتبرة من المستخدمين في الولايات المتحدة، تم دمجها في "تيك توك".

وانطلق أطفال وشباب العالم إلى التطبيق الجيد بحماس مذهل.

هنا يُزامنون حركة شفاههم ويرقصون ويروون النكات.

أو أي عدد من الأمور الأخرى الترفيهية والإبداعية والشخصية على نحو مدهش.

حقيقة أن بإمكان المستخدمين استعارة وإعادة مزج مقاطع صوتية أخرى هو العلامة الفارقة للتطبيق، كما أنه يُخفّض من رهبة استخدامه بشكل كبير.

وحتى الآن يرفض تشانغ يي مين أن يناديه موظفوه باسم العائلة: سيد تشانغ، ويطلب أن يُنادى باسمه الأول "يي مين". 


فكرة و"أجواء" التطبيق؟

أحد مؤسسي Musical.ly قال إن فكرة التطبيق أتته عندما كان في القطار في ماونتن فيو، ورأى مجموعة من الشباب الصغير، نصفهم كان يستمع إلى الموسيقى والنصف الآخر يلتقط صور السيلفي والفيديوهات ويغطونهم بالملصقات، ثم مشاركة النتيجة مع أصدقائهم.

وعلى الفور خطرت له فكرة الدمج بين الموسيقى والفيديو والشبكات الاجتماعية في تطبيق واحد.

ليست إذن شبكة اجتماعية.

بل ربما منصة لإبراز إبداع المستخدمين، رغم تفاهة هذا الإبداع في نظر البعض.

لكنه يبقى في المقام الأول تطبيقاً للباحثين عن الشهرة، وليس مجرد "الفرفشة" وقتل الوقت.

إذن TikTok منصة لمشاركة الفيديو، بمقاطع قصيرة تصل إلى 60 ثانية، مع إمكانية تعديلها ومشاركتها. 

يمكن استخدام الفلاتر والمؤثرات، وإضافة الموسيقى، وتحرير مقاطع الفيديو داخل التطبيق.

المقاطع الأكثر شيوعاً مزامنة الشفاه والكوميديا ​​والمواهب الجديدة.

ينشئ مستخدمو التيك توك أيضاً مقاطع فيديو تفاعلية، أو يستضيف تحديات رقص، أو مشاركة أحداث حياتهم اليومية من خلال مدونات الفيديو. 

تنسيق شائع آخر في تيك توك هو الميمات meme التمثيلية المدعومة بمقاطع صوتية وموسيقى.

أدى TikTok إلى ظهور الكثير من موجات "الترند"، وجعل العديد من الأغاني مشهورة.

فيديو: أغنية Old Town Road أشهر أغاني 2019 على تيك توك

هؤلاء هم سكان كوكب
تيك توك

التركيبة السكانية للتطبيق غالباً ما ترتبط بالجيل Z، رغم أن كثيراً من العلامات التجارية تعلن على هذا التطبيق لجمهورها المستهدف الأكبر سناً.

وهو ما يعني أن إعلانات تيك توك لا تقتصر الاستفادة منها على العلامات التجارية التي تستهدف جمهور غير جمهور الجيل Z، حيث بإمكان أي من تلك العلامات التجارية التي تستهدف جيل جمهور مختلف مثل الجيل X إدارة حملات إعلانية على المنصة، وتحقيق أرباح كذلك. فقط يمكنهم العثور على مؤثرين من الجيل X على المنصة، والاعتماد عليهم في الحملات الترويجية الخاصة بهم.

الجيل Generation Z هو الجيل الذي يلي جيل الألفية. لا توجد تواريخ محددة لبدء وانتهاء هذا الجيل، الباحثون وعلماء الديموغرافيا يستعلمون مواليد منتصف عقد التسعينيات إلى منتصف عقد الألفين كنقطة بدء الجيل، ومواليد أواخر عقد الألفين إلى منتصف عقد الألفين وعشرين كنقطة انتهاء له.

وهناك دراسة بحثية عن جمهور تيك توك أصابت بريطانيا بالهلع.

قالت الدراسة إن 13% من جميع الأطفال البريطانيين بين 12-15 عاماً استخدموا تيك توك في 2019، بزيادة نسبتها 8% عن العام السابق.

إيذاء الأطفال هاجس يُقلق العالم منذ وصول شبكة الإنترنت إلى معظم بيوت الكوكب، ما دفع إدارة تطبيق تيك توك إلى إطلاق خاصية "وضع الأمان العائلي"، المصممة لمنح الأهل رقابة صارمة على سلوكيات الأبناء المراهقين على الهاتف المحمول.

الخاصية تسمح للأهل بربط حساباتهم على "تيك توك" بحسابات أبنائهم، وتشغيل الميزات وإيقافها عن بعد.

كما تسمح بتنقية المحتوى لاستبعاد غير المناسب منه، وبإيقاف الرسائل.

ويحدد "تيك توك" عمر 13 سنة كحد أدنى لاستخدامه، لكن الكثير ممن لم يبلغوا سن المراهقة يستخدمون التطبيق.

وكان تحقيق لـBBC قد أظهر أن الأطفال والمراهقين يتعرضون لضغوط لشراء سلع بأموال حقيقية لمشاهير "تيك توك"، في مقابل أرقام الهواتف والرسائل الخاصة. وفي أعقاب نشر التقرير خصّص التطبيق هذه الميزة للبالغين فقط.

فيديو 24 ثانية: استغلال الأطفال في الرقص لجذب المشاهدات

استغلال الأطفال في الرقص لجذب المشاهدات

وعلى تطبيق تيك توك ينشط المراهقون طمعاً في النجومية والشهرة، التي تجلب الإعلانات والأموال الطائلة، حتى إن قائمة مليونيرات المواقع تضم الكثيرين ممن لم يبلغوا العشرين بعد.

مراهقون يحصدون الملايين ويعارضون.. ويخاطرون

إنهم النجوم الأعلى دخلاً على تيك توك.

نهاية صيف 2020 نشرت مجلة Forbes تقريراً يرصد نجوم تيك توك الأعلى دخلاً، وهنا ننشر قائمة الخمسة الذين يتصدرون القائمة:


1 أديسون راي Addison Rae 

الأعلى دخلاً بحوالي 5 ملايين دولار سنوياً.

تحظى أديسون بنحو 54 مليون متابع. 

أديسون من مواليد 2000 في ولاية لويزيانا. تهوى الرقص منذ سن السادسة، حيث حضرت مسابقات في جميع أنحاء البلاد. 

كانت أديسون طالبة في جامعة LSU، عندما بدأت البث على تيك توك، وفي صباح 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019 دخلت الحرم الجامعي، واكتشفت أنها أصبحت مشهورة، وأن حياتها تغيرت للأبد. "كانوا ينادون باسمي وأنا أسير إلى الفصل، وهو أمر مذهل للغاية".

تقدم محتوى إعلانياً برعاية Reebok وشركة الساعات Daniel Wellington، قبل أن تصبح الوجه الإعلاني الحصري لماركة ملابس المراهقين American Eagle.


2 شارلي داميليو Charli D’Amelio 

أرباح سنوية 4 ملايين دولار، و77 مليون متابع.

بعد البث على TikTok لأول مرة في يونيو/حزيران 2019، وظهرت في مناسبات فنية وعروض تلفزيونية، لتصبح إحدى نجوم الشباب في الولايات المتحدة.

وفي مايو/أيار 2020 بلغت شارلي 16 عاماً، واحتفلت بعيد ميلادها بالإعلان عن إضافة جديدة لخط الأزياء الذي يحمل اسمها: سترة مزينة بالنظارات وقبعة عيد الميلاد.


3 ديكسي داميليو Dixie D'Amelio

بدخل سنوي 2.9 مليون دولار، و32 مليون متابع.

شقيقة شارلي الكبرى تشاركها الكثير من المقاطع، وتقوم بالكثير من الحملات الإعلانية، كما أصدرت أول أغنية فردية لها Be happy. 


4 لورين غراي Loren Gray 

دخل سنوي قدره 2.6 مليون دولار.

مرّت بأوقات صعبة حتى عام 2018، حين حصلت على صفقة إعلانية كبيرة، ومنذ ذلك الحين أصدرت 8 أغنيات فردية، ودخلت في شراكات إعلانية مع شركات كبيرة في عالم الجمال.


5 جوش ريتشاردز Josh Richards 

دخل سنوي 1.5 مليون دولار.

بعد انضمامه إلى TikTok العام الماضي أثناء إقامته بالقرب من تورنتو في كندا، حقق ريتشاردز شهرة سريعة في مقاطع الفيديو الخاصة بالرقص والغناء ومزامنة الشفاه.


المراهقة التي تدفع حياتها ثمناً للمغامرة

يصل أحياناً الهوس بمحتوى تيك توك إلى حدود الجنون.

جنون قد يدفع إلى الإدمان وربما الموت.

المكسيكية أريلين مارتينيز، وهي إحدى نجمات "تيك توك"، دفعت حياتها لمضاعفة المشاهدات على قناتها بالموقع. 

لفظت أنفاسها في موقع تصوير عملية اختطاف وهمية، لنشرها على تيك توك منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2020.

وذكرت تقارير محلية أن أريلين كانت أمّاً لطفل يبلغ من العمر عاماً واحداً، وكان آخر ما كتبته على صفحتها بموقع إنستغرام "لا تحزن أبداً، ابقَ دائماً مجنوناً".

اللحظات الأخيرة في حياة أريلين


المراهقة التي ضاعت في تحدي دواء الحساسية

وتوفيت الفتاة كلوي ماري فيليبس من أوكلاهوما، 15 عاماً، بعد مشاركتها في تحدي بينادريل Benadryl، وهو دواء للحساسية، للدخول في حالة هلوسة.

تناولت كلوي جرعة زائدة، ولقيت حتفها في الساعات الأولى من صباح 21 أغسطس/آب 2020.

قبلها بعدة أسابيع دخل ثلاثة مراهقين في تكساس المستشفى للسبب نفسه.

بينادريل هو الاسم التجاري لعقار diphenhydramine الذي لا يستلزم وصفة طبية، وقد تؤدي الجرعات الزائدة إلى نوبة قلبية وسكتة دماغية ونوبات وتلف في الدماغ، والموت في النهاية.


والمراهقة التي أزعجت ترامب على تيك توك

كلوديا كونواي، 15 عاماً، هي ابنة مستشارة ترامب السابقة كيليان كونواي، ولديها أكثر من مليون متابع على تطبيق تيك توك. 

وساهم تشخيصها في تغطية انتشار فيروس كورونا على نطاق واسع داخل وحول البيت الأبيض في عهد ترامب، حيث ثبتت إصابة الرئيس وأعضاء آخرين في الإدارة.

فقد ادعت المراهقة على TikTok أن والدتها كذبت بشأن اختبار فيروس كورونا السلبي، وهو أمر طالبت به كيليان علناً. وقالت إن والدتها مصابة بفيروس COVID-19. أثار المنشور سيلاً من التغطية الإخبارية، مما دفع كيليان لتأكيد تشخيصها علناً.

وقال معلقون إنها "أصبحت شخصية سياسية مهمة في حد ذاتها ولديها جمهور أكبر وأكثر صلة من معظم الصحفيين والمذيعين الرئيسيين. وفي الوقت الذي يبحث فيه الناس عن الحقيقة خارج البيت الأبيض، فإن صوتها من الداخل سيكون مهماً على أي حال. لكنها كانت أيضاً متسقة في آرائها".

كلوديا تتحدث عن مرض والدتها بالكورونا


مخاطر الدخول "السهل" إلى عالم تيك توك

يمكن لأي شخص إنشاء حساب على تطبيق تيك توك.

بل يمكن الدخول والتصفح دون الحاجة لعمل حساب من الأصل.

الشركة مالكة التطبيق «تنصح» بألا يقل عمر المشتركين عن 13 سنة.

لكن من يضمن ذلك؟ 

هل هناك حتى خانة إدخال لتاريخ الميلاد عند الاشتراك من باب «وذَكِّر»؟ لا، لأن ما يهمهم حقاً هو الوصول لأكبر عدد من المستخدمين ليس إلا.

وبما أن جمهوره الأول هم الشباب الصغير، فهم أول الضحايا المحتملين في حالة التجاوز والخطأ.

وما أكثر المرضى المتسترين خلف الشاشات الذين يشتركون بحسابات وهمية ويقومون بالتحرش بأولئك الأطفال عبر الرسائل أو التعليقات، أو حتى الإساءة لهم ولهيئتهم وتعريضهم للتنمر، بينما هم أقصى غايتهم المرح وجمع الإعجابات.

وحتى إن قاموا بتحويل حساباتهم لحسابات مغلقة لأصدقائهم فقط وألا يستقبلوا رسائل خاصة إلا من دائرة المسجلين لديهم، فإن صورة البروفايل والمعلومات أسفله لا تزال معروضة للعوام. وإن كنت ستتحكم تماماً فيما سيصل إليهم، ماذا عمن سيصلون هم إليه؟ ماذا عن الفيديوهات التي قد تحتوي على مشاهد خارجة وغير لائقة لشباب في هذه السن الصغيرة، مثل الأغاني والمقاطع التي تتحدث عن البلطجة والمخدرات والسلاح.

وإغراء الشهرة والمال يطغى على كل شيء، حتى إن بعض العائلات تستخدم أطفالها لحصد الثروة. هناك مثلاً حكاية الطفلتين التوأمتين الشهيرتين ليزا ولينا من ألمانيا، واللتين وصل عدد متابعيهما إلى أكثر من 32 مليوناً، وأصبحتا تمتلكان خط الأزياء الخاص بهما!


لماذا حذفت تيك توك ملايين الفيديوهات في 6 أشهر؟

في الشهور الستة الأولى من عام 2020، حذفت تيك توك ما يزيد عن 49 مليون مقطع فيديو ينتهك سياستها الخاصة بالمحتوى.

كانت الأسباب الرئيسية للحذف كالتالي: 

عُري البالغين والأنشطة الجنسية في 25% تقريباً من الفيديوهات المحذوفة.

تعاطي الكحول والمخدرات.

العنف.

إيذاء النفس.

الانتحار. 

الحض على الكراهية.

المنظمات الخطيرة.

وقالت الشركة إن نحو 89.4% من هذه المقاطع تم حذفها قبل أن تحصل على أي مشاهدات. ورفضت الشركة الكشف عن عدد الأشخاص الذين حظرهم المشرفون البشريون، وعدد الذين حظرتهم المنصة تلقائياً.

سياسة وإعلانات وتجارة واتهامات بالتجسس

لا يتوقف تيك توك عند حدود البهجة والرقص، وها هو يدخل بخطى ثابتة في اتجاه ساحات الخلاف السياسي.

ومنافسات العمالقة الرقميين في سعيهم المحموم للسيطرة على ثروات الإنترنت.

والأسواق الإلكترونية التي انتعشت كثيراً في عزلة كورونا.

السطور التالية تحكي عن معارك تيك توك بعيداً عن الرقص والغناء.


ترامب يراه مجرد جاسوس صيني يضلل الأمريكيين

تشعر الإدارة الأمريكية بالقلق من أن الحكومة الصينية قد تستخدم "تيك توك" للتجسس على مواطني الولايات المتحدة، وأن المستخدمين الذين يقومون بتنزيل التطبيق يضعون "معلومات خاصة في أيدي الحزب الشيوعي الصيني" كما قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز.

وضرب مثالاً على ذلك بأن مستخدمي تيك توك ساعدوا في إفساد مؤتمر انتخابي للرئيس الأمريكي في ولاية أوكلاهوما، من خلال حجز آلاف التذاكر عبر الإنترنت من دون نية الحضور.

وفي أغسطس/آب 2020 أصدر ترامب مرسوماً بحظر التعامل مع تيك توك، تحت شعار حذف التطبيقات الصينية "غير الموثوق بها" من متاجر التطبيقات الإلكترونية الأمريكية، باعتبارها "تهديدات كبيرة".

وقال ترامب في أمر تنفيذي إن تيك توك يمكن استخدامه في حملات التضليل التي تفيد الحزب الشيوعي الصيني ويجب على الولايات المتحدة "اتخاذ إجراءات شديدة ضد مالكي تيك توك لحماية أمننا القومي".

ثم أوقف قاض فيدرالي أمريكي في سبتمبر/أيلول الماضي قراراً أصدرته إدارة الرئيس دونالد ترامب بحظر تنزيل التطبيق.

ومن جديد أعلنت وزارة التجارة الأمريكية الجمعة في 18 سبتمبر/أيلول 2020 أنها ستحظر تنزيل "تيك توك" بسبب مخاطر تتعلق بـ"الأمن القومي"، في ظل تصاعد التوتر بين البلدين.

ومع ذلك فها هو ترامب يرقص على تيك توك الذي يحاربه.

ألهمت الرقصة التي أداها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فى ختام فعاليته الانتخابية بولاية بنسلفانيا، مستخدمي تطبيق "تيك توك" بنسخ حركاته الراقصة على أغنية "YMCA" وتقليدها فى "ترند" جديد حمل اسم "رقصة ترامب".

 

وتيك توك يرد على واشنطن بمزاحمة أمازون

يُظهر تيك توك ذكاءه في الأزمات.

قرر الموقع الهروب من الضغوط الأمريكية بالاتجاه نحو الأمام، والمنافسة على كعكة التجارة الإلكترونية في عقر دار ترامب وعملاقه أمازون.

شركة شوبيفاي الكندية للتجارة الإلكترونية أعلنت عن تعاون مع "تيك توك" من شأنه أن يتيح لتجّار المنصّة الذين يتخطّى عددهم المليون الترويج لمنتجاتهم على تطبيق التسجيلات القصيرة هذا المتداول خصوصاً في أوساط الشباب.

ومن شأن شراكتها مع "تيك توك" أن تتيح لمستخدمي هذه الأخيرة الضغط على تسجيلات فيديو ترويجية لشراء المنتجات مباشرة من التجّار على "شوبيفاي".

وقال ساتيش كنوار نائب رئيس "شوبيفاي" في بيان "يسعدنا أن نكون أوّل من يُدخل تيك توك إلى عالم التجارة الإلكترونية، خصوصاً في هذه الفترة التي يستعدّ فيها تجّارنا لموسم تبضّع للأعياد زاخر على الإنترنت".

وتضمّ "شوبيفاي" متاجر إلكترونية لشركات صغيرة ومتوسطة الحجم في أغلب الأحيان ويعتبرها كثيرون بديلاً حيوياً عن "أمازون".


فيسبوك تستعد لحربها الثانية على تيك توك

إذا لم تكن معي فأنت ضدي.

هذه هي السياسة التي يتبعها فيسبوك على الدوام.

يريد ابتلاع كل ما تصل إليه يداه من مواقع وأفكار، وأن يصل إلى مرحلة أن يكون هو المرادف الأول لكلمة الإنترنت.

عندما رفض سناب شات أن ينطوي تحت جناحه، بدأ فيسبوك في السرقة والتقليد جهاراً نهاراً: جرد سناب شات من كل ميزاته، وأضافها بكل جرأة إلى منصاته المختلفة، مما أثر بالسلب على نمو سناب شات.

وكما بدأ فيسبوك في منافسة يوتيوب وتيندر وغيرهما في عقر دارهما، أطلق تطبيق لاسو Lasso في أواخر 2018 في نسخة تجريبية بالولايات المتحدة وعدة دول.

وسجل لاسو واحدة من أكبر قصص الفشل في تاريخ فيسبوك. 

سبب نجاح تطبيق تيك توك TikTok هو الاستهداف الموفق لشريحة جديدة من المستخدمين من 13 إلى 18 سنة.

وهي الشريحة التي رفضت لاسو، وتركته بلا ندم للآباء والأمهات والعمات، فهم يريدون مساحتهم الخاصة بدون إشراف أبوي.

لذا هاجروا إلى سناب شات وتيك توك TikTok.

ولم تجد فيسبوك أمامها سوى إغلاق تطبيق Lasso في صيف 2020، 

والتركيز على Instagram Reels، الرهان الجديد لفيس بوك، الذى يعتمد عليه لسرقة الأضواء من تيك توك. 

أخيراً.. شبابنا ومستقبلنا
وتيك توك

في عصر التكنولوجيا التطفليّة، والبيانات الضخمة، والتهديدات الخارجية المحمومة، تُمتَحن مُثُلنا العليا بناء على طريقة تعاملنا مع هذا التطبيق اليتيم.

وهل يمكن أن يصغي أطفالنا ومراهقونا لحديث المُثُل العليا؟

"الشباب" العربي الآن هو قطاعٌ متأخر من جيل الألفيّة (بدايةً من مواليد 1985) وقطاع متقدم من جيل Z حتى مواليد 2005 فقط.

يعني الكتلة البشريّة التي يصل عمرها الحالي في أقصى تقدير 35 عاماً، وأقل تقدير 15 عاماً، لذا، فإننا لا نتحدّث عن شريحةٍ واحدة، ولكن شريحتين، كما كتب أحمد سلطان على موقع عربي بوست.

أهمّ ما يميّز هذه الشريحة العمريّة الممتّدة هو التشبّع بالتكنولوجيا، وما لهذا التشبّع من تأثير على عالمهم المحيط. 

لك أن تتخيّل أن علماء الاجتماع يقرنون بين جيل ما قبل الألفيّة (1965-1979) وبداية التفكك الأسري لأسباب غير تقليدية. بداية الانفتاح في مصر، الثراء المفاجئ في الخليج. ظهور التلفزيون والكاسيت والفيديو كليب؛ إلخ.

فما بالك بتلك الفئة العمريّة التي عاصرت ظهور الأقمار الصناعيّة، والهاتف المحمول، والإنترنت، وصولاً إلى الشبكات الاجتماعيّة، والهواتف الذكيّة والطابعات ثلاثية الأبعاد والتكنولوجيا الحيويّة؟

هنا نصل إلى أخطر ما يثيره وجود تيك توك في حياة الشاب العربي.

هذه الشريحة العمريّة الضخمة الآن، أكثر استغناءً عن مؤسسات الضبط الكبرى، الأسرة والمدرسة والمسجد والقنوات الرسميّة.

كل المؤسسات التي كانت تحتكر المعرفة.

هذه الشريحة أكثر ميلاً إلى الاستقلاليّة، والثقة بالنفس، وأكثر قدرةً على توجيه المؤسسات التقليدية.

أكثر انفتاحاً وتفهماً للآخر، وأقلّ تمسكاً بالسرديّات الكبرى؛ وهو ما ينعكس، بالتأكيد، في جانب منه على طبيعة الأعمال، وطريقة إدارتها، وبيئة العمل.

 "تيك توك" إنما يجسّد خير الصين الحديثة وشرّها في آنٍ واحد.

الخير هو إمكانياتها غير المحدودة في توليد الثروة، والأفكار التي يُمكن أن تُفيد أي شخص.

والشر هو الخوف، والصراع الذي يمكن أن تُنزله بسلطويّتها التوسعية الآخذة في الانتشار. 

تيك توك يغير الكثير في عالم تمزقه صراعات المال والنفوذ والتنافس السياسي والاقتصادي، لكنه يغيّر أكثر فينا، وفي مستقبل البشر، الذي هو أمانة في أيدي أطفال تيك توك في الوقت الحالي، وصانعي القرار في المستقبل.