كان اقتحام الكونغرس يوماً أسود على الديمقراطية الأمريكية بطله الأوحد العنصرية البيضاء، فالدافع الأساسي والمحرك الأول لأنصار دونالد ترامب الذين رسموا تلك اللوحة العبثية بغرض الانقلاب على نتيجة الانتخابات هو العنصرية المطلقة والرغبة المحمومة للعودة إلى زمن كان فيه العرق الأبيض هو السيد بلا منازع.
فعندما أطلق دونالد ترامب المهزوم صرخة استغاثة يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2020 من خلال أداته التي يجمع بها مؤيديه قبل أن يتم تجريده منها، وهي حسابه على تويتر، كان الموعد هو يوم الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني وهو موعد الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ، برئاسة نائب ترامب، مايك بنس، للتصديق على فوز الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة وهو جو بايدن.
وهنا لابد من تجميد المشهد بالضغط على زر "إيقاف مؤقت" لذلك الفيلم الذي ظل العالم يتابعه مشدوهاً لمدة ساعات طويلة في ذلك اليوم (الأربعاء الأسود كما سماه الإعلام الأمريكي)، قبل إعادة تشغيله وصولاً لمشهد تنصيب جو بايدن يوم الأربعاء 20 يناير/كانون الثاني 2021، أي بعد شهر من صرخة الاستغاثة الأخيرة التي أطلقها ترامب لأنصاره، وبعد أسبوعين بالتمام والكمال من يوم التلبية والاقتحام والانقلاب الذي فشل.
وإيقاف الفيلم مؤقتاً ليس فقط لالتقاط الأنفاس، ولكن أيضاً لنسرد سريعاً على طريقة "الفلاش باك" لمن فاته الأحداث التي مهدت لذلك المشهد من "الواقعية المرعبة" للأمريكيين أنفسهم: فمن أين أتى بطل الفيلم دونالد ترامب؟ وكيف تمكن في ظرف خمس سنوات فقط من تجييش الملايين من المؤمنين به والمستعدين للتضحية بحياتهم ذاتها تلبية لندائه مهما بدا غير منطقي وبلا معنى؟
في هذا التقرير سنحاول رصد الأسباب التي تقف وراء تنامي هذا التيار "المتمرد والعنصري" في الولايات المتحدة.