اليمن في عهد بايدن.. هل تنتهي الحرب؟
سيناريوهات السلام والحرب والفوضى في اليمن بعد قرارات الإدارة الأمريكية الجديدة و المبادرة السعودية للسلام
في الثانية صباح 26 مارس/آذار 2015، نفذت القاذفات السعودية أولى غاراتها في إطار "عاصفة الحزم" على اليمن، واختارت لأهدافها مواقع تابعة لمسلحي جماعة "أنصار الله" الحوثية.
وبحلول 2021 كان الحوثيون يسيطرون على شمال وغرب البلاد، ويحكمون أكثر من 70% من السكان، ويهددون مأرب.
أما بقية البلاد فهي مجموعة من القطع المتناثرة بين الحكومة والميليشيات والجماعات المحلية.
أصبح ما يجري في اليمن عصيّاً على التعريف السياسي والقانوني. هي حرب، لكنها غير قابلة للحسم، ولا للتوقف.
السعودية التي نفذت عمليات عسكرية خارج أرضها لتحمي حدودها، أصبحت عُرضة للمسيرات والصواريخ البالستية العابرة لحدودها، عرضت في منتصف مارس/ آذار 2021 خطة للسلام في البلاد لكن للحوثيين رأي آخر.
واللاعبون المحليون والخارجيون على ضفتي الخليج لم يمنحوا اليمنيين فترات لالتقاط الأنفاس، ولم يظهروا لهم مؤشرات على قرب انتهاء جحيم هذا الصراع الصفريّ.
العنصر الجديد الوحيد مع اكتمال السنوات الست على اندلاع اللهيب الأول للجحيم، هو وصول إدارة بايدن للحكم.
ضمن حديثه عن ملامح جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية، قال بايدن: الحرب في اليمن يجب أن تتوقف.
وأعلن إنهاء دور أمريكا في العمليات الهجومية في اليمن، ووقف صفقات السلاح المرتبطة بتلك الحرب.
هل يعني ذلك تخلي بايدن عن تحالف بلاده مع السعودية؟
قبل أن يطرح أحدهم السؤال واصل بايدن حديثه عن المملكة الصديقة، التي "تتعرض لهجمات من دول مجاورة، وسنواصل دعمها في الدفاع عن سيادتها وأمنها ومواطنيها". ووعد بمساعدة الرياض في التصدي للصواريخ التي تطلقها جماعة الحوثيين.
الحرب التي كلفت السعودية وحدها أكثر من 100 مليار دولار حتى الآن وفق بعض التقارير، في تصاعد متزايد ومستمر.
بينما حكومة هادي في المنفى.
والحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء.
إلى جانب ما خلفته الحرب من تفكك اليمن، ومقتل وجرح الآلاف، وتهجير وتجويع الملايين.
وتشتد المواجهات العسكرية في مأرب وتتوسع رقعتها، وتتكشف معالم حرب استنزاف بلا نهاية.
لا هزيمة كاملة في هذه الجبهة ولا انتصار كامل أيضاً.
فكيف يتخيل بايدن نهاية لهذه المأساة؟
وهل العامل الأمريكي هو العنصر الحاسم في هذه الحرب؟
هذا التقرير محاولة للإجابة عن السؤالين، مع تفاصيل أخرى عن توازنات الصراع، والسيناريوهات الممكنة لليمن في الحرب المدمرة.
أو السلام المأمول.
في الثانية صباح 26 مارس/آذار 2015، نفذت القاذفات السعودية أولى غاراتها في إطار "عاصفة الحزم" على اليمن، واختارت لأهدافها مواقع تابعة لمسلحي جماعة "أنصار الله" الحوثية.
وبحلول 2021 كان الحوثيون يسيطرون على شمال وغرب البلاد، ويحكمون أكثر من 70% من السكان، ويهددون مأرب.
أما بقية البلاد فهي مجموعة من القطع المتناثرة بين الحكومة والميليشيات والجماعات المحلية.
أصبح ما يجري في اليمن عصيّاً على التعريف السياسي والقانوني. هي حرب، لكنها غير قابلة للحسم، ولا للتوقف.
السعودية التي نفذت عمليات عسكرية خارج أرضها لتحمي حدودها، أصبحت عُرضة للمسيرات والصواريخ البالستية العابرة لحدودها.
واللاعبون المحليون والخارجيون على ضفتي الخليج لم يمنحوا اليمنيين فترات لالتقاط الأنفاس، ولم يظهروا لهم مؤشرات على قرب انتهاء جحيم هذا الصراع الصفريّ.
العنصر الجديد الوحيد مع اكتمال السنوات الست على اندلاع اللهيب الأول للجحيم، هو وصول إدارة بايدن للحكم.
ضمن حديثه عن ملامح جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية، قال بايدن: الحرب في اليمن يجب أن تتوقف.
وأعلن إنهاء دور أمريكا في العمليات الهجومية في اليمن، ووقف صفقات السلاح المرتبطة بتلك الحرب.
هل يعني ذلك تخلي بايدن عن تحالف بلاده مع السعودية؟
قبل أن يطرح أحدهم السؤال واصل بايدن حديثه عن المملكة الصديقة، التي "تتعرض لهجمات من دول مجاورة، وسنواصل دعمها في الدفاع عن سيادتها وأمنها ومواطنيها". ووعد بمساعدة الرياض في التصدي للصواريخ التي تطلقها جماعة الحوثيين.
الحرب التي كلفت السعودية وحدها أكثر من 100 مليار دولار حتى الآن وفق بعض التقارير، في تصاعد متزايد ومستمر.
بينما حكومة هادي في المنفى.
والحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء.
إلى جانب ما خلفته الحرب من تفكك اليمن، ومقتل وجرح الآلاف، وتهجير وتجويع الملايين.
وتشتد المواجهات العسكرية في مأرب وتتوسع رقعتها، وتتكشف معالم حرب استنزاف بلا نهاية.
لا هزيمة كاملة في هذه الجبهة ولا انتصار كامل أيضاً.
فكيف يتخيل بايدن نهاية لهذه المأساة؟
وهل العامل الأمريكي هو العنصر الحاسم في هذه الحرب؟
هذا التقرير محاولة للإجابة عن السؤالين، مع تفاصيل أخرى عن توازنات الصراع، والسيناريوهات الممكنة لليمن في الحرب المدمرة.
أو السلام المأمول.
يحدث الآن: الحرب المفتوحة على الجميع
في السادس والعشرين من مارس/آذار من كل عام، تحلّ ذكرى إطلاق التحالف العربي بقيادة السعودية عملية عاصفة الحزم في اليمن لإعادة الحكومة الشرعية.. وكان ذلك في العام 2015.
بعد كل هذه السنوات، ما زالت المعارك تحتدم بين القوات الحكومية وجماعة الحوثيين على جبهات عديدة، ويدور الحديث عن دوافع الحوثيين الذاتية من هذا التصعيد إضافة إلى محاولة فهم مدى تأثير الدور الإيراني في هذه المعركة.
الحوثيون استفادوا من مغامرة السعودية والإمارات ليصبحوا الرقم الأصعب، والقوة الأكثر رسوخاً في ميدان الحرب، وساحات السياسة، وتعقيدات الطائفية والقبلية.
بفضل صعود الحوثيين على هذا النحو، وفشل غزوة التحالف على اليمن، أصبحت البلاد تواجه الآن مجموعة من النزاعات المعقدة التي من شأنها ضمان استمرار الحرب لسنوات أطول، إن لم يكن لعقود.
عقود قادمة قد تحمل عدم الاستقرار لهذا البلد الذي كان سعيداً.
ولن تخف النزعات في اليمن على المدى الطويل، إلا بعد أن تتوقف القوى الخارجية- وهي السعودية والإمارات- عن دعم المتحاربين على الأرض.
الحرب محلية.. هكذا أصبحت دولية
ففي الأوساط اليمنية يتردد سؤال بشأن إن كانت المعركة إرادة خالصة لجماعة الحوثي أم رغبة الراعي الإقليمي إيران، وبرضا دولي، إثر وصول بايدن للبيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث الاستراتيجية (غير حكومي)، عبدالسلام محمد، إن معركة مأرب تداخلت فيها الأهداف المحلية للحركة الحوثية وأهداف إقليمية لإيران وأهداف دولية للولايات المتحدة.
وأوضح أن جماعة الحوثي ترى أن السيطرة على مأرب، آخر معقل رئيسي للسلطة الشرعية وآخر حركة مقاومة في اليمن، ستمكنها من التمدد في اليمن بسهولة.
واستطرد: "كما تريد الجماعة إسقاط قانونية السلطة الشرعية لتنتهي تماماً وتصبح هناك ميليشيات الأمر الواقع، ويكون فيها الحوثي هو الأقوى على مستوى اليمن".
الحوثيون، ومن خلفهم الحلفاء في طهران، يعتقدون أن وصول بايدن للسلطة يمثل فرصة للحصول على مكاسب جديدة ورفع السقف، خاصة أنه يسترضيها للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وهي تريد العودة من حيث بدأ الاتفاق، بينما يريد الأمريكيون اتفاقاً جديداً يتضمن أيضاً مناقشة برنامج الصواريخ والنفوذ الإيراني.
تستفيد طهران من التصعيد الحوثي في مأرب لكسب ورقة وسقف جديد في المفاوضات مع واشنطن.
كما أن الحوثيين يستفيدون من إيران لإحراز مكاسب على الأرض مقابل إعطاء مكاسب لطهران.
في السادس والعشرين من مارس/آذار من كل عام، تحلّ ذكرى إطلاق التحالف العربي بقيادة السعودية عملية عاصفة الحزم في اليمن لإعادة الحكومة الشرعية.. وكان ذلك في العام 2015.
بعد كل هذه السنوات، ما زالت المعارك تحتدم بين القوات الحكومية وجماعة الحوثيين على جبهات عديدة، ويدور الحديث عن دوافع الحوثيين الذاتية من هذا التصعيد إضافة إلى محاولة فهم مدى تأثير الدور الإيراني في هذه المعركة.
الحوثيون استفادوا من مغامرة السعودية والإمارات ليصبحوا الرقم الأصعب، والقوة الأكثر رسوخاً في ميدان الحرب، وساحات السياسة، وتعقيدات الطائفية والقبلية.
بفضل صعود الحوثيين على هذا النحو، وفشل غزوة التحالف على اليمن، أصبحت البلاد تواجه الآن مجموعة من النزاعات المعقدة التي من شأنها ضمان استمرار الحرب لسنوات أطول، إن لم يكن لعقود.
عقود قادمة قد تحمل عدم الاستقرار لهذا البلد الذي كان سعيداً.
ولن تخف النزعات في اليمن على المدى الطويل، إلا بعد أن تتوقف القوى الخارجية- وهي السعودية والإمارات- عن دعم المتحاربين على الأرض.
الحرب محلية.. هكذا أصبحت دولية
ففي الأوساط اليمنية يتردد سؤال بشأن إن كانت المعركة إرادة خالصة لجماعة الحوثي أم رغبة الراعي الإقليمي إيران، وبرضا دولي، إثر وصول بايدن للبيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني الماضي.
وقال رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث الاستراتيجية (غير حكومي)، عبدالسلام محمد، إن معركة مأرب تداخلت فيها الأهداف المحلية للحركة الحوثية وأهداف إقليمية لإيران وأهداف دولية للولايات المتحدة.
وأوضح أن جماعة الحوثي ترى أن السيطرة على مأرب، آخر معقل رئيسي للسلطة الشرعية وآخر حركة مقاومة في اليمن، ستمكنها من التمدد في اليمن بسهولة.
واستطرد: "كما تريد الجماعة إسقاط قانونية السلطة الشرعية لتنتهي تماماً وتصبح هناك ميليشيات الأمر الواقع، ويكون فيها الحوثي هو الأقوى على مستوى اليمن".
الحوثيون، ومن خلفهم الحلفاء في طهران، يعتقدون أن وصول بايدن للسلطة يمثل فرصة للحصول على مكاسب جديدة ورفع السقف، خاصة أنه يسترضيها للعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، وهي تريد العودة من حيث بدأ الاتفاق، بينما يريد الأمريكيون اتفاقاً جديداً يتضمن أيضاً مناقشة برنامج الصواريخ والنفوذ الإيراني.
تستفيد طهران من التصعيد الحوثي في مأرب لكسب ورقة وسقف جديد في المفاوضات مع واشنطن.
كما أن الحوثيين يستفيدون من إيران لإحراز مكاسب على الأرض مقابل إعطاء مكاسب لطهران.
هكذا يفكر الغريمان.. الأمن السعودي والعناد الحوثي
ميدانياً:
عادت المسيّرات المفخخة لتهدد سماء السعودية.
وصلت 3 طائرات مسيرة من مناطق على الحدود العراقية السعودية، واصطدمت بقصر اليمامة، مقر الديوان الملكي في الرياض.
وسياسياً:
أصبحت هناك خيارات "ضيقة" للسعودية في اليمن مع السياسات الأمريكية الجديدة، فبعد وصول بايدن بشهرين إلى البيت الأبيض أقدمت الرياض على عرضت مبادرة للسلام مع الحوثيين تستند على الآتي: وقف إطلاق النار، تحت إشراف الأمم المتحدة، و إعادة إطلاق المحادثات السياسية بين الأطراف المتنازعة.
كان الرد الحوثي: لا تقدم جديداً
ورغم التوضيحات والتطمينات الصادرة من واشنطن، يقدم بعض المراقبين قراءة مختلفة للمشهد الذي يتكشف حالياً.
يرى البعض أن الخطوات الأمريكية المتتالية، إضافة إلى السعي لإعادة الاتفاق النووي مع إيران، تمثل تقوية للجانب الإيراني وإضعافاً للجانب الخليجي.
المحلل السياسي اليمني عبدالناصر المودع يتوقع أن تتوقف العمليات العسكرية الكبيرة التي يشنها التحالف/السعودي بعد تصريحات بايدن بإنهاء الدعم العسكري ومبيعات الأسلحة، وهذا من شأنه أن "يفيد الحوثي من أي ثغرة لتحقيق انتصار عسكري محلي وتحديداً في مأرب والساحل الغربي".
يضيف أن خيارات السعودية ضيقة وسيئة:
فهي لا تستطيع أن تنسحب وتعلن انهزامها وانتصار إيران؛ لأن هذا خطر وجودي عليها.
ولم يعد لديها الوسائل الفعالة لتمرير ما تريد أن تفعله في اليمن، خاصة أن الحكومة المركزية هي أضعف كيان في البلاد.
كما أن الأسباب التي كانت موجودة في اليوم الأول للصراع ما زالت موجودة بعد 6 سنوات.
ولهذه الأسباب تبدو التسوية مع الحوثيين صعبة
قابل الحوثيون المبادة السعودية للسلام في اليمن بفتور كبير في نفس الوقت استقبلوا إعلان إدارة بايدن رفع اسمهم من قوائم الإرهاب سريعاً بتصعيد حملتهم العسكرية على مأرب، فيما بدا أنه اغتنام انتهازي لمحاولة الإدارة الأمريكية وقف حرب اليمن.
وبصرف النظر عن نتائج معركة مأرب، يواجه الحراك الدبلوماسي المكثف عقبات تعترض طريقه، أبرزها تباين وجهات النظر بين الحكومة اليمنية والحوثيين بخصوص حل الأزمة.
مبادة سعودية للسلام.. لكن من طرف واحد!
جاءت المبادرة السعودية للسلام في اليمن لتمثل محاولة من الرياض للخروج من المستنقع اليمني، ولكنها أيضاً تشكل مسعى لإبراء الذمة أمام الغرب الذي بات يلومها على الحرب التي تبدو بلا نهاية. وأعلن الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، وزير الخارجية السعودي، خلال مؤتمر صحفي يوم 22 مارس/آذار 2021، أن المبادرة السعودية للسلام في اليمن تشمل وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.
وتعطي المبادرة مكاسب عدة للحوثيين، منها وقف إطلاق النار، وفتح مطار صنعاء لبعض الوجهات الدولية والإقليمية، والسماح باستيراد الغذاء والوقود.
وقال الوزير السعودي إن المبادرة سوف تنفذ فور قبول كل الأطراف لها، إلا أنه أكد بشكل خاص، حق الرياض في الدفاع عن أراضيها ضد هجمات الميليشيات الحوثية.
محاولات سابقة للحل